كان أمرا رائعا أن تعرض إحدى دور العرض المصرية فيلم «عمر» من كتابة وإخراج الفلسطينى هانى أبو أسعد (مخرج فيلم الجنة الآن)، حصد فيلم «عمر» عددا من الجوائز المهمة مثل التانيت الذهبى من مهرجان قرطاج، ووصل إلى القائمة النهائية القصيرة لمسابقة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبى، وترك انطباعا إيجابيا مستحقا فى كل مهرجان كبير عرض فيه. قوة الفيلم فى رأيى فى أنه يتحدث عن قضيته عبر التفاصيل الإنسانية البسيطة التى تمس كل مشاهد، دون أى جعجعة أو صراخ، ويفلح أن يقول ما يريد دائما، يناقش هانى أبو أسعد فى فيلمه معانى الحب والصداقة والخيانة، ويقدم قصة حب غريبة بين شاب وفتاة يمكن أن نراها فى أى مكان من العالم، وفى عشرات الأفلام، ولكن يضع كل هذه الأشياء وسط دائرة واسعة اسمها الإحتلال الإسرائيلى، الفيلم ببساطة هو رحلة اكتشاف عبر دراما قوية متقلبة ولا تكشف سرها إلا فى اللقطة الأخيرة، سيكتشف عمر بطلنا الذى يحمل الفيلم اسمه أن المشكلة لم تكن لا فى الحب ولا فى الصداقة، ولكن المشكلة فى الاحتلال الذى أفسد الحب والصداقة، يتم ذلك بذكاء، وبرسم بارع للشخصيات، ويعبر عنه بصريا من أول الفيلم عبر تكرار مشاهد قفز عمر على الجدار العازل، الذى يذكره ويذكرنا دائما بوجود الإحتلال وهيمنته المستمرة. عمر (آدم بكرى) يعمل خبازا، ويشارك مع صديقيه طارق وأمجد فى خلية لقتل جنود الإحتلال، يأمل عمر أن يتزوج من نادية (ليم لبانى) شقيقة طارق، هى تبادل عمر الحب بينما ينافسه أمجد على حبها، يشترك الأصدقاء فى عملية لقتل جندى، ولكن يُقبض على عمر، ويمارس رجل الأمن الإسرائيلى ( وليد زعيتر) ضغوطا عليه ليعمل كمرشد للإيقاع بطارق بالذات، يفرجون عن عمر لمدة شهر، يعود إلى طارق وأمجد الهاربين، أصدقاؤه يتشككون فيه وفى الجميع، يتم القبض مرة ثانية على عمر، يهددونه ويلصقون فى جسده جهازا للمتابعة، تتعرض علاقة عمر للإضطراب الشديد مع نادية التى تشك فى علاقته مع الإسرائليين، يدخل أمجد على الخط فى هذه العلاقة الرومانسية، تتعقد الأحداث، وتتوالى المفاجآت، ينتهى الأمر بقيام الإحتلال بقتل طارق، ويفوز أمجد بنادية، ويكتشف عمر أن أمجد باع زملاءه، يحاول عمر أن يمسح تعاونه مع الإحتلال خلال عامين يمارس فيهما حياته العادية، ولكن الضابط الإسرائيلى يظهر من جديد، يطالبه بأن يوقع هذه المرة بأحد رجال المقاومة، فقد عمر حبيبته عبر خيانات وأكاذيب أمجد، وفقد صديقه طارق الذى قتله الإحتلال من خلال تعاون عمر مع الضابط، والآن عليه أن يتخذ قرارا حاسما، سينفجر غضب عمر فى اللقطة الأخيرة، سيعرف أخيرا أن الإحتلال هو الذى دمر حياته، وحبه وصداقاته، ستتجه الرصاصة أخيرا إلى العدو الحقيقى.