ركزت وسائل الإعلام والصحف الفرنسية اليوم الثلاثاء على تطورات الوضع وأعمال العنف التي تشهدها عدة محافظات على مستوى مصر منذ نحو خمسة أيام. وأبرزت وسائل الإعلام الفرنسية الدعوة التي وجهها الرئيس محمد مرسي للحوار الوطني أمس الأول الأحد وموقف المعارضة وجبهة الإنقاذ الوطني منها. وذكرت صحيفة “لوموند” أن الرئيس مرسي دعا – في كلمة بثها التلفزيون يوم الأحد – السياسيين البارزين للحوار بينما طالبت المعارضة الموحدة في جبهة الإنقاذ الوطني إلى حل شامل للأزمة السياسية بما في ذلك تشكيل حكومة إنقاذ وطني. ونقلت الصحيفة عن فلوريان كوهستال أستاذ العلوم السياسية قوله “إن الوضع في مصر يوشك على الإنفجار، معتبرا أن الرئاسة المصرية ليست لديها إستراتيجية لمواجهة الأزمة الحالية وتعتقد أن المتظاهرين سوف يرهقون وخاصة عندما لم يكن لديهم دعم قوي من الشعب الذي يعاني هو أيضا. وقال المحلل السياسي وبحسب الصحيفة الفرنسية إن الرئيس لم يظهر الرغبة في تهدئة المتظاهرين، كما أن الدعوة التي قدمها لفتح حوار وطني هى أيضا غير عملية. معتبرا أن جماعة الإخوان المسلمين لا تريد تشكيل حكومة إنقاذ وطني ولا تمتلك أيضا مخرجا للخروج من الأزمة الحالية. وذكر أن استراتيجية جماعة الإخوان المسلمين تعول بالتأكيد على الانتخابات البرلمانية المرتقبة خلال الأشهر المقبلة، على أمل أن تحصل على أغلبية المقاعد لاسيما وأن الجماعة بحاجة إلى البرلمان من أجل الحكم. ومن جانبها، أشارت صحيفة “لوفيجارو”، إلى رفض الائتلاف الرئيسي للمعارضة المصرية دعوة الرئيس للحوار الوطني في محاولة لحل الأزمة التي تمر بها البلاد حاليا. وكتبت صحيفة “ليبراسيون”، أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها مصر أسفرت في مجملها عن مقتل 51 شخصا ، مضيفة أن هذه الأحداث تتزامن مع الذكرى السنوية الثانية لبدء الانتفاضة ضد الرئيس السابق حسني مبارك، والتي تأتي وسط سخط من النظام الحاكم. وأشارت الصحيفة إلى أن مجلس الشورى اعتمد أمس الاثنين مشروع قانون يجيز نشر الجيش بحيث يساعد على الحفاظ على النظام حتى نهاية الانتخابات التشريعية خلال الأشهر القادمة وكذلك إعطاء القوات المسلحة سلطة الضبطية القضائية. كما كتبت مجلة “لوبوان” عبر موقعها الإلكتروني أن مصر تغرق من جديد في حالة من ال”فوضى” ، مشيرة إلى أن الخطاب الذي ألقاه الرئيس مرسي أمس الأول أيقظ لدى معارضي الحكم الإسلامي في البلاد ذكريات سيئة لاسيما وأنه أعاد “حالة الطوارىء” في ثلاث مدن على طول قناة السويس، وهدد بمزيد من الإجراءات في حالة ما إذا استمر الوضع الأمني على ما هو عليه. وأضافت المجلة أن مدن القناة الثلاث في حالة إضراب، فضلا عن أنه على ضوء الوضع الاقتصادي المتدهور في مصر فإنه لا يمكن أن تفقد البلاد مصدر دخلها من قناة السويس التي تعد المورد الثالث للدخل من العملات الأجنبية والتي تقدر بنحو 4 مليارات دولار سنويا. ومن جانب آخر، أذاعت قناة “فرانس 24″ الإخبارية تقريرا حول الأحداث الجارية في مصر أشارت من خلاله إلى ما أطلقت عليه “موجة الغضب والمظاهرات الشعبية العارمة” التي تشهدها عدة محافظات مصرية وتطالب باستكمال أهداف الثورة وبإسقاط نظام الإخوان المسلمين. نقل التقرير الإخباري عن الدكتور أحمد البرقاوي رئيس مركز الدراسات والأبحاث الإستراتيجية للعالم العربي بباريس قوله “إن واشنطن لا ترغب في أن يستمر الوضع على ما هو عليه حاليا “وهى تسعى لفرض تهدئة كون مصر تلعب دورا محوريا في الشرق الأوسط وهى الوسيط الأساسي في المحادثات بين الإسرائيليين والفلسطينيين”. وقال البرقاوي في تحليله للأوضاع في مصر – إن الإسلام السياسي، على الطريقة المصرية، بدأ يخلق مشاكل كثيرة حتى في دول الخليج مثل السعودية والإمارات، وهذه الدول توجد فيها مصالح أمريكية، مشيرا إلى أن تصعيد بورسعيد ليس فقط نتيجة الأحكام التي أصدرتها محكمة هذه المحافظة، بل هناك قوى سياسية واقتصادية خفية وموالية للنظام السابق تريد خلط الأوراق من جديد. وأضاف “أن الإدارة الأمريكية لا يقلقها صعود الإسلاميين في الدول التي عرفت الربيع العربي، لكن النموذج السياسي الجديد، خاصة النموذج المصري، هو الذي يقلقها كونه يهدد مصالحها الإستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط”، معتبرا أن المؤسسة العسكرية لم تعد كما كانت في عهد مبارك لاسيما بعد أن أقال الرئيس مرسي المشير حسين طنطاوي وأبعد العديد من الجنرالات “وهذا مؤشر بأن هذه المنظومة فقدت نوعا ما من قوتها المعادية للحركات الإسلامية في مصر”. وتابعت “الرئيس مرسي يملك شخصية قوية ومدعوم، ليس فقط من قبل الشعب بل من أمريكا أيضا، فمنذ وصوله للحكم تفاعل بشكل إيجابي مع العسكريين”. وأوضح أنه منذ بداية الأزمة الحالية في مصر، “لم نر تصريحا من قبل الجيش يوحي بأنه يمكن أن يتدخل، وفي الحقيقة لن يتدخل سوى إذا طالب مرسي بذلك. وهذا يدل على أن الرئيس المصري بدأ يمسك بزمام الجيش المصري بعد أن أقال كل من يمكن أن يعارضه”.