«بريكس» تدعو إلى إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    الترجي التونسي يخسر أمام تشيلسي بثلاثثة نظيفة ويودع كأس العالم للأندية 2025    مصرع 4 أشخاص وإصابة 5 آخرين إثر حادث تصادم سيارتين فى 15 مايو    طقس اليوم: حار نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 35    344 صوتا مقابل 79، تصويت في مجلس النواب الأمريكي على تحرك لعزل ترامب بسبب إيران    مندوب إيران بالأمم المتحدة: لن نتخلى عن برنامجنا النووي.. وإسرائيل وأمريكا خالفتا القانون الدولي    كتائب القسام تُعلن مقتل وإصابة عدد من جنود الاحتلال في كمين بخان يونس    روسيا: واشنطن وتل أبيب تنتهكان معاهدة حظر الانتشار النووي وحق طهران في الطاقة النووية السلمية    إعلان النتيجة النهائية لعضوية مجلس إدارة البورصة    «تمركزه خاطئ.. ويتحمل 3 أهداف».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على محمد الشناوي    مواعيد مباريات كأس العالم للأندية اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025 والقنوات الناقلة    مي عبد الحميد: الدولة تدفع منحة لا ترد تصل إلى 120 ألف جنيه في شقق الإسكان الاجتماعي    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب تنخفض 1200 للجنيه اليوم الأربعاء 25 يونيو بالصاغة    تصدرت تريند السوشيال ميديا، قصة صورة أعادت الفنانة عبلة كامل إلى الأضواء    «واخدلي بالك» على مسرح قصر ثقافة العريش    «عمتي حبيبتي».. ظهور نادر ل عبلة كامل يثير الجدل على السوشيال ميديا    واشنطن تفتح سفارتها في القدس اليوم مع انتهاء الحرب بين إسرائيل وإيران    النواب الأمريكي: الأعضاء سيتلقون إحاطة سرية بشأن الوضع في إيران الجمعة المقبلة    حملات مسائية وفجرية على المخابز البلدية والمنافذ التموينية بالإسكندرية    حسام بدراوي يكشف أسرار انهيار نظام مبارك: الانتخابات كانت تُزور.. والمستفيدون يتربحون    مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة: إيران حاولت صنع قنبلة نووية ومن السابق لأوانه تأكيد تدمير مواقعها النووية    السيطرة على حريق سيارة نقل محمّلة بالتبن بالفيوم دون إصابات    "كانوا راجعين من درس القرآن".. أب يتخلص من طفليه بسلاح أبيض في المنوفية    انتشال سيارة ملاكي ابتلعها هبوط أراضي بشكل مفاجئ في التجمع    منتخب الشباب يخسر أمام ألمانيا ويتأهلان لربع نهائي كأس العالم لليد    زيادة طفيفة في مخزون سد النهضة.. «شراقي» يكشف آخر موعد للفتح الإجباري    الدولار ب50 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 25-5-2025    بعد عام من الغياب.. ماذا قالت رضوى الشربيني في أول ظهور على dmc؟ (فيديو)    باسم سمرة يواصل تصوير دوره في مسلسل "زمالك بولاق"    أمين الفتوى يحذر من إهمال الزوجة عاطفياً: النبي كان نموذجًا في التعبير عن الحب تجاه زوجاته    الأزهر يتضامن مع قطر ويطالب باحترام استقلال الدول وسيادتها    خالد الجندي: النبي عبّر عن حب الوطن في لحظات الهجرة.. وكان يحب مكة    طريقة عمل الزلابية الهشة في البيت أوفر وألذ    مهيب عبد الهادي ل محمد شريف: «انت خلصت كل حاجة مع الزمالك».. ورد مفاجئ من اللاعب    جدول ترتيب مجموعة الترجي في كأس العالم للأندية قبل مباريات اليوم    مطران نيويورك يوجّه رسالة رعائية مؤثرة بعد مجزرة كنيسة مار إلياس – الدويلعة    مُعلم يصنع التاريخ.. جراى نجم أوكلاند الأفضل فى مواجهة بوكا جونيورز    عصام سالم: الأهلي صرف فلوس كتير وودع المونديال مبكرًا    أجمل رسائل تهنئة رأس السنة الهجرية 1447.. ارسلها الآن للأهل والأصدقاء ولزملاء العمل    عاجل.. بيراميدز يفاوض لاعب الأهلي وهذا رده    مهمّة للنساء والمراهقين.. 6 أطعمة يومية غنية بالحديد    أبرزها اللب الأبيض.. 4 مصادر ل «البروتين» أوفر وأكثر جودة من الفراخ    اقتراب الأسهم الأمريكية من أعلى مستوياتها وتراجع أسعار النفط    ندوة تثقيفية لقوات الدفاع الشعبي في الكاتدرائية بحضور البابا تواضروس (صور)    غدا.. إجازة رسمية بمناسبة رأس السنة الهجرية للقطاع العام والخاص والبنوك بعد قرار رئيس الوزراء    لا تدع الشكوك تضعف موقفك.. برج العقرب اليوم 25 يونيو    حفل غنائي ناجح للنجم تامر عاشور فى مهرجان موازين بالمغرب    التسرع سيأتي بنتائج عكسية.. برج الجدي اليوم 25 يونيو    محافظ الفيوم يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد ناصر الكبير.. صور    من قلب الصين إلى صمت الأديرة.. أرملة وأم لراهبات وكاهن تعلن نذورها الرهبانية الدائمة    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025    سعر الزيت والدقيق والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025    ميل عقار من 9 طوابق في المنتزة بالإسكندرية.. وتحرك عاجل من الحي    حسام بدراوي: أرفع القبعة لوزير المالية على شجاعته.. المنظومة تعاني من بيروقراطية مرعبة    طارق سليمان: الأهلي عانى من نرجسية بعض اللاعبين بالمونديال    غفوة النهار الطويلة قد تؤدي إلى الوفاة.. إليك التوقيت والمدة المثاليين للقيلولة    وزير الصحة: ننتج 91% من أدويتنا محليًا.. ونتصدر صناعة الأدوية فى أفريقيا    رسالة أم لابنها فى الحرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاء الأسواني: هل أزمتنا في الدين أم الأخلاق؟ - علاء الأسواني

أعيش مع أسرتي في منزل من دورين وحديقة صغيرة وقد لاحظت مؤخرا وجود حشرات في المنزل فبحثت في الجريدة حتى وجدت شركة لرش المبيدات، اتصلت بمسئول الشركة وأعطيته مساحات المنزل بدقة وسألته عن تكلفة رش المنزل فأكد لي أنها ستكون مبلغ الفين جنيه. في الموعد المحدد جاء مندوب الشركة، على جبهته علامة الصلاة، انتهى من رش المنزل ثم قال لي:
المنزل استهلك كمية كبيرة من المبيدات. الحساب أربعة آلاف جنيه.
ذكرته بأنه كان يعرف مساحة المنزل واتفق معي على الفين جنيه فقط. راح يجادلني لمدة ساعة وفي النهاية دفعت له ثلاثة آلاف جنيه لأتخلص من هذا الموقف السخيف. هذا الخداع في التعاملات اليومية حدث لي عشرات المرات في مصر، أي اتفاق يمكن التراجع عنه وأي شخص ممكن يغشك في السعر أو الخدمة التي يقدمها. لقد انتشر الغش كالوباء بيننا بدءا من الغش الجماعي في الامتحانات وغش قطع غيار السيارات والبنزين ومواد البناء والأغذية والأدوية وحتى اللحوم الفاسدة التي يتم ضبطها في أرقى المطاعم.. هذا الانحدار المؤسف في الأخلاق يصاحبه حرص بالغ على مظاهر التدين. هنا نجد أنفسنا امام ظاهرة غريبة هي الانفصال الكامل بين العقيدة والسلوك، بين الدين والأخلاق. لقد تم تحويل الدين إلى مجموعة إجراءات كلها طقوس وعبادات: صلاة وصوم وحج وعمرة وحجاب ونقاب.. هذه الإجراءات إذا قمت بها تصبح متدينا بينما في تعاملاتك يكون كل شيء مباحا من أجل تحقيق مصلحتك ورغباتك.
في مصر يتزاحم المصلون حتى تضيق بهم المساجد وفي نفس الوقت تحتل مصر في الاحصائيات العالمية موقعا متقدما للغاية في مؤشرات الفساد والتحرش الجنسي. في كل بلاد الدنيا يوجد فاسدون يتظاهرون بالتدين، أما في مصر فإن معظم الفاسدين متدينون فعلا. الموظف المرتشي والإعلامي الكذاب عميل الأمن والطالب الغشاش والصيدلي الذى يبيع أدوية منتهية الصلاحية والممرضة التي تسيء معاملة المرضى والضابط الذي يشرف على تزوير الانتخابات أو يعذب المعتقلين، كل هؤلاء لو عرفتهم شخصيا ستجدهم غالبا متدينون بصدق لأنهم ببساطة لايرون أي تناقض بين سلوكهم الفاسد وفهمهم للدين. هذا الانفصال بين الدين والسلوك أصابتنا به النسخة الوهابية من الاسلام التى غزت مصر في العقود الأخيرة.. كل من عمل في بلاد الوهابيين يعلم أن التشدد الديني هناك لا يتعدى المظاهر بينما الناس قد يرتكبون مايحلو لهم في السر.
في كل يوم تنشر الصحف استغاثات مصريين من الكفيل الوهابي الذي يعملون عنده لأنه بالرغم من تدينه الظاهر لا يتورع عن السطو على مستحقات المصريين والتنكيل بهم إذا طالبوا بحقوقهم. أما انحدار الأخلاق الذي ينتشر في مصر فلا يمكن فهمه إلا في ضوء طبيعة النظام الحاكم. المواطن في بلد ديمقراطي ينشأ على منظومة واضحة من الحقوق والواجبات وهو يتربى على الصدق لأنه لايحتاج إلى الكذب إذ أنه يثق تماما في منظومة العدالة وبالتالي لا يخشى من ضياع حقوقه وهو يتعلم أن توفير الحياة الكريمة له هي أهم وظيفة للدولة.. على عكس المواطن في نظام الاستبداد الذي يشعر بأنه بلا قيمة وأنه لو فقد حريته أو حياته في أي لحظة فلن يهتم أحد بمحاسبة أحد مادام الضحايا من البسطاء. إنه يكذب لأنه يعيش في أكاذيب. إنه يرى الناس يهنئون رئيس الجمهورية بفوزه في انتخابات يعلم الجميع أنها مزورة ويستمع للرئيس وهو يكيل المديح للشباب بينما هو قد ألقى بعشرات الألوف منهم في المعتقلات ويستمع للرئيس وهو يطالب الناس بالتقشف بينما يتنقل سيادته بين السيارات الفارهة والقصور الأسطورية فلا يجرؤ أحد على مطالبته بالتقشف الذي ينادي به.
في الأنظمة الديكتاتورية تكون المسافة شاسعة بين الكلام والفعل وبين الصورة والواقع. هذا التناقض ينتقل كالمرض من السلطة المستبدة إلى أفراد الشعب. الأخطر من ذلك أن الاستبداد يدمر القواعد العادلة للمجتمع وبالتالي ينسف العلاقة بين الأسباب والنتائج .. فيصبح الترقي في العمل ليس للاصلح والأكفأ وإنما للأقدر على النفاق والحصول على واسطة قوية ويصبح التعيين في السلك الجامعي ليس للطالب المتفوق وإنما لأبناء الأساتذة والشخصيات الهامة حتى لو كانوا فاشلين دراسيا والقانون لايطبق إلا على الضعفاء، أما الكبار فتعطل من أجلهم قوانين وتصدر قوانين لحماية مصالحهم. عندما يقود المصري سيارته في البلاد الغربية يلتزم تماما بقوانين المرور لأنه يعلم أنها تطبق على الجميع بلا تمييز لكنه إذا عاد إلى مصر وأمن العقاب، سيخالف قواعد المرور فورا لأنه ببساطة يعلم أنها لا تطبق أبدا على الكبار. إن المصري البسيط يعتبر نفسه عن حق مظلوما وبالتالي فهو يعتبر من حقه أن يفعل أي شيء حتى لو كان غير أخلاقي حتى يحصل على حقوقه الضائعة. أذكر أنني سألت يوما صاحب محل في وسط القاهرة لماذا يسرق الكهرباء بينما هو يستطيع أن يدفع ثمنها فأجاب ببساطة:
الحكومة ياما سرقتنا.. لما نسرقها مرة نبقى بنأخذ حقنا.
إن تدهور الأخلاق في مصر ليس طبيعة في المصريين وليس مجرد تقصير أو معصية دينية نعالجها بالمواعظ.. أزمتنا ليست في الأخلاق ولا في الدين وإنما في نظام الحكم. إن تدهور الأخلاق مثل التدين الكاذب والسلبية كلها أعراض لمرض الاستبداد. لن تزول الأعراض أبدا إلا بعلاج المرض.. لن تنهض مصر أبدا إلا بإقامة نظام ديمقراطي.
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.