جهود مكثفة بذلتها الحكومة المصرية من أجل إعداد خطة وطنية تتخطى الحدود الجغرافية لمصر لتصل إلى أعماق القارة السمراء، فالجميع فى قارب واحد، والأضرار التى تتعلق بالمناخ لا تستثنى أحدًا. ملامح الخطة المصرية تتضمن مشروعات واضحة وبرنامجًا زمنيًا للتنفيذ وفقًا لمعاهدة المناخ ومبادئها الأساسية دون الحاجة لإطار قانونى أو دولى جديد. فضلًا عن اتفاق دولى عادل وواضح، يلتزم به الجميع ويتأسس على التباين فى الأعباء ما بين الدول المتقدمة والنامية وفى إطار المسئولية المشتركة لمواجهة التغيرات المناخية ووفقًا لمبادىء وأحكام اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية لتغير المناخ وأن يحقق الاتفاق المنشود توازنًا بين عناصره المختلفة. وفى القلب مما سبق يأتى ما طالب به الرئيس عبدالفتاح السيسى وهو أن يعالج الاتفاق المأمول قضية التمويل بفعالية وشفافية حتى تتوافر به المقومات اللازمة لاستدامته، ولذلك فمن الضرورى أن يعكس الاتفاق الالتزام بتوفير 100 مليار دولار سنويًا للدول النامية بحلول 2020 ومضاعفته بعد ذلك.قال الدكتور خالد فهمى وزير البيئة عبر بيان رسمى للوزارة إن الملف المصرى المقدم للمؤتمر يتضمن خطة شاملة من 13 بندًا تحت عنوان مبادرة الطاقة المتجددة فى أفريقيا يأتى فى مقدمتها وجوب التزام الدول المتقدمة بتحديد آليات الدعم الحالى للدول النامية بالتقدم بطلبات لتمويل مشروعاتها البيئية والتكنولوجية التى تضمن لها استخدام الطاقة المتجددة بديلًا عن بدائل الطاقة المتسببة فى زيادة الانبعاث الحرارى، كما تتولى مصر أولوية تحويل المعاهدة السابقة لإطار التفعيل بخطة واضحة المعالم ذات إطار وبرنامج عملى يتضمن تسهيلات لجميع الأطراف ما بين تمويل وتوفير تكنولوجى واحترام الأحكام العامة المتفق عليها وعدم تغيرها، كما أكد فهمى على تمسك مصر بالاتفاقية المبدئية 1992 قائلًا لا نريد معاهدة جديدة وإنما تفعيل المعاهدة القديمة ليؤكد تمسك مصر بمبدأ تحمل المسئولية المشتركة والمتباينة الأعباء. وتأتى الجهود المتواصلة لمصر نظرًا لأهمية وخطورة تلك التغيرات المناخية ليس فقط بالنسبة لدول القارة الأفريقية، وإنما بالنسبة لمصر كما يؤكد الدكتور عادل بشارة خبير الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة، موضحًا أن مصر تتصدر لمواجهة العالم من خلال هذا المؤتمر عبر مبادرتها وخطتها المقترحة ليس فقط من واقع تحملها للريادة الأفريقية وإنما من ارتباط مصالحنا الداخلية والنمو الاقتصادى المصرى بالعامل المناخى والبيئى، لأن تلك الانبعاثات التى تمثل ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوى ينتج عن ارتفاعها لدرجة الحرارة ما يؤثر على الأمطار، وبالتالى تهديد منابع النيل وزيادة مشاكل المياه، وكذلك موضوع الطاقة باعتباره المسبب الأول لزيادة تلك الانبعاثات فلابد من وضع حد لها من خلال تعميم استخدام الطاقة النظيفة فى العالم وخاصة فى أفريقيا عن طريق توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح بدلًا من الفحم والمحروقات البترولية ذات الأضرار البيئية الكبيرة والمطلوب فى هذا الأمر تمويل استثمارات عالية فى أفريقيا وتكنولوجيا تمكن من استخدام الطاقة النظيفة من شمس ورياح، وهما متوافران فى قارة أفريقيا، ويضيف بشارة أن تلك القارة التى ينتظرها التصحر واختفاء الغابات التى ينتج منها أخشاب الفحم كما تتخوف مصر من غرق الساحل الشمالى وارتفاع منسوب المياه حتى تغرق الدلتا وتصل المياه المالحة للأراضى الزراعية، وبالتالى كان لزامًا على مصر التقدم بتلك الخطط التى تتضمن أفكار مشروعات وحلولا لتلك المشكلات، كما أن الريادة المصرية فى ذلك تنيع من خبرة مصر فى مجالات الطاقة النظيفة. وعلى الرغم من اعتبار دور مصر فى هذا المؤتمر تحديا كبيرا فى الحفاظ على الموارد الطبيعية فى أفريقيا وهو التحدى الذى لا يقل أهمية وخطورة عن تحدى التصدى للإرهاب كما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته ولكن الأمر يعد انتهاء المؤتمر ونتائج البيان الختامى سوف يعتمد على ما سيتم إنجازه خلال السنوات القادمة حمل ثقيل يقول الدكتور صابر عثمان خبير المناخ إن تحمل مصر لدورها فى تمثيل دول أفريقيا حمل ثقيل، لأن أفريقيا تحمل الضرر الأكبر فى العالم من نتائج تطير المناخ الذى تتسبب فيه الدول المتقدمة وتطورها التكنولوجى والذى يؤدى لزيادة الانبعاثات الحرارية عن معدلها الطبيعى، حيث إن حرارة الأرض الأنبعائية تقدر علميًا ب 15 درجة مئوية والتى زاتدت 1%فقط فتنتج عنها العديد من الأضرار البالغة التى وصلت للتسبب فى ارتفاع منسوب مياه البحار فى العالم والذى تعانى منه فى مصر فيما يخص احتمالات غرق الدلتا وتأثر التربة بالمياه المالحة المرتفعة وتعرضها للملوحة ونقص الخصوبة، بالإضافة لخطورة غرق المدن الساحلية كالإسكندرية وكفر الشيخ. وكذلك مخاطر تغير درجات الحرارة المضطرب الذى يجعل المناطق الحارة أكثر حرارة فى الصيف كالصعيد والقاهرة، وبينما تنخفض درجات الحرارة بصورة أكبر هن المعتاد فى الشتاء. ويؤكد أن تغير المناخ وتبعاته الضارة تتأثر بها جميع دول العالم ولكن القارة الأفريقية اعتبرت الأكثر تضررًا بسبب اغلبية الدول النامية التى لا تستطيع التكيف مع نتائج هذه الأضرار، بينما تستطيع الدول المتقدمة التكيف مع ذلك ومن خلال وسائل خفض الحرارة كالتكيفات والتبريد وكذلك وسائل محارب انخفاض الحرارة ولذلك تعانى الدول الفقيرة من التغيرات المناخية صحيًا واقتصاديا بخلق عوامل زائدة على احتياجاتهم، بخلاف فقد الأرواح نتيجة الموجات المناخية المتطرفة لكل منطقة وظهور العديد من الأمراض كالحمة، كما تتأثر الزراعة والمحاصيل التى تحتاج لمناخ معين وبالتالى تسفد المحاصيل التى تعتمد عليها الدول الفقيرة وتحد من إنتاجها الغذائى. أهمية خاصة من جهته يرى الدكتور محمد إسماعيل مدير إدارة المخاطر والتكييف بوزارة البيئة أن قمة المناخ هذا العام لها أبعاد كثيرة بداية من أن الاتفاقيات الدولية والتى لها علاقة مباشرة بالجوانب السياسية والاجتماعية والبيئية وذلك يعود إلى أن التغير المناخى يرتبط بكل الجوانب السالف ذكرها، كما أن هذه القمة تحظى بأهمية خاصة من حيث نسبة مشاركة 150 دولة وحكومة، ومن المفترض ان تضع كل دولة مقترحاتها وجهودها للحد من هذه الظاهرة وهى التغير المناخى . وأضاف أنه من المفترض ان يتم الاتفاق خلال هذا المؤتمر على توزيع الأدوار والمسئوليات حتى تتحمل كل دولة تبعات الانبعاثات الحرارية وتغير المناخ وما ينتج عنهما من أضرار على باقى الدول، وبالتالى مسئوليات الدول الصناعية التى تعد فى مصاف الدول اللتى ينتج عنها انبعاثات حرارية والدول النامية التى ينتج عنها انبعاثات حرارية أقل، ولذلك فلابد أن يتم الاتفاق على توزيع الأدوار بشكل مختلف بما يتناسب مع حجم الأضرار، فضلا عن عدالة التوزيع ووضوح الرؤى، وهذا ما نادى به الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته خلال القمة والتى يمثل فيها 52 دولة أفريقية، فضلا عن المجموعة العربية أى بما يعادل 60 دولة وهو ما يمثل ثلث القمة، هذا بالإضافة إلى أن وزير البيئة المصرى يشغل منصب رئيس مجلس وزراء البيئة الأفارقة (الأمسن) خلال القمة. وأوضح أن الاتجاه يسير فى هذه القمة إلى أن تتحمل الدول الصناعية الكبرى العبء الأكبر من التغير المناخى بسبب كثرة الانبعاثات الحرارية والمطالبة بضرورة التخفيف، فى الوقت الذى تسعى فيه الدول المتضررة للتكييف مع الوضع الحالى. وشدد إسماعيل على ضرورة أن نفرق بين تغير المناخ وتغير الطقس، فتغير الطقس يكون لفترات قصيرة، بينما تغير المناخ يكون لفترات طويلة، فمن المعروف أن متوسط درجة حرارة الأرض 2 درجة مئوية وعندما يرتفع عن ذلك فهذا يسبب كوارث خطيرة وهذا ما يطلق عليه التغير المناخى، فإذا ارتفعت درجة حرارة الأرض عن ذلك يحدث تغير فى الأنشطة مثل ذوبان الجليد فى القطبيبن الشمالى والجنوبى ويتحول هذا الجليد إلى مياه، وبالتالى يحدث ارتفاع فى منسوب سطح البحر ويغرق كل من على الشواطئ، بل الأخطر من ذلك أنه قد تختفى بعض الدول والمناطق التى تحيطها المياه، وتأثير ذلك على الأمن الغذائى فى العالم كله، فالنبات فى الأرض يتأثر بدرجة الحراره وكذلك الثمار يتأثر بعوامل تغير المناخ ومن أبرز هذه الثمار القمح والأرز والشعير وهم من المحاصيل التى تتأثر بشكل مباشر بدرجات الحرارة، وبالتالى يحدث خفض فى انتاج المواد الغذائية لا يتناسب مع الزياده السكانية حول العالم وهو ما يتسبب فى اتساع الفجوة وتتنافس الدول على الغذاء وبالتالى تحدث طفرة كبيرة فى ارتفاع أسعار الغذاء. وأشار مدير إدارة المخاطر والتكييف بوزارة البيئة إلى أن هناك أمرا خطيرا لم تتطرق إليه القمة وهو الخسائر والأضرار الناتجة عن تغير المناخ، معربا عن أمله أن يتناول الوفد المصرى هذا الأمر، خاصة أن مصر شهدت هذا العام فى موسم الصيف موجة حارة أدت إلى وفاة 107 مواطنين نتيجة الاحتباس الحرارى وفى الشتاء شهدت سيول وأمطار أدت إلى وفاه 9 أفراد بجانب خسائر كبيرة لحقت بالمنتجات الزراعية تفوق ال 2مليار جنيه، مضيفا أن مصر أكدت على إرساء هذا المبدأ فى سنة 2013 وهو مبدأ الخسائر والأضرار وهى أكثر الدول التى تحارب من أجل إرساء هذاالمبدأ وتطالب بأن يكون له باب وتمويل خاص بهذه الأضرار التى تلحق بالأرواح والممتلكات والبنية الأساسية. موضحا أن هذا المبدأ له علاقة بالصندوق الأخضر الذى طالب به الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كلمته أمام القمة. وتابع «أتمنى أن تصل كل الدول إلى نتيجة عادلة يصل إليها المجتمعون فى باريس للحد من تغير المناخ مع اختلاف المسؤوليات وتوزيع الأضرار، مطالبا الدول الصناعية الكبرى بعدم التنصل من المسؤولية وتتحمل مسؤلية الأضرار الناجمة عن الانبعاث الحرارى. وشدد إسماعيل على ضرورة أن يتخذ المؤتمر قرارات إلزامية على جميع الأطراف بأن يتحمل مسئوليتاته للحد من التغير المناخى ، فهناك لجنة تسمى لجنة الأمتثال للاتفاقية هذه اللجنة مخصصه لمراقبة أداء كافة الدول وهل أدت مسئولياتها تجاه التغير المناخى أم لا ؟. وطالب بأن يشارك الجميع فى اتخاذ القرارات اللازمة للحد من التغير المناخى والانبعاثات الحرارية على مستوى العالم. بدورة أكد الدكتور مصطفى فودة مستشار وزير الدولة لشئون البيئة للتنوع البيولوجى أن تغير المناخ يؤثر بشكل مباشر على الحياة البرية وهو ما يعود بالسلب على الطعام والشراب الذى تستهلكه الشعوب حول العالم، مشيرا إلى أن أى تغير فى درجات الحرارة يسبب كوارث طبيعية قد تؤدى إلى اختفاء الغابات والأشجار والبحار وقلة نسبة الأكسجين وكل هذه الأمور تؤثر بشكل مباشر على الأوضاع الاقتصادية فى العالم كله. وأعرب فودة عن أمله فى أن يتم عقد اتفاقية ملزمة توقع عليها كافة الدول، فيما أشار إلى أن الصورة لن تكون واضحة مثلما يرى البعض، فالدول الكبرى ترعى مصالحها أولا قبل أن تقدم على توقيع أية اتفاقية لأن هذه الدول هى الأكثر انبعاثا للحرارة، فعلى سبيل المثال الصين واليابان يستحوذان على نسبة 60% من قيمة الانبعاثات الحرارية حول العالم، فيما تمثل أفريقيا كلها نسبة 4 % من قيمة الانبعاثات الحرارية، وبالتالى فهى الأكثر تضررا من هذه الأمر. وأضاف أن دعم الرئيس السيسى لهذه القضية مهم جدا خلال هذه المرحلة ومطالبته بدعم الصندوق الأحضر ب 100 مليار دولار لا يمثل شيئا بالنسبة للأموال التى تم جمعها خلال الأزمة الاقتصادية التى ضربت العالم وتحركت كافة الدول واستطاعت جمع مبلغ 5 تريليونات دولار.