عضوية مصر فى مجلس الأمن باتت أمرًا محسوما لصالحها باعتبارها الدولة المرشحة للمجموعة الإفريقية وهو إجراء متفق عليه هذا ما أكده عدد من الدبلوماسيين المصريين الذين تحدثوا ل أكتوبر فى هذا العدد فرأى عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية أن مصر لا تخوض معركة فى مجلس الأمن وأن الأمر لا يتعدى أن يكون الفوز بأصوات كبيرة من معظم الدول خلال التصويت وقال أيضًا لا يوجد زخم معاد لمصر وأن وجودها كعضو فى مجلس الأمن يساهم ويساعد فى الملف الخاص بالسلم والأمن الدوليين. أوضح الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أن ما تقوم به وزارة الخارجية حاليا هو لضمان ارتفاع التصويت إلى عدد كبير. وأضاف هناك استثناءات حدثت فى السابق منها وجود تحد إقليمى وإصرار على إسقاط ترشيح دولة ما – على سبيل المثال عندما تحدت نيجيريا الترشيح الإقليمى وأسقطت النيجر – ولكن هذا ليس بالضرورة أن يكون نموذجا دائما فالأمر يعتمد على قوة الدولة ونفوذها والأمر الثانى فى الاستثناء أن الدول تجمع على إسقاط دولة معينة مثلما حدث مع تركيا منذ عدة أعوام ولم تنجح فى الحصول على عضوية مجلس الأمن غير الدائمة، واستطرد، أما بالنسبة لمصر الأمر مختلف ولا يوجد تحد كبير أو حتى زخم معاد يعرقل وصولها إلى العضوية وقد تكون هناك تيارات معادية ولكنها لا تمثل سوى أصوات قليلة، وبالتالى أمر وصول مصر إلى العضوية محسوم. وحول دور مصر فى مجلس الأمن قال إنه مهم جدا لأنها ستكون ضمن 15 دولة فى يدها الحفاط على السلم والأمن الدوليين إضافة إلى القضايا المطروحة أمامه وفى أثناء النقاش تكون كل الأمور والتفاصيل أمامها واضحة أكثر من الدول غير الموجودة فى هذه الدائرة المعنية بتحقيق الأمن والسلم الدوليين. وفيما يتعلق بالقضايا المطروحة بإصلاح مجلس الأمن قال موسى إن هذا الموضوع كبير وقديم ويتعلق بحق الفيتو والعدد الذى يجب أن يرتفع كى تمثل كل المجموعات فى المجموعة الدائمة العضوية فى مجلس الأمن، وكذلك غير الدائمة العضوية وأعتقد أن هذا سيكون فرصة للدبلوماسية المصرية كى تكون جزءًا من عملية النقاش حول قضايا الأمن والسلم الدوليين – إلا أنه اعتبر أن حسم إصلاح مجلس الأمن له حساباته الكثيرة وتعقيداته كما أن دولا كثيرة غير مستعدة لاتخاذ القرار فى هذا الشأن فى المنظور القريب. تركيا وقطر بلا تأثير من جانبه قال السفير عبد الرءوف الريدى إن عضوية مصر غير الدائمة فى مجلس الأمن خلال الأربع مرات السابقة كانت الظروف السياسية مختلفة خلالها وقال إن مصر سوف تفوز بالمقعد لكونها مرشحة المجموعة الإفريقية واستبعد أن تلعب بعض التيارات المعادية لمصر دورًا فى إفساد هذا الفوز أو حتى المال السياسى. وأضاف لا اعتقد أن إيران تعارض عضوية مصر غير الدائمة فى مجلس الأمن لأنه لا يوجد مبرر إلا أنه لم يستبعد مواقف مختلفة من تركيا وقطر واعتبرها غير مؤثرة وحول دور مجلس الأمن وفشله فى إدارة الأزمات الراهنة وحسمها مضيفًا أنه كان يقوم بدور مؤثر وفعال فى السابق واليوم يعرقل دوره التنظيمات الإرهابية، لأن الحوار مع الدول يؤدى إلى تفاهم وحسم للكثير من المشاكل أما التنظيمات الإرهابية فالتعامل والحوار معها أصعب لأنها لا تفهم سوى لغة المدافع والعمل الأمنى والعسكرى وهذا العمل كلفته عالية وهو ما نشهده حاليا فى الأزمات الراهنة. وحول الدور الذى ستقوم به مصر فى مجلس الأمن قال الريدى: لدينا أمل كبير فى تأثيرها على الساحة الدولية وترشيح المجموعة الإفريقية لمصر خطوة جيدة، لأن العالم كله يمر بظروف صعبة موضحًا أن مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ووجوده مهم للغاية حيث يلتقى مع المجتمع الدولى، وأضاف أن العالم يحتاج لمصر، كما تحتاج هى إليه لتحقيق الأمن والسلم الدوليين. دور الخارجية المصرية وعلى الصعيد الدبلوماسى بدأ التحرك بخطى متوازية لجولات ولقاءات الرئيس عبد الفتاح السيسى حيث قامت الحكومة بحملة دبلوماسية على الساحة الإفريقية والآسيوية والأوروبية والعربية لحشد الأصوات، من أجل فوز مصر بمقعد شمال إفريقيا فى مجلس الأمن الدولى للمرة الخامسة فى تاريخ المجلس الذى تم تأسيسه عام 1945م، والذى يضم 15 دولة بينها 5 دول دائمة العضوية. وللفوز بعضوية مجلس الأمن يتطلب حصول الدولة المرشحة على 129 صوتًا من أصوات الجمعية العامة البالغ عدد أعضائها 193 عضوًا، وقد سبق وأن فازت مصر بعضوية غير دائمة أربع مرات أعوام 1949 و1961 و1984 و1996، ويرى المراقبون أن نجاح مصر فى الحصول على هذا المقعد سيكون انتصارًا كبيرًا للدبلوماسية المصرية، وتعزيزا لعلاقات القاهرة مع القوى الإقليمية والدولية. ولا يخلو لقاء رسمى لمسئولين مصريين الآن مع المسئولين الأجانب إلا بطلب لدعم مصر فى الترشح للعضوية غير الدائمة فى مجلس الأمن، فى محاولة لحشد الأصوات من أجل الحصول على مقعد شمال إفريقيا، فى الانتخابات التى ستجرى خلال شهر أكتوبر المقبل ويشارك فى الحملة الدبلوماسية المكثفة كل دوائر السياسة الخارجية المصرية على المستويات الإفريقية والآسيوية والأوروبية والعربية،حيث أصدرت وزارة الخارجية كتيبًا عن أنشطة القاهرة وسياساتها فى مجالى السلم والأمن الدوليين، وأهم القضايا التى كان للإدارة السياسية المصرية دور فيها على صعيد الشرق الأوسط، خصوصًا القضية الفلسطينية. ويتضمن الكتيب الذى وزعه ممثلو مصر فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الحديث عن سياسة القاهرة فى دعم كل جهود الأممالمتحدة لإرساء السلام فى مناطق النزاع فى القاهرة الإفريقية والشرق الأوسط، والمشاركة فى 37 بعثة لحفظ السلام بحوالى 2.659 مجندًا وضابطًا مصريًا. أجندة عمل مصر بعد الفوز أكد السفير هشام بدر، مساعد وزير الخارجية للشئون متعددة الأطراف والمنظمات الدولية، أن أهم الأدوار التى ستقوم بها مصر فى حال حصولها على مقعد مجلس الأمن يأتى على رأسها تطوير منظومة حفظ السلام، وخاصة أن مصر تتعهد أمام العالم بزيادة قدراتها وحجم قواتها فى عمليات حفظ السلام حول العالم، بل إنها ستسعى بالتزامن مع زيادة قواتها على إعادة صياغة عمليات حفظ السلام بحيث تتلاءم مع التغييرات الكبيرة، لأنه من غير المقبول أن تكون مهمة قوات حفظ السلام هى مراقبة التعهدات والمعاهدات بين الأطراف المتنازعة دون أن يكون لها قدرات أو الحق فى رد أى اعتداء عليها أو حتى الصلاحية لمنع هجمات إرهابية على الأبرياء. وأضاف أن وزارة الخارجية تسعى لتكثيف جهودها الدبلوماسية فى نيويورك بالتزامن مع زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الولاياتالمتحدة للمشاركة فى افتتاح الدورة ال70 للأمم المتحدة، مؤكدًا أن الرئيس سيطرح العديد من القضايا المهمة المتعلقة بأولويات مصر وإفريقيا والشرق الأوسط والأمة الإسلامية خلال كلمته التى سيلقيها بالجمعية العامة للأمم المتحدة. وأوضح أن مصر ستسعى من خلال حصولهاعلى المقعد غير الدائم بالأممالمتحدة إلى زيادة حجم القرارات الفعالة التى تخص إفريقيا بشكل يترجم احتياجاتها الحقيقية، والتحدى المقبل هو العمل بقوة لدفع سكرتارية الأممالمتحدة للعمل على زيادة التسهيلات الخاصة بتنمية إفريقيا. استراتيجية مصرية وأضاف المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية أن الوزارة حرصت على تنظيم هذا الحدث ضمن خطة متكاملة للترويج للترشيح المصرى لعضوية مجلس الأمن فى فئة العضوية غير الدائمة لعامى 2016/2017، وطرح الاستراتيجية المصرية للتعامل مع القضايا الإفريقية والعربية والدولية المدرجة على جدول أعمال المجلس خلال فترة عضوية مصر. وأضاف أبو زيد أن الخطة التى وضعتها وزارة الخارجية شملت تنظيم جولات خارجية لسامح شكرى وزير الخارجية ولعدد من الدول الفاعلة على المسرحين الدولى والإقليمى، كما شملت أيضًا زيارة مقر الأممالمتحدة فى نيويورك فى شهر إبريل الماضى وعقد لقاءات مع مندوبى الدول الأعضاء وقيادات المنظمة الدولية، فضلًا عن زيارة مقر الأممالمتحدة فى العاصمة الكينية نيروبى فى يناير الماضى، ومقر برنامج الأممالمتحدة للبيئة فى نيروبى، حيث تضمنت لقاءات وزير الخارجية عرض الرؤية المصرية للقضايا الدولية المختلفة، ومقترحات مصر للارتقاء بدور مجلس الأمن وتمكينه من أداء المهام المنوطة به بالفاعلية المطلوبة. كما تضمنت خطة التحرك المصرية تكليفات محددة للسفارات المصرية فى الخارج للتواصل المستمر والمكثف مع المسئولين فى دول الاعتماد للترويج للترشيح المصرى، بالإضافة إلى إرسال مبعوثين رفيعى المستوى إلى عدد من الدول لعقد لقاءات مع كبار المسئولين بها لتعزيز ودعم الترشيح المصرى، وتنظيم فاعليات ثقافية وسياسية بعدد من العواصم لنفس الغرض. قالت مصادر دبلوماسية إن هناك ملفًا أعد بالكامل عن تحركات مصر الدبلوماسية فى الأزمة اليمنية بالكامل، ووقف الصراعات فى الدولة العربية ومساعدة الشعب الليبى، وسيتضمن أيضا الدور المصرى فى الخارج ودورها فى القضايا الإقليمية وعلى رأسها القضية الفلسطينية والليبية والسورية وموقفها الداعم لاستقرار الدول ومكافحة الإرهاب، ودورها فى مجال مكافحة الإرهاب من خلال اتفاقيات وقعت مع عدة دول لمكافحة الإرهاب فى المنطقة بالكامل، ودورها الإقليمى للتقريب بين الشعوب وإنهاء الصراعات الطائفية كما ذكر المصدر أن الكويت ضمن أبرز الدول التى تساند وتدعم مصر لعضوية مجلس الأمن، إضافة إلى تحالف «روسيا - الإمارات»، الذى قرر تشكيل مجموعة عمل غربية عربية لدعم مصر. فيما أوضح السفير بدر عبد العاطى المتحدث السابق للوزارة وسفير مصر ببرلين أن مصر تستحق مقعدًا فى مجلس الأمن، ليس لأنها تشارك فى بعثات قوات حفظ السلام فى مناطق النزاع، بل لأن القاهرة عضو نشط وفعال فى الجهود الدولية المتعلقة بالسلام والأمن الدوليين، وجنبًا إلى جنب مع دورها فى قضايا الشرق الأوسط، وجهود مصر مع الأممالمتحدة لإحلال السلام فى مناطق الصراع فى إفريقيا، حيث تشارك مصر فى أكثر من سبع وثلاثين بعثة لحفظ السلام. كما أكد السفير حسن هريدى مُساعد وزير الخارجية المصرى الأسبق، على وجود مؤشرات إيجابية تسهم فى حصول مصر على مقعد إفريقيا بمجلس الأمن الدولى، ولا سيما أن القاهرة تمتلك دعمًا عربيًا وإفريقيًا، ولديها علاقات مُتميّزة وعلاقات دولية قوية سوف تسهم فى فوزها بالمعركة الدبلوماسية أكتوبر المقبل، وخاصة أن انضمام مصر إلى مجلس الأمن الدولى من الأهداف السياسية الأكثر أهمية بالنسبة للرئيس السيسى، ولذلك لا يخلو اجتماعه بنظرائه من رؤساء العالم، أو عند استقباله الوفود الدولية والإقليمية، من الحديث عن أهمية دعم مصر نحو سعيها فى الحصول على مقعد مجلس الأمن الدولى، مؤكدًا من وجهة نظره أن المقعد يسهم فى انفتاح مصر على العالم بعد ثورة 30 يونيو وخلق دور إقليمى ودولى جديد، وبناء تحالفات استراتيجية للتعامُل مع القضايا الأمنية الإقليمية الملحة، ولا سيما بعد ظهور العديد من الجماعات المتطرفة التى باتت تهدّد الأمن والسلم الدوليين.