دعا بعض الشباب على صفحات التواصل الاجتماعى وعبر مواقع الإنترنت لمقاطعة شركات المحمول فى بعض ساعات اليوم أى عدم استخدام التليفون المحمول لعدد من الساعات، ثم تطوير المقاطعة بعد ذلك لتمتد يوما كاملا، ذلك بعد أن رفضت شركات المحمول فى مصر تخفيض أسعارها التى لا يماثلها شىء فى العالم! لم تمض أسابيع قليلة على رفض الشركات حتى جاء شهر رمضان بسيل الإعلانات المعتادة وكان أبرزها إعلانات شركات المحمول التى أدهشت الناس بكثافتها وتكلفتها الهائلة مما أعاد فكرة المقاطعة مرة أخرى، حتى تتوقف المكاسب الباهظة التى تحققها تلك الشركات فى مقابل خدمة رديئة وتكلفة عالية يتحملها المواطن! لكن الحقيقة أن شركات المحمول لديها كل الحق فيما تفعل من تنكيل بالناس واستغلال لهم، فما تتقاضاه أغلى من شركات المحمول فى كل أوروبا أو حتى فى الخليج أو أى مكان فى العالم، وما تقرره هى تحصل عليه وعلى المتضرر أن يلجأ للشكوى، والشكوى فى بلدنا دائما ما تأتى فى غير صالح المواطن. ثم إن المواطن مهما بلغ فهو «غلبان» لا سند له ولا معين سوى الله، والدولة التى يجب أن تقف فى ظهره قد أعطته ظهرها لأن لديها ما هو أهم وأكبر! بالتالى أصبح المواطن نهبا لهذه الشركات وغيرها، بل هو فوق ذلك لا يستطيع بسلبيته وخنوعه أن يشارك فى موقف جماعى ضدها فقد أصبح هذا الجهاز الصغير ملتصقا بكل الناس، فقراؤهم وأغنياؤهم كبارهم وصغارهم من يحتاجه بالفعل ومن يتخذه رفاهية. أنا كثيرًا ما أتعجب وأنا أرى أناسا بسطاء بل فقراء جدًا وهم يضعونه على آذانهم فى مكالمات طويلة جدًا يبدو من نبرة الصوت والملامح فيها أنها لا أهمية لها، ومع ذلك يتحدثون ويتحدثون والشركات تتعاظم أرباحها على حساب هؤلاء وهؤلاء! أنا لست ضد أن تحقق تلك الشركات أرباحا ولا ضد أن يستخدم الفقراء هذه الخدمة، ولكنى ضد هذا السفه المستشرى فى بلدنا، والذى تحول إلى أمر خانق بينما الدولة تقف عاجزة عن حماية مواطنيها من استغلال شركات تستطيع أن تجلب إعلانات وتدفع لفنانين وتلح فى ساعات المشاهدة العالية، تدفع كل هذا ولا يضيرها أى شيء، لكن حين يطالبها أحد بتخفيض ما تلتهمه من أرباح لصالح المواطن فهى لا تستطيع لأنها ستحقق خسائر! إذا كانت الدولة والمجتمع قد ارتضيا أن تحكمنا الرأسمالية بجشعها ونهمها، فإن أبسط أدوار الدولة هو حماية المجتمع من سيطرة رأس المال المستغل.. وإذا كان المواطن يريد أن يكون له ثمن فى بلده فيجب أن يكون له موقف محترم.. هذا إن أردنا أن نكون على خريطة العالم المتحضر!