انتهت المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية.. وانتهت معها الزوبعة التى أشعلتها الفضائيات بسبب ما زعمت أنه إقبال ضعيف من المصريين على التصويت وصل إلى درجة مقاطعة الانتخابات! والحقيقة أننا خلال هذه الانتخابات وحتى إعلان نتائجها النهائية سمعنا الكثير من النظريات التى انهالت فوق رءوسنا كأنها مطارق حديدية عن أسباب عدم إقبال المصريين على الانتخابات.. الإحباط واليأس وارتفاع الأسعار وغضب الشباب وغيرها من النظريات التى تبين أنها نوع من التهويل الإعلامى. ولا ينبغى أن نتعامل مع التهويل بالتهوين لكن الحقيقة أن الزوبعة التى أشعلتها الفضائيات عن الانتخابات كانت مجرد زوبعة فى فنجان!وأظننا نذكر أننا سمعنا من يتحدث عن نسبة إقبال على صناديق الاقتراع لا تزيد على 2%.. البعض كان أكثر تفاؤلا فقال إن النسبة وصلت إلى 5% ومن الممكن أن تزيد فتصبح 10%. وعندما أعلنت اللجنة العامة للانتخابات النتائج النهائية للمرحلة الأولى تبين أن كل ما سمعناه لا أساس له من الصحة وأن نسبة التصويت الحقيقية بلغت 21.71%. النسبة التى أكدتها اللجنة العامة للانتخابات لا تبتعد كثيرًا عن معدلات التصويت العالمية فى الانتخابات البرلمانية.. والتى تقدر بنحو 25 إلى 30 فى المائة. اتفقنا أن التهويل لا ينبغى أن نتعامل معه بالتهوين ولذلك نقول إن نسبة المشاركة فى المرحلة الأولى من الانتخابات لم تبتعد كثيرًا عن المعدلات العالمية.. لكنها فى الحقيقة جاءت على خلاف ما كنا نأمله ونطمح إليه.. خاصة أن نسبة المشاركة فى الانتخابات البرلمانية التى جرت فى عام 2012 زادت على ضعف النسبة الحالية. ويدفعنا ذلك إلى البحث والتحرى ومحاولة معرفة الأسباب الحقيقية لنسبة المشاركة فى الانتخابات فى المرحلة الأولى.. التى لم تبتعد كثيرًا عن المعدلات العالمية ولكنها جاءت على خلاف ما كنا نأمل ونطمح إليه. qqq أردنا أن نبدأ بداية عقلانية ومنطقية ونحن نبحث عن هذه الأسباب الحقيقية فلابد أن نذكر أن العلاقات بين المصريين والانتخابات عموما انقطعت تقريبًا منذ زمن طويل بعد أن تبين للشعب أن الغالبية العظمى من الانتخابات والاستفتاءات كان يتم تزويدها وتغيير نتائجها.. وآخرها انتخابات 2010 البرلمانية والتى تم تزويرها بطريقة فجة فكانت أحد أسباب ثورة 25 يناير. عدم الإقبال على المشاركة فى الانتخابات إذن أصبح نوعا من العادة لدى الشعب المصرى.. وإن كان يستثنى من ذلك الأوقات التى يشعر فيها المصريون بالخطر.. فى هذه الحالة لا يبخل المصريون على صناديق الاقتراع بأصواتهم! لكن الحقيقة أن شعور المصريين بالخطر تناقص إلى حد كبير بعد الضربات القوية التى استطاع الجيش واستطاعت الشرطة توجيهها للإرهاب.. ومن ثم عادت الأمور إلى طبيعتها.. عدم الإقبال على الانتخابات! فى نفس الوقت لا نستطيع أن نتجاهل أن المصريين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع سواء فى الاستفتاء على الدستور أو التعديلات الدستورية أو فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية.. أكثر من سبع أو ثمانى مرات خلال فترة لا تزيد على أربع سنوات.. ولعل ذلك أصاب المصريين بالملل من الانتخابات عموما.. الحقيقة أيضا أن المصريين لأسباب كثيرة كانوا على غير معرفة بأسماء المرشحين وانتماءاتهم الحقيقية.. ولا أحد يعرف على وجه الدقة على من تقع المسئولية.. هل تقع المسئولية على الناخب الذى لم يبذل جهدا كافيا لمعرفة المرشحين فى دائرته الانتخابية.. أم أن المسئولية تقع على المرشح الذى عجز عن الوصول إلى الناخبين وتعريفهم بنفسه؟! المهم وفى كل الأحوال فإن النتيجة هى عدم معرفة الناخبين بأسماء المرشحين ومن ثم لم يكن هناك دافع قوى أمام الناخب للذهاب إلى صناديق الاقتراع.. أضف إلى ذلك أن هناك ناخبين كثيرين كانوا يخافون من أن تذهب أصواتهم إلى الإخوان أو السلفيين نتيجة جهلهم بانتماءات المرشحين الحقيقية فآثروا السلامة والابتعاد عن اللجان الانتخابية! الحقيقة أننا لا نستطيع أن نتجاهل أيضا أن الإعلام بصفة عامة قام بتسويق فكرة غريبة قبل الانتخابات مباشرة.. فكرة أن البرلمان القادم يمكن أن يسعى إلى سحب الثقة من الرئيس!.. ربما كان الدافع هو حشد الجماهير للمشاركة فى الانتخابات وعدم ترك الساحة خالية أمام الإخوان والسلفيين.. لكن الفكرة انعكست سلبا على مشاركة الجماهير فى الانتخابات. وليس صحيحا بعد ذلك أن الإحباط واليأس والغضب من ارتفاع الأسعار كان سببا رئيسيا فى عدم الإقبال على الانتخابات.. لو أن ذلك صحيح لتضاعفت أعداد الناخبين لاختيار من يساعدهم فى سحب الثقة من الحكومة والنظام. وأكثر من ذلك كله.. فالانتخابات لم تكن كارثة كما حاول البعض تصويرها ولكنها جاءت بنتائج إيجابية.. حان وقت التفاؤل! qqq فى استطاعة أى منصف أن ينكر أن عملية التصويت التى شهدتها المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية تمت بدرجة عالية من النزاهة والحرية لم تشهدها انتخابات برلمانية سابقة على امتداد تاريخ مصر. لا يستطيع منصف أن ينكر أيضا أن تأمين العملية الانتخابية جاء على أعلى مستوى وهو ما كان مؤشرًا قويًا على استقرار مصر. ثم النتائج نفسها.. فوز خمس سيدات و12 شابا و11 قبطيا.. كل ذلك له معنى واضح أن الشعب المصرى أصبح أكثر نضوجا من الناحية السياسية وأنه بعيد عن التعصب الطائفى.. ولا ننسى بعد ذلك الهزيمة التى لحقت بالسلفيين والإخوان.. والتى تؤكد أن مصر بخير! qqq تؤكد أن انتخابات المرحلة الثانية ستتفوق على انتخابات المرحلة الأولى من حيث نسبة المشاركة ومن حيث النتائج.. مرة أخرى وبدون تهويل أو تهوين.. مصر بخير!