يد الإهمال تعاقبت على شباب مصر عقودًا طويلة، وتركوه يواجه كل أشكال الفكر المتطرف والأفكار المغلوطة دون سند أو معين أو طريق سوى يسترشد به وتستنير به أفكاره - واليوم يأتى الرئيس السيسى ليحتضن هؤلاء الشباب ويدعم طموحاتهم وأحلامهم ويؤمن لهم مستقبلهم من خلال البرنامج التثقيفى الذى وُضع حيز التنفيذ وكأن لسان حال الرئيس يقول: إلا شباب مصر فهم ثروة مصر.. ولا يجب أن نترك هذه الثروة دون أن نؤمن حاضرها ومستقبلها وندعم طموحاتهم المشروعة من خلال الفكر والثقافة والتدريب حتى نصنع كوادر شبابية قادرة على أن تخوض غمار الحياة السياسية والمجتمعية وقادرة على تحمل مسئولياتها وفق تأهيل علمى مدروس يجعل منهم قادة المستقبل.واذا كان حضور الرئيس أسبوع شباب الجامعات والمعاهد المصرية العاشر بجامعة قناة السويس بالإسماعيلية الهدف الأساسى منه توجيه رسالة لشباب مصر فى مختلف الجامعات المصرية حول مصر المستقبل ودورهم فى إثراء نهضتها - إلا أنه أيضًا كان حريصًا فى الوقت نفسه على توجيه رسالة أخرى قبل لقاء شباب الجامعات من خلال الاجتماع الذى عقده قبل اللقاء مباشرة مع رؤساء الجامعات المصرية المنوط بهم مسئولية إثراء الجانب التعليمى والتربوى والتثقيفى للشباب من خلال المناهج الجامعية المتعددة. وجاء تأكيد الرئيس لهم خلال اللقاء على أهمية الدور الذى تقوم به الجامعات وأعضاء هيئة التدريس فى تشكيل وعى الطلاب وغرس القيم الوطنية والانتماء وتأهيلهم ليكونوا طاقة وذخيرة مصر فى المستقبل حيث جاءت إشارته واضحة إلى أهمية الارتقاء بمستوى طلبة الجامعات حتى يتسلحوا بمكارم الأخلاق وأدوات العلم والمعرفة التى تمكنهم من خدمة بلدهم بتجرد ووطنية وكذا الانطلاق بها إلى آفاق تلبى تطلعات وآمال الشعب المصرى. وإذا كان الرئيس السيسى قد أكد بقوة على هذه النواحى الإيجابية التى تدعم مستقبل شباب الجامعات فإنه أيضًا قد ضَمّن فى رسالته لرؤساء الجامعات تأكيدًا جازمًا على أهمية الارتقاء بمستوى الجامعات المصرية واستعادة مكانتها بين الجامعات العالمية. وقد جاء اللقاء بين الرئيس السيسى وشباب الجامعات ليعلن فيه الرئيس عن هديته لشباب الجامعات من خلال إعلانه عن البرنامج التدريبى الاحترافى على أعلى المستويات لتأهيل الشباب للمشاركة السياسية والمجتمعية ولخلق كوادر شبابية قادرة على تحمل المسئولية ومؤهلة على أسس علمية منهجية.. إلا أنه قبل الإعلان عن البرنامج كان حريصًا على أن تتضمن كلمته للشباب فى لقائه معهم جانبا سياسيًا مهما حول الأوضاع العربية والعالمية التى نعيشها فى عالمنا المعاصر فقد تحدث أولا عن أزمة اللاجئين وأهمية تقديم المساعدة اللازمة لهم، مشيرًا إلى أن مصر تستضيفهم كأشقاء يتقاسمون مع الشعب المصرى الخدمات التعليمية والصحية التى تقدمها الدولة، رغم ما ينطوى عليه ذلك من أعباء اقتصادية. تحدث الرئيس أيضا عن أهمية مواصلة الجهود من أجل تثبيت دعائم الدولة والحفاظ عليها فى ظل ما تمر به عدد من دول المنطقة من توتر وعدم استقرار مشيرًا إلى مواصلة الدولة لجهودها فى الدفاع عن مقدرات مصر وحمايتها من الإرهاب، ومنوها إلى عملية «حق الشهيد» التى تنفذها القوات المسلحة حاليا لتطهير شمال سيناء من الإرهاب فى تأكيد على أهمية دور الشباب الواعى بحقيقة ما يحيط بالوطن من أخطار فى مواجهة التحديات لدفع مسيرة الوطن إلى الأمام، منوها أيضًا إلى أن بعض المطالب الفئوية لا تأخذ فى الاعتبار الأوضاع والصعوبات الاقتصادية التى تمر بها مصر فى الوقت الحالى وأن المرحلة الحالية تتطلب تضافر الجهود وإعلاء المصلحة الوطنية. وخلال تأكيد واضح أعلن الرئيس مشددًا أن لا مجال للفساد والمفسدين، مؤكدًا على أهمية التصدى وبحزم لمحاولات الاستيلاء على المال العام. وفى مجال التعليم حرص الرئيس السيسى على التأكيد على أهمية تحسين المنتج التعليمى وزيادة التواصل بين هيئات التدريس والطلاب من أجل تخريج أجيال جديدة واعية تتسلح بالعلم والعمل وقادرة على مواجهة الفساد. استعرض أيضا الرئيس أمام شباب الجامعات تجربة سنغافورة التنموية، مشيدًا بما حققته من تقدم وازدهار.. كما تناول أيضا مشكلة ارتفاع الأسعار التى تمس أغلب الشرائح المجتمعية من الشعب المصرى مشيرًا إلى جهود الدولة فى ضبط الأسعار من خلال دور الأجهزة الرقابية مؤكدًا على تحرك الدولة من أجل إنشاء منظومة لضبط الأسعار داعيا إلى ضرورة التعاون بين الأجهزة الرقابية والمبادرات الأهلية لمواجهة ارتفاع الأسعار. وعلى جانب الاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة - دعا الرئيس السيسى الشباب إلى المشاركة الفاعلة فى الانتخابات وإلى حسن اختيار أعضاء مجلس النواب بتجرد ووطنية من أجل إقامة حياة سياسية سليمة تمارس فيها السلطة التشريعية صلاحياتها الواسعة ودورها بالتعاون مع باقى مؤسسات الدولة. داعيا أيضًا بقوة إلى ضرورة مشاركة الفتاة المصرية فى الانتخابات البرلمانية فى مواصلة للدور الهام التى تقوم به المرأة المصرية فى وطنها. وفى كلمته «التاريخية» أمام شباب الجامعات والمعاهد المصرية تحدث الرئيس السيسى إليهم حديث الأب لأبنائه وبناته.. سعيدا بالتواجد بينهم.. موجها حديثه إليهم قائلًا: أنتم شباب الوطن الجسور الذى تطلع للتغيير وبادر بمساعيه ليضمن مستقبلًا أفضل لوطن تسوده الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.. وقد تحقق حلمكم المشروع بفضل إرادتكم وعزيمتكم الوطنية التى لا تلين.. فضربتم المثل فى الوطنية وأبهرتم العالم بروحكم الثورية النقية وتضحياتكم الباقية أبدا فى سجل الشرف الوطنى. فوطننا يحتاج أن توجد بيننا مساحات مشتركة.. نجتمع فيها حول حلم وطنى.. تكونون أنتم الشباب فى طليعته.. كما يناديكم الوطن لتثوروا من أجله مرة أخرى.. ثورة علم وأخلاق من أجل البناء.. فالوطن يحتاج إلى حماسكم وطهارتكم ونقائكم.. ليخطو خطوات أوسع نحو إعادة بناء الدولة المصرية.. دولة ديمقراطية حديثة. حديثه إلى جموع شباب الجامعات اتجه إليهم مخاطبا من خلال زاوية مهمة حينما أكد أن الدولة المصرية تمتلك إرادة حقيقية لتمكين الشباب من المشاركة السياسية والمجتمعية.. وحجز مقعد متقدم لهم فى دوائر صنع القرار المختلفة.. مؤكدًا أن ما يقوله ليس وعدًا ينتظر التنفيذ بل هو واقع يتحقق ولاحت دلائله حين تشكلت المجالس التخصصية التابعة لرئاسة الجمهورية بنسبة تمثيل للشباب بلغت 52% فضلًا عن أن توجيهات الرئيس دائما للحكومة بالتوسع فى تمكين الشباب المؤهل لتولى وظائف قيادية كمعاونين ومساعدين للوزراء والمحافظين. وفى ثناء مُستحق أكد الرئيس فى كلمته أن المشاركة المتميزة للشباب فى الإعداد والتجهيز لمؤتمر الاقتصاد المصرى بشرم الشيخ خير تقديم لشبابنا إلى العالم موجها التحية والتقدير والاعتزاز للشباب الذين ضربوا المثل فى القدرة على الإنجاز وقهر المستحيل.. عندما حفروا قناة السويس الجديدة فى أقل من عام.. موجها أيضًا تحية إجلال للشهداء الأبرار الذين تقدموا الصفوف ليواجهوا إرهابا أسود يريد النيل من الوطن.. وقدموا أرواحهم من أجل أن تبقى راية هذا الوطن عالية خفاقة.. فإن هؤلاء الشباب تصدروا الصفوف لحماية الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره سواء كانوا من القوات المسلحة أو الشرطة المدنية أو من أى فئات الشعب العظيم.. فاستحقوا الخلود فى وجدان الوطن. وفى مجال جهود الدولة لدعم شباب الجامعات وتشجيع البحث العلمى.. أكد الرئيس السيسى أن الدولة قدمت جهودًا واضحة لدعم شباب الجامعات والبحث العلمى وإطلاق مشروعات لرعاية شباب الباحثين لدعم المشروعات العلمية والبحثية، فضلًا عن التوسع فى مجالات التنمية التكنولوجية لتطوير العملية التعليمية بالجامعات. مؤكدًا على أن هذه الجهود ليست نهاية المطاف ولا تكفى وحدها لتحقيق إرادة الدولة فى رعاية شبابها بالشكل الذى تطمح إليه ولكنها خطوات على طريق بدأناه وعهد قطعناه لإعداد شبابنا وتمكينهم من المشاركة الفاعلة فى مسيرة الوطن. وجاء الوقت ليعلن الرئيس السيسى عن البرنامج التثقيفى قائلًا: لقد كلفت المجلس التخصصى للتعليم والبحث العلمى وأجهزة رئاسة الجمهورية فى مارس الماضى.. بإعداد برنامج تدريبى احترافى على أعلى مستوى لتأهيل الشباب للمشاركة السياسية والمجتمعية ولخلق كوادر شبابية قيادية قادرة على تحمل المسئولية ومؤهلة على أساس علمى - ولينطلق هذا البرنامج تحت رعاية رئاسة الجمهورية وبتمويل من صندوق تحيا مصر مستهدفًا تأهيل 2500 شاب وشابة سنويًا كمرحلة أولى من المنتظر اتساعها فى المراحل التالية للمشروع وهو نهج أتمنى أن تسير عليه باقى مؤسسات الدولة الرسمية وغير الرسمية لتأهيل كوادرها الشابة وتمكينهم من اكتساب الخبرات اللازمة لخلق قادة المستقبل. ولا شك أن ما أعلنه الرئيس السيسى حول هذا البرنامج الذى يمثل قاعدة انطلاق للشباب يضمن لهم التأهيل والتدريب والتثقيف لهو إنجاز مهم لمصر المستقبل فقد كانت بصيرة الرئيس ثاقبة نحو اهتمامه بهذه الفئة المجتمعية والتى تتمثل فى شباب مصر ووضعه على طريق جاد وجديد يدعمه الفكر والتدريب والتثقيف فكما أعلن أن تهميش هذه الفئة الشابة من نسيج المجتمع وقمع أحلامهم كان شوكة فى ظهر الوطن وعائقا فى طريق نموه وفقدانا لهويته، فإن ما أعلنه الرئيس السيسى حول هذا البرنامج قد أنهى هذا التهميش وأصبح بداية حقيقية لحصول الشباب على الرعاية والدعم من الدولة التى تحتاج إلى حماسة الشباب ونقائه فى مواجهة كل التحديات التى تواجه الوطن.