الكاتب الصحفي محمد عبد الرحمن قبل أن تقرأ، إذا كنت من المغرمين بالأغنية فالمطالبة بالمنع هنا مؤقتة وليست دائمة بكل تأكيد، لهذا رجاءً لا تتخذ موقفا عنيفا من الدعوة قبل الانتهاء من فهم أسبابها ودوافعها. القاعدة تقول : من حق أي انسان أن يعجب بأغنية أو لا يعجب بها، أن يستمع لها أو يرفض ذلك مطلقاً . القاعدة تقول أيضا: الأغنية مهما وصفتها بأنها عظيمة فلن يعجب بها الجميع، ومهما وصفت أغنية أخرى أنها هابطة فذلك لن يمنع البعض من الاستماع لها والاستمتاع بها. بالتالي أغنية تسلم الأيادي هي في الأول وفي الأخر أغنية خرجت للنور لأن صناعها يريدون ذلك، ويستمع لها من يريد سواء لمرة واحدة أو لألف مرة، هو حر، وليرفضها وينتقدها ويسخر منها من يريد، هو أيضا حر. غير أن الأغنية شكلت حالة خاصة في الشارع المصري، أصبحت دون أن يقصد صناعها ذلك وبسبب حالة الاستقطاب السياسي العنيف، أصبحت وسيلة لإثارة الطرف الرافض للأغنية، ونحن المصريون يا عزيزي "مخنا صغير" ، قبل ثورة يناير كانت الخناقات تندلع كل أسبوع بين جمهور الأهلي ومشجعي الزمالك، بعد ثورة يونيو باتت الخناقات يومية بين محبي السيسي ومشجعي مرسي . القاعدة الشرعية تقول : درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، هي قاعدة عقلية بالأساس. الإخوان قالوها منذ اليوم الأول لحكم مرسي " موتوا بغيظكم" وقد ماتوا بغيظهم من تسلم الأيادي مئات المرات منذ عزل مرسي . ألا يكفي إذا عدد الذين ماتوا من الغيظ؟ ضع نفسك مكان تلميذ ابتدائي أسرته منتمية للجماعة أو متعاطفة مع ما جرى، ويضعون علامة رابعة في كل مكان في منزلهم، يقف التلميذ في الطابور وبدلاً من السلام الوطني يستمع لتسلم الأيادي وباقي زملائه يكيدون فيه، كيف ستكون العلاقة بينهما داخل الفصل؟ ما تشغلوا "يا حبيتي يا مصر" لشادية، أغنية لا تسبب الغيظ . عزيزي العريس، هيفرق معاك بعد خمس سنين أن تتذكر أن أغنية تسلم الأيادي افتتح بها حفل زفافك بدلا من أسماء الحسني، تخيل لو – لا قدر الله – حصل الطلاق كيف سيكون وقع الأغنية عليك؟، لا لخلط الزفاف بالسياسة . موظف يحاول حرق زميلته لتشغليها تسلم الأيادي بالإسكندرية، ومدرس يصفع زميلته للسبب نفسه، وأهالي يحاصرون مدرسة بالمحلة لطرد مدرسين اعترضوا على تسلم الأيادي، فقامت وكيل وزارة التعليم من جانبها بتحويل المدرسين للتحقيق، وإعلامي منتم للتيار الإسلامي يصف المشاركين في الأغنية بالفسوق. أحداث الفتنة الطائفية في قرية بني أحمد بالمنيا – يوليو الماضي- بدأت بسبب أغنية تسلم الأيادي . لعن الله الأفورة . نريد أولا أن نتربي على ثقافة الاختلاف، حتى لا نفقد حياتنا بسبب أغنية . يحقق صناع الأغنية شهرة وجدلا ومكاسب سياسية بينما المصريون يتعاركون من أجلها. أغنية "احنا شعب وانتو شعب" أثارت جدلا لكنها لم تسقط ضحايا، هنا يكمن الفارق الكبير بين على الحجار ومصطفى كامل مهما اختلفنا مع أغنية الحجار. حسين الجسمي المطرب الذي لا يحمل الجنسية المصرية غنى "تسلم ايديك" ولم يغضب منها المعارضين للفريق عبد الفتاح السيسي . مصر الآن بحاجة لأن نغني لها من جديد، نغني لمصر وبس، صعبة دي؟ الدعوة باختصار : تتوقف كل الإذاعات ومحطات التلفزيون والمدارس عن بث أغنية تسلم الأيادي لمدة شهر واحد فقط حتى تتوقف صفحات الحوادث عن متابعة الأضرار الناشبة عن تشغيل الأغنية .