هناك أصوات بدأت تتراجع عن منح مجلس النواب سلطات أوسع من رئيس الجمهورية فى الدستور الحالى، وتخشى أن تستغل هذه السلطات فى تعطيل الاصلاحات التى يقوم بها الرئيس السيسى حال حصول تيارات متطرفة على نسبة من المقاعد تمكنها من الاعتراض على مشروعات القوانين الاقتصادية والسياسية المطلوبة فى المرحلة القادمة لتأسيس الدولة الحديثة. وفى رأى أصحاب هذه الأصوات أنه كان على لجنة الخمسين التى وضعت الدستور أن تؤجل سلطات البرلمان الواسعة لمرحلة قادمة، بعد نضوج الدولة، وأن تمنح الرئيس حرية الحركة فى تنفيذ برنامجه الانتخابى فى ظل برلمان متفهم للظروف الحالية. وتقترح هذه الأصوات تأجيل الانتخابات البرلمانية للمزيد من الدراسة لقوانين الانتخابات الثلاثة، الحقوق السياسية وشروط الترشح والدوائر لسد الثغرات التى تحاول قوى التطرف التسلل من خلالها إلى البرلمان. بالفعل هناك تربص بالبرلمان الجديد للانقضاض على مقاعده عن طريق المال السياسى الذى يحاول أصحابه استعادة الأمجاد القديمة، والدعاية الدينية التى تسعى لاستعادة مكانها الذى حجزته فى البرلمان الماضى، وهناك التيارات المعتدلة التى تواجه أزمة مع طريقة إجراء الانتخابات البرلمانية التى خنقت الأحزاب وقللت من فرص نجاحها. هناك من يتساؤلات عن إمكانية تعديل الدستور فى الوقت الحالى لمراجعة سلطات البرلمان مرة أخرى. الدستور الحالى حدد طريقة تعديله فى الآتى: لرئيس الجمهورية أو لخمس أعضاء مجلس النواب، طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ويجب أن يذكر طلب المواد المطلوب تعديلها، وأسباب التعديل. وفى جميع الأحوال، يناقش مجلس النواب طلب التعديل خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تسلمه، ويصدر المجلس قراره، بقبول طلب التعديل كليًا، أو جزئيًا بأغلبية أعضائه. وإذا رفض الطلب لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل حلول دور الانعقاد التالى. وإذا وافق المجلس على طلب التعديل يناقش نصوص المواد المطلوب تعديلها بعد ستين يومًا من تاريخ الموافقة، فإذا وافق على التعديل ثلثا عدد أعضاء المجلس، عرض على المجلس لاستفتائه عليه خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صدور هذه الموافقة، ويكون التعديل نافذًا من تاريخ اعلان النتيجة، وموافقة أغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين فى الاستفتاء. وفى جميع الأحوال لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقًا بالمزيد من الضمانات. هذه الطريق لتعديل الدستور تؤكد استحالة تعديله فى الوقت الحالى، لعدم وجود البرلمان الذى يناقش التعديلات أو يقترحها وإذا كان البرلمان موجودًا فهل سيوافق على التنازل عن سلطات حصل عليها بموافقة الشعب فى الاستفتاء ولجنة الخمسين أولاً. إذن تعديل الدستور غير جائز فى الوقت الحالى إلا من خلال تخريجة تعتمد على غياب البرلمان كما حدث فى انتخاب رئيس الجمهورية باستبعاد نسبة النواب المطلوبة لتزكية انتخاب الرئيس. الخروج من الأزمة الحالية بعد مرور ثلاثة أشهر على انتخاب الرئيس السيسى وما تشهده من تقدم فى الاصلاح الاقتصادى وبطء فى الاصلاح السياسى يتطلب التعبئة الشعبية بأهمية الانتخابات البرلمانية القادمة وهذا دور الاعلام فى توعية الناخبين بأهمية أصواتهم التى سيشكل منها أهم برلمان، وأن يأخذوا حذرهم من المال السياسى والدعاية الدينية وشراء الأصوات، لأن الذى يبيع صوته بأى ثمن ليس له الحق فى محاسبة النائب الذى سيكون هدفه تعويض الأموال التي أنفقها، الذين يشترون الأصوات يعملون لأهداف أخرى غير ما يفكر فيه المواطن العادى. على الناخب أن يختار نائبه بإرادته الحرة بدون الخضوع لاغراءات مادية أو دعايات دينية، والنقطة الأخرى هى البحث عن تشكيل برلمان متوازن ويتم ذلك باتفاق الأحزاب المعتدلة على خوض الانتخابات على قائمة واحدة لقطع الطريق أمام التيارات المتطرفة فى السطو على المقاعد مطلوب تشكيل البرلمان الجديد من نواب حقيقيين يساعدون الرئيس على تنفيذ برنامجه وليس من نواب معطلين للدولة الجديدة. والقرار فى الخروج من هذا المأزق للشعب صاحب السيادة.