فى جولة مكوكية على مدى عدة أيام قام الرئيس عبد الفتاح السيسى بجولة عربية آسيوية ناجحة استهلها بزيارة دولة الإمارات ثم الهند لحضور قمة «الهند - أفريقيا» واختتم الرئيس جولته بزيارة البحرين. وقد جاءت زيارة الرئيس لدولة الإمارات العربية فى إطار التعاون الاستراتيجى بين البلدين وتعزيزًا للعلاقات العربية، حيث التقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبو ظبى ، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. وأكد الرئيس التزام جمهورية مصر العربية تجاه أمن واستقرار دولة الإمارات العربية المتحدة ودول الخليج العربية والوقوف معا ضد مختلف التحديات. كما أكد على أهمية مواصلة تعزيز التكاتف العربى وتضامنه لمواجهة كافة التحديات التى تواجه المنطقة العربية والعمل على صون مقدراتها، ومحاربة التطرف والعنف والتصدى للتنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة التى تهدف إلى تقويض ركائز أمن واستقرار الدول ومؤسساتها الوطنية.جاءت زيارة الرئيس السيسى للإمارات فى توقيت بالغ الأهمية وفتحت الباب أمام المزيد من التنسيق من أجل المزيد من التشاور والتعاون على مستوى العلاقات الثنائية بين الطرفين وكذلك فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والعالمية محل الاهتمام المشترك فى ظل العلاقات الأخوية الراسخة التى تجمع بين البلدين على المستويين الرسمى والشعبى. ومن جانبها قالت وكالة الأنباء الإماراتية، «وام» إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لدولة الإمارات الثلاثاء الماضى عكست متانة العلاقات بين الإمارات وجمهورية مصر العربية الشقيقة، وهى العلاقات التى تمتعت على مر التاريخ بأهمية كبرى لدى الطرفين وشهدت خلال الفترة الأخيرة مزيدا من التطور والازدهار حتى أصبحت نموذجا لما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الدول العربية الشقيقة. وتحت عنوان «متانة العلاقات الإماراتية - المصرية» قالت وام: إن هذه الزيارة تعتبر الثانية للرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى إلى دولة الإمارات إذ سبقتها زيارة مماثلة فى يناير الماضى فيما يدلل على عمق العلاقات الثنائية والمكانة المتميزة التى تحتلها الإمارات لدى مصر. وأضافت أن السيسى ركز فى مباحثاته فى دولة الإمارات على سبل تطوير العلاقات الثنائية المتميزة على مختلف الصُّعُد بما يعزز مستوى التعاون الاستراتيجى القائم بين البلدين ولاسيما فى ضوء التحديات الإقليمية التى تشهدها المنطقة والتى تتطلب اتخاذ إجراءات سريعة لمواجهة الأخطار التى تهدد الأمن القومى العربى وخاصة فى ظل اتساع دائرة انتشار الإرهاب والفكر المتطرف. وأشارت إلى أن زيارة السيسى لدولة الإمارات حظيت هذه المرة بأهمية مضاعفة كونها تأتى فى ظل مجموعة من التغيرات المحورية فى المنطقة يتمثل أبرزها فى التطورات المهمة التى تشهدها الساحة اليمنية وما يحققه التحالف العربى بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة من إنجازات متوالية من أجل تكريس الشرعية هناك وإعادة الأمن والسلم إلى هذا البلد العربى الشقيق الذى عانى شعبه خلال الفترة الماضية ويلات عدم الاستقرار على الصعيدين السياسى والاقتصادى. وتابعت قائلة «إن أهمية هذه الزيارة تزداد فى ظل التحولات الكبيرة التى شهدتها الأزمة السورية بعد التدخل العسكرى الروسى هناك والذى مثل بداية مرحلة جديدة فى هذه الأزمة المتصاعدة منذ نحو أربع سنوات إضافة إلى ما تشهده الساحتان الإقليمية والدولية حاليا من تحركات مكثفة بغية إيجاد مخرج لهذه الأزمة التى تتطابق فيها وجهات النظر بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية وبالتالى فإن الزيارة جاءت ضمن التنسيق والعمل المشترك بين الطرفين من أجل إنهاء الأزمة وفتح آفاق جديدة لها». وأوضحت أن الزيارة تمثل أيضا فرصة لدعم العلاقات الاقتصادية بين البلدين التى تشغل حيزا مهما فى الموقف الإماراتى الثابت والداعم للأمن والاستقرار فى مصر الشقيقة عبر المشروعات الاستثمارية والتنموية الكبرى التى تنفذها وتمولها هناك. وعقب انتهاء زيارته للإمارات توجه الرئيس السيسى إلى الهند والتى أبدت فى عهد الرئيس السيسى حرصا كبيرا على دعم علاقاتها مع القاهرة فى مختلف المجالات وبخاصة فى المجال الدفاعى. وتعود العلاقات الهندية مع مصر إلى خمسينيات القرن الماضى وتحديدا عند تشكل «تحالف» دول عدم الانحياز، والذى أتى فى ظرفية دولية تحكمها ثنائية قطبية. وعقد الرئيس عبد الفتاح السيسى جلسة مباحثات مع نظيره الهندى برناب موخيرجى، وذلك فى مستهل زيارته للمشاركة فى قمة «الهند أفريقيا»، واعتبر الرئيس الهندى أن مشاركة مصر فى القمة ساهمت فى نجاحها وفى التوصل إلى نتائج تحقق نقلة نوعية فى علاقات التعاون القائمة بين بلاده والقارة الأفريقية. وأشار الرئيس الهندى إلى تاريخ العلاقات الثنائية واشتراك البلدين فى صياغة مواقف الدول النامية عقب التحرر من الاستعمار، وأشار إلى أنه يتابع باهتمام التطورات التى تشهدها مصر، حيث أشاد فى هذا الشأن بنجاح القيادة المصرية فى إعادة الاستقرار السياسى ودفع جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وذكر المتحدث باسم الرئاسة، السفير علاء يوسف، أن الرئيس أكد من جانبه على اهتمام مصر بتعزيز العلاقات التاريخية الوثيقة التى تربط البلدين، واستشراف آفاق جديدة للعلاقات تضمن تكثيف التعاون بين مصر والهند فى جميع المجالات، بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين، ويساعد على الارتقاء بالعلاقات بين الدولتين إلى مستويات تتناسب مع تاريخهما المشترك. ورحب الرئيس السيسى بزيادة التبادل التجارى بين البلدين خلال الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى نشاط الشركات الهندية بمصر، معرباً عن تطلعه إلى زيادة الاستثمارات الهندية فى ضوء الفرص الواعدة، التى تتيحها المشروعات الجارى تنفيذها والتعديلات التى تم إدخالها على البنية التشريعية الخاصة بالاستثمار، بما يوفر مناخاً جاذباً للاستثمارات، فضلاً عن الاستفادة من التكنولوجيا الهندية المتقدمة فى العديد من المجالات. وقد وجه الرئيس السيسى الدعوة للرئيس الهندى لزيارة مصر، وهو ما رحب به الرئيس «موخيرجى»، مشيراً إلى احتفاظه بذكريات طيبة عقب زيارة قام بها لمصر منذ سنوات لمس خلالها المشاعر الطيبة للشعب المصرى وكرم ضيافته. وخلال كلمته التى ألقاها أمام قمة «الهند أفريقيا»،أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى على التطلع إلى تعزيز التشاور والتنسيق بين الجانبين الأفريقى والهندى، فى مجال تمكين الدول النامية من نيل مكانتها المستحقة... فيما يتعلق بآليات اتخاذ القرارات الدولية ومن بينها مجلس الأمن، كأساس لا غنى عنه لتحقيق ديمقراطية العلاقات الدولية. وأوضح الرئيس أهمية الاستجابة لتطلعات وطموحات شعوب أفريقيا، فى إزالة الظلم التاريخى الواقع عليها، والحصول على التمثيل العادل الذى تستحقه بفئتى العضوية الدائمة وغير الدائمة بمجلس الأمن... وفقا للموقف الأفريقى الموحد بكافة عناصره... بالإضافة إلى أهمية إصلاح النظام الاقتصادى العالمى، على نحو يعزز من تمثيل وأصوات الأسواق الناشئة والبلدان النامية فى الهياكل الاقتصادية العالمية. وأشار السيسى إلى أن التحديات التى يواجهها العالم أجمع والدول النامية بشكل خاص، «تجعل من خيار الشراكة والتعاون الخيار الأجدى أمام حكوماتنا وشعوبنا»، مضيفاً أن الشراكة الأفريقية - الهندية تحتل مكانة متميزة باعتبارها أحد أهم نماذج التعاون البنّاء بين دول الجنوب، إذ تستند إلى تاريخ مشترك فيما يتعلق بالكفاح من أجل التحرر الوطنى، كما كان هناك أثر ملموس للشراكة بين الزعيمين الراحلين جمال عبد الناصر وجواهر لال نهرو فى تأسيس حركة عدم الانحياز، وفى جهود إعادة صياغة أسس النظام العالمى على نحو أكثر عدالة يحمى مصالح الدول النامية، ويلبى تطلعات شعوبها نحو مستقبل أفضل. ولفت إلى أهمية إيجاد حلول فعالة للنزاعات القائمة فى العديد من مناطق قارتنا الأفريقية، والتى تعتبر من أهم معوقات التنمية، فى ضوء التحديات التى تواجه القارة الأفريقية اليوم. وأكد الرئيس على عزم مصر من خلال عضويتها فى المجلس، التركيز على أولويات القارة الأفريقية فيما يتعلق بمسائل السلم والأمن.. والعمل على التوصل لحلول فعالة لما تعانيه دولها من نزاعات ومشكلات، وأهمية تعزيز التنسيق مع الشركاء فى الهند، فيما يتعلق بالتعامل مع الأنماط غير التقليدية للمخاطر التى تهدد السلم والأمن، وفى مقدمتها الإرهاب والقرصنة، والجريمة المنظمة العابرة للحدود. وتابع «كما أود التنويه إلى أهمية تبنى مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب.. لا تقتصر فقط على الجانب الأمنى، وإنما تمتد لتشمل تجفيف منابع الإرهاب على الصعيدين الفكرى والاقتصادى.. ولا يفوتنى أن أشير إلى الدور الذى يضطلع به الأزهر الشريف لنشر رسالة الإسلام السمحة ومواجهة الأفكار المتطرفة، كما يتعين تعزيز برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية وخلق فرص عمل للشباب.. والذين يلجأ العديد منهم إلى تبنى العنف بسبب البطالة وانسداد الأفق الاقتصادى». وصدرت عن هذه القمة وثيقتان، الأولى "إعلان نيودلهى" ويشمل القضايا الدولية التى تشغل الجانب الهندى والأفريقى التى تحتاج إلى تبادل الرأى حولها مثل الإرهاب الدولى والقرصنة وتغير المناخ والتنمية المستدامة والبيئة وإصلاح مجلس الأمن. أما الوثيقة الثانية فتتعلق بإطار عمل للتعاون المشترك بين الجانبين فى العديد من المجالات الحيوية الأخرى. وطالب قادة دول قمة منتدى "شراكة متجددة.. رؤية مشتركة" فى مشروع البيان الختامى بضرورة القيام بعمل جماعى عاجل لوضع هيكل للحوكمة العالمية يكون أكثر ديمقراطية، مما يساعد على ترسيخ أطر أمنية وإنمائية دولية تكون أكثر إنصافا وعدلا. وعكس توافق الرؤى والأولويات الأفريقية والهندية بحسب المراقبين مدى الرغبة فى الانتهاء من خطة العمل فى غضون الأشهر القليلة القادمة، وبما يضمن التنفيذ الكامل للأهداف فى إطار التعاون الاستراتيجى ويدعم تنفيذ أولويات أجندة أفريقيا لعام 2063. (البحرين) وعقب انتهاء قمة الهند – أفريقيا حرص الرئيس السيسى على زيارة مملكة البحرين التى كعادتها كانت سباقة فى مساندة الشعب المصرى حيث كان الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل مملكة البحرين أول زعيم خليجى يزور القاهرة عقب ثورة 30 يونيو. وخلال اللقاء أكد الملك حمد على مكانة مصر كركيزة أساسية لحماية الأمن القومى العربى باعتبارها كانت وستظل العمق الاستراتيجى للعرب وقلب العروبة النابض لافتا إلى حرصه الدائم على تعزيز وبناء العلاقات. من جانبه أشاد سفير مملكة البحرين فى مصر والمندوب الدائم للمملكة لدى جامعة الدول العربية الشيخ راشد بن عبد الرحمن آل خليفة بالزيارة التى قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر العربية إلى مملكة البحرين، فى إطار ما يجمع بين قيادتى وشعبى البلدين الشقيقين من روابط مشتركة وعلاقات أخوية متميزة. وأعرب الشيخ راشد بن عبد الرحمن آل خليفة فى تصريح له بهذه المناسبة عن تفاؤله بالنتائج التى أسفرت عنها زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى مملكة البحرين على صعيد تعزيز العلاقات بين البلدين فى مختلف المجالات وفتح آفاق جديدة للتعاون الثنائى، موضحا أن مملكة البحرين بقيادة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى والحكومة الموقرة برئاسة الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، وبدعم من صاحب الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولى العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، تولى اهتماما كبيرا لتهيئة كافة السبل لتعزيز وتطوير التعاون الشامل مع جمهورية مصر العربية الشقيقة. ونوه راشد بن عبد الرحمن بمواقف مملكة البحرين الداعمة والمساندة لكل الخطوات التى اتخذتها القيادة المصرية لتنفيذ «خارطة المستقبل» وحرص عاهل البلاد على حضور مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى «مصر المستقبل» فى شهر مارس 2015 على رأس وفد بحرينى كبير يضم كبريات شركات القطاع الخاص ورجال الأعمال، وكذلك حضور افتتاح قناة السويس الجديدة فى شهر أغسطس الماضى لمشاركة الشعب المصرى الشقيق وقيادته فرحتهم الكبيرة بهذا الإنجاز، فضلا عن إجراء التمرين العسكرى المشترك «حمد 1» على أرض المملكة بين قوة دفاع البحرين والقوات المسلحة المصرية وغيرها من الفعاليات الرسمية والشعبية التى تؤكد بوضوح عمق العلاقات الوطيدة بين البلدين الشقيقين والتى تمثل فى مجملها علاقات استراتيجية نموذجية يحتذى بها على الصعيد العربى. وأكد اعتزاز مملكة البحرين قيادة وشعبا بالمواقف المشرفة لجمهورية مصر العربية وشعبها الشقيق تجاه مملكة البحرين وأمن منطقة الخليج العربى، ودورها الريادى الكبير فى خدمة الأمة العربية والإسلامية ونصرة قضاياها العادلة وتعزيز مسيرة العمل العربى المشترك.