كادت الدنيا تجرفه عن طريق القرآن الكريم لولا والده وحكمته فأعاده لطريق الصواب، ليصل بعد عدة سنوات إلى مكانة مميزة وعلاقة متميزة مع كتاب الله ويحصد المركز الأول بالمسابقة العالمية ال29 للقرآن الكريم، الفرع الثالث، حفظ القرآن الكريم مع تفسيره وتطبيقات علوم القرآن، إنه الشاب محمد أحمد عبد الغنى دغيدى، الذي فتح قلبه ل "أكتوبر" وتحدث عن نشأته والظروف التى واجهته فى رحلة القرآن، والمسابقة العالمية: محمد أبو السول بداية.. حدثنا عن النشأة؟ نشأت فى قرية كفر الحصة، التابعة لمركز بنها، محافظة القليوبية، بدأت الحفظ فى كتاب القرية، وتنقلت بين 4 كتاتيب، حيث كرس والدى اهتمامه بى فى هذه المرحلة للقرآن الكريم، ومع وصولى لسن السابعة التحقت بالتعليم العام، وعند وصولى للصف الثالث الابتدائى كنت ختمت حفظ القرآن الكريم، فقرر والدى خروجى من المدرسة وإلحاقى بمعهد القراءات بمدينة بنها، خصوصا أنه من شروط التقديم للمعهد أن يكون الطالب حاملا لكتاب الله، وتجرى اختبارات قبول "شفوى وتحريرى". وحصلت على إجازة حفص عن عاصم، ثم إجازة الإمام عاصم بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إجازة القراءات العشر الصغرى، بالسند المتصل، ثم القراءات العشر الكبرى، وبعد المعهد التحقت بكلية القرآن الكريم بطنطا، وهى جامعة متفردة من نوعها ولا يوجد منها فى العالم إلا كليتان واحدة فى مصر والثانية فى السعودية. ما الصعوبات التى واجهتك بعد الانضمام إلى المعهد؟ أول الأمور أن المعهد يبعد عن القرية بمسافة كبيرة، وكنت أذهب إليه يوميا، ووجدت صعوبة فى التأقلم بادئ الأمر، خصوصا أننى كنت لم أكمل العاشرة من عمرى، والمعهد كان يقبل أى سن، فكان يحضر معى آباء وشباب متزوجون، فكانت هناك صعوبة فى التواصل والتعامل معهم، وحبى للقرآن ساعدنى فى التغلب على هذا الأمر، وفى الصف الثانى من مرحلة التجويد انضم طلاب جدد فى الصف الأول فحدث ما يشبه عملية التكوين الاجتماعى، بالإضافة إلى علاقتى بالمدرسين، فكانت انطلاقتى. ومكثت فى معهد القراءات 8 سنوات، حتى انتقلت إلى كلية القرآن الكريم، وهى من أصعب كليات الأزهر لأنها تدرس القراءات العشر، وهو علم صعب جدا، ولكنني بفضل الله استطعت إنهاء الدراسة بالكلية بتقدير عام جيد جدا "دفعة 2017″، فأنا محب للقرآن ودراسته، لدرجة أنى كنت أستلف النقود لشراء كتب للقراء والقراءات، وبعد التخرج كان هناك إعلان وظائف بوزارة الأوقاف فتقدمت وخضعت لاختبارات شاقة وصعبة "شفوية وتحريرية" وكمبيوتر، وتم قبولى وعينت فى الأوقاف. ما الموقف الذى لا تنساه؟ كنت فى السنة الأخيرة من معهد القراءات، وشتّت عن الطريق، وكنت شابا يبلغ من العمر 18 عاما، وبدأت المغريات الدنياوية وأصحابى بالقرية من سنى كانوا فى الثانوية العامة والثانوى "الصنايع"، وهؤلاء أصحابى، فكنت دائم الغياب عن المعهد، مع العلم أننى فى هذا العام سافرت إلى البحرين وشاركت فى مسابقة دولية وحصلت على المركز الخامس، حتى جاءت الاستفاقة من والدى، بأن ذهب إلى شيخ المعهد الشيخ رجب عبدالعزيز، وتم استدعائى، فاستخرج لى الشيخ بالاتفاق مع والدى جواب فصل للانقطاع فترة طويلة، ولما رأيت الخطاب شعرت بأنى "اتهديت" وأحبطت جدا، خصوصا أننى من أشطر الطلاب فى المعهد، فكانت نقطة تحول، وفى هذا العام حصلت على المركز الأول على مستوى المنطقة الأزهرية. فتوجهت إلى أبى وقبلت قدمه، واعتذرت له عما بدر منى، وما زلت أحتفظ بهذا الجواب حتى الآن. ومن خلال هذا الموقف.. بماذا تنصح الشباب؟ افعل ما ينصحك به والدك حتى لو كنت تتخيل أنه خطأ، فالله سبحانه وتعالى لا يضع فى نصائح الأب الشر أبدا، ولو رأى الابن أنه شر لاتضح له بعد فترة أنه الخير، فنصيحتى للشباب "اسمع نصيحة أبيك"، فهناك حالة من التمرد من جيل الشباب على الوالدين، لدرجة أن الأمر يصل فى بعض الأحيان إلى إهانة الوالد.. فالأحاديث كثيرة عن فضل الأم، وهناك حديث معروف عن الرسول صلى الله عليه وسلم: "الوالد باب فى وسط الجنة إن شئت فحافظ، وإن شئت فضيّع". وما الرسالة التى توجهها لوالدك؟ أنا خادم لأبى و"تحت قدميه"، وكلما جلسنا يذكرنى بموقف المعهد، ولى 4 إخوة وجميعنا نحفظ القرآن، وأتمنى من الله أن يوفقنى لأساعد أبي فى أداء رحلة حج أو عمرة، وأشكر الله على هذه النعمة العظيمة وأن وهبنى أبا حريصا على تعليمى. ما هى المسابقات التى شاركت فيها؟ وماذا كانت قيمة أول جائزة؟ أول مسابقة شاركت فيها بعد التحاقى بمعهد القراءات بعامين، وكان محافظ القليوبية الأسبق المستشار عدلى حسين ينظم مسابقة لحفظة القرآن كل عام فى شهر رمضان تسمى "مسابقة المحافظ" وجوائزها من ماله الخاص، وكان يحصل صاحب المركز الأول على مبلغ 1000 جنيه، وكان ذلك فى 2006، وخضت بعدها عدة مسابقة بين المدن القريبة من قريتنا وفى مسابقة ب "العمار"، وهي قرية قريبة من قريتي، فزت برحلة عمرة 2007. وعلى مستوى أكبر شاركت فى مسابقة "الخرافى" وحققت مركزا متقدما، كما شاركت فى المسابقة المحلية للرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، رحمه الله، وحصلت على المركز الثالث على مستوى الجمهورية. وأول مسابقة دولية شاركت فيها بعد أن اجتزت عدة اختبارات فى وزارة الأوقاف، كانت فى مسابقة البحرين الدولية عام 2013، وحصلت على المركز الخامس على مستوى العالم. وبعد هذا العام انشغلت بالدراسة فى الكلية ولم أشارك فى أى مسابقات. حدثنا عن المسابقة الأخيرة.. وكيف وصلت لمرحلة تمثيل مصر؟ بداية أوجه الشكر للدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، للطفرة التى تشهدها الدعوة فى عهده، فهناك مقارئ، ومدارس الواعظات، ودرس للأطفال برنامج تثقيفى للطفل، بالإضافة إلى خاطرتى العصر والعشاء، ومجالس الإفتاء، والمقارئ النموذجية، ومقارئ أئمة وأعضاء، ولم يعين إمام فى عهده إلا من المتميزين.. والتقيت الوزير لأول مرة عندما عقد لقاء مع الأئمة المتميزين، وحاضرنا عن فن الخطبة، وكيفية مواكبة العصر وأن الدعوة لم تكن المنبر والقبلة فقط، حتى أنشأ إدارة الدعوة الإلكترونية. بداية المسابقة كانت بإعلان للوزير عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك"، وفتحها أمام جميع حفظة القرآن الكريم، وشهدت 7 أفرع، وتم اختبار المتقدمين فى مديريات الأوقاف التابعين لها، وبعدها أرسل الوزير لجنة لاختبار الناجحين أمام وكيل الوزارة، وبعدها ذهبنا للاختبار بمسجد النور بالعباسية، لاختيار من يمثل مصر فى المسابقة العالمية من 1111 متسابقا على مستوى الجمهورية، وتم اختيار 3 فقط، وكنا نتنافس مع 11 متسابقا من دول مختلفة وحققنا المراكز الثلاث الأول فى الفرع الثالث، والفارق بينى وبين صاحب المركز الثانى 0.1 درجة، والمتسابق المصرى قوى جدا، والحفظة المصريين أفضل من غيرهم، فإفريقيا كلها تسمع الشيخ الحصرى. فالدرجات موزعة نسب والكمبيوتر يمنح الدرجة فهناك متسابق حصل على «صفر» لأنه أخطأ فى الوقف فى الآية التى تقول «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ" ووقف لأن المعنى هنا فساد، فالآية تقرأ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ﴾. وهناك واقعة شهيرة بطلها الشيخ الحصرى والشيخ الحذيفى، بأن أرسل إليه بأنه يخطئ فى نطق حرف ال"ق" فى الفاتحة، فجاء إلى مصر وقرأ على الشيخ الحصرى وتعلم، فالقرآن نزل بمكة وقرئ بمصر. كيف استعددت لتكريمك من الرئيس السيسي؟ شىء جميل جدا أن يتم تكريم الشخص من رئيس الدولة، وسعادتى أنا وأبى وأمى لا توصف بهذا التكريم. ما سر بقاء الشيوخ الخمس الكبار "القراء" والارتباط بهم؟ تميزهم فى الأداء، واختيار ربنا لهم، وإخلاصهم وجمال صوتهم، ورب العزة قال "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون". فى النهاية.. ما سر انتشار عدد القراء السعوديين فى مصر حاليا؟ لا أرى ارتباط المصريين بهم إلا من فئة الشباب، وليس كل الشباب المصري، وهؤلاء الشباب لا يرتبطون إلا بأئمة الحرم، فيكون له قدر عظيم لأنه يؤم الناس فى أعظم مكان فى الأرض، وإذا رجعنا إلى قواعد العلم نجد أن هناك أخطاء كثيرة لديهم، ومقارئ القرآن المصرية عقبت على الشيخ ماهر المعيقلى بعيدا عن جمال الصوت، لكن إذا كان المد 4 حركات والقارئ يمده 6 فهذا خطأ ولا يعرف ذلك أو يلحظه غير المتخصص..