حلت على مصر قبل أيام ذكرى دخول العائلة المقدسة مصر هربا من الملك هيرودس فى أورشليم الذى أمر بقتل الأطفال من سن عامين فأقل خوفا على عرشه. وبهذه المناسبة طالب د. عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بوجه بحرى وسيناء بضرورة إحياء محطات طريق العائلة المقدسة فى سيناء وترميم آثاره من كنائس وقلاع وتمهيد الطرق لها وإعدادها للزيارة، وذلك لما يمثله هذا الطريق من قيم دينية وروحية مما يجعله منطقة جذب سياحى مهمة. وكان د. ريحان طالب سابقًا بضرورة إحياء الطريق وترميم آثاره ووضعه على قائمة التراث العالمى، إذ أكد أن مسار العائلة المقدسة بسيناء يشمل عددًا من المدن منها رينوكورورا (العريش)، أوستراكين (الفلوسيات)، القلس (تل المحمدية) وبيلوزيوم (الفرما)، قائلًا إن مدينة الفرما بشمال سيناء هى المدينة التى ذكرت فى القرآن الكريم حين طلب نبى الله يعقوب عليه السلام من أبنائه ألا يدخلوا مصر من باب واحد بل من أبواب يدخلوا متفرقة كما أنها المدينة التى عبرها نبى الله إبراهيم والتى عبرتها العائلة المقدسة قادمة من فلسطين وهى أيضًا التى استقبلت الفاتحين المسلمين لبزوغ فجر الحضارة الإسلامية التى استوعبت كل الحضارات السابقة وتأثرت بها وساهمت فى تطورها وازدهارها ونهضتها. وعن موقعها، قال ريحان إن الفرما تبعد 35 كم شرق مدينة القنطرة على شاطئ البحر المتوسط عند قرية بلوظة وتبعد الآثار المكتشفة بها 5 كم عن الطريق الرئيسى، مشيرًا إلى أنها كانت تقع على أحد فروع النيل وهو الفرع الذى كان يعرف باسم «بيلوزيان» نسبة إلى اسمها باللغة اليونانية بيلوزيوم ومازال يوجد بقربها بقايا مصب هذا الفرع. ويلقى د. ريحان الضوء على الحياة الرهبانية بالفرما حيث لجأ إليها النساك والموحدون الأوائل بسيناء. ويرصد د. ريحان آثار الفرما التى تضم العديد من الآثار الرومانية والمسيحية والإسلامية ومنها مسرح رومانى متكامل العناصر المعمارية وهو الوحيد بمصر كلها، حيث إن مسرح الإسكندرية صالة استماع فقط وهو مبنى بالطوب الأحمر والأعمدة الجرانيتية مدرجاته بنيت بالطوب اللبن وغطيت بالرخام الأبيض ويتسع لحوالى تسعة آلاف متفرج ولوقوع الفرما على طريق رحلة العائلة المقدسة لذا فهى تحوى العديد من الكنائس التى تعتبر مدارس فنية فى أنماط العمارة المسيحية ومنها كنائس بيلوزيوم والمعمودية وكنائس تل مخزن كما تضم قلعة لها سور كبير مبنى بالطوب الأحمر وخزانات مياه ومنطقة صناعية لصناعة الزجاج والبرونز والفخار وقلعة حصن الطينة على البحر المتوسط التى بناها الخليفة العباسى المتوكل على الله وتولى بناؤها عنبسة بن اسحق أمير مصر فى سنة 239ه - 853 م عندما بنى حصن دمياط وحصن تنيس. ويشير إلى أن الفرما كانت فى الماضى محطة للتجارة بين الشرق والغرب من القرن الأول حتى القرن السابع الميلادى تضم أنشطة تجارية محلية ونقاط جمارك ونقاط عسكرية لحماية قوافل التجارة وكان بها صناعات مثل النسيج والزجاج وبناء السفن والصيد وحفظ الأسماك وكانت تمثل مركزًا للتجارة مع فلسطين وشمال أفريقيا وقبرص وآسيا الصغرى واليونان وإيطاليا. ومن هذا المنطلق يطالب د. ريحان بتطوير منطقة الفرما ومحطات رحلة العائلة المقدسة بأعمال ترميم للآثار المكتشفة على طول الطريق وإعدادها للزيارة كمواقع للسياحة الثقافية والدينية وتزويدها بالخدمات السياحية وتمهيد الطرق لتيسير الدخول للموقع الأثرى بالفرما وإنشاء ميناء بحرى بها ومطار والترويج لها داخلياً وخارجياً لانعاش منطقة شمال سيناء سياحياً لتكون سيناء بأكملها جنوبها وشمالها منطقة جذب سياحى لتحقيق منظومة تكامل المقومات السياحية بسيناء من سياحة آثار وسياحة دينية ورياضات بحرية، علاوة على السياحة العلاجية والبيئية وتحويل هذه المحطات لمراكز تجارية وصناعية كما كانت فى سابق عصرها.