لو طرحنا سؤالا من هو أذكى عالم فى التاريخ؟ لبرزت نجوم أمامنا يصعب على العقل التمييز بينهم، وسيتردد على الفور اسم ألبرت أنيشتين العالم العبقرى فى علم الفيزياء والحائز على جائزة نوبل، وسيقولون كذلك "هارولد أموس"، الذى حصد العديد من الجوائز الكبرى فى أوائل القرن العشرين، مما جعله من أشهر علماء أمريكا، وقد يقول مثقفون مسلمون بل العالم "جيمس وليام ديسيس". ويواجه التاريخ تلك الأراء، ويخبرهم بالعالم المسلم "ثابت بن قرة"، ولقبه أهل العلم ب "أقليدس العرب"، ويعتبرونه بوتقة جمعت مجموعة من العلماء فى عقل شخص واحد، وأثبت بن قرة تفرده فى علوم الهندسة والطب والفقه والفلسفة والفلك، وله أيضا جهود كبيرة فى علمي الترجمة والموسيقى، وترجم عدة مؤلفات يونانية وإغراقية لأفلاطون وأرسطو وغيرهم. وثابت بن قرة التقى بالعالم الكبير محمد بن موسى الخوارزمي، ورافقه إلى بغداد، وحقق عدة إنجازات علمية، وكتب الكثير من المؤلفات فى كل العلوم سالفة الذكر على سبيل المثال فى علم الهندسة له كتاب بعنوان "القطع المخروطي المكافئ"، وفى الفقه مؤلفة "الطريق إلى اكتساب الفضيلة"، وفى علم الفلك ترك كتاب بعنوان "حساب الأهلة". وبن قرة أول من اكتشف طريقة حساب طول السنة الشمسية، وحددها ب 360 يوما و 6 ساعات و9 دقائق، و10 ثوانى، وسوف نتعجب عندما نعلم أن بن قرة أقر له عظماء فى العلم والثقافة شرقا وغربا أنه أذكى علماء التاريخ، فقد كان أول من يقوم بتشريح دقيق للعين. وعكف على تشخيص عدد من أمراض العيون كالمياه البيضاء والمياه الزرقاء وعلاج الضعف البصرى، ودون مؤلفات عن أمراض الذكورة والأمراض العصبية، ومن أبحاثه الطبية كذلك كتاب الذخيرة فى علم الطب، ومقال بعنوان صفات كون الجنين، وبرغم هذا الكم الكبير من المؤلفات العلمية والفكرية يهمله المؤرخون المحدثون والمثقفون العرب فى تناول أبحاثه وكتبه. ومدح العالم ثابت بن قرة الشاعر أبو الحسن السرى الكندى بمهارته فى التطبيب بعد أن شفاه من مرض كاد يودي به،وأنشد قائلا: هل للعليل سوى بن قرة شافي بعد الإله، وهل له من كافي؟ أحيا لنا رسم الفلاسفة الذي أودى وأوضح رسم طب عافي فكأنه عيسى بن مريم ناطقا يهب الحياة بأيسر الأوصاف مثلت له قارورتي فرأى بها ما اكتن بين جوانحي وشغافي يبدو له الداء الخفى كما بدا للعين رضراض الغدير الصافي