ترامب: بريكس تفقد نفوذها والخطر الذي كانت تشكله زال    «الأهلي هيبيعه ولا مكمل؟».. خالد الغندور يثير الجدل بشأن مستقبل وسام أبو علي    اجتماع هام للجبلاية خلال ساعات استعدادًا للموسم الجديد.. وبحث تلبية احتياجات المنتخبات    هدنة 72 ساعة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس وموعد انخفاض درجات الحرارة    رسميا.. موعد بدء العام الدراسي الجديد 2025- 2026 في المدارس والجامعات (الخريطة الزمنية)    زوج البلوجر هدير عبد الرازق: «ضربتها علشان بتشرب مخدرات»    إصابة 4 أشخاص في تصادم سيارتين بطريق نوي شبين القناطر بالقليوبية    تامر عاشور مفاجأة حفل أنغام بمهرجان العلمين.. تبادلا هذه الرسائل على المسرح    ثورة يوليو 1952| نقاد الفن.. السينما.. أثرت في وعي المصريين    أول ظهور ل رزان مغربي بعد حادث سقوط السقف عليها.. ورسالة مؤثرة من مدير أعمالها    الحرف التراثية ودورها في الحفاظ على الهوية المصرية ضمن فعاليات ثقافية بسوهاج    35 عرضًًا تتنافس في الدورة ال 18 للمهرجان القومي    تعليق مثير للجدل من رئيس قناة الأهلي الأسبق على بيان الاتحاد الفلسطيني بخصوص وسام أبو علي    تنسيق الثانوية العامة 2025 الجيزة للناجحين في الشهادة الإعدادية (رابط التقديم)    ترامب يتوقع إنهاء حرب غزة ويعلن تدمير القدرات النووية الإيرانية    استعلم عن نتيجة تنسيق رياض الأطفال ب الجيزة 2025.. الرابط الرسمي والمستندات المطلوبة    عيار 21 يترقب مفاجآت.. أسعار الذهب والسبائك اليوم في الصاغة وتوقعات بارتفاعات كبيرة    مصدر أمني يكشف حقيقة سرقة الأسوار الحديدية من أعلى «الدائري» بالجيزة    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    أستراليا: تسليم أوكرانيا 49 دبابة أبرامز ضمن حزمة مساعدات عسكرية    رئيس حكومة لبنان: نعمل على حماية بلدنا من الانجرار لأي مغامرة جديدة    ياسر صبحي نائب وزير المالية للسياسات المالية في حواره ل"البوابة نيوز": استقرار نسبي في الأسعار بدعم السياسات المالية والنقدية.. والبيئة الاستثمارية تزداد صلابة    مستقبل وطن بسوهاج يطلق خطة دعم مرشحيه لمجلس الشيوخ ب9 مؤتمرات    عميد طب جامعة أسيوط: لم نتوصل لتشخيص الحالة المرضية لوالد «أطفال دلجا»    كيف تضمن معاشا إضافيا بعد سن التقاعد    مطران نقادة يلقي عظة روحية في العيد الثالث للابس الروح (فيدىو)    بشكل مفاجئ، الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يحذف البيان الخاص بوسام أبو علي    "صديق رونالدو".. النصر يعلن تعيين خوسيه سيميدو رئيسا تنفيذيا لشركة الكرة    ستوري نجوم كرة القدم.. ناصر منسي يتذكر هدفه الحاسم بالأهلي.. وظهور صفقة الزمالك الجديدة    تحت شعار كامل العدد، التهامي وفتحي سلامة يفتتحان المهرجان الصيفي بالأوبرا (صور)    من المستشفى إلى المسرح، حسام حبيب يتحدى الإصابة ويغني بالعكاز في موسم جدة 2025 (فيديو)    تطورات جديدة في واقعة "بائع العسلية" بالمحلة، حجز والد الطفل لهذا السبب    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    مصرع طفلة غرقًا في مصرف زراعي بقرية بني صالح في الفيوم    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية ببداية الأسبوع السبت 19 يوليو 2025    سعر المانجو والموز والفاكهة ب الأسواق اليوم السبت 19 يوليو 2025    انتشال جثة شاب غرق في مياه الرياح التوفيقي بطوخ    «زي النهارده».. وفاة اللواء عمر سليمان 19 يوليو 2012    5 أبراج على موعد مع فرص مهنية مميزة: مجتهدون يجذبون اهتمام مدرائهم وأفكارهم غير تقليدية    رد رسمي من الزمالك بشأن غياب فتوح عن معسكر إعداد الفريق    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    انتهت.. عبده يحيى مهاجم غزل المحلة ينتقل لصفوف سموخة على سبيل الإعاراة    تعاني من الأرق؟ هذه التمارين قد تكون مفتاح نومك الهادئ    أبرزها الزنجبيل.. 5 طرق طبيعية لعلاج الصداع النصفي    "القومي للمرأة" يستقبل وفدًا من اتحاد "بشبابها" التابع لوزارة الشباب والرياضة    ب37.6 ألف ميجاوات.. الشبكة الموحدة للكهرباء تحقق أقصى ارتفاع في الأحمال هذ العام    "الدنيا مريحة" .. أسعار السيارات المستعملة مستمرة في الانخفاض| شاهد    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن جوريون بصاروخ باليستي فرط صوتي    وزير الخارجية اللبنانى لنظيره الأيرلندي: نطلب دعم بلدكم لتجديد "اليونيفيل"    خبير اقتصادي: رسوم ترامب تهدد سلاسل الإمداد العالمية وتفاقم أزمة الديون    ما حكم رفع اليدين بالدعاء أثناء خطبة الجمعة؟.. الإفتاء توضح    ماركوس يبحث مع ترامب الرسوم الجمركية الأمريكية على الصادرات الفلبينية    اليمن يدعو الشركات والمستثمرين المصريين للمشاركة في إعادة الإعمار    كسر بماسورة مياه الشرب في شبرا الخيمة.. والمحافظة: عودة ضخ بشكل طبيعي    5 طرق فعالة للتغلب على الكسل واستعادة نشاطك اليومي    أصيب بنفس الأعراض.. نقل والد الأشقاء الخمسة المتوفين بالمنيا إلى المستشفى    عبد السند يمامة عن استشهاده بآية قرآنية: قصدت من «وفدا» الدعاء.. وهذا سبب هجوم الإخوان ضدي    هل مساعدة الزوجة لزوجها ماليا تعتبر صدقة؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة جيلنا .. بين القوافي والفيافي والمنافي

اتتكَ القوافي ما لها عنكَ مذهبُ" .. كانت القوافي مذهبنا .. أيام خلت قضيناها بين أبيات الشعر المنثور وقطع النثر المنشور .. كانت سمرنا الصباحي وسهرنا "الصبّاحي" لا يقطع صفو بالنا إلا اختلال الوزن أو طرب استواء المعنى بدون اضطراب الموسيقى واعتلال الترتيب ؛ كانت البداية الهادئة الجميلة الوادعة لا تليق بشقاوة الصبى ؛ أحدهم -وكان شاباً يكبرنا بنحو عشر سنوات- همس لنا في مخيم للكشافة في جوف الصحراء بعد الشواء والعشاء والسمر .. من كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة .. سألته لاحقاً هل نحن في الاحتراق أم الإشراق .. كان الجو حاراً لكنه ابتسم وأجاب سنرى !
لا أدري لم تذكرته الآن ربما لأنه معتقل للمرة الثالثة في سجون مصر البعيدة مع كثير من أصحابي وأقاربي وأبناء جيلي المشتتين في سجون مصر من الأسكندرية للوادي ، تنقلنا بين السجون كما تنقلنا بين الساحات والمساحات من قبل ، كانت المساحات مفتوحة وجهودنا موزعة بينها بتكامل فطري عجيب ، كنا نملأ المدارس والمساجد والشوارع والتجمعات نشاطاً وضجيجاً وحيوية ، ونتنقل بخفة وسلاسة بين أنشطة التوعية والثقافة العامة والعمل الاجتماعي والخيري ، من لصق ملصقات وإلقاء كلمات وخواطر ومشاركة في حملات صناع وحماية لتوزيع شنط المساعدات في المناسبات أو تنظيم قوافل الإغاثة ومؤتمرات التضامن مع جراح أمتنا الغائرة في النقابات المفتوحة .
لم نكن نشعر بوطئة الدولة كثيراً ، كانت الدولة حاضرة في الخلفية كنا نخاف أحياناً من ذلك الوحش المجهول المتابع بصمت لكل ما يجري لكننا لم نشتبك معه كثيراً في البدايات ، لاحقاً اتسعت الصورة والعبارة فاكتشفنا أن الوحش يتربص بنا الدوائر ويعد لنا المفاجآت التي لم يسمع بها أجدادنا من قبل .. كانت كلها كامنة في انتظار الفرصة المواتية !
حينما فتحت المدونات أبوابها تلقفناها بسرعة وسودنا صفحات "البلوجرز" و "الوردبرس" وحينما بدأت المنتديات كنا مشاركين حتى سحبت الشبكات الاجتماعية البساط من تحت ذلك كله فكنا حاضرين ومتفاعلين أيضاً ، تنقلنا بين أشكال النشاط الفكري والثقافي فحضرنا الصالوناتوالدورات والبرامج وشاركنا في المبادرات مويك ويقظة ومعرفة وحلقات الفلسفة والدروس الشرعية والبرامج التدريبية الثرية .. وتنقلنا بخفة أيضاً بين الفعاليات قبل أن تضيع الأوزان والقوافي في فضاءات وفيافي التغيير السياسي فيختل الوزن ويضطرب المعنى فتتوه العبارة !
سافرنا وتحاورنا وحلمنا بالتغيير ، وظلت الدولة الفرعونية العجوز متربصة بنا لم نشعر بهذا غالباً رغم أنها كانت تطل بوجهها القبيح في كل مناسبة وبلا مناسبة ، حينما تداعت التظاهرات أمام نقابات الصحفيين والمحامين والأطباء وفي الأزهر ووسط البلد كانت العجوز الشمطاء تنظر إلينا من النافذة تترقب ما سنفعل وتتحين فرص الخلاص ، كانت حماستنا مشتعلة وطاقتنا تكفي لتعمير الكوكب مرتين وهدمه مرة بينهما لو تطلب الأمر .. حينما أذّن الربيع كنا معه على الموعد ننتظره ونبذل له ونأمل أن نقطف ثمار الخير الآتي معه ، صحبنا نسمات الربيع وتنسمناها وعشناها في الساحات والشوارع والميادين ،كما في القلوب والنفوس والجثامين ! لم يبقَ ميدان لم نشهده إذا كنا نقدر أو نتابعه بلهفة وترقب سواءً كان في قلب القاهرة أو ساحات تونس واليمن وصحراء ليبيا والعراق وجوار الأسوار في حمص وحلب وكنا نأمل أن نفر من أسر حلب والقاهرة لأسوار القدس ومآذن عكا والخليل والناصرة !
صحبنا الأوزان والقوافي إلى رياحين الربيع ونجمات الفيافي ، فتعاقبت علينا الفصول الأربعة .. وأسلمتنا نسمات الربيع الهينة لأعاصير الخريف الهادرة وأحرقتنا بعدها لفحات الصيف المفاجئ ثم زمهرير الشتاء وأنفاسه الباردة .. اتسع المعنى وضاقت العبارة وصحت الفكرة وذهبت السكرة وتاهت القافية !
كان يمكن للفيافي أن تكون أرحب وأهدأ أو تكون الزنازين أقل عدداً وسوءًا وتكون المحرقة أخف شدة وتكون حياتنا أقل حدة! .. نكمل دراستنا وأعمالنا ونرعى اهتماماتنا ومواهبنا ونحقق طموحاتنا وآمالنا ونحمل إخواننا وأصدقائنا على الأكتاف في أفراحهم بدلاً من أن نودعهم على الأكتاف إلى قبورهم الطيّبة .. آمنين وخائفين .. باكين ومستبشرين .. وكان يمكن للمنافي أن تكون أجمل ولأسوار أسطنبول البديعة التي احتضنت بعضنا أن تمتد لأسوار القدس وحلب والقاهرة فتضم الزمان للمكان والإنسان إلى الإنسان ، لكن غربتنا حملناها في صدورنا سواءً كنا في منافي الداخل أم منافي الخارج .. فقدتنا أوطاننا تحت أرضها أو فوقها وبين جدرانها الضيقة أو الواسعة وأظلتنا سماوات الهجرة وتناءت .. لكن الدورة التي بدأت لم تكتمل ، وجيلنا الذي لم يتحطم بعد ، أخذ فرصة ثانية للاستمرار والتجديد ، وأرواحنا المتعبة التي ذاقت الاحتراق والإشراق وعرفت الكَبد بنوعيه رخاءً وشدة لم تصل لمستقرها بعد .. ولا زال للقصة تتمة وللمعنى متسع وللعبارة بقية .. لا زال الطريق طويلاً ونحن أبناء القوافي والفيافي والمنافي .. لا نبرح حتى نبلغ .. وسنبقى حتى نقضي حُقباً من الليل والنهار يتعاقبون علينا تعاقب الفصول والمعاني والانتصارات والانكسارات .. فنتخذ سبيلنا في البحر حتى نبلغ اليم أو مجمع البحرين أو نرتد على آثارنا قصصا !
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.