قال الرئيس المعزول محمد مرسي المتهم و 35 آخرين من قيادات وأعضاء تنظيم الإخوان بارتكاب جرائم التخابر وتسريب أسرار الدفاع "إنه يحترم أعضاء هيئة المحكمة التي تباشر محاكمته ويقدرها، كما أنه يحترم ممثلي النيابة العامة الحاضرين للجلسة، غير أن هذا لا يمنع استمراره على موقفه الرافض للمحاكمة، والرافض لإبداء أي دفاع في موضوع الإتهامات المسندة إليه" . وأكد أنه "سيتحدث عن نفسه بنفسه" حينما يحل دوره في إبداء المرافعات في القضية". وكانت المحكمة قد أذنت لمرسي بالتحدث إليها من داخل قفص الاتهام، أثناء مناقشتها مع هيئة الدفاع عن المتهمين، لجدول ومواعيد المرافعات في القضية حيث تساءل المستشار شعبان الشامي رئيس المحكمة عن وجود محام سيتولى مهمة الدفاع عن مرسي من عدمه، فتقدم المحامي كامل مندور عضو هيئة الدفاع وأوضح أنه مكلف من "مرسي" بأن يقتصر حديثه على جانب إجرائي والمتعلق بعدم اختصاص المحكمة الولائي "النوعي" لمحاكمته، ودون أن يمتد الدفاع إلى دفع الاتهام وتفنيده من الناحية الموضوعية، وذلك على عكس بقية المتهمين.
ونبه رئيس المحكمة المحامي كامل مندور، إلى أن من شأن هذا الإجراء أن يدفع هيئة المحكمة إلى انتداب أحد المحامين، لتولي مهمة الدفاع عن محمد مرسي من الناحية الموضوعية، فطالب "مندور" إلى المحكمة السماح له بالالتقاء بالرئيس الأسبق للتشاور معه في هذا الجانب.
وقام رئيس المحكمة بمخاطبة محمد مرسي داخل قفص الاتهام، للوقوف على رغبته في طلب محام بعينه للترافع عنه، فعقب مرسي : "أريد أن أتحدث بنفسي إلى المحكمة لمدة محددة لأوضح الأمر كاملا ". وأضاف مرسي :"أنا أعتبر نفسي خارج سلطان المحاكمة طبقا لقانون الإجراءات الجنائية، وأرفض كافة إجراءات المحكمة، وأن أريد أن يكون حديث الأستاذ كامل مندور المحامي قاصرا في شق الاختصاص الولائي لمحكمة الجنايات فقط، بينما أريد أنا أن أتحدث عن نفسي بنفسي".
وتابع: "أحترم وأقدر شخص رئيس المحكمة وكافة أعضائها، وأحترم أعضاء النيابة، ولكني أرفض المحاكمة وأرفض جميع الاتهامات الموجهة إلي، وأطلب من حضراتكم أن تسمحوا لي بأن أتحدث إلى المحكمة عن نفسي بنفسي، ولن أخرج في حديثي إليها عن صحيح حكم القانون.. فقط أريد أن تسمح المحكمة لهيئة الدفاع بتزويدي بنسخة من نص دستور 2012 وكافة الإعلانات الدستورية التي صدرت منذ 25 يناير 2011 حتى 30 يونيو 2013 ".
من جانبه، أكد رئيس المحكمة موافقته على كافة طلبات المتهم محمد مرسي، والسماح له بالحصول على الأوراق التي يريدها حتى يتسنى له إبداء الدفاع عن نفسه حينما يحل الدور في إبداء مرافعته.
من جهتها، شنت هيئة الدفاع عن المتهمين هجوما كبيرا على النيابة العامة على خلفية مرافعات النيابة في القضية.. حيث قال محمد الدماطي عضو هيئة الدفاع عن المتهمين :"النيابة العامة خصم شريف في الدعوى العمومية بشكل عام، وهو الأمر الذي لا ينطبق على هذه الدعوى وبقية الدعاوى الخاصة بهؤلاء المتهمين".
من جانبه، عقب المستشار الدكتور تامر فرجاني المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا، على حديث الدفاع، مؤكدا أن النيابة في مرافعتها على مدى الجلستين، لم توجه أية إهانة إلى المتهمين مشيرا إلى أن ما تحدث عنه الدفاع من وجود "ثأر أو خصومة" بين النيابة والمتهمين، هو أمر غير صحيح جملة وتفصيلا.
وأضاف المستشار فرجاني: "النيابة العامة عفة اللسان، لا تخطىء في حق أحد ولا تسب أحدا.. النيابة لم تتجن على أحد، وكل ما قلناه في مرافعتنا أمام هيئة المحكمة له سنده ودليله من الوثائق والشهادات والمستندات الخاصة بالقضية، بما فيها شهادات وكتابات المنشقين عن جماعة الإخوان نفسها".
وقال ممثل النيابة العامة إن المتهمين هم من خرجوا عن اللياقة والآداب في المحاكمة، فوجهوا السباب والشتائم والإشارات، وعمدوا إلى إعطاء ظهورهم إلى منصة المحكمة مشددا على أنه كان يجب على هيئة الدفاع أن تبادر إلى منعهم من إتيان تلك التصرفات احتراما لقدسية المحاكمة ووقارها.
واستطرد المستشار تامر فرجاني قائلا: "ترافعنا من قبل في مواجهة عتاة المجرمين في القضايا الجنائية، وكبار تجار المخدرات، ولم يسبق أن صدر عن أي منهم مثل هذه التصرفات والعبارات والألفاظ التي يتلفظ بها المتهمون في هذه القضية بحق النيابة العامة".. مضيفا: "النيابة تترافع في قضية تتعلق بوقائع تخابر ارتكبها المتهمون، ومن ثم فمن الطبيعي أن تستخدم النيابة عبارات وألفاظ من نوعية خائن وجاسوس، فما هو نوع التجاوز الذي أقدمت عليه النيابة بذلك ؟".
وأشار المستشار فرجاني – موجها حديثه للمحامين أعضاء هيئة الدفاع عن المتهمين – إلى أنه يمكن لهم الرجوع إلى التسجيلات المصورة لوقائع الجلسات التي تذاع عبر التلفزيون، والتي تظهر بها أصوات المتهمين بوضوح وهم يتجاوزون بحق النيابة العامة وممثليها.
وكان المستشار عماد الشعراوي الرئيس بنيابة أمن الدولة العليا قد تلا المرافعة الختامية في القضية، واستعرض فيها وقائع التخابر التي ارتكبها المتهمون، والتي تضمنت تسريب وثائق بالغة السرية مرسلة من هيئة الأمن القومي إلى رئيس الجمهورية، إلى جهات وأجهزة استخبلرات أجنبية، علاوة على تعاونهم مع منظمات إرهابية وجماعات تكفيرية، والتنسيق معهم على انتهاك الحدود، واقتحام السجون، وضرب المنشآت الأمنية بمحافظة شمال سيناء، وتوطين التكفيريين بها.
وقال المستشار الشعراوي: "أعمال التخطيط والتدبير والتنفيذ التي نفذها المتهمون بالتعاون مع حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية المسلحة، لضرب المنشآت الأمنية واقتحام السجون، لو كانت قد تم تنفيذها في الجانب الآخر من قطاع غزة، لكان قد تم تحرير القدسالمحتلة".. متسائلا :"هل هذا هو رد الجميل لمصر التي لطالما ساندت الشعب الفلسطيني دون تفرقة بين فصائله وحركاته ".
وأضاف أن أجهزة الاستخبارات الأجنبية تضافرت جهودها للتخابر على مصر بمعاونة أعضاء جماعة الإخوان، وتحديدا المتهمين الماثلين في قفص الاتهام، وفقا لما هو ثابت بأوراق التحقيقات، بتسريبهم لتقارير جهاز المخابرات العامة المصرية فائقة السرية حول نشاط العناصر الإيرانية داخل البلاد، إلى إيران عن طريق التنظيم الدولي الإخواني.
وأكد ممثل النيابة العامة أن الأدلة على الاتهامات الموجهة إلى المتهمين، مثبتة من واقع تحريات جهاز المخابرات العامة، وقطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية، وشهادة الشهود، وتقارير الفحص الفني للمراسلات الالكترونية والمحادثات الهاتفية المأذون بتسجيلها للمتهمين.
جدير بالذكر أن القضية تضم 21 متهما محبوسا بصفة احتياطية على ذمة القضية، يتقدمهم محمد مرسي وكبار قيادات تنظيم الإخوان، على رأسهم المرشد العام للتنظيم محمد بديع وعدد من نوابه وأعضاء مكتب إرشاد التنظيم وكبار مستشاري الرئيس المعزول، علاوة على 16 متهما آخرين هاربين أمرت النيابة بسرعة إلقاء القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة محبوسين احتياطيا.
وأسندت النيابة العامة إلى المتهمين تهم التخابر مع منظمات أجنبية خارج البلاد، بغية ارتكاب أعمال إرهابية داخل البلاد، وإفشاء أسرار الدفاع عن البلاد لدولة أجنبية ومن يعملون لمصلحتها، وتمويل الإرهاب، والتدريب العسكري لتحقيق أغراض التنظيم الدولي للإخوان، وارتكاب أفعال تؤدي إلى المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها.