أصبحت الأزمة اليمنية وعملية «عاصفة الحزم» جزءًا أساسيًا من الخلافات اللبنانية ومن المشهد السياسى اللبنانى، وتتواصل المواقف المستغربة والمنتقدة لخطاب الأمين العام ل «حزب الله» حسن نصر الله رافضة تجاوزه فى حق المملكة العربية السعودية الدولة التى وقفت إلى جانب لبنان فى كل أزماته. فقد استدعى الخطاب النارى الذى أطلقه نصر الله ضد السعودية على خلفية الأزمة اليمنية سلسلة من رود الفعل.. وفضلًَا عن تصدر «حزب الله» الهجوم على السعودية وعاصفة الحزم فإن التصعيد تجاوز تضامن الحزب مع الحوثيين، حيث يحتضن الحزب فى ضاحية بيروت الجنوبية نشاطًا تدريبيًا لدعم الحوثيين، وبعض الشخصيات المؤيدة للرئيس السابق على عبد الله صالح. والملاحظ أن الخطاب التصعيدى لنصر الله ضد السعودية أخذ منحى تحريضيًا ويسهم فى شحن الأجواء المذهبية. فقد ألقى نصر الله أكثر من خطاب عن عاصفة الحزم، تميزت الخطابات بخليط من العداء للسعودية والكذب فى سرد الأحداث وأسبابها. يقول نصر الله إنه يقف مع الشعب اليمنى ضد السعودية، فهل يقف فعلًا مع الشعب اليمنى أم مع ميلشيا الحوثى؟ نصر الله ليس صادقًا ولا يقول الحقيقة، فى العراق لم يقف مع الشعب العراقى، وفى سوريا يقف مع النظام ضد الشعب، نصر الله يتحالف مع إيران ضد مصلحة دولته وأمته العربية التى ينتمى إليها، نصر الله يساعد إيران ويقاتل فى صفها من أجل فرض الهيمنة على دول عربية. فمن يمثل نصر الله وحزبه فى هذه المواقف؟ فلا هو يمثل الدولة اللبنانية، ولا غالبية الشعب اللبنانى، نصر الله بانفعاله وخطابه المنفلت لا يمثل إلا نفسه. تناقضات نصر الله انتقادات حادة من القوى السياسية ضد خطابات نصر الله رافضة التجاوز مع دولة دعمت لبنان فى كل أزماته. سعد الحريرى رئيس الوزراء الأسبق ورئيس تيار المستقبل رد على نصر الله متسائلًا لماذا كل هذا الجنون فى الكلام؟ ورأى الحريرى أن نصر الله على خطى المرشد الإيرانى، إبداع فى التلفيق وعروض الاستقواء والتعبئة المذهبية. ولفت الحريرى إلى أن المشهد الذى يقدمه حزب الله مستورد من إيران وبعيد عن مصلحة لبنان. ورأى وزير الاتصالات بطرس حرب فى كلام نصر الله «لهجة تصعيدية خطيرة تجاوزت كل الأعراف وحتى أحكام القانون بما تضمنته من إهانات. وشدد على أن علاقة لبنان بالسعودية أعمق وأمتن من أن تتأثر بمواقف عدائية كموقف نصر الله. وأوضح وزير العدل أشرف ريفى أن «حزب الله حول لبنان إلى غرفة عمليات عسكرية وأمنية وأيديولوجية وإعلامية للنفوذ الإيرانى». واعتبر النائب محمد كبارة أن نصر الله «أصيب بالهذيان» فصار يقول الشىء ونقيضه، يطالب بعدم نقل صراع اليمن إلى لبنان ولا ينقله أحد سواه. وبدت كتلة «التغيير والإصلاح» التى يتزعمها النائب ميشال عون وهو أبرز حليف مسيحى لحزب الله، أنها تنأى بنفسها عن الأزمة اليمنية كون الحدث لا يرتبط مباشرة بلبنان. موقف رئيس البرلمان نبيه برى الذى يعد أبرز حليف شيعى لحزب الله، مختلف عن مواقف حزب الله، إذ كرر برى منذ بداية «عاصفة الحزم» تأكيده على أهمية الحل السياسى للأزمة اليمنية، مواصلًا الانفتاح على جميع الأطراف. هذا ويعد موقف لبنان الرسمى مؤيدًا ل «عاصفة الحزم» وهو ما عبَّر عنه رئيس الحكومة تمام سلام فى القمة العربية، إذ أعلن أن لبنان وانطلاقًا من حرصه على دعم الشرعية الدستورية فى اليمن وعلى الإجماع العربى ووحدة كل البلدان العربية واستقرارها، يعلن تأييده أى موقف عربى يحفظ سيادة اليمن ووحدة أراضيه. كما دعا إلى تحييد لبنان عن كل النزاعات الإقليمية التى قد تكون لها انعكاسات سلبية على الوضع اللبنانى. منصب الرئيس حالة الفراغ الرئاسى التى يعانى منها لبنان تقترب من العام دون أمل قريب فى انتخاب رئيس للجمهورية. الأحد الماضى أعلن الرئيس اللبنانى السابق ميشال سليمان عن استعداده للترشح مجددًا للرئاسة بعد حوالى سنة من انتهاء ولايته التى استمرت 6 سنوات. لكنه اشترط التوافق على اسمه وتطبيق «إعلان بعبدا «الذى ينص على تحييد لبنان عن الصراعات المحيطة. وعلى أرض الواقع لا تبدو هناك أى حظوظ لعودة سليمان لرئاسة الجمهورية، فلا الدستور يسمح بذلك ولا قوى 8 مارس ستوافق على ترشيحه وهى التى تواصل انتقاد عهده واصفة تجربته ب «الفاشلة» وطبقا للدستور اللبنانى فلا تمكن إعادة انتخاب سليمان رئيسًأ إلا بعد انتهاء الدورة الحالية، أى مرور 6 سنوات على تركه منصبه السابق. وإذا رأت كل الأطراف ترشيحه فيتم تعديل الدستور لانتخابه رئيسًا لمرة جديدة وهذه ستكون سابقة فى تاريخ لبنان. وقال سليمان : لقد تركت رئاسة الجمهورية لأوكد أن الدستور أهم من الأشخاص، وأنا غير نادم على هذا القرار، ومنذ 40 سنة لم يشهد لبنان انتخابات رئاسية طبيعية. وأكد سليمان أن المعرقل لقيام الدولة هو الطرف الذى يرفض الالتزام بإعلان بعبدا، ويرفض انتخاب رئيس للجمهورية. وقد استنكرت عناصر فى تكتل التغيير والإصلاح الذى يرأسه الزعيم المسيحى النائب ميشال عون طرح سليمان نفسه مجددًا كمرشح للرئاسة. وقال: وكأننا كنا ننتظر منه القبول بالترشح كى نعيد انتخابه.. الأمر لا يستدعى حتى التعليق عليه». وقد ساءت العلاقة بين سليمان وعون، وكذلك بينه وبين حزب الله قبل انتهاء ولايته الرئاسية، خاصة بعد وصفه معادلة «الشعب والجيش والمقاومة» التى يتمسك بها حزب الله ب «الخشبية». جهود البطريركية من جهتها كانت البطريركية المارونية بعدما استنفذت كل الوسائل والأساليب لدفع الفرقاء إلى توافق يؤدى لملء الفراغ الرئاسى، قد توجهت إلى سفراء الدول الكبرى لطلب مساعدتهم بانتخاب رئيس خلال الجلسة ال 22 التى حدد لها رئيس المجلس النيابى نبيه برى موعدًا منتصف الأسبوع الحالى. وقد اتفق السفراء على أن يعودوا لحكوماتهم لنقل إصرار البطريركية المارونية على وضع حد للفراغ الرئاسى نظرًا لدلالته وأهميته بالنسبة للوحدة الداخلية اللبنانية. ودعا البطريرك بشارة الراعى المجلس النيابى إلى القيام بواجبه الأول والأساسى وهو انتخاب رئيس للجمهورية بعد 11 شهرًا من الفراغ. وتمنى أن يتم انتخاب الرئيس فى أسرع وقت لأن دقة الظرف تتطلب توحيد الجهود. ومن جهة أخرى يشهد الأسبوع الحالى ثلاث محطات مهمة بداية من اجتماع هيئة مكتب المجلس النيابى يوم الاثنين لتحديد جدول تشريع الضرورة من بين 33 بندًا اقترحها رئيس المجلس نبيه برى فى ظل انقسام واضح بين الكتل النيابية، ثم اجتماع الحكومة يوم الثلاثاء لاستكمال دراسة مشروع الموازنة العامة وسط خلافات حول الأرقام الواردة فى الموازنة، ويوم الأربعاء انعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية حيث يتوقع أن تكون كسابقاتها ال 21 بدون نصاب دستورى.