تبدأ فى نهاية ديسمبر الحالى الجلسات الإجرائية لمجلس النواب الجديد.. بعد انتهاء المعارك الانتخابية بحلوها ومرها.. وهذه الجلسات الأولى هى التى تحدد شكل وملامح البرلمان الجديد فى فصله التشريعى الأول الذى يستمر لمدة 5 سنوات فى ظل دستور 2014.. ويمثل هذا البرلمان الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق.. ويعتبر من أخطر البرلمانات المصرية بعد التوسع فى صلاحياته فى الدستور الجديد.. وأصبح مشاركا فى رسم خريطة الحكم.. وليس مجرد ديكور أو صورة للديمقراطية فقط بدون مشاركة شعبية حقيقية.وسيعقد المجلس جلسته الأولى برئاسة د.آمنة نصير أكبر الأعضاء سنا ويعونها أصغر الأعضاء سنا من الشباب وهما حسن عمر حسنين (25.7 سنة) ونهى خالد محمد الحميلى (25 سنة) وهما من الشباب المنتخبين- وتعتبر هذه هى المرة الثانية التى تتولى فيها سيدة رئاسة جلسة الإجراءات لانتخاب رئيس المجلس الوكيلين وكانت أول مرة تتولى فيها سيدة افتتاح الجلسات الإجرائية نائبة الفيوم عائشة حسنين فى برلمان 1979 و1984، وكانت أكبر الأعضاء سنا حيث لا يجوز إجراء أى مناقشة فى المجلس قبل انتخاب رئيسه.. وسيؤدى الأعضاء اليمين الدستورية فى بداية الجلسة وينص على المحافظة على النظام الجمهورى وأن يحترم الدستور والقانون وأن يراعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن يحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه.. ويبدأ بأداء هذه اليمين رئيس السن والعضوان المعاونان. وسوف يتلى فى جلسة افتتاح هذا الفصل التشريعى الأول قرار رئيس الجمهورية بدعوة المجلس للانعقاد.. حيث لا يستطيع النائب ممارسة دوره التشريعى والرقابى إلا بعد أداء اليمين الدستورية.. وأنه لا يتمتع بالحصانة فور إعلان نتيجة الانتخابات من اللجنة العليا، ولكن يستمدها مع بداية الفصل التشريعى. وأحسب أنه سيتم انتخاب رئيس المجلس من الأعضاء المعينين الذى يتولى رئيس الجمهورية تعيينهم ويبلغ عددهم 28 عضوا ويمثلون 5% من عدد أعضاء المجلس المنتخبين، والغرض من هذا التعيين الذى نص عليه الدستور أن رئيس الجمهورية طبقا لرؤيته السياسية يمكن أن يعين بعض الكفاءات والشخصيات العامة التى لا تستطيع خوض الانتخابات، ويتضمن هذا التعيين 14 سيدة ليصل عدد سيدات المجلس لأول مرة 87 سيدة منهم 17 بالانتخاب الفردى و56 سيدة عن طريق القوائم، وهذه النسبة تمثل 14.6% من إجمالى عدد المقاعد.. واستطاعت بعض النائبات تحقيق الفوز فى دوائر صعبة كانت حكرا على الرجال لسنوات طويلة مثل دائرة الوراق التى نجحت فيها هيام حلاوة ودائرة امبابة أيضا التى نحجت فيها نشوى الديب وشادية ثابت. وهذه أول مرة يصل فيها عدد السيدات بالمجلس إلى هذا الرقم (87 سيدة).. وكان عددهن فى مجلس الشعب عام 1979 (35) مقعدا بنظام الكوتة، وفى برلمان 1984- 1987 وصل عددهن 36 نائبة بالتخصيص والنجاح الفردى ووصلت نسبة تمثيل الأقباط إلى 36 مقعدا وارتفعت نسبة تمثيل الشباب دون سن ال 35 عاما إلى 54 نائبا فى برلمان 2015. ويشهد مجلس النواب بعض الظواهر الجديدة لأول مرة، حيث يبلغ عدد الأحزاب الممثلة تحت القبة 19 حزبا فقط من 103 أحزاب وهى: المصريين الأحرار (65 مقعدا) حزب مستقبل وطن (51 مقعدا)، الوفد (32 مقعدا)، حماة الوطن (17 مقعدا)، الشعب الجمهورى (13 مقعدا)، المؤتمر (12 مقعدا)، النور (11 مقعدا)، المحافظين (16 مقعدا)، السلام الديمقراطى (5 مقاعد)، وحصلت الحركة الوطنية والمصرى الديمقراطى ومصر الحديثة على (4 مقاعد) لكل منهما ومقعد واحد للتجمع. ومعنى ذلك أن الأحزاب حصلت على 239 مقعدا والمستقلين حصلوا على 316 مقعدا.. ويسعى ائتلاف دعم الدولة المصرية الذى يضم نواب قائمة فى حب مصر بزعامة سامح سيف اليزل وعضوية أسامة هيكل وعلاء عبد المنعم التى احتلت 120 مقعدا إلى ضم عدد من المستقلين لهذا الائتلاف. تقسيم الكعكة وأحسب أن الوصول إلى تكتل ظهير سياسى لدعم الدولة كما يقولون إنه يحتاج إلى جهد كبير فى ظل كل هذا العدد من المستقلين وممثلى الأحزاب.. وأن كل حزب ومستقل يريد الحصول على بعض المناصب فى تشكيل المجلس الجديد.. وتدور حاليا بعض الاتصالات والمناورات من أجل تقسيم «كعكة المجلس». ولهذا فإنه تدور المشاورات من أجل زيادة عدد لجان المجلس الجديد لتصل إلى 30 لجنة بزيادة حوالى 11 لجنة عن العدد الحالى «19 لجنة» وذلك من أجل تمثيل واستيعاب كل هذه الأعداد الكبيرة من النواب.. فى ظل هذه اللائحة الداخلية التى سيتم العمل بها حتى يعد المجلس لائحة جديدة تتوافق مع مواد الدستور الجديد ومع قانون الحقوق السياسية. وهى حق من حقوق المجلس الذى نص الدستور على أن المجلس هو الذى يضع لائحته ولا سلطان عليه من السلطة التنفيذية. أما بالنسبة لانتخاب رئيس المجلس الجديد فرغم أن ثلاثة أعضاء أعلنوا عن نيتهم الترشح لرئاسة المجلس منهم توفيق عكاشة ومرتضى منصور.. فإننى لا أعتقد أن أحدًا منهم قريب من الفوز بمقعد الرئاسة لأن أغلب نواب المجلس يؤكدون أن هؤلاء النواب الثلاثة لا يملكون القدرات والإمكانيات والمؤهلات التى تسمح لهم للفوز برئاسة المجلس.. ولهذا فإن عيون أغلب النواب تتجه إلى الأعضاء المعينين الذين سيتم انتخاب رئيس المجلس منهم رغم اعتراض البعض.. ويجب أن نذكر أن ذلك تم من قبل فى برلمان 1984 عندما تم انتخاب د. رفعت المحجوب رئيسًا لمجلس الشعب رغم أنه من الأعضاء المعينين من الرئيس المخلوع مبارك.. وكان د.رفعت من أفضل وأجدر من تولى منصب رئاسة مجلس الشعب.. وفى هذه الجلسة يعلن النواب عن رغباتهم للانضمام إلى جلسات لجان ويتم انتخاب رؤساء اللجان وهيئات مكاتبهم رؤساء الهيئات البرلمانية وقد بدأت الأحزاب الممثلة فى مجلس النواب الإعلان عن الشخصيات النيابية التى ستتولى رئاسة الهيئات البرلمانية تحت القبة.. وسيخطر كل حزب سياسى رئيس المجلس كتابة فى بداية دورة الانعقاد باسم من يختاره الحزب ممثلًا للهيئة البرلمانية بالمجلس وكذلك من ينتمون إلى الحزب من أعضاء المجلس. ويعبر ممثل الهيئة البرلمانية للحزب عنه فى كل ما يتعلق بشئونه المتصلة بالمجلس ونشاطه.. كما تكون له الأولوية فى الكلام فى المجلس ولجانه على باقى أعضاء المجلس المنتمين إلى الحزب. صلاحيات مجلس النواب والحقيقة أن الدستور الجديد قد أعطى صلاحيات واسعة لمجلس النواب وجعله مشاركًا حقيقًا فى نظام الحكم وتوسع فى العلاقة بين البرلمان والحكومة بمتغيرات لم يكن عليها دستور 1971.. فالحكومة يجب أن تعرض برنامجها على مجلس النواب فإذا لم تحصل الحكومة على ثقة أغلبية اعضاء مجلس النواب خلال 30 يومًا على الأكثر يكلف رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب والائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب.. فإذا لم تحصل الحكومة على ثقة أغلبية اعضاء مجلس النواب خلال 30 يومًا عُد المجلس منحلًا ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال 60 يومًا من تاريخ صدور الحل. كما أشار الدستور إلى أن رئيس الجمهورية لا يستطيع إعفاء الحكومة من أداء عملها إلا بعد موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب.. وأنه لا يستطيع إجراء تعديل وزارى إلا بعد التشاور مع رئيس الوزراء وموافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة للحاضرين وبما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس. مطبات برلمانية ولهذا فإن على الأعضاء مسئولية كبيرة وصلاحيات واسعة ويجب أن نشهد تعاونًا بين السلطات الثلاث «التشريعية والتنفيذية والقضائية» خاصة أن هناك بعض الألغام أو المطبات التى سيواجهها المجلس فى بداية عمله وأهمها الموافقة أو الرفض على القوانين والقرارات التى صدرت فى غيبة المجلس فى عهدى الرئيس عدلى منصور والرئيس السيسى والتى وصلت إلى 500 قانون وقرار ولابد من عرضها على مجلس النواب ومناقشتها والموافقة عليها خلال 15 يومًا من انعقاد المجلس الجديد.. فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون. ويبدو أن الاتجاه السائد خلال الأيام القادمة من عمر المجلس أنه سوف تتم الموافقة الجماعية على هذه القوانين والقرارات خلال 15 يومًا طبقًا لما نص عليه الدستور ثم يقوم النواب بتقديم تعديلات أو اقتراحات بتعديل بعض هذه القوانين التى صدرت فى ظل غيبة المجلس.. والحقيقة أن بعض هذه القوانين تحتاج إلى تعديل أو تدخل من النواب، خاصة قانون حماية عقود الحكومة والمستثمرين من الطعن عليها إلا من طرفى التعاقد، وقد صدر هذا القانون أثناء تولى المهندس إبراهيم محلب رئاسة الوزراء.. وهذا القانون هو باب خلفى لتقنين الفساد وأنه لا يجوز التصدى لهذه العقود أو رفع الدعاوى القضائية ضدها.. رغم أن التقاضى حق دستورى لكل مواطن. سحب الثقة ومن المواد التى تسبب انزعاجًا للبعض هى المادة 161 من الدستور التى جعلت أنه يجوز لمجلس النواب اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات مبكرة بناءً على طلب مسبب وموقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل وموافقة ثلثى أعضائه. وأعتقد أنها شروط صعبة لأنه لن ينعقد البرلمان إلا بوجود 298 عضوا ومثلهم للتصويت على أى قرار مطروح على المجلس ويستلزم موافقة 149 عضوًا وإذا كان المطروح على المجلس قانونًا فيستلزم ذلك موافقة 199 عضوًا وإذا كان المطروح قانونًا مكملًا للدستور فيستلزم ذلك موافقة 398 عضوًا وهو ذات الأمر بالنسبة للموافقة على إرسال قوات للخارج أو سحب الثقة من رئيس الجمهورية أو الموافقة على حالة الطوارئ لثلاثة أشهر جديدة. ومعنى ذلك أن هذه الشروط وهذه النسبة من الصعب تنفيذها على أرض الواقع. تعديل الدستور أما بالنسبة لما يدور حاليًا من بعض النواب على ضرورة تعديل الدستور وتصدى البعض الآخر لهذه الدعوى بعدم التعديل لأننا لا يمكن أن نحكم على مواد الدستور بدون أن نطبقه على أرض الواقع.. أعتقد أن الذين يطالبون بتعديل الدستور لم يقرأوا المادة 226 من الدستور التى ترسم الطريق الصحيح لتعديل الدستور، لأن التعديل هو حق أصيل لرئيس الجمهورية أو لخمس أعضاء من مجلس النواب عند طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، وأنه يجب أن يذكر فى الطلب المواد المطلوب تعديلها وأسباب التعديل وأن المجلس فى جميع الأحوال يجب أن يناقش مجلس النواب طلب التعديل خلال 30 يومًا.. ويصدر المجلس قراره بقبول طلب التعديل كليًا أو جزئيًا بأغلبية أعضائه.. وأشارت المادة إلى أنه إذا وافق المجلس على طلب التعديل يناقش نصوص المواد المطلوب تعديلها بعد 60 يومًا من تاريخ الموافقة فإذا وافق على التعديل ثلث عدد أعضاء المجلس عرض على الشعب للاستفتاء عليه خلال 30 يوما. إذن فقد حدد الدستور طريقة تعديل بعض مواده أو كله.. ولم يترك المشرع طريق التعديل للأهواء الشخصية.. ويجب على الجميع الالتزام بهذه الشروط التى تحدثت عنها المادة. إلغاء سيد قراره وأخيرًا.. يجب الإشارة إلى أن من أهم المكاسب التى حصل عليها النواب من خلال الدستور الجديد أن محكمة النقض أصبحت هى الوحيدة المختصة بالفصل فى صحة عضوية أعضاء مجلس النواب وتقدم إليها الطعون خلال مدة لا تجاوز 30 يومًا من تاريخ إعلان النتيجة النهائية للانتخابات وتفصل فى الطعون خلال 60 يوما من تاريخ وروده إليها. وفى حالة الحكم ببطلان العضوية تبطل من تاريخ إبلاغ المجلس بالحكم. وأظن أن هذا النص سوف يلغى مقولة إن المجلس «سيد قراره» فى قرارات صحة العضوية.. وأصبحت محكمة النقض هى الجهة الوحيدة التى لها الكلمة الأولى والأخيرة فى صحة العصوية.. وسوف ينتهى إلى الأبد الكيل بمكيالين فى صحة عضوية الأعضاء. ??? إننا نأمل من برلمان 30 يونيو الكثير ويجب أن يعلم نواب الشعب أن عيون الشعب كله على أداء نوابه تحت القبة.. وأنه لا مجال لتحقيق المصالح الشخصية، ولكن المجال مفتوح لتحقيق مصالح الناس الغلابة.. وأظن أن النواب المخضرمين مثل كمال أحمد وعلاء عبد المنعم وغيرهما كثر عليهم دور كبير فى تقديم الحلول لبعض المشاكل التى يعانى منها الناس وأهمها البطالة وارتفاع الأسعار وتدنى الأجور وقلة المعاشات ونقص الرعاية الصحية والنهوض بالتعليم. كما يجب على شباب المجلس أن يستفيدوا من خبرة هؤلاء النواب بعد أن استطاعت بعض الدوائر التصدى للمال السياسى وكان على رأس هذه الدوائر.. دائرة 15 مايو والتبين التى استطاعت الدفع بالشاب عمرو الأشقر والوقوف وراءه حتى باب البرلمان ولم يخضع أهالى 15 مايو والتبين لإغراءات شراء أصواتهم الانتخابية من بعض المرشحين.