فى أبسط تعريفات العلوم السياسية فإن الدستور هو العقد الاجتماعى بين الشعب و الحكومة ، و بالتالى فالدستور يعبر عن كل الشعب بمختلف طوائفه و مكوناته الاجتماعية و من هنا تأتى مقولة ان الدستور لابد و ان يكون توافقيا ، و ببساطة ما معنى التوافقى . المقصود بالدستور التوافقى هو أن يشارك كل اطياف الشعب فى كتابته و وضع فلسفته و تعنى ايضا أن الجميع يقدم قدرا من التنازلات من اجل الوصول إلى منطقه وسط ترضى الجميع . اكتب هذا و العمل على قدم و ساق لتشكيل الجمعية التأسيسية المخولة لوضع الستور طبقا للمادة 60 من الإعلان الدستورى و لعل جميعنا يتابع الجدل الدائر حول معايير الجمعية التأسيسية و بعدها سيكون هناك جدل آخر حول الاشخاص الذين سيتم انتخابهم و بعدها سنأتى للجدل حول مضمون الدستور نفسه و لكى يكون الدستور توافقيا لابد و ان يكون المناخ السياسي مناخا يدفع فى اتجاه التوافق و عليه فلابد و ان تقف كافة عمليات الاستقطاب السياسي و الطائفى بين الجميع من السياسين و الفاعليين الاجتماعيين . و لكن ما اخشاه فى ما يدور حول الدستور انه يوجد خلط عند البعض بين الدستور و بين البرنامج السياسي ، فعلى هؤلاء ان يدركوا ان البرامج السياسي متغيرة بتغيير الاغلبية كما الآن الاغلبية فى اصلها متغيره فيما يكون الدستور معبرا عن المخزون القيمى لمجتمع من المجتمعات ضف إلى هذا أن الدساتير تتغير بعد عقود طويلة عن طريق الثورات الاجتماعية و السياسية . و على ما سبق اجد نفسى مدفوعا للتحذير من محاولة اقصاء اية قوى سياسية او المجتمعية من المشاركة فى وضع الدستور و هو الامر الذى لو حدث لا قدر الله فانه قد يحدث ما لا يحمد عقباه ابسطها عدم استقرار البلاد . نأتى إلى نقطة اخرى لا تقل اهمية لكى يتحقق التوافق حول الدستور و هو الامر المتعلق بالوقت المتاح لوضع الدستور فلابد و أن يأخذ الدستور حقه من المناقشة المجتمعية فتلك فرصة لن تأتى كثيرا لكى ننشر الثقافة الدستورية للمصريين فى المدن و القري و النجوع و هو الامر الذى يحتاج التانى و اخذ الوقت المتاح . و اخيرا على البرلمان و من خلفه الجمعية التأسيسية ان يدركوا انه اختبار حقيقى و ان التاريخ سيقف حكما عليهم كما وقف على الذين من قبلهم فلو اصابوا حياهم و قدرهم التاريخ و لو اخطأوا فإنه لا عاصم لهم من جلد التاريخ .