يشهد الوضع فى ليبيا مزيدا من التأزم والفوضى حيث يتحالف بعض المتشددين الإسلاميين فى ليبيا مع تنظيم القاعدة بينما يتحالف آخرون مع تنظيم الدولة الإسلامية داعش وسط تمدد داعش واستيلائها على سرت بالكامل وسعيها للسيطرة على درنة مما تسبب فى قلق دولى ومخاوف من أن يكون تمدد داعش داخل ليبيا تمهيدا لامتداد خطره إقليميا لدول الجوار فى شمال افريقيا ومنة إلى اوروبا على الضفة الأخرى، فعلى الأرض سيطرة داعش على مدينة سرت بعد اشتباكات محدودة مع كتيبة لفجر ليبيا الموالية لحكومة طرابلس، مما أدى إلى انسحاب الكتيبة خارج المدينة ووقوعها فى يد داعش ومما تبعة سيطرة التنظيم على مواقع حساسة فى المدينة أهمها مطار وقاعدة سرت الجوية ومحطة الخليج البخارية لتوليد الكهرباء فى سرت والتى تعمل بقدرة انتاجية عالية تمكنها من تزويد معظم مناطق شمال ليبيا وبذلك أعلنت داعش سيطرتها على سرت بالكامل أما درنة شرق البلاد هى المدينة الثانية التى تريد داعش السيطرة عليها فمنذ أسبوع يدور القتال بين داعش وجماعة مجلس شورى المدينة المرتبطة بجماعات متمردة قاتلت القذافى بدعم محلى ألا أنها تواجه بعض صعوبات فى ذلك حيث تحالف إحدى المليشيات المتشددة مع سكان درنة للتصدى لمقاتلى تنظيم داعش واستطاعوا أسر القائد اليمنى للتنظيم وإصابة أكثر من سبعين عنصر من داعش واستعادة بعض الأماكن التى وقعت فى يد داعش وأهمها قاعدة المحكمة والتى قامت القوات الجوية التابعة لطبرق بقصفها بالإضافة إلى مقر الحسبة التابع لتنظيم داعش فى المدينة. ويرجع السبب فى رغبة داعش فى السيطرة على درنة إلى أهميتها فطبيعتها الجبيلة الوعرة تسهل اختباء القيادات والمقاتلين وكذلك انشاء مركز تدريب كما أن المدينة كانت فى السابق مركز لتدريب المتشددين التابعين للقاعدة وبالفعل المدينة يوجد بها ما يقرب من 800 مقاتل ويعد الوحشية هى الأسلوب الأمثل الذى تتبعه داعش لبث الرعب فى القلوب فخلال مظاهرة مناهضة لتمدد داعش فى درنة فتحت عناصر داعش النار على المحتجين مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة ثلاثين آخرين كما تتعرض احياء سكنية فى درنة لقصف عشوائى وجدير بالذكر أن درنة هى اول مدينة حاول تنظيم داعش السيطرة عليها فى حين تركز مسلحى داعش فى منطقتى رأس الهلال والفتايح وقد قامت طائرات الجيش الليبى بقصف رأس الهلال شرقى درنة مما أدى إلى تدميره وهو أحد خطوط الامداد الرئيسية لتنظيم داعش وقد أعلنت قوات الجيش بمصراتة الجزء الواقع من ابى قرين إلى سرت منطقة عسكرية مغلقة وهو يعد استعداد لشن هجوم على داعش فى سرت من جهة الغرب وطلبت غرفة العمليات المواطنين بعدم الدخول أو التحرك فى هذه المناطق التى تشهد اشتباكات مسلحة تخوضها الكتيبة 166 وكتائب الثوار المساندة لها التابعة لرئاسة الأركان العامة ضد ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية فى مدينة سرت. ومما يثير القلق أن دعم القوى المتطرفة لداعش فى المنطقة لم يعد يقتصر على التتاييد المعنوى وإعلان الولاء لهم أو دعمهم بالأسلحة بشكل سرى بل أن داعش أعلنت فى احتفالات لها عن وصول أسلحة من جماعة بوكو حرام فى نيجيريا والتى اعلنت لاوئهم لزعيم داعش أبى بكر البغدادى مطلع العام الجارى وكان عبد الله الثنى رئيس الوزراء الليبى قد كشف منذ عدة أشهر عن انتقال مسلحى بوكو حرام إلى ليبيا للانضمام إلى دعش. ومع النجاحات العسكرية التى يحرزها داعش وتغلغله بسرعة فى الأراضى الليبية أدى إلى قلق إقليمى من أن يكون تمدد داعش ادخل الأراضى الليبية هى بداية توغلة الإقليمى فى تلك المنطقة ووصول عناصر داعش إلى دول الجوار خاصة بعد حادثة اختطاف دبلوماسيين تونسيين فى طرابلس منذ عدة أيام. ورغم ذلك التوغل الخطير لداعش صرح جون ايف لودريان وزير الدفاع الفرنسى إلا أن الأزمة الليبية لن تحل إلا فى إطار من الحوار وأن الحل العسكرى هو ما تريده داعش ومن جهة أخرى كشفت منظمة العدل والتنمية أسرار دعم أردوغان لتنظيم داعش ليبيا بالأسلحة والصواريخ سعيا لتمدده داخل تونس والمغرب والجزائر للضغط على دول الاتحاد الأوروبى التى تعارض انضمام تركيا لعضوية الاتحاد وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا. وفى نفس السياق حذر المبعوث الأممى إلى ليبيا برناردينو ليون من أن لدى تنظيم الدولة الإسلامية داعش استراتيجية تقوم على تقسيم ليبيا داعيا الأطراف المتنازعة السلطة فى البلاد إلى ترك خلافاتها والتوصل إلى اتفاق مصالحة كما حث الأطراف المتنازعة على التوصل لاتفاق ينهى الأزمة الليبية والتى كانت سببا أساسيا فى تمدد داعش فى ليبيا والتى تنزر بتقسيمها وأشار إلى أن الحوار فى الصخيرات بالمغرب فرصة لعقد اتفاق نهائى لبدء العملية الانتقالية وسيناقش المؤتمر الوطنى العام الليبى المنتهية ولايته المسودة الرابعة للاتفاق السياسى فيما أعلن البرلمان المعترف به دوليا تعليق مشاركته فى جلسات الحوار احتجاجا على بعض المواد الواردة فى مسودة الاتفاق وذلك الخلاف وسيؤدى إلى توغل داعش ونجاح مخططها لتقسيم ليبيا والتمدد فى دول شمال أفريقيا. ويبدو أن الولاياتالمتحدة سوف تتخذ استراتيجية أخرى للتعامل مع الأزمة الليبية فلأول مرة قامت القوات الأمريكية بشن غارات حربية داخل الأراضى الليبية مستخدمة طائرتين مقاتلتين من نوع اف- 15 وطائرات بدون طيار بعملية عسكرية استهدفت قتل الجهادى والقيادى فى تنظيم القاعدة الجزائرى مختار بلمختار فى ليبيا وأعلنت الحكومة المعترف بها فى طبرق نجاح الغارة الأمريكية فى اغتيال بلمختار فى حين نفت جماعة أنصار الشريعة. وربما تكون تلك الغارة الجوية هى بداية لسلسلة غارات ربما تقوم بها الولاياتالمتحدة للمساعدة فى إضعاف الإرهاب الذى انتشر كالسرطان فى ليبيا خاصة بعدما أعنت الحكومة الليبية المؤقتة أن تلك الغارات جاءت بعد مشاورات مع الإدارة الأمريكية فى إطار المساعدات الدولية للقضاء على الإرهاب فى ليبيا. ويترقب الشعب الليبى والشعوب العربية الأوضاع داخل ليبيا من فشل الحوار من جهة ونجاح داعش فى إحراز تقدم على الأرض وقرب تدخل عسكرى وشيك فى الأراضى الليبية.