شهدت الفترة الأخيرة العديد من الهجمات الإرهابية وكان آخرها فى العاصمة الفرنسية باريس حيث أعلن تنظيم داعش تبنيه هذه العمليات الإرهابية، ورد رئيس الوزراء الفرنسى مانويل فالس قائلا: «نحن فى حرب، سنتحرك ونضرب هذا العدو التكفيرى لسعيه إلى تدمير فرنسا وأوروبا وسوريا والعراق» متوقعا ردودا أخرى من الإرهابيين.كما توعد تنظيم «داعش» الإرهابى الدول التى تشارك فى شن الغارات الجوية على المناطق التى يسيطر عليها فى سوريا، مهددًا إياها بنفس مصير فرنسا وحذّر دول التحالف الدولى والولاياتالمتحدة على وجه الخصوص بهجمات مشابهة لتلك التى حدثت فى باريس، فهل بذلك خرجت داعش من سيطرة الدول التى تدعمها سواء الأجنبية أو العربية؟! وجاء تعليق اللواء عبد المنعم كاطو مستشار إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة المصرية والخبير الاستراتيجى، قائلا: أصبحت داعش تمثل خطرًا على العالم بأكمله وليس على دول الشرق الأوسط فقط، حيث أخذت منحنى آخر مما جعل الدول الأوروبية تشعر بالخطر والخوف من عودة مواطنيها إلى دولهم خاصة أن هناك اكثر من 20 ألف متطوع أوروبى يقاتلون بهذا التنظيم، كما تم الكشف عن الدور التركى لداعش فهو الداعم الرئيسى مخابراتيا ولوجستيا، وستأخذ داعش شكلاً آخر يتمثل فى الانتقام من القاعدة ومحاولة تصفيتها. وتابع كاطو أن ما حدث فى العاصمة الفرنسية سيؤدى إلى ثورة ضد الإرهاب، والذى لن يتم القضاء عليه فى أوروبا وتجفيف منابعه إلا بمساعدة دول الشرق الأوسط. وفى ذات السياق، قال اللواء زكريا حسين رئيس هيئة البحوث العسكرية ومدير أكاديمية ناصر العسكرية العليا السابق والخبير الاستراتيجى، أنه بالتأكيد خرجت داعش عن السيطرة كما أصبح لها خلايا نائمة ومعاونون، وهذه الخلايا النائمة فى البلدان من أهم عناصر الاستمرارية لهذه المنظمات وهجماتها، وعلى رأسها بلجيكاوفرنسا وبريطانيا وغيرها وبالتالى من المحتمل تكرار مثل هذه العمليات فى القريب العاجل، ومن هنا كان اجتماع قادة دول العشرين فى تركيا والتى ناقشت ملف الحرب على تنظيم داعش ووافقت على تشديد الإجراءات الأمنية على الحدود المشتركة وعلى رحلات الطيران المدنى، وذلك ردا على الهجمات الإرهابية التى شهدتها العاصمة الفرنسية باريس وقتل فيها أكثر من 129 شخصًا. وأضاف حسين، أنه لا بد من إيجاد وسيلة جماعية لمواجهه جدية لداعش لأن المواجهة التى تمت من قبل لم تثبت فعالياتها كما أن الدعم المالى والتسليحى والإدارى هو الذى أوجد داعش وأوصلها لهذا الحجم الكبير والقوة العصفية الهائلة التى أصبحت تهددًا ليس فقط للأمة العربية بل أيضا الدول الأوروبية نتيجة هذا التمدد. متابعا: يكفى أن نعلم ان المساحة التى تسيطر داعش عليها الآن فى سوريا والعراق وصلت إلى حوالى 250 ألف كيلو متر مربع وقابلة للتمدد رغم ما ادعته الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفاؤها مما قامت به من ضربات جوية موجهه لها. وأوضح حسين ان بعد أحداث فرنسا اجتمعت دول قمة العشرين فى تركيا وقرروا تشديد السيطرة على الحدود وزيادة تبادل معلومات المخابرات والتضييق على تمويل الإرهابيين وتعديل استراتيجية المواجهة واتخاذ موقف جدى لمواجهة هذا التوحش الذى خلقه الغرب وإنعكس عليه وهدد أمنهم تهديدا مباشرا، كما انه كانت هناك بعض الأعمال الإرهابية فى تركيا فى ذات اليوم إلا أن تركيا نجحت فى إحباطها وهذا يؤكد أن داعش ستتمدد وتنتشر هجماتها التى أسسها ودعمها الغرب. ومن جانبه أكد اللواء طلعت مسلم الخبير الاستراتيجى أن تشكيل تنظيم «داعش» جاء بدعم مالى وعسكرى من دول الغرب وحلفائها من أجل القضاء على نظام بشار الأسد ولكنه سرعان ما خرج الإرهابيون والمتطرفون عن سيطرة داعميهم وهم الآن يسعون لتحقيق مصالحهم الخاصة، فالدول التى تدعمها ليست فى أمان منها، لافتا إلى أن التصدى للإرهاب سيستغرق وقتاً طويلاً ويتطلب جهداً متواصلاً. كما أشار اللواء نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بالمخابرات الحربية والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، إلى أن الأخطر هو ان داعش أصبحت فكرة تنتقل بين الدول، وبالتالى إذا لما يسارع العالم بالسيطرة عليها سنجدها انتشرت انتشارا متوحشا، بالإضافة إلى أن تقسيم الدول العربية ما هو إلا مخطط أمريكى صهيونى، لافتا إلى أن دور داعش فى تقسيم الدول العربية كان تقوم به جماعة الإخوان فى مصر، وهذا سر تخوف بعض الدول من إعلان جماعة الإخوان إرهابيها، كما تمثل داعش أكبر تهديد للإسلام على الأرض حيث يسىء للإسلام، ويسعى لقلب الشعب الفرنسى على مسلميه وأى قضية متضامن معها منها القضية الفلسطينة، وبهذا تتحقق الأهداف الإسرائيلية الأمريكية. فى حين توقع اللواء علاء عز الدين المدير الأسبق لمركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة المصرية، أن داعش قررت الانتقال من مرحلة الدفاع الى الهجوم، والضرب فى العمق الغربى الاوروبى بتغير استراتيجيتها وتبنيها نهج تنظيم القاعدة فى مهاجمة اهداف غربية فى عواصم أوروبية، بعد ان حقق إنجازه الأول فى التمكن والتمدد بمحيطه الجغرافي، وهذا يعد قفزة استراتيجية نوعية تشكل تهديدا جديًّا وخطيرا للدول الغربية والعربية ايضا، فما تعرضت له العاصمة الفرنسية باريس من حوادث إرهابية على غرار ما حدث عقب أحداث 11 سبتمبر 2001، مضيفا انه على أعضاء التحالف الدولى الذى يضم نحو 60 دولة غربية وعربية التزامهم العمل معا فى إطار استراتيجية مشتركة ومتعددة الاشكال وطويلة الامد لإضعاف داعش وإلحاق الهزيمة به، إلا انه من الصعب تحقيقه فى ظل عدم وجود تعريف عالمى للإرهاب، وكل دولة لها رؤية وأهداف معينة واستراتيجية مختلفة عن الأخرى.