يبدو أن الحلم قد أصبح على أبواب الحقيقة بعد أن وقعت مصر عقد إنشاء المحطات النووية لإنتاج الطاقة الكهربية فى مجمع الضبعة النووى . إن اختيار منطقة الضبعة على ساحل البحر المتوسط سيكون بداية قوية لدخول مصر العصر النووى من خلال إنشاء مجمع للمفاعلات النووية بهدف إنتاج الطاقة الكهربية .ويؤكد العالم د. إبراهيم العسيرى مستشار وزير الكهرباء لشئون المحطات النووية أن اختيار موقع الضبعة قد خضع لدراسات متعددة ومستفيضة على مدى عشرين عاماً من حيث دراسة نوع التربة واتجاهات الرياح ومتوسط معدلات درجات الحرارة والمد والجذر فى البحر على مدار العام، بل على مدار اليوم الواحد من أيام السنة وبعد كل هذه الدراسات تيقن العلماء المشرفون والمعنيون باختيار المكان ان موقع الضبعة هو الأنسب حيث إن هذه الدراسات تمت من خلال هيئة المحطات النووية وهيئة الرقابة الإشعاعية للتأكد من توافر شروط الأمان وإعطاء الإذن بإنشاء المفاعلات. وعن طبيعة عمل المفاعل المزمع إنشاؤه يقول د. إبراهيم العسيرى إن المفاعل الروسى المنتظر إنشاؤه والبدء فى تنفيذ البناء الهيكلى له خلال شهور قليلة هو من الجيل الثالث من المفاعلات العالمية والذى يستخدم فيه ماء البحر للتبريد واليورانيوم الطبيعى كوقود فهو يعمل بأخذ المياه من البحر فى دورة تبريد مغلقة ليعود الماء مرة أخرى إلى البحر . أعلى معدلات الأمان ويقول د. رضا عز الدين رئيس هيئة الرقابة النووية والإشعاعية إن معدلات الأمان الإشعاعى فى المفاعلات الروسية من الجيل الثالث من أعلى المعدلات أمانا على مستوى العالم فهى تعمل فى تشغيلها على برنامج التشغيل الأوتوماتيكى دون تدخل للعنصر البشرى، أى أن المفاعل يتوقف تلقائياً فى حالة حدوث أى خطأ ولا يعود للتشغيل مرة أخرى إلا بعد إصلاح هذا الخطأ تماماً ولتبسيط هذا الأمر حتى يفهمه المواطن العادى هو أن المفاعل يعمل وفق برنامج تشغيل تدخل فيه عوامل الأمان كأساس قبل التشغيل وأثناء التشغيل ولا مجال للخطأ اطلاقاً حيث يتم اكتشاف الأعطال قبل وقوعها أو بمعنى أخر تلافى وقوع الأخطاء هو الأساس فى برنامج التشغيل . أربعة مفاعلات ويشير د. إبراهيم العسيرى إلى أنه سيتم إنشاء أربعة مفاعلات متتالية زمنياً فى مجمع الضبعة النووى فى مدة من خمس إلى سبع سنوات وأن العمر الافتراضى للمفاعل يصل إلى ستين عاماً ويشير أيضًا إلى أن الطاقة النووية هامة جداً لمصر خلال العقود الثلاثة القادمة لأننا نمتلك الكوادر البشرية والفنية القادرة على استيعاب تكنولوجيات المحطات النووية الحديثة كما تمتلك مصر أيضاً كميات كبيرة من خام اليورانيوم كما تضم مصر فى جبالها العديد من المناجم الصالحة لاستخراج الخامات النووية وعلى رأسها خام اليورانيوم . كما أن المفاعلات التى أوكلت إلى الشركة الروسية لإنشائها هى من أكثر المفاعلات كفاءة فى التشغيل والأداء إضافة إلى أن الخبراء الروس لهم خبرة واسعة فى مجال الاستخدامات النووية للحصول على الطاقة الكهربية .. أو ما يعرف بالاستخدامات السلمية للطاقة الذرية . ويؤكد د. العسيرى أن أكبر دليل علىكفاءة هذا النوع من المفاعلات أن 83% من المحطات النووية تحت الإنشاء فى العالم من نفس نوع المفاعلات التى ستنشأ فى مصر، كما أن المحطات النووية من هذا النوع والتى تعمل بالفعل منذ سنوات فى دول كثيرة من العالم لم يحدث بها أى خطأ أو تسرب إشعاعى أو أى درجة من درجات الخطورة. الأكثر أمانًا ويؤكد د. رضا عز الدين رئيس هيئة الرقابة النووية والإشعاعية أن المواطن العادى قد لا يصدق أن المحطات النووية العاملة فى العالم لإنتاج الكهرباء هى أكثر أمانًا من الناحية البيئية وأقل خطورة 1000 مرة من محطات الفحم أو الغاز وهى أرخص 10000 مرة من استخدام الوقود الحفرى مثل مشتقات البترول أو الفحم فى المحطات التقليدية . ولعلنا ندرك أن مصادر الطاقة الطبيعية آخذة فى النضوب وأن زيادة الاستهلاك سترفع أسعارها إلى أرقام فلكية وهو ما يجعلنا فى أشد الحاجة إلى الانطلاق نحو إنتاج طاقة نظيفة وآمنة ورخيصة . ويضيف د. رضا عز الدين: إذا كانت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من الطاقات النظيفة والآمنة إلا أنها ليست رخيصة وتكلفتها عالية بل لعلى لا أكون مبالغاً إذا قلت إن استخدام الطاقة النووية هى أكثر أمانًا وأرخص سعرًا من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح واكبر دليل على ذلك أن دولة مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية بها 104 مفاعلات نووية وأن 60% أو أكثر من إنتاج الكهرباء فى دولة مثل فرنسا يتم عن طريق المحطات النووية كما أن دولة مثل ألمانيا اقامت محطات نووية داخل المدن تقريبًا وهو ما يؤكد على نظافة وأمان تلك المحطات تدريب الكوادر ويؤكد د. إبراهيم العسيرى إنه سيتم إنشاء مدارس فنية لتعليم الكوادر الشابة وتدريبهم على تكنولوجيات المفاعلات المزمع إنشاؤها فى الضبعة وأن تلك المدارس الفنية ستكون ما بين كلية الهندسة – جامعة الإسكندرية وهيئة المحطات النووية وستكون فترة التدريب خلال فترة انشاء المحطات أى أنه خلال السنوات الأربع الأولى المستغرقة فى إنشاء أول محطتين سيكون لدينا كوادر فنية شابة قادرة على التشغيل والصيانة للمفاعلات النووية. وسنستمر ونتوسع فى عمليات التدريب من خلال إنشاء معاهد ومدارس فنية متخصصة فى المجال التقنى للمحطات النووية وبذلك نكون قد تكاملنا إنشاء وتدريب.