هناك من المسلمين الذين يستعدون لرمضان بتخزين الطعام والمشروبات وهناك منهم من يستعدون له بشراء الشاشات الكبيرة والأجهزة التى تهيئ لهم سهرات لمشاهدة مسلسلات رمضان وفوازير رمضان وهناك من يتفق مع أصدقائه وينظم معهم السهرات التى سوف يقضونها فى رمضان إما على المقاهى وإما فى النوادى، ولكن كيف نستعد لرمضان لكى ننال الرحمة فى أوله والمغفرة فى وسطه والعتق من النار فى آخره؟ هذا ماسنتناوله فى هذا التحقيق:- يقول د ياسر مرزوق أستاذ الحديث بجامعة الأزهر: لقد اعتاد المسلمون فى استعدادهم لرمضان أن يخرجوا عن أطوارهم التى اعتادوا عليها ويختلف هذا الاستعداد باختلاف توجهات المستقبلين فمنهم الخائف من قدومه أن يحرم من لذاته وشهواته ومنهم من يستعد على وجل، يقبلون على الطعام والشراب وكأنهم يعوضون فى شعبان حرمانهم فى رمضان، إذا العشرون من شعبان ولّت تتابع شرب ليلك بالنهار ولا تشرب بأقداح صغارٍ فإن الوقت ضاق على الصغار. ومنهم المستعد بمزيد من التجهز بالمطعومات والمشروبات ونحو ذلك وكثير ما هم وهؤلاء يتأهبون بالتبضع والتجهيز وبعضهم يبالغ فى أصناف المأكولات والمشروبات ففى الغالب نجد استعدادات مادية شكلية وليس هذا هو المراد إنما المراد هو الاستعداد القلبى الإيمانى، شحذا للهمم وإعلانا لتوبة نصوح، ووضعًا لبرنامج وتخطيط مسبق لاستثمار هذا الشهرالكريم. ومنهم المقتدى بنبيه المتأسى بسلفه الطيبين المتأهب لنيل فضل رب العالمين فى هذا الشهر الكريم فإذا به يطالع ما له وما عليه قبل رمضان باحثا متعلما ومعلما لسنة خير الأنام ومن تبعه من أصحابه وسلفه الكرام ومنهم الفئة المقتصدة والتى نالت من هذا وذاك من استعدادها لطعامها وشرابها ومن سعيها لنيل رضا ربها والفوز بعفوه ومغفرته وعند الله العفو والمغفرة إنه عفو غفور. يقول سامى على محمد مدير إدارة أوقاف أوسيم:- يجب علينا أن ننوى النية الصادقة والعزيمة القوية على اغتنام هذا الموسم بطاعة الله تعالى . فنقوم بالدعاء ونلح على الله أن يبلغنا رمضان ونحن فى صحة وعافية وعبادة، ونصوم أياما من شعبان حتى يكون ذلك تدريبا وتهيئة على صيام شهر رمضان. ونضع جدولا زمنيا يوميا نملؤه بالطاعات والعبادات منذ أن نصبح إلى أن نمسى خاصًا بك ونحاول شراء حاجات للأهل والأولادفى شهر شعبان ما استطعنا إلى ذلك سبيلا حتى لاننشغل بها فى أواخر رمضان، تجديد العلاقة وتقويتهامع الأقارب والأصدقاء خلال هذا الشهر، ونحاول تهيئة كل من حولنا من الناس لفعل الخير والعمل الصالح مستغلين روحانية الشهر، ونحاول أن نعمل مفكرة للأعمال الصالحة التى نستطيع أن نمارسها خلال هذا الشهر كى لا يمضى رمضان دون اغتنام فى كثرة العبادة فالأجر يضاعف والنفس مقبلة. ونضع برنامجا إيمانيا وعمليا للعائلة تتربى من خلاله الزوجة والأولاد شهرا كاملا. وننظم مشروعا لإفطار صائم ووضع برنامج عمل للاعتكاف فى هذا الشهر والحرص على كل ساعة فى هذا الشهر ونحاول أن نملأها بعمل صالح من ذكر ودعاء أو قراءة قرآن أو نفع ولانكون فارغين فالموسم سريع الانقضاء. نحدد من الآن موعد الإفطار الجماعى للأهل والأقارب وأين سيكون بحيث يجمع بين العبادة وصلة الرحم. ونذكر من حولنا بفضائل الأعمال الصالحة بعد تحديدها وفضيلة كل عمل عند الله فالنفوس لديها استعداد لذلك التذكير. ونضع خطة لنا ولمن نحب فى كيفية ختم القرآن الكريم عدة مرات فى شهر القرآن. ونهيئ من فى البيت من زوجة وأولاد لاستقبال الشهر الكريم ونخصص مبلغا من المال حتى ننفق منه لمشاريع الإحسان والخير فى هذا الشهر أيًّا كان. ونستغل أى فرصة خير فى هذا الشهر وإيانا والتفريط فيه فالموسم لا يعوض. ويقول د محمد سليمان بكلية التربية جامعة الأزهر:- شهر رمضان شهر عظيم أوله رحمة أوسطه مغفرة وآخره عتق من النار تنتظره الأمة من عام لعام يلمس فيه الغنى والفقير الطائع والعاصى بركاته، والكل يستعد له بطريقته، ولكن مايدمى القلوب أن نرى أن الناس قد لعبت بهم الشهوات وأخذتهم كل مأخذ فى الاستعداد لهذا الشهر الكريم، فَجُلُّ الناس يكون استعدادهم استعدادًا ماديًّا من مأكل ومشرب فبيوت المسلمين تنفق فى رمضان أضعاف أضعاف ما تنفقه فى غير رمضان والمفروض أنه شهر زهد وتخفف من الأكل والشرب، ومن ناحية أخرى نرى البرامج والمسلسلات يعمل معدوها طول العام بجد ونشاط لتعرض فى رمضان، فنجد معظم الناس ذهبوا وطرقوا كل الأبواب إلا ما أمر به الله تعالى، فمنهم من استعد بالمادة وتحصيلها والشهوات واللعب منها بالملاهى واكتسبوها، ولم يستعدوا بالروح ولاهيئوها، ولم يستعدوا بالعمل المطلوب لهذا الشهر، بينما السلف الصالح كانوا يستعدون لهذا الشهر قبله بمدة كبيرة عملا وعبادة ورهبة من عدم القبول ورغبة فى نوال رضوان الله. فيجب الاستعداد لهذا الشهر بإيمان صادق وإخلاص تام لله وعمل صالح وتجارة رابحة مع الله؛ ليفوزالمسلم ويربح ويقترب من ربه بأن يهزم هوى نفسه بأن يكون هواه تبعًا لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيفوز برضوان الله، وظفر من هذا الشهرالمبارك بالعتق من النار.