أن روسيا قررت ألا تكتفى بقرارها الخاص بمنع عمل المنظمات الأجنبية التى تصنف بأنها «غير مرغوب فيها» من قبل الدولة، كرد فعل على العقوبات التى فرضها الاتحاد الأوروبى على موسكو بسبب الأزمة الأوكرانية، وقرر الدب الروسى تصعيد المواجهة مع أوروبا، بعد الكشف عن صدور قائمة روسية تضم 89 شخصية سياسية وعسكرية أوروبية ممنوعة من دخول الأراضى الروسية. القائمة، التى أعدتها وزارة الخارجية الروسية، وسلمتها لوفد من الاتحاد الأوروبى فى موسكو، تضم شخصيات سبق أن وجهت انتقادات لاذعة لروسيا فضلا عن مسئولين أمنيين، وشملت القائمة- بحسب العديد من الصحف ووكالات الأنباء- «أوفيه كورسبيوس» الأمين العالم الحالى لمجلس الاتحاد الأوروبى فى بروكسل، والذى يفترض أن يتولى منصب المستشار السياسى للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، و«نيك كليج» نائب رئيس الوزراء البريطانى السابق، و«جى فيرهوفشتاد» رئيس الوزراء البلجيكى السابق وزعيم المجموعة الليبرالية فى البرلمان الأوروبى. وعلى الرغم من عدم إعلان روسيا رسميًا عن تلك الأسماء، إلا أن السفير الروسى لدى الاتحاد الأوروبى «فلاديمير تشيجوف» أكد على وجود القائمة، موضحًا أنها ليست «لقادة أو مسئولين كبار فى الدول»، مضيفا فى تصريحات لشبكة روسيا 24، أن «هذه اللائحة موجودة فعلا ولم يدرج عليها أحد عشوائيا، وتابع السفير الروسى «لا شىء يلزمنا بنشرها.. لا القانون الروسى ولا الالتزامات الدولية، نشر هذه اللائحة من قبلنا لن يؤدى سوى إلى تصعيد التوتر فى الأزمة الأوكرانية». وفى نفس الإطار دافع وزير الخارجية الروسى «سيرجى لافروف» عن قرار حكومته قائلا، إن إعداد روسيا لائحة بأسماء شخصيات سياسية أوروبية ممنوعة من دخول أراضيها جاء ردًا على خطوات غير ودية من قبل الاتحاد الأوروبى، مضيفا أن العقوبات الروسية استهدفت شخصيات أوروبية أيدت ما وصفه بالانقلاب فى أوكرانيا. وأكد لافروف أن الإجراء الروسى يندرج فى إطار المعاملة بالمثل، موضحا أن روسيا سلمت اللائحة السوداء للجنة الأوروبية بشكل سرى، رغبة منها فى عدم التشهير بأى شخصية أوروبية. وانتقد وزير الخارجية الروسى تسريب اللائحة لوسائل الإعلام، مشيرا إلى أن هذا السلوك لا ينسجم مع الأعراف الأدبية المتعارف عليها. ومن جهة أخرى، قوبل القرار الروسى برد فعل غاضب من دول الاتحاد الأوروبى، التى اعتبرت القرار تعسفيًا وغير مبرر، حيث أعلن متحدث باسم الاتحاد الأوروبى فى بيان: «لقد نشرت السلطات الروسية قائمة تضم 89 اسما.. ليس لدينا أى معلومات عن القاعدة القانونية، المعايير والعملية التى أدت إلى اتخاذ هذا القرار»، وأضاف: «نعتبر هذا الإجراء تعسفيا وغير مبرر بالكامل، وخصوصا مع عدم وجود أى توضيح لاحق أو شفافية». وردا على منع بعض أعضائه من دخول روسيا، اتخذ البرلمان الأوروبى قرارا يقضى بفرض قيود على دخول دبلوماسيين وأعضاء البرلمان الروسى، وقال رئيس البرلمان الأوروبى «مارتن شولتز» أنه أوقف العمل مع نظرائه فى موسكو. وأبلغ شولتز، فى بيان له، سفير روسيا لدى الاتحاد الأوروبى فلاديمير تشيجوف، أنه يرى أنه «يحق له اتخاذ التدابير المناسبة ردا على ذلك» لأن موسكو «فشلت» فى العمل بشفافية أو تمشيا مع القانون الدولى، حسب تعبير رئيس البرلمان الأوروبى. لم يُقتصر رد الفعل الغاضب على المسئولين الأوروبيين، إذ شنت العديد من الصحف الأوروبية هجومًا مماثلا على روسيا، وفى هذا الإطار اعتبرت صحيفة «دى فيلت» الألمانية أن هذه اللائحة تصرف أهوج من قبل روسيا طالت 89 شخصية من سياسيين ومسئولين ومستشارين وعسكريين، لم يكن أحدهم مذنبا فى حق موسكو. أما صحيفة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج»، فترى أن هناك فرقا شاسعا بين الحظر الذى فرضه الاتحاد الأوروبى، وذلك الحظر الذى فرضته روسيا، مشيرة إلى أن الاتحاد فرض حظرا على أشخاص لأسباب عددها وكانت واضحة، فيما لم تفسر القيادة الروسية أسباب ما فرضته من حظر، وأضافت الصحيفة أن تلك هى سمة النظام السياسى برمته فى روسيا، الذى يتميز بانعدام الشفافية والتعسف.