أكد المستشار “طارق البشري” المفكر المصرى على أهمية وجود منهج تسعى جميع القوى السياسية من خلاله للتقارب، مشددًا على وجود حدود عامة في فكر الجماعة، بالرغم من إختلاف البعض في داخلها، إلا أنهم يدركون جميعًا حدود التفاهم والتي تعد كحدود الوطن. وأوضح أن مصر مر عليها 20 شهر منذ ثورة 25 يناير التي تعد لحظة دقيقة في تاريخنا السياسي، إلا أن هذه الأشهر أنقضت في صراع حول موضوع واحد؛ وهو: هل مصر دولة مدنية أم دينية؟، بحيث ينتهي الصراع عند نقطة بدايته، ولا يسفر العراك عن نتيجة. وأشار إلى أن هذا الصراع تسبب في خسارة في الوقت والجهد، والإبتعاد عن قضايا هامة بها مصلحة في المستقبل القريب والبعيد. وأضاف أن الرأي العام لم يواجه بالقضايا الملحة ذات الأهمية في المستقبل. وعن القضايا الهامة التي يجب أن يركز عليها جيل الوسط في المرحلة المقبلة، أكد “البشري “أن الثورة المصرية هي ثورة ديمقراطية في الأساس، وطالما أن الإستبداد هو سبب قيام الثورة، فإن معالجة الإستبداد هي الحلقة الأساسية لتحقيق الديمقراطية. وأوضح أن الديمقراطية تعني جمعية إتخاذ القرار، وتعدد الهيئات التي تتخذ القرار، وعدم قصر اإتخاذ القرار على جهة واحدة بعينها، وتداول مواقع إتخاذ القرار. وأكد أن حالة التبعية تعد من القضايا الهامة التي يجب التفكير فيها، مشيرًا إلى أن الإستعمار هو التحكم في القرار السياسي وتوجيهه لغير صالح الوطن، وأن مصر كانت مستعمرة في فترة نظام مبارك بالتبعية والإحتياجات الإقتصادية، لذلك فإن إسترداد الإرادة السياسية كاملة يعني تدبير ما يمكن تديبره والإكتفاء الذاتي لمنع الضغط الخارجي. وشدد “البشري “على أهمية بناء المؤسسات وإستعادة دورها الحيوي، مبينًا أن نظام مبارك أضر بالكثير من مؤسسات الدولة التي تدير المجتمع كالتعليم والصحة والمرافق المختلفة. وقال إن أساس المرجعية هو الثقافة السائدة في المجتمع، وأن الثقافة العامة السائدة هي التي تخرج منها المرجعية. وأوضح أن الأصول العامة ينتج عنها التشريع والنظام السياسي. وأضاف أن التداخل الذي حدث في القضايا الثقافية والسياسية جرى لحساب السياسة بالرغم من أن المرجعية موجودة في المجتمع. جاء ذلك خلال ما شهدتة مكتبة الإسكندرية في الفترة بين 25 إلى 27 سبتمبر من سلسلة حوارات جيل الوسط، والتي جاءت بعنوان “بناء المشتركات بين جيل الوسط في القوى السياسية”، ونظمها مركز دراسات التنمية بمكتبة الإسكندرية و التى تناولت عددًا من المحاور الرئيسية تتعلق بالعلاقة بين الدين والدولة، والتنمية الإجتماعية، والتطور الثقافي، خاصة ما يتصل بالإبداع وحرية التعبير، فضلاً عن القواعد الحاكمة للمجال العام، ومستوى إنفتاحه، وقدرته على إستيعاب مختلف الإتجاهات والأفكار في إطار من الحرية والمسئولية. من جانبة أكد الدكتور” ناجح إبراهيم ” القيادى السلفى أنه لن يكون هناك مشترك بين القوى السياسية بدون توافر شرطان؛ هما: شرط في القلب وهو التسامح، وشرط في العقل وهو الوسطية في الاسلام. وقال إن الشرطين غير موجودين في مصر، حيث زادت بعد الثورة معاني الانتقام والتفنن في صنع عداوات، من جانبها أكدت الدكتورة “سوزي ناشد” عضو مجلس الشعب السابق على وجود خلط بين المصطلحات عند تحديد علاقة الدين بالدولة. وقالت إن الدولة المدنية هي الدولة العلمانية الديمقراطية التي تتميز بالتعدد والفصل بين السلطات وسيادة القانون وإحترام المواطنة. وأضافت أن الدولة الشمولية هي عكس الدولة المدنية؛ وقد تكون دينية أو غير دينية، أو عسكرية. وعن وضع الأقباط في مصر، أكدت أنه لا يوجد تمثيل كاف للأقباط في الحياة العامة، بالرغم من وجود عدد كبير من الكفاءات بين الأقباط. وأوضحت أنه يوجد وزيرة واحدة مسيحية في حكومة قنديل المكونة من 34 وزير، ولا مسيحي واحد بين 27 محافظ، ولا مسيحي بين رؤساء البنوك والصحف القومية والنقابات المهنية. وفي نفس السياق، أكد “أحمد خيري “أن المجتمع المصري له أبعاد مختلفة منها البعد الثقافي والذي يعد الدين جزء كبير منه، لذلك فإنه من المستحيل وغير المطلوب أيضًا فصل الدين عن المجتمع. وقال الدكتور” عبد الفتاح ماضي “أستاذ العلوم السياسية بجامعة الاسكندرية إن مصر لديها إرث من الإستبداد والتخلف في الفقه السياسي، ولا يمكن حل كل المشكلات قبل وضع الدستور، لأنها تحتاح وقت طويل جدًا لحلها. وأوضح أنه بدراسة التجارب الأخرى لم يتم حل كل تلك الخلافات قبل وضع الدستور في دول أخرى. وشدد على أهمية تأجيل ما نختلف عليه وإدراك أن الدساتير قابلة للتعديل، مبينًا أنه كان يجب أن تقوم اللجنة التأسيسية لوضع الدستور بإحداث توافقات بين الناس؛ توافقات تراعي أولويات مصر حاليًا. وفي كلمتها، أكدت “ناهد أبو القمصان” أن هناك أزمة في المجتمع في تصورات كل جنس للآخر، وأنه يجب على الدولة حسم خياراتها من حيث إستثمار القيمة البشرية الموجودة في مصر، خاصة المرأة ووضعها في المجتمع. وأضافت أن هناك أسرة من كل ثلاثة أسر تعيلها إمرأة، لذلك فإن الأوضاع الإقتصادية في مصر لا تسمح بتهميش دور المرأة، ويجب القيام بخيارات أفضل في التعامل مع البشر على أنهم ثروة بشرية وتوظيف جميع الطاقات الموجودة في المجتمع.