استدعت وزارة البيئة وحدة التماسيح فى أسوان لتحديد آلية اصطياد تمساحين رصدا فى نهر النيل، أحدهما تم رصده من قبل الأهالى، والثانى من قبل الوزارة، وقد أعلنت الأخيرة فى بيان لها أنها بالتعاون مع وزارة الرى وشرطة البيئة والمسطحات بدأت بالفعل حملة مكبرة لتحديد عدد التماسيح وحجمها بدقة وتحديد مسارها لتحديد آلية مناسبة لاصطيادها والتى تختلف بحسب حجم التمساح وأماكن وجوده وتحديد المعدات المطلوبة لاصطياده.والقصة تبدأ عندما تلقى فريق الرصد بوزارة البيئة بلاغا من غرفة العمليات المركزية يفيد بظهور تمساح فى ترعة الإسماعيلية أسفل كوبرى مسطرد. ولذلك أرسلت الوزارة رسالة للمواطنين «عدم الإقدام على شراء التماسيح» ومثل هذه الحيوانات الضارية ولو على سبيل الفضول حتى لا يصيبهم ضرر منها، فإن ظهور التمساح فى نهر النيل قد يكون ناتجا عن ولادته ببيئته الطبيعية وهى المياه العذبة (نهر النيل) وتم إلقاؤه بعد تربيته بطريقة غير شرعية فى مياه نهر النيل. أسباب وجودها وذكر د. خالد فهمى وزير البيئة أن أسباب وجود تماسيح فى منطقتى فيصل والهرم وترعة ناهيا والمطرية هم الأهالى الذين يقومون بشراء تلك التماسيح من الأسواق الخاصة مثل سوق الجمعة فى منطقة الإمام وسوق الثلاثاء بالجيزة، وبعد ذلك يقومون بتربيتهما للاستفادة من جلودها، لأن جلد التمساح من أغلى الجلود فى التصدير ويستخدم فى صناعة المشغولات الجلدية، ومن الممكن أن تكون هذه التماسيح فرت منهم. إلا أن الوزير فى الوقت نفسه طمأن المواطنين أنه لا قلق من هذه الظاهرة، لأنه من المستحيل أن تدخل التماسيح الكبيرة إلى النيل وتهرب من السد العالى وبحيرة ناصر، لأن الذى يحول بينها وبين وصولها لمجرى النيل جسم السد العالى والتوربينات التى تقوم بتشغيل أجزائه، ولكنها تعود إلى المواطنين الذين يقومون بشرائها من هذه الأسواق مخالفة بذلك للقانون الذى يجرم بيع الحيوانات المفترسة، وبعد ذلك لم يستطيعوا أن يبيعوها أو يستغلوها ولا يستطيعون التخلص منها، لذلك يقومون بإلقائها فى النيل، وطالب د. خالد فهمى المواطنين بتسليم هذه التماسيح لحديقة الحيوان بالجيزة بدلا من إلقائها فى النيل ويترتب عليها آثار سلبية على الثروة السمكية. وأكد الوزير بأنه سيتم الإمساك بها قريبا حيث تقوم حاليا وحدة التماسيح بوزارة البيئة بمسح الترع وتقسيمها لحصر التماسيح الموجودة بها والتخلص منها. وأضاف فهمى أنه انتشرت عدد من الفيديوهات لتماسيح صغيرة الحجم فى كل من فيصل والهرم تناولتها وسائل الإعلام بمختلف أنواعها. وأشار الوزير إلى أن هذه التماسيح التى تم الكشف عنها لا تتعدى 30 سم للتمساح. مزارع التماسيح ومن هنا جاء اعتزام وزارة البيئة إقامة مزرعة تجريبية لتربية التماسيح لأغراض اقتصادية وتجارية عبر بيع جلودها كأول تطبيق عملى لموافقة مجلس الوزراء على إنشاء أول شركة مساهمة مصرية من نوعها للاستفادة من المحميات الطبيعية، وكلفت الوزارة خبراء الحياة البرية ووحدة التماسيح بقطاع حماية البيئة، بدراسة تجارب الدول التى أنشئت مزارع التماسيح لنقل التجربة إلى مصر بعد تكرار إلقاء بعض المواطنين التماسيح بالمجارى المائية بنهر النيل وتهديد أمن المواطنين بتلك المناطق وتعريضهم للخطر. وقال د. خالد فهمى وزير البيئة إن الوزارة قررت تشكيل فريق عمل من خبراء الحياة البرية ووحدة التماسيح وشرطة البيئة، كما فوضته باتخاذ كافة الإجراءات المشددة تجاه عمليات الجمع والتداول غير القانونى للحيوانات البرية خاصة التماسيح والتى توجد داخل مواطنها الطبيعية أو خارجها فى بعض الأسواق الشعبية الشهيرة، بالإضافة إلى تنفيذ حملات لتوعية الجماهير. أهمية التماسيح وقد أكد د. ممدوح رشوان الأمين العام للاتحاد العربى للشباب والبيئة أن التماسيح لها أهمية تاريخية يجهلها الكثير من المصريين، فالمصرى القديم كان يقدس التماسيح رغم تحريم صيد تلك الحيوانات دوليا إلا أن بعض الصيادين يسعون لصيده فى مياه بحيرة ناصر بأسوان باستخدام الشبكة أو صنارة عملاقة يضع بها سمكة «قشر البياض» ويربطها فى برميل كبير بمجرد أن يتجه التمساح لأكلها يسكب عليه كمية كبيرة من الغاز ليصبح بعدها التمساح كقطعة قماش. ويستطرد رشوان كلامه ويقول إن الصياد يبدأ بذبح التمساح ثم يستخرج منه غدة معينة يقدر سعرها ما بين 800 إلى 900 جنيه، ويستخرج منها عطر «لاكوست» ثم يسلخ جلده ويبلغ سعر المتر 400 جنيه، علما بأن أقل التماسيح طولا يبلغ ثلاثة أمتار، كما يتم بيع الأعضاء التناسلية للتماسيح إلى العطارين. وأضاف: أن الصياد يحصل من التمساح الواحد على مكسب حوالى 5000 جنيه، أما التمساح الكبير الذى يصل طوله إلى أكثر من ثلاثة أمتار فيباع ب 10 آلاف جنيه، مشيرا إلى أن بحيرة ناصر هى بيئة صالحة للتماسيح، لأنها تمتاز بالهدوء الذى تفضله التماسيح لوضع عرينها ويسعى بعض الصيادين دائما إلى سرقة ذلك العرين لبيعه لأصحاب البازارات السياحية. تأثيرها على الثروة السمكية وقد أثار ظهور التماسيح فى النيل، المخاوف من التهامها للثروة السمكية، مما دفع وزارة البيئة وهيئة الثروة السمكية لتقديم اقتراح يسمح بالصيد لمدة معينة ثم يتوقف مرة أخرى حفاظا على الثروة السمكية بالبحيرة. وقال د. ممدوح رشوان إن هناك بعض الدراسات أثبتت أن التمساح هضمه بطئ وحيوان كسول يقضى معظم نهاره فى التشمس على شاطئ البحيرة ويبحث دائما عن أقصر الطرق لوجود طعام، ويفضل دائما الأسماك الموجودة أمامه، ولكن الواقع يؤكد بأن مخاطر وجود التمساح فى البحيرة قد تؤثر على الصياد أثناء صيده للأسماك، لأنه قد يمزق الشباك ليأكل ما بداخله وهو ما يعرض الصيادين أنفسهم إلى مخاطر من هجوم التمساح عليهم، مشيرا إلى أن التمساح قد يلجأ إلى البدائل المتوافرة على ضفاف البحيرة من المواشى الموجودة أمامه على ضفاف البحيرة للرعاة من قبائل البشارية والعبابرة فيأخذ فريسته من على الشاطئ ويغرقها فى مياه البحيرة ثم يخرج بها مرة أخرى للشاطئ ليأكلها، ومن طبيعة التمساح أن يقضى معظم يومه فى فصل الشتاء على الشاطئ ومع غروب الشمس ينزل إلى المياه مرة أخرى. أماكن وجودها وأوضح د. ممدوح رشوان أن أماكن وجود التماسيح فى بحيرة ناصر أشهر أماكن تتجمع فيها التماسيح بالبحيرة هى خور الرملة ومناطق شرق البحيرة، وخور العلاقى وكوروسكو، والمضيق وأماكن متفرقة أخرى بالبحيرة، وهناك نحو 15 كيلو مترا من البحيرة تقع فى حدود دولة السودان تنتشر فيها التماسيح أيضا. وأضاف: أننى من خلال منتدى الشباب الذى يعقد سنويا بمدينة الأقصروأسوان ومشاهدتنا لمنازل النوبيين نجد أن النوبيين يقبلون على تربية التماسيح فى منازلهم داخل أحواض خرسانية وحديدية لجذب السائحين إلى مناطقهم، ومن أشهر هذه المناطق منطقتا غرب سهيل وغرب أسوان لإقبال الأجانب على رؤيتها. وتتغذى التماسيح أثناء تربيتها فى البيوت على الأسماك الكبيرة المستوردة وأنواع مختلفة من اللحوم، وقد يلجأ مربوها إلى تحنيطه ثم بيعه ليستخدم كزينة. الحد من انتشارها من جانبه قال د. أحمد أبو السعود رئيس جهاز شئون البيئة إنه تم الاتفاق مع الهيئة العامة للثروة السمكية للحد من انتشار التماسيح ببحيرة ناصر لافتا إلى أن هذه الظاهرة تهدد كافة الجهود التى تقوم بها هيئة جهاز شئون البيئة والهيئة العامة للثروة السمكية فى التوسع فى الاستزراع السمكى، ونجد أن التمساح يلتهم أكثر من 40 كيلو جراما من الأسماك فى البحيرة يوميا فى 85 خورا منتشرا بطول 300 كيلو متر داخل الحدود المصرية. وأكد أبو السعود أن وزارتى البيئة والزراعة بدأتا فى التنسيق لحملة مكبرة للحد من انتشار التماسيح داخل البحيرة لصيد التماسيح الكبيرة فقط والإبقاء على الصغيرة للحفاظ عليها من الانقراض، وأن عملية الصيد ستشمل الأطوال التى تزيد على متران ونصف المتر وأن التعاون مع وزارة الزراعة الهدف منه الحفاظ على التنوع البيئى داخل البحيرة بما لا يحدث خللا فى التوازن البيئى والحفاظ على الحياة المائية. ولفت أبو السعود إلى أن الخبراء نصحوا بضرورة اصطياد التماسيح وإهدائها لحدائق الحيوان على مستوى الجمهورية وتصدير الباقى للدول التى تطلب هذا النوع الأفريقى مع ضرورة الاحتفاظ بالنوع صغير السن حتى يتم إحداث توازن بيئى داخل البحيرة. إحكام الرقابة وأكد د. أيمن حمادة مدير عام تنوع الأجناس بوزارة البيئة أن تكرار ظهور التماسيح فى بعض المناطق فى الآونة الأخيرة لا يمكن أن نطلق عليه «ظاهرة» لكن الأمر يحتاج إلى بحث ودراسة لمعرفة أسباب ظهورها. وقال إن تماسيح مصر «نيلية» وبحيرة ناصر هى الوحيدة فى مصر التى تحتوى على تماسيح وأن هذه التماسيح لا تستطيع المرور لحجزها مياه النيل وراء السد العالى، ولكن من الممكن عند فتح أحد البوابات للسد العالى أن يحدث تسريب لبعض هذه التماسيح إلى عدة مناطق، لذلك يقوم العمل على قدم وساق مع وزارة الرى والداخلية للتأكد من ذلك. وأكد حمادة أن الوزارة بالتعاون مع الجهات الأمنية ستقوم بتشديد الرقابة على عملية التجارة غير الشرعية فى التماسيح، وأشار إلى أن هناك بعض المواطنين يقومون بشراء التماسيح الصغيرة من الأسواق الشعبية لتربيتها وعندما تصبح كبيرة الحجم يفشلون فى بيعها أو الاستفادة منها فيقومون بإلقائها فى النيل وهذه هى أحد الأسباب لوجودها فى نهر النيل، ولذلك فإن الجهود بين الجهات المعنية والتنسيق الدائم بين الجهات للقضاء على هذه التماسيح وتجارتها.