تحقيق : عاشور الزيات – ريهام بسيونى بعد غياب دورها المؤثر فى الحياة السياسية على الرغم من أعدادها التى اقتربت من المائة، يطالب عدد من القيادات الحزبية البرلمان بضرورة إجراء تعديل تشريعي لدمج الأحزاب فى كيانات قوية، وحل الأحزاب التى تفتقد أى تأثير على الجماهير، وذلك من أجل استعادة الدور القوى الفاعل للأحزاب المصرية كما يشهد التاريخ فى كثير من الوقائع… “أكتوبر” تحدثت إلى عدد من المخضرمين فى الحياة الحزبية المصرية وخبراء فى العلوم السياسية والقانون الدستورى للبحث عن حلول لهذه المعضلة. فى البداية قال عبدالغفار شكر رئيس حزب التحالف الاشتراكي ان الشكل العام للأحزاب غير مرضٍ للجميع بسبب عدم تأثيرها بطريقة مباشرة فى القاعدة الجماهيرية ويرى أن الحل الوحيد هو إعادة الأحزاب إلى دورها الطبيعي من خلال برامج سياسية واضحة ذات هدف محدد يخدم مصالح الجماهير لتكون لها سند قوي فى أي انتخابات. وأضاف أنه فى فترة ما قبل ثوره 1952 كان هناك تعددية حزبية طليقة غير مقيدة وكان حزب الوفد له الأغلبية المطلقة رغم موافقه الملك فاروق بدخول أحزاب الحياة السياسية بطريقة مقيدة وظهر ذلك فى عهد الرئيس مبارك بما يسمي التعددية المقيدة وايضا من قبله فى عهد الرئيس السادات وذلك من خلال موفقه لجنه الأحزاب على قيام حزب بهدف إخلاء الطريق امام الحزب الوطنى بمعني إقصاء الجميع من ممارسة حقه السياسي بطرق بها شبه تعقيد مثل عدم الموافقة على إقامة لقاءات جماهيرية أو شعبية رغم انه حق من حقوق الدستور. وأوضح شكر أن وجود أكثر من مائة حزب بعد ثورة يناير ليس لهم أي تأثير على الساحة السياسية بسبب عدم وجود برامج واضحة وغير معروفة للكثير من الجماهير.مؤكدا رفضه لدمج الأحزاب لانها لا تؤدي إلى منافسة حقيقية وأيضا الحزب يقام على مسار شعبي يعبر عن فئه معينه من فئات الشعب مطالبًا بإنشاء أحزاب تعبر عن فئة معينة مثل حزب عن الفلاحين أو رجال الأعمال وما شبه ذلك. وارجع شكر سبب ضعف الأحزاب إلى المناخ العام الذى لا يساعد على دمج الأحزاب بسبب بعض مواد القانون فى الدستور وأيضا النخبه التي كونت الأحزاب ومعظمها رجال أعمال لخدمة مصالحها. وأكد شكر ضرورة أن تقام الأحزاب من القاعدة وليست بواسطة النخبة لتكون معبرة عن فئة معينة وأيضا تمتلك رؤيه وبرامج واضحة تؤثر فى الجماهير لأن المناخ السياسي يجب أن يعبر عن مختلف الأحزاب. بينما يرى نبيل ذكي القيادى بحزب التجمع أن الوضع القائم للاحزاب السياسية مؤثر تأثيرًا إيجابيًّا وخاصة فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة بعقد لقاءات جماهرية شعبية حضرها عدد كبير من طوائف الشعب فى معظم المحافظات على مستوى الجمهورية ولكن الإعلام لم ينقل أو يشير إلى تلك المؤتمرات. وأشار إلى أن بعض الأحزاب لها تاريخ فى العمل السياسي وقاعدة جماهيرية عريضة على مستوي الجمهورية مثل التجمع والوفد بينما توجد أحزاب أخرى ليس لها أي تأثير ملموس فى الشارع وظهر ذلك بعد ثورة 25 يناير 2011 حيث بلغ عددها ما يقرب من 104 أحزاب. ولفت ذكي إلى ضرورة وجود أحزاب ببرامج واضحة مؤثرة فى القاعدة الجماهيرية مؤكدًا ان عملية الدمج تتم من خلال تقارب فكر وبرامج واضحة مؤثرة فى القاعده الجماهيرية لتلك الأحزاب بطريقة تطوعية بدون أى ضغوط ينجم عنها تقوية الأحزاب مشيرًا إلى أنه لا توجد ديمقراطية بدون تعددية. رافضًا فكرة وجود حزب واحد كما كان موجود فى الأنظمة السابقة لاننا نريد تعددية حزبية كما نص عليه الدستور المصري وذلك من خلال قواعد شعبية واضحة بركائز جماهيرية وهذا لا يتم الا باتفاق واقتناع الأحزاب بتلك الاندماج طواعية. وفي السياق ذاته يقول الدكتور محمود أبو العنيين استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ان قيام الأحزاب يحتاج إلى مراجعات قانونية وسياسية على مستوى عالي لتنظيمها وان يعلن الحزب عن قيام نفسه بوضع برامج محددة بعيدا عن العشوائيه التي ظهرت فى الآونة الأخيرة لأن الهدف من قيام احزاب ليس العقاب أو اصطياد اخطاء. وأضاف لابد من إعادة تعديل المادة الخاصة بانشاء احزاب لترشيد العملية الحزبية وفتح الطريق امام الأحزاب الوطنية ان تلعب دورها. ونصح بضرورة أن تضم اللجنة ذوى الخبرة من خبراء القانون والسياسة واصحاب الفكر ويتم دعمها من البرلمان للموافقة عليها مشددًا على ضرورة حل أو إلغاء أى حزب إذا لم يحصل على نسبه3٪ أو 4٪ من كراسي البرلمان فمن هنا يتم دمج الأحزاب تلقائيًا كما أنه يحد من قيام احزاب ليس لها أى هدف بل تؤثر بالسلب على الحياة السياسية إضافة إلى تقليص عدد الأحزاب من 104 أحزاب إلى 10 إلى 12 حزبًا على الأكثر ليكون لها تأثير مباشر على الجماهير وصدى إيجابي فى الحياة السياسية والقضاء على الحياة السياسية العشوائية الموجودة الآن والتي أثرت بالسلب على عزوف المواطنين فى الانتخابات وأيضا تؤدي إلى وزن شعبي ينجم عنه وزن نسبي فى الانتخابات. رافضًا إصدار قانون بعدم قيام احزاب. غياب الرؤية وأكد السفير رخا أحمد حسن خبير العلوم السياسية أن الوضع القائم عليه الأحزاب فى تلك الفترة غير مرضٍ للجميع بسبب عدم وجود هدف أو برنامج يكون قاعدة شعبية تؤثر فى الحياة الحزبية فى مصر. وقال رخا إن الأختلاف يخلق الحيوية وهذا غير ملحوظ فى الحياة السياسية بشكل مباشر مشيرًا إلى ضرورة إيجاد تركيبة جماهيرية اجتماعية للأحزاب مع الأعضاء بمعنى الاندماج بين الحزب واعضاءه وخاصة فى القضايا الاجتماعية والسياسية والعلاقات الدولية بقضايا الوطن لأن الهدف خدمة مصر ومعرفة الجماهير بكل ما يحاك من الخارج. وقال لابد من التعددية الحزبية ورفض فكرة الحزب الأوحد كما كان موجود فى الماضي مطالبا الأحزاب بعرض برامجها على الحكومة وعرضها على البرلمان ليأخذ بها أو يرفضها بمعني أن يكون له وجود على أرض الواقع متمنيا ان تلعب الأحزاب دورًا فى الحياة السياسية من خلال فكر وهدف واضح. وقالت الكاتبة اليسارية فريدة الشوباشي إن فكرة إنشاء حزب قوى جديد يجمع مجموعة الأحزاب الصغيرة صعب جدا فى الفترة الحالية. لأنه يتوقف على الأفكار والاستراتيجيات لهذه الأحزاب، بالإضافة إلى أن دورها فى خدمة المجتمع سيكون فعالاً أم لا؟، وهل سيكون إضافة للحياة السياسية أم سيضاف لقائمة الأحزاب الموجودة بمصر خاصة أن هناك أكثر من 100 حزب معظمها فقط عناوين، لدرجة أن الناس لا يعرفون أسماء الأحزاب فى مصر. وأضافت أن المناخ السياسى الذى مرت به مصر خلال الفترة الماضية أضعف الأحزاب وأحدث لها عملية إماتة شاملة بعد انتهاء صلاحيات الحزب الاشتراكي بعد وفاة الزعيم جمال عبدالناصر، وهناك جزء تتحمله الأحزاب بمؤسسيها والقائمين عليها، وجزء تتحمله الدولة، مشيرة إلى أن الأحزاب فقدت صلتها الاساسية بالمواطنين لأسباب كثيرة أولها أنها غير قوية بالدرجة اللازمة لتقديم خدمات للمواطنين، وعدم اعتماد الأحزاب على أصحاب الكفاءات وعدم وجود استراتيجية واضحة للأحزاب حتى الأحزاب العريقة، إضافة إلى أن قيادات بعض الأحزاب ليس لديها فكر سياسى قوى مما يؤدى إلى فشلها، وأشارت إلى ضرورة تمكين الأحزاب من القيام بدورها وأن يكون لها دور فعال تتحمله، وأن تتعاون مؤسسات الدولة مع الأحزاب باعتبارها مؤسسات وسطية بين الحكومة والمواطنين. بينما قال القيادى بحزب المصريين الأحرار محمود العلايلي: من الممكن أن يكون هناك اندماجات واسعة فى الحياة الحزبية المصرية لان ذلك بلا شك يصب فى مصلحة الحياة السياسية فى مصر، لكن المحاولات الجارية لدمج الأحزاب محاولات ممكنة نظريا، لكن عمليًا يصعب إتمام دمج الأحزاب نتيجة أن البنية التحتية للعمل السياسى الحزبى فى مصر بها أوجه قصور متعددة. وأضاف أن أهم أوجه القصور تتمثل فى عدم قدرة هذه الأحزاب بهياكلها الحزبية وبنيتها الفكرية على التأثير فى المشهد العام فى مصر، بالإضافة إلى تضارب المصالح بين مكونات هذه الأحزاب ، وإذا كان هناك إمكان للدمج فإن ذلك لابد أن يأتى بتوحيد مفاهيم وأفكار هذه الأحزاب وفق أجندة عمل وطنى موحدة. من جانبه، قال د.جودة عبد الخالق القيادى بحزب التجمع إن مولد حزب سياسى قوى على الساحة السياسية يتطلب أن يكون لدى هذا الحزب رؤية واضحة لمفاهيم الأمن القومى والسيادة الوطنية وأن يتبنى إلى جانب البرامج والشعارات خططا سياسية تستهدف التواصل مع الجماهير وأن تكون بنيته التحتية مرتبطة بالمكون الاجتماعى المصري. وأضاف أنه من الضرورى أن يعمل الحزب على بناء كوادر سياسية شابة وأن يخوض بنفسه مرحلة تجديد النخبة المصرية وأن يعيد الاعتبار للفروع الثلاثة للحالة الحزبية وهى بناء كوادر تنظيمية، وكوادر سياسية وكوادر من التكنوقراط المتخصصين بحيث يمثل هذا الحزب قاعدة أكثر انتشارًا فى المجمتع. وأشار د.عبد الخالق إلى أن الحياة الحزبية فى مصر فى حالة موات، وأن إنشاء الأحزاب بالإخطار يعد من أهم الأسباب التى أدت إلى ذلك، منوهًا بأن لدينا 100 حزب لا نعرف الفروق الجوهرية بين برامجها، موضحا أن مصر خسرت كثيرًا بسبب تأميم الحياة السياسية، الذي بدأ بإلغاء الأحزاب فى سنه 1953 فلذلك لابد ان يتم دمج. هذه الأحزاب فى 5 أو 6 احزاب وفقًا لكل القواعد الدستورية. أما د. شوقي السيد، الفقية الدستورى، إنه لا يوجد مانع قانونى لاندماج الأحزاب السياسية ذات البرامج المتشابهة، لكن فى نفس الوقت يجب مراعاة عدة أمور، أولها المادة 110 من الدستور والتى تتحدث عن كيفية إسقاط العضوية عن النائب إذا فقد العضو الثقة أو الاعتبار بموافقة ثلثى أعضاء المجلس. ولفت إلى أن هناك حاجة لمراجعة تشريعية شاملة لقانون الأحزاب السياسية وقانون مجلس النواب واللائحة الداخلية لمجلس النواب، مشيرا إلى أن أى قانون الأحزاب السياسية لم يتحدث عن الدمج ولم يمنعه لكن هناك أمورا تنظيمية يجب مراعاتها، كما يشير إلى أنه ينبغى إدخال تعديل تشريعى على قانون مجلس النواب وفقا لتفسير دقيق للمادة 110 من الدستور، فى كيفية إسقاط العضوية عن النائب.