مازالت حركة طالبان على موقفها من نفى الدلائل على أى وجود خطير ل «تنظيم داعش» فى أفغانستان، وذلك رغم إعلان التنظيم الإرهابى مسئوليته عن سلسلة من التفجيرات التى هزت البلاد منذ استيلاء حركة طالبان المتشددة على السلطة منتصف شهر أغسطس الماضى، وجاء الهجوم الدموى الذى استهدف مسجدا للشيعة في ولاية قندوز شمال البلاد فى الثامن من شهر أكتوبر الجارى ليؤكد جدية التهديد الذى يمثله تنظيم «داعش- خراسان» لطالبان.. حيث أعلن التنظيم مسئوليته عن الحادث، مشيرًا فى بيان عبر قناته على موقع «تليجرام» إلى أن أحد عناصره فجر سترته الناسفة، موقعا 300 شخص بين قتيل وجريح. داليا كامل بعد تفجير المسجد تحدثت بعثة الأممالمتحدة فى أفغانستان (يوناما) عن «نمط مقلق من العنف»، قائلة إنه كان ثالث هجوم مميت خلال أيام يستهدف على ما يبدو مؤسسة دينية، بعد حادث أمام مسجد فى كابل تبناه تنظيم «داعش» وهجوم استهدف مدرسة فى ولاية خوست ولم تعلن أى جهة مسئوليتها عنه. لكن طالبان واصلت من جانبها رفض الاعتراف بخطورة داعش، وأكد ذبيح الله مجاهد، نائب وزير الثقافة والإعلام فى الحكومة الأفغانية الجديدة، أن تنظيم داعش الإرهابى «لا يشكل تهديدا للبلاد»، لكنه «يمثل صداعا». ونقلت وكالة «طلوع نيوز» المحلية، عن مجاهد، قوله: «نحن لا نسمى تنظيم داعش تهديدا، بل صداعا. فى بعض الأماكن يتسبب فى حدوث صداع، ولكن بعد كل حادثة يتم القضاء على مرتكبيها.. نطردهم ونعثر على مخابئهم». وبحسب مجاهد، «داعش لا يحظى بدعم الشعب الأفغانى». لكن محللين سياسيين التقت بهم القناة، رأوا أن تنظيم داعش يعد «مشكلة جدية فى أفغانستان». ووفقا ل «بى بى سى»، قال المحلل السياسى تميم بحيص: «قد لا يحظى تنظيم الدولة بدعم محلى أو إقليمى، ومن دون هذا الدعم لن يتمكن مقاتلوه من الصمود طويلا، لكنهم قادرون على التسبب بمشاكل لطالبان». وفى سياق تحليل وسائل الإعلام العالمية لمدى خطورة تنظيم داعش فى أفغانستان، كشف تقرير نشرته شبكة «سى بى اس نيوز» على موقعها الإلكترونى أن قادة طالبان أمروا فى أواخر سبتمبر الماضى بإجراء تحقيق شامل بشأن خلفية جميع مقاتلى الحركة، وأن هذه الخطوة المفاجئة جاءت بسبب وجود مخاوف من اختراق عناصر من جماعات متطرفة أخرى صفوف طالبان. وبحسب المصادر التى تحدثت إلى الشبكة الأمريكية بشرط عدم الكشف عن هويتهم، فإن فصيل داعش فى أفغانستان يعمل حاليا عن عمد لتقويض سلطة طالبان من داخل الحركة ومن خارجها، وأن هذا ينطوى على مخاطر ليس فقط لأفغانستان، ولكن للولايات المتحدة وحلفائها أيضًا. ووفقا للتقرير، فإن شهاب المهاجر، الزعيم الحالى لتنظيم داعش – خراسان، يعتقد أن يكون من بين المخترقين لحركة طالبان، حيث قال مسئولان أمنيان من الحكومة الأفغانية السابقة وعضو بارز بنظام طالبان، إن «المهاجر» من المخضرمين فى التمرد الداخلى بأفغانستان، وإن اسمه الحقيقى «ثناء الله»، ويبلغ من العمر 31 عاما، وفقا لبطاقة انتخابات عثرت عليها قوات الأمن الأفغانية. وأضاف المسئولان الأفغانيان السابقان إن الرجل الذى يعرف الآن باسم «المهاجر» تدرب فى باكستان على أيدى جماعتين متطرفتين مختلفتين موجودتين هناك، من بينهما شبكة حقانى التابعة لطالبان. وأكدا أن «المهاجر» نجح فى إخفاء هويته الحقيقية ومواصلة العمل كمقاتل فى طالبان، بل وتمكن من عقد اجتماع مع تاجمير جواد، النائب الأول للمديرية العامة للمخابرات بنظام طالبان الحالى، دون أن يدرك الأخير أنه يتحدث مع زعيم داعش – خراسان. وتابعا قائلين: «يعمل الآن زعيم داعش – خراسان «شهاب المهاجر» داخل صفوف طالبان، لكن الحركة لا تعرفه». مضيفًا أن «داعش – خراسان تمثل قنبلة موقوتة تتنقل بحرية داخل طالبان». فى حين قال مسئول أفغانى سابق آخر لشبكة «سى بى اس نيوز» إن تنظيم داعش – خراسان يقسم جهوده حاليا، حيث «يعارض بعضهم بشكل علنى طالبان، بينما يظل بعضهم الآخر داخل الحركة لتحقيق أهدافهم». وعلى صعيد متصل، ذكر تقرير نشرته صحيفة «تايمز» البريطانية أن تولى حركة طالبان الحكم فى أفغانستان أدى إلى تعزيز صفوف فرع تنظيم الدولة الإسلامية فى المنطقة. ونقل التقرير عن مدير المخابرات الأفغانية السابق، رحمة الله نبيل، قوله إن العديد من الجماعات الإقليمية المتشددة، الأوزبك والطاجيك والإيجور والتركمان فى أفغانستان وآسيا الوسطى، لا ترى جدوى من اتباع طالبان بعد الآن وستسعى للانضمام إلى داعش – خراسان». وأضاف: «حتى مقاتلى طالبان الأكثر تطرفا، وخاصة فى الشرق، لا يقبلون سلطة طالبان، ومن المرجح بقوة أن يتحولوا إلى تنظيم الدولة الإسلامية فى خراسان. وفى نفس السياق، قالت مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية فى تقرير تحليلى إن تنظيم داعش – خراسان مهيأ للتوسع فى ظل الظروف الحالية، مشيرة إلى أنه عمد فى تفجير مطار كابول مؤخرا إلى قتل جنود أمريكيين لجذب مقاتلى طالبان الأكثر تطرفا، الذين يشعرون بأن الحركة خذلتهم. وربما يفضل أعضاء الميليشيات العرقية الأخرى أيضا الانضمام إلى التنظيم لمحاربة عدوهم التاريخى، طالبان. علاوة على ذلك، فقد تم إطلاق سراح العديد من قادة التنظيم المسجونين عندما فتحت طالبان أبواب السجون لتحرير عناصرها. كما نقلت المجلة عن دوجلاس لندن، وهو ضابط سابق فى عمليات مكافحة الإرهاب التابعة لوكالة الاستخبارات الأمريكية فى جنوب آسيا، قوله إن غياب المخابرات الأفغانية والأمريكية على الأرض قد شجع بالفعل تنظيم داعش، ولا يجب إلا توقع توسعه. وعن مدى التدخل المتوقع من قبل الولاياتالمتحدة لمواجهة داعش خراسان، استبعدت حركة طالبان من جانبها إمكانية التعاون مع الولاياتالمتحدة لاحتواء الجماعات المتطرفة فى أفغانستان، وقال المتحدث السياسى باسم الحركة، سهيل شاهين، ل «أسوشيتد برس» إنه لن يكون هناك تعاون مع واشنطن فى ملاحقة فرع تنظيم داعش فى أفغانستان. وأضاف شاهين قائلا: «نحن قادرون على التصدى لداعش بمفردنا».