تعددت جرائم القتل والخلافات العائلية بين عائلات القرية الواحدة أو بينها وبين القرى المتجاورة، بمحافظات صعيد مصر وخاصة سوهاج والتى أصبحت تتصدر عناوين الأخبار بوسائل الإعلام المختلفة. وتعد مدينة دار السلام بمحافظة سوهاج وبالتحديد قرية البلابيش القبلية، نموذجًا يمثل ازدياد معدل حالات القتل والإصابة جراء استخدام الأهالى للأسلحة النارية، فبات علينا أن نقترب من القرية لنرصد حقيقة الاوضاع. قرية البلابيش القبلية، إحدى قرى دار السلام وهى الأكبر فى أعداد القتلى والمصابين نتيجة استخدام الاسلحة النارية، وبرز نجعى الشيخ امبادر والقوصة فى المقدمة من حيث عدد ضحايا الاشتباكات المتكررة نتيجة لخلافات بين النجعين أو حتى خلافات بين عائلات النجع الواحد . فنجع الشيخ امبادر يتكون من 7 عائلات أساسية وهى المناصرة والتى لها خلافات مع عائلة أولاد عميرة، نتج عنها 4 حالات وفاة والعديد من الإصابات على مدار السنوات الماضية، كما ان هناك خلافات اخرى تجمع عائلتى الحمايدة والديابات خلفت حالتى وفاة وأكثر من 4 إصابات، وخلافات أخرى جمعت بين عائلتى أولاد موسى والعراعرة وراح ضحيتها 3 قتلى وعدد من المصابين وعائلات أخرى داخل القرية لها خلافات مع عائلات من قرى ونجوع أخرى . وما تلاحظ أن جميع عائلات تلك القرية، من قبائل الهوارة ولعل استصلاح الأراضى الجبلية أهم مصادر حياتهم، بالإضافة إلى تجارة السلاح التى تشتهر بها بعض العائلات بالشيخ امبادر، أما الزواج والمصاهرة فجميع العائلات لها قرابة ونسب مع الأخرى.. ودائمًا ترى تلك العائلات تتضامن عند الخلافات مع عائلات اخرى وتنسى خصوماتها الداخلية . أما نجع القوصة والذى يتكون من عائلات تنتمى لقبائل الهوارة واخرى للعرب ، من النجوع التى تنتشر بها عادة استخدام الأسلحة النارية فى الخلافات وربما تزداد حدتها عند خلافاتها مع النجوع والقرى المجاورة والتى على رأسها الشيخ امبادر. فالقوصة تشمل عائلات العواطى والديابات والتى ليس لها علاقة قرابة مع ديابات الشيخ امبادر والحروبة وتلك العائلات تنتمى الى الهوارة اما عائلات الشهالوة والزقالى و الخطبة فينتمون الى قبائل العرب وان كانت تجمعهم خلافات شديدة مع قبائل الهوارة الا انهم يتحدوا جميعا اذا ما كانت هناك مشاكل خاصة بالنجع مع عائلات اخرى . واللافت للنظر.. أن النجعين وخاصة الشيخ امبادر يضم عدد كبير من المستشارين والقضاة حاولوا كثيرًا تهدئة العصبية لدى مواطنى النجعين، إلا أن العصبية دائما تطغى ويستمر القتال. وما يدعو للدهشة فى الأمر، أن هناك صلة نسب بين معظم عائلات الشيخ امبادر الهوارة والعائلات التى تنتمى لقبائل الهوارة بنجع القوصة والعكس كما ان هناك صلة نسب من طرف واحد. الإ أن الشيء الواضح هو أن الصورة فى نجعى الشيخ امبادر والقوصة تتحدث عن إهمال الحكومات المتعاقبة للمنطقة والنقص فى الخدمات وارتفاع فى نسبة الأمية ، فجميعها أسباب رئيسة فى تعدد جرائم القتل. ولعل علماء الاجتماع اتفقوا على أن الضغوط التى يتعرض لها الشخص فى المجتمع الصعيدى والتى تفرضها ثقافة مجتمعهم المحلى وأساليب التنشئة الاجتماعية التى تمارس فى صعيد مصر، بالاضافة إلى دور المرأة الداعم والمحرض على ممارسة عادة الأخذ بالثأر، تلعب دورًا كبيرًا فى تعدد جرائم القتل.