كتب : كريم مجدي "إذا قام أحد بمحاولة إطلاق صاروخ من على سطح مصنعي لأطلقت عليه النار فوراً"، هكذا تكلم محمد الطالباني، صاحب مصنع حلويات مدمر في غزة، كان يقدربملايين الدولارات. يقول طالباني، إن الهجوم على مصنعه لم يكن بهدف القضاء على مقاتلين حماس، فمقاتلين حماس لم يكونوا موجودين في المصنع أو بجواره أبداً، إنما كان الهجوم ضمن مخطط إسرائيلي لتدمير اقتصاد القطاع، ويضيف طالباني للفورين بوليسي، إنه مستحيل على أي أحد أن ينكر مدى الدمار والضرر الاقتصادي الذي لحق بالقطاع جراء القصف الإسرائيلي، لقد قدرت السلطة الفلسطينية تكلفة إعادة الإعمار بحوالي 6 مليار دولار، فهناك حوالي 50 ألف منزل قد دمر تماماً أو جزئياً، وحوالي 250 مصنع أصبحوا غير صالحين للعمال، بالإضافة إلى تدمير جزئي لمحطة معالجة المياة ومحطة الكهرباء في غزة وخلق مشكلة في الخدمات الصحية لسكان القطاع.. تقول الأممالمتحدة، إنه يوجد نحو 100 ألف ساكن في غزة بلا مأوى، من ضمنهم حوالي 50 ألف يعيشون في مباني مدارس تديرها الأممالمتحدة، وهناك الكثير من السكان لا يجدون ماء نظيف ليشربوه، والكهرباء تظل لمدة 6 ساعات فقط يومياً. ماذا يحتاج القطاع ؟ أعلن روبرت تيرنر، مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، "أونروا"، في قطاع غزة، أن إعادة إعمار القطاع، قد يستغرق ما بين عامين إلى ثلاثة أعوام، وقال تيرنر، في لقاء مع الصحافيين يوم 4 نوفمبر في المقر الرئيسي للوكالة في غزة : "إعادة الإعمار تحتاج إلى وقت طويل، سنعمل في البداية على إزالة الركام، ومن ثم مرحلة تصميم المنازل، وتراخيص البناء". وأضاف: "حجم الدمار كان ضعف توقعاتنا، ظننّا في البداية أنه يصل إلى 60 ألف منزل، لكن الرقم وصل إلى 90 ألف بيت"، مشيرا إلى أن الوكالة تحتاج إلى ستة أسابيع أخرى، لحصر الأضرار بشكل نهائي. بينما قال بان كي مون، في تصريحات سابقة، أن القطاع يحتاج بشكل عاجل، حوالي 414 مليون دولار للمساعدات الإنسانية، و1,2 مليار لاحتياجات القطاع، وحوال 2،4 مليار لجهود إعادة الإعمار.. وبحسب الشركة الدولية "شيلتر كلاستر" فإن إعادة إعمار قطاع غزة يحتاج إلى خمسة أعوام في حال تم إدخال 400 شاحنة يوميا من مواد البناء دون رقابة أو قيود، لكن في حال تم تطبيق آلية الرقابة سوف يحتاج القطاع إلى 20 عامًا لإعادة الإعمار.. ويقول المحلل الأمني والسياسي، هاني البسوس، أن إعادة إعمار غزى تحتاج يومياً إلى حوالي 3000 طن من الأسمنت يومياً حتى تستمر عملية الإعمار بشكل مستقر وجمعت الأممالمتحدة أكثر من نصف بليون دولار للإغاثة والإسكان الموقت في غزة قبل أن يعقد مؤتمر إعادة الإعمار في القاهرة في 12 الشهر المقبل. وتقدم الأممالمتحدة إلى جانب المساعدات الإغاثية للمتضررين من الحرب، أموالاً لمساعدة من فقدوا بيوتهم على استئجار مساكن موقته لحين إعادة بناء بيوتهم. وستطالب الحكومة الفلسطينية في المؤتمر الجاري التحضير له بتوفير تمويل لإعادة الإعمار عبر الأنظمة المعمول بها بين الدول المانحة والسلطة الفلسطينية. . خطة سيري هي خطة روبرت سيري منسق الأممالمتحدة الخاص لعملية (السلام) بالشرق الأوسط، وتنص خطته على وضع آلية رقابة مشددة وفق نظام حاسوبي متطور، تشرف على إدخال واستخدام جميع المواد اللازمة لإعادة إعمار ما دمره عدوان 2014م على قطاع غزة. وتنص الخطة حسب سيري أنه في غياب بدائل صالحة، فإن الأممالمتحدة ترى أن الآلية المؤقتة لإعادة البناء خطوة هامة برفع الإغلاقات عن غزة وفق قرار مجلس الأمن الدولي 1860 الصادر عام 2009، ومع دخول الآلية حيز العمل من الضرورة القصوى على المانحين الإيفاء بالتزاماتهم التي قدموها في مؤتمر القاهرة من أجل تمويل مشاريع البنية التحتية الضرورية، وتلبية احتياجات غزة من الكهرباء والماء. وكما تنص أيضا على ضرورة مراقبة مواد البناء وإعادة الإعمار في غزة بوجود كاميرات مراقبة في المحلات التجارية تكون مرتبطة بمقرات الوكالة أو الاحتلال الإسرائيلي، حيث يقوم الاتفاق على ضمانات أمنية مشددة من خلال آلية رقابة من قبل الأممالمتحدة وفق نظام يشرف على إدخال واستخدام جميع المواد اللازمة لإعادة إعمار قطاع غزة لضمان عدم تحويلها عن أهدافها المدنية الخالصة. ويؤكد الخبير الاقتصادي الفلسطيني حامد جاد أن آلية سيري في إدخال مواد البناء لغزة "مجحفة" بحق الشعب الفلسطيني ولا تلبي الاحتياجات الأساسية لإعادة الإعمار، نظرا لبطء تنفيذها واحتياجها لسنوات طويلة. ويتابع الخبير الاقتصادي: "نحن بحاجة إلى كميات كبيرة تقدر ب1500 شاحنة يوميا من مواد البناء، وليس 400 فقط وتحت رقابة مشددة"، مبينا أن هذه الآلية لا تعبر عن سقف تطلعات الشعب الفلسطيني في إعمار ما دمره الاحتلال. جائت ردود فعل الفصائل الفلسطينية متشابهة تجاه خطة سيري، حيث رفضت الخطة من جانب الفصائل الفلسطينية، وقالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين،: "إن قلقها من الخطة ناجم عن عدم الإيفاء بالتعهدات المالية لدول العالم في مؤتمر الإعمار الذي أقيم في القاهرة خاصة مع بدء موسم الشتاء حيث المواطنين يعيشون في مراكز الإيواء دون أدنى مقاومات الحياة". كما أكد مسؤولين في السلطة ومسؤولين في حكومة الوفاق الوطني أن السلطة الفلسطينية ستتسلم إدارة المعابر بين قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي للسماح بإدخال مواد الإعمار إلى غزة قبل أسبوع إلا أن ذلك لم يتم بداعي عدم الانتهاء من التجهيزات الفنية. وقالت حركة حماس على لسان العضو في مكتبها السياسي موسى أبو مرزوق أوضحت أن من أهم أخطاء "خطة سيري" اعتراض "إسرائيل" على المنتفعين في إعادة الإعمار، واعتراضها على الكميات المقررة لأصحاب البيوت المهدمة كليًا أو جزئيًا، واعتراضها على إعادة البناء في بعض المناطق، بالإضافة إلى الإجراءات الطويلة والمعقدة والتي تعيق الإعمار. الوضع في غزة.. يقول محمد فايد، صحفي مقيم بغزة، لصحيفة يديعوت أحرونوت، واصفاً حال سكان غزة المأساوي، "لقد بدأت أمطار الشتاء منذ أكثر من شهر، والناس لا يريدون قضاء الشتاء بدون سقف يحميهم، هناك الكثير من الناس بدون منازل، وعملية بناء منزل تستهلك وقتاً طويلاً، لا أعلم ماذا سيفعلون ؟!" ويقول جيمس راولي مسؤول في الأممالمتحدة، واصفاً الوضع المأساوي، هناك عشرات الآلاف من الناس يحتاجون الحصول على مواد البناء في أسرع وقت ممكن، ويقول راولي أن أول دفعة من مواد البناء قد دخلت إلى غزة ولكننا ما زلنا نحتاج أسابيع عدة لوضع آلية بالكامل لدخول المواد. معبر كرم أبو سالم وتعبر الشحنات من معبر كرم أبو سالم فقط، وتوضع في مخازن معينة لحين بدء عملية إعادة البناء، وأفادت صحيفة يديعوت أحرونوت، نقلاً عن مصدر أمني فلسطيني، "التجار في تلك المخازن سوف يقومون بمعرفة عدد أفراد العائلة التي تريد بناء بيت، ثم يأخذون أساميهم وإذا تم الموافقة عليهم، سوف يعطوا الحصة المخصصة لهم، وهذا من باب ضمان عدم وقوع مواد البناء في يد حماس أو الجهاد الإسلامي حتى لا يقوموا ببناء الأنفاق. ويُعتبر المعبر، الذي تم إنشائه في أعقاب إعادة انتشار قوات الاحتلال الإسرائيلي من القطاع في سبتمبر عام 2005 عند نقطة تلاقي الحدود بين القطاع ومصر ومناطق ال 48 أقصى جنوب القطاع، النافذة التجارية الوحيدة على إسرائيل والضفة الغربية والعالم لنحو 1.8 مليون فلسطيني يعيشون في القطاع. ويتراوح عدد الشاحنات المسموح لها بنقل بضائع إلى القطاع عبر المعبر يومياً بين 250 إلى 350 شاحنة. من غزة وقال احد سكان قطاع غزة الذي تحفظ عن ذكر اسمه، لوكالة أونا، واصفاً عمليات الإعمار المتواضعة التي تتم في غزة الأن، أن أصحاب المنازل المتضررة جزئياً، فإن وزارة الاقتصاد تقدم لهم ما يلزمهم لإعادة إصلاحها، أما أصحاب المنازلة المدمرة تماماً فإنهم يسكنوا في كرفانات. كرفانات وفي سؤاله عن أكثر المناطق المتضررة، قال إن الشجاعية، شرق غزة، هي أكثر المناطق المتضررة يليها بالترتيب خزاعة ، بيت لاهيا ، رفح ، وبيت حانون، وحول توقعاته في المدة الزمنية التي سيستغرقها القطاع لكي يتم بناءه مرة أخرى، أنها ستتراوح ما بين 3 – 4 سنوات. وأضاف المواطن الذي تخفظ على ذكر اسمه، أن أصحاب البيوت المهدمة يسكنون في مدارس الأونروا التي تم تدمير بعضها أثناء الحرب، وفي الكرفانات، والمقتدر منهم يستأجر بيتاً ليسكن فيه هو وعائلته، وأضاف أن الكهرباء تقطع لمدة 8 ساعات متصلة يومياً، وأن الوقود يتم سرقته من قبل جهات سيادية في القطاع.