بلا أى شك وبلا أى تردد وبلا أى حسابات أستطيع أن أقول إن الصحافة المصرية تعيش أسوأ أيام حياتها ليس من حيث الأداء المهنى فقط ولكن من حيث الظروف الاقتصادية، فأى منشأة مدى نجاحها يتحقق عندما تتكسب هذه المنشأة من منتجات عملها.. تربح تبيع وتكسب.. ويتحقق لها الرواج فى السوق، لكن للأسف معظم الصحف المصرية القومية فقدت كثيرا من قرائها لعديد من الأسباب.. أولا لم تعد الصحافة تقدم المأدبة الثقافية والمعلوماتية والترفهية حتى، والكتاب الموهبون والمخضرمون الذين كانوا يثرون الصحافة بالكتابات الراقية والأسلوب المميز لكل منهم، افتقدت الصحافة الكثير منهم بالوفاة أو بالامتناع والعزوف عن الكتابة لدى بعضهم .. أما الصحافة الإلكترونية والفضائيات التى تنقل الحدث وقت حدوثه قللت من أهمية الصحيفة التى تعتمد على الخبر بالدرجة الأولى، لأنه يأتى من وسائل متعددة وبسرعة انتقال الهواء، ثم إن كثيرا من شباب الصحفيين تعودوا الاستسهال فى الحصول على المعلومة التى تثرى قصته الصحفية وأدائهم غير كاف ولا مرض وندرك ذلك نحن جيدا خاصة الأكاديمى الدارس والعارف جيدا بسلامة الأداء المهنى ونحن لا نلومهم، لأن سرعة العمل اليومى وحتى الأسبوعى تحتاج لإمكانيات قد لاتوفرها لهم صحفهم بالإضافة انهم يحتاجون للعمل فى أكثر من مكان ليتوفر لهم الحياة الكريمة التى لاتحققها مرتباتهم الهزيلة ولا تتناسب مع أهمية مظهر الصحفى ونزاهته المهنية .. ولا يخفى على الجهات المسئولة ما تعانيه الصحافة القومية من عدم قدرتها حتى على توفير مرتبات العاملين فيها نتيجة أن هذه المؤسسات لاتربح من بيع الصحف، وكذلك المجلات التى أصبحت ليس لها سوق رائجة فقد زحزحتها من السوق صحافة النت والفضائيات ببرامجها وتحليلاتها وتعليقاتها وأصبح الكتاب يرون أن الشاشة الصغيرة تنقل أفكارهم ورؤاهم فى اللحظة والتو من خلالها ولا داعى لعناء الكتابة . كذلك السوق الإعلانية التى أصبحت جبانة بعد الثورتين وإحجام كثير من المعلنين عن تزويد الصحف والمجلات بالإعلانات وهى من أكبر وسائل الدخل والنجاح لأى مؤسسة صحفية، فإذا قدرت الحصيلة الإعلانية لأى مؤسسة ب 65%من مجمل صفحاتها كانت هذه المطبوعة ناجحة.. ماذا تفعل الدولة للحفاظ على هذا الإرث القومى المثقل بالديون وتدفعه دفعة قوية تعيد ميزان الأمور إلى صوابها .. وتعيد للصحافة قوتها فالصحافة هى المرآة التى يمكن أن تقدم لمصر كل الحلول لمشاكلها وتكون قوة مساندة للدولة وتحلم لها بالمستقبل الذى نريده كلنا لمصرنا الحبيبة.. بل تساهم فى تحقيقه.. هل ستترك الدولة كل مؤسسة متعثرة تحل مشكلتها بنفسها أم ستقف بجوارنا حتى نعود لعصر الصحافة الذهبى؟!هذه الصحف مملوكة للشعب بموجب القانون، هل تطرح أسهما للعاملين فيها ولمن يريد وتدار كشركات مساهمة أم الدولة تعطيها قرضا ضخما وتوضعه هذه المؤسسات كوديعة بنكية لتستطيع إدارة أعمالها والوقوف على قدميها من جديد وتحقيق الربح واللحاق بالمستقبل وإلا؟!.. وإلا يحصل اندماج لبعض المؤسسات الصغيرة فى مؤسسة كبيرة واحدة وتدير أعمالها كمشروع اقتصادى مع دعم أيضا من الدولة مع التحديث فى مطابعها ووسائلها التكنولوجية، الصحافة المصرية النموذج لكل الصحف العربية فى المنطقة ومطبوعاتها التى بلغت العمر أكثر من مائة عام كالأهرام ومطبوعات دار الهلال إرث قومى يجب الحفاظ عليه وسلطة من سلطات الدولة وقوتها الناعمة التى تدعمها وتقف إلى جوارها دائما فى الحق.. صاحبة الجلالة وصاحبة السيادة فى أى دولة ديمقراطية تسعى إلى التقدم والازدهار..