خليط من سياسى رومانسى وملاكم وممثل هاوى وسيم الملامح مفعم بالثقة يتمتع بطلاقة اللسان التى ورثها من أبيه بير اليوت ترودو السياسى مخضرم، وهى صفات تضفى على صاحبها طابعًا خاصًا ومفهوماً مميزاً لرجل احترف السياسة منذ فترة قصيرة.. وقد استطاع ترودو خلالها أن ينتصر على عتاة رجال الساسة من قادة وحزبيين.. قال لمؤيديه فى أول خطاب بعد فوزه بمنصب رئاسة الوزراء "إن التغيير قادم" وتنهى هذه العبارة حقبة المحافظين وتبدأ حقبة الليبراليين، بعد أن سيطر التيار المحافظ المتشدد على الحياة السياسية بكندا لمدة تسع سنوات كاملة تبنى خلالها سياسة اتسمت برفض الآخر فى مجتمع يتميز بالتعددية الثقافية وأقحم بلاده فى تحالفات عسكرية ساهمت فى تشويه صورة كندا الخارجية وارتبط ذلك بحالة الركود الاقتصادى الذى بات يهدد الأمن الاجتماعى والاقتصادى فى البلاد، وقد تسببت هذه السياسة فى الخسارة التى منى بها حزب المحافظين وأسهمت فى الهجوم عليه من معارضيه، وفقا لتصريحات ترودو أثناء حملته الانتخابية الأخيرة، والتى فاز فيها بأغلبية مقاعد البرلمان الجديد، وذلك على حساب حزبى اليمين المحافظ والاشتراكى الديمقراطى المنافسين. ولعل نجاح ترودو المدوى يؤكد مقولة (ابن الوز عوام) فهو الابن الأكبر للسياسى المخضرم البير اليوت ترودو زعيم الحزب الليبرالى ورئيس الوزراء السابق لمدة 15 عاما، وحفيد (جميس سنكلير) وزير الثروة السمكية السابق، ويعد الحزب الليبرالى الأكثر تنوعا فى تاريخ الأحزاب الكندية فهو يضم فى صفوفه عسكريين وقادة شرطة وأطباء ومحاميين ومفكرين والعديد من السكان الأوائل وجنسيات مختلفة من المهاجرين الجدد ينتمون لعرقيات متعددة. وجدير بالذكر أن ترودو الابن متعدد المواهب، وقد رفض دخول معترك السياسة نظرا لميوله الرياضية والفنية، فهو عاشق لرياضة الملاكمة والتمثيل، وبحلول عام 2007 وعقب وفاة والده قرر ترودو أن يكمل مشوار والده وانضم للحزب الليبرالى وبدأ بالهجوم على النزعة الانفصالية لدى الكيبيين وهى القومية التى ينتمى إليها معظم الكنديين الأوائل، والتى من شأنها أن تهدد استمرار التحالف الكندى، وأعلن رفضه لقرار الحكم الذاتى الذى حظى به الكيبيون فى السنوات السابقة، والغريب أن الكيبيين قد استجابوا لدعوة ترودو الابن، وفقا للإحصاءات الدالة على نسبة المشاركة فى المطالبة بالانفصال عن كندا، وقد نجح ترودو الابن والبالغ من العمر 43 عاما أن يصبح لغزا محيرا للعديد من المحللين نظرا لرعونة آرائه وافتقاده لخبرة وحنكة والده وإصراره على الاعتماد عل نفسه فى مشواره السياسى لدرجة أنه رفض أن يقرن اسمه بلقب عائلته ورغم ذلك فقد نجح ترودو الابن فى استغلال أخطاء الحكومات السابقة وطرح برنامجه الذى تبنى سياسة الإصلاح الاقتصادى وتنمية الطبقة الوسطى وحماية البيئة من أجل تحسين صورة كندا الخارجية، وأكد حرصه على التعددية الثقافية التى تميز بها المجتمع الكندى، والتى يرى فيها أفضل وسيلة لمواجهة الفساد الذى يهدد المجتمع، والغريب أن سياسة ترودو الابن قد حظيت بالقبول لدى زعماء سابقين ينتمون لأحزاب منافسة أمثال براين ملرونى رئيس الوزراء الأسبق عن حزب المحافظين وكذا ستوكويل داى الزعيم السابق لحزب المحافظين اللذين قالا عنه إنه واجب على منتقديه أن ينتظروا المستقبل فهو رجل مواقف وقوى ويتمتع بقلب كبير استطاع فى سنوات قليلة كسب ود المواطنين وثقتهم، بالإضافة لتصريحات رجال الأعمال الذين يرون فيه صديقاً لرؤوس الأموال والأعمال نظرا لتبنيه سياسة تدعم التجارة الحرة والاستثمارات الأجنبية، وهى تجربة تحتاج مننا المتابعة والتأمل لعل وعسى!