2500 فدان مساحة الأرض موضوع الاتهام فى القضية التى أطاحت بوزير من فوق كرسيه إضافة إلى مدير مكتبه والسؤال : كم تمثل هذه الفدادين ال (2500) فى بحر الفساد الذى ضيّع على الدولة فى السنوات العشر الماضية من الأموال ما يوازى تقريبا – الآن - نصف حجم الدين الداخلى الذى تخطى لأول مرة مبلغ 2 تريليون جنيه بينما تتحدث تقارير عن ضياع ما يقرب من تريليون جنيه فى أراضى وضع اليد وأخرى تم بيعها بجنيهات قليلة لمستثمرين ليزرعوها ويسدوا فجوة نقص الغذاء فاستثمروها فى العقارات الفاخرة ومنتجعات الأثرياء وربحوا مليارات الجنيهات بتسهيلات وتواطؤ من حكومات النظام الفاسد لمبارك.(1) قبل ثورة 25يناير 2011 بستة أشهر تقريبًا أصدر الجهاز المركزى للمحاسبات تقريرًا أورد فيه حصرًا بالأرقام والأماكن لأراضى الدولة المتعدى عليها فى عدد من المحافظات، وحدد مساحات التعديات الواقعة فى زمامها وجهة التعدى، وركز التقرير على منطقة وادى النطرون التابعة لمحافظة البحيرة كأحد أكثر الأماكن التى وقعت عليها التعديات بسبب طبيعتها وندرة سكانها مع اتساع المساحات التى يمكن استزراعها فى وقت كثر فيه الحالمون بامتلاك مشروع المزرعة كبيرة أو صغيرة، ولعل هذا يفسر لنا لماذا كانت «وادى النطرون» مسرحا لأحدث قضايا الفساد التى ضبطتها هيئة الرقابة الإدارية. دعونا لا نتجاوز هذا التقرير لنفهم كيف كانت تدار الأمور فى دولة الفساد السابقة على ثورة 25 يناير 2011. جاء فى التقرير المشار إليه نقلًا عن بيانات صادرة عن هيئة التعمير والتنمية الزراعية صاحبة الولاية على هذه الأراضى أن عددًا من الجمعيات الأهلية وضعت يدها على مساحة 5 آلاف و953 فدانًا وثبت أنها مزروعة بالكامل عدا 157 فدانًا فقط بور، وشركة أخرى استولت على 5 آلاف فدان إضافة إلى 6 آلاف فدان أخرى وضعت جمعية أخرى يدها عليها، ومساحة أخرى تبلغ 12ألفا و516 فدانًا ، وإذا جمعت إجمالى هذه المساحات يكون الرقم: 29 ألفا و469 فدانًا تقدم واضعو اليد عليها لهيئة التعمير بطلبات لتقنين وضعها أى امتلاكها رسميا بدفع رسوم معينة بالطبع هى أقل كثيرًا من ثمن الأرض. وورد فى التقرير أن إدارة هيئة التعمير رفضت طلبات التقنين لهذه المساحات المتعدى عليها (لعدم انطباق شروط التقنين عليها) وقد صدر لها قرارات إزالة. وفى ذات التقرير عن ذات المنطقة «وادى النطرون» هناك بيانات عن 16 ألفًا و800 ألف فدان وضعت شركة «الدقهلية» يدها عليها، وألف و 200 فدان وضعت شركة «ريجوا» يدها عليها ومساحة مماثلة وضعت شركة أخرى يدها عليها وكل هذه المساحات تقع فى حزام الأمان الخاص بوادى النطرون لذلك رفضت الهيئة طلبات التقنين المقدمة لها. هذا فقط ما رصده التقرير فى وادى النطرون قبل 6 أعوام فى ظل أوضاع مستقرة للدولة والأمن، ولا داعى لأن نزعجكم بأرقام أخرى من ذات التقرير عن مساحات شاسعة من أراضى الدولة المغتصبة فى محافظات ومناطق أخرى، لكن فقط نشير إلى ما لفت إليه التقرير من أن جريمة التعدى على أملاك الدولة من الأراضى لا تقتصر على فئة مجتمعية معينة ولكن يرتكبها (باعتبارها جريمة) رجال أعمال وجمعيات تعاونية وشركات وهيئات مختلفة، ووقائع التعدى لم تكن كلها حديثة العهد، فقد وقع بعضها منذ عشرات السنين وعادت لتفرض نفسها بعد تسريب عدد من التقارير للمخالفات الجديدة ومنها هذا التقرير المشار إليه وقد أصدرته هيئة التعمير والتنمية الزراعية التابعة لوزارة الزراعة وجهاز حماية الأراضى، وما صدر هذا التقرير إلا بعد أن استحالت «نهيبة» أراضى الدولة إلى ما يتجاوز الحمى لكن كان هناك سر يكمن وراء هذا. (2) والسر هو هذا القرار الذى أصدره رئيس الوزراء أحمد نظيف تحت رقم 2842 لسنة 2009 (قبل عام من صدور تقرير الهيئة الذى فضح التعديات) وقد فتح قرار رئيس الحكومة بابا لتصالح الدولة مع واضعى اليد من خلال التقنين، وبعد صدور القرار وخلال أقل من عام تلقت وزراة الزراعة 29 ألف طلب لتقنين أراض مغتصبة بالفعل، لقد شجع القرار الكثيرين على الاستيلاء على الأراضى وإدعاء وضع إيديهم عليها قبل 3 سنوات من صدور قرار رئيس الوزراء وكانت هذه المدة شرطًا رئيسيًا من شروط التقنين، وفشلت الحكومة فى ردع أو رد المغتصبين الجدد فما كان منها «ممثلة فى وزير الزراعة آنذاك أمين أباظة» إلا الوعد بتشكيل لجنة لحصر الأراضى وسحبها ممن لا يستحق ومن المستحقين غير الجادين فى زراعتها، وطبعا مع اللجان تضيع الحقوق ويتجاوزها الزمن، وأعجب من هذا أن وزير الزراعة الذى رفعت إليه تقارير التعديات وعد بإصدار قرارات بالإزالة الفورية واسترجاع الأراضى المنهوبة، وقرر فى نفس الوقت أن يمنح الناهبين مهلة لمدة عام يتم فيها تحصيل إيجار للأراضى من المستثمرين واضعى اليد رافعا شعار تحصيل مستحقات الدولة المتأخرة وتحصيل حق الانتفاع (!!)، هذا ما أنتهت إليه الوعود والقرارات وبالطبع لم تنفذ لأنها وهمية. (3) ومهما بلغ حجم الفساد المتعلق بأراضى الدولة فى وادى النطرون أو غيرها من مناطق فلن يصل إلى ما عرفناه من حجم الفساد فى التعامل على أراضى طريق مصر - الإسكندرية الصحراوى، وقد قيل فى بعض التقديرات إن حجم المساحات التى تم نهبها بالأرقام يتجاوز 16 مليون فدان، تساوى 800 مليار جنيه ذهبت إلى حسابات المحظوظين من رجال الأعمال والمسئولين الذين شاركوهم الغنيمة أو سهلوا لهم الاستيلاء عليها. ..و لم تكن أراضى طريق مصر - إسكندرية الصحراوى مجرد تجسيد حى للفساد المالى ولكن أيضًا للفساد الأخلاقى الذى تجاوز أعمال البلطجة وفرض الإتاوات إلى ارتكاب جرائم قتل لترويع الخصوم وإبعادهم، أو طردهم من الأرض، واستغلال بعض الكبار لقانون الطوارئ للبطش بمن لا ظهر له يحميه. وفى ملف الطريق الصحراوى الأرقام كثيرة لكننا أيضًا نتوقف عند قرارات للحكومة سهلت هذا الفساد بداية من تخصيص الأراضى الواقعة على جانبى الطريق بالأمر المباشر بغرض الزراعة ، إلى تجاوز المساحة المخصصة للبناء على الأرض وكانت الدولة قد حددتها ب 2% فقط لكن السادة الذين حصلوا على الأرض ليزرعوها كانوا فوق القانون وحولوا النشاط الذى تم تخصيص الأرض لأجله وهو الزراعة إلى استثمار عقارى وراحوا يبنون المنتجعات والكمبوندات الفاخرة، بما يزيد على 20% من المساحة فماذا فعلت الحكومة؟! عام 2007 إبان وزارة د. كمال الجنزورى جمع رئيس الحكومة وزراءه المعنيين من زراعة وإسكان وموارد مائية إضافة إلى رئيس هيئة التنمية الزراعية ورئيس هيئة التخطيط العمرانى وراحوا يبحثون تقنين أوضاع المخالفين على الطريق الصحراوى، وصدر عن الاجتماع قرار بعدم سحب الأراضى منهم ولكن تحصيل غرامات تبدأ ب 100 ألف جنيه إذا وصلت نسبة المخالفة إلى 5% زيادة على النسبة المقررة من البداية (2%) ويضاف 15 ألفًا أخرى لكل 1% زيادة فى المخالفة .. وبحسبة الحكومة كان سعر الفدان سيصل إلى مليون ونصف المليون إذا تم البناء على نسبة 100% من الأرض وهذه الحسبة النظرية لم تكن لتتحقق فى المنتجعات ذات المساحات الخضراء وملاعب الجولف التى اعتبرتها الحكومة مساحات مزروعة بينما أضاف المستثمرون ثمنها على الوحدات «الفيلا أو القصر» وحملوها للمشترى ! وبعد 3 سنوات من هذا الاجتماع أصدرت حكومة نظيف (حكومة رجال الأعمال) قرارا برفع نسبة البناء على أراضى الطريق الصحراوى من 2% إلى 7% دون تحصيل حقوقها القديمة!! بل وفكرت نفس الحكومة فى رفع النسبة إلى 22% وكانت غالبًا ستفعلها فعائلات رجال الأعمال المستثمرون فى الطريق الصحراوى ممثلون فى الحكومة أو تربطهم علاقات نسب بالنظام، وهكذا وصل سعر فدان الأرض على الصحراوى - قبل الثورة بشهور - إلى ما يقرب من مليون جنيه باعه مستثمر لم يدفع فيه للحكومة إلا جنيهات لا تزيد على بقشيش يدفعه فى غداء أو عشاء عمل فى أحد الفنادق (!!) (4) والآن وبعد ما يقرب من 5 سنوات على الثورة ماذا فعلنا مع لصوص الأراضى؟. وهل استطعنا أن نسترد حقوق الدولة الضائعة فى وادى النطرون والطريق الصحراوى؟! لا إجابة.