الاجابة تقتضى أن نهتم بالتفاصيل.. والتفاصيل تقول إن تنظيم داعش أو تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام كما يطلق على نفسه.. هو تنظيم سلفى وهابى مسلح يوصف بالإرهاب. والتنظيم له قسم أو جناح عسكرى يتبنى الفكر السلفى الجهادى.. وإذا سألت عن أهداف هذا التنظيم المتطرف فسوف تسمع إجابة جاهزة.. «إعادة الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة». وينتشر التنظيم بشكل رئيسى فى العراقوسوريا وإن كان له فروع أخرى فى عدة مناطق منها جنوب اليمن وليبيا والصومال وشمال شرق نيجيريا وباكستان. وزعيم هذا التنظيم هو أبو بكر البغدادى والذى تم إعلانه فيما بعد خليفة المسلمين.. أما التنظيم نفسه فقد انبثق من تنظيم القاعدة فى العراق والذى شكله أبو مصعب الزرقاوى فى عام 2004. وتحت قيادة أبو بكر البغدادى نمت داعش بشكل ملحوظ وحصلت على الدعم فى العراق بسبب التمييز الاقتصادى والسياسى ضد السُنّة العراقيين.. كما امتد تواجدها لتشمل عددًا من المحافظات السورية مثل الرقة وأدلب ودير الزور وحلب بعد الدخول فى الحرب الأهلية السورية. وكان لداعش صلات وثيقة مع تنظيم القاعدة حتى أوائل العام الماضى لكن بعد صراع طويل على السلطة.. قطع تنظيم القاعدة كل العلاقات مع تنظيم داعش.. حيث تعتبر القاعدة داعش تنظيما وحشيا! وطبقا لعدد من المصادر أصبح لتنظيم داعش حوالى 4 آلاف مقاتل فى العراق.. وفى أغسطس الماضى أعلن المرصد السورى لحقوق الإنسان أن التنظيم قد زادت قوته إلى خمسين ألف مقاتل فى سوريا وحوالى 30 ألف مقاتل فى العراق. وكان هدف داعش فى الأساس هو إقامة الخلافة فى المناطق ذات الأغلبية السنية فى العراق لكن هذا الهدف المحدود اتسع بعد دخول داعش فى الحرب الأهلية السورية وبعد أن أصبح يسيطر على المناطق ذات الأغلبية السنية فى سوريا. وفى يونيو من العام الماضى أعلن تنظيم داعش الخلافة وأصبح أبو بكر البغدادى يعرف باسم أمير المؤمنين إبراهيم الخليفة! وباسم هذه الخلافة ارتكب التنظيم عددًا كبيرًا من الجرائم الوحشية التى وضعته على رأس قائمة التنظيمات المتطرفة فى العالم. ولكن لماذا يتردد أن الولاياتالمتحدة ضالعة فى إنشاء هذا التنظيم ودعمه ومساعدته؟! ??? ليس فى استطاعة أحد أن يتجاهل أن تنظيم داعش فى الأصل كان جزءًا من مشروع أمريكى يهدف إلى خلق عراق جديد ديمقراطى.. وذلك فى إطار خطة أوسع لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط.. ومثل كل المشاريع الأمريكية فى المنطقة كان الفشل هو نصيب مشروع العراق الجديد. والحقيقة أن واشنطن فى البداية لم تكن قادرة على إدراك الخطر المحتمل للمشروع والذى يمكن وصفه بأنه مشروع مشابه كما قامت به واشنطن تحت مسمى «محاربة التهديد السوفيتى».. والذى أدى إلى صعود القاعدة وطالبان أفغان وكلاهما بتمويل من المخابرات المركزية الأمريكية. الحقيقة أيضا أننا لا نستطيع فى هذا الصدد أن نتجاهل محاولات واشنطن لتسليم الإخوان المسلمين زمام السلطة فى مصر.. والمحاولات العقيمة لإسقاط الرئيس السورى بشار الأسد فى سوريا. وربما فى هذا الإطار نستطيع أن نقول إن استراتيجية أمريكا تقوم على إثارة التعصب فى المناطق ذات المصالح الاستراتيجية.. ثم تبدأ فى مساندة ودعم أحد الأطراف.. وفجأة يتغير خطابها وتبدأ فى شن الهجوم على هذا الطرف. هذه الاستراتيجية الأمريكية قديمة فى الحقيقة وليست وليدة اليوم.. وأظن أن كثيرين لا يذكرون ما قاله الرئيس الأمريكى هارى ترومان فى الأربعينيات من القرن الماضى خلال أحداث الحرب العالمية الثانية.. قال: إذا رأينا أن ألمانيا تنتصر ستعمل على مساعدة روسيا.. وإذا كانت روسيا هى من يحقق النصر سنساعد ألمانيا.. وبهذه الطريقة نجعلهم يقتلون بعضهم البعض قدر المستطاع (!!) بنفس المنطق تعاملت أمريكا مع داعش.. ساعدته فى البداية ثم انقلبت عليه ولكنها فى نفس الوقت لا تريد أن تتخلص منه لكى يتسنى لها تحقيق مخططاتها! ونعود إلى السؤال الأساسى.. وماذا بعد؟! ??? ليس هناك شك فى أن تنظيم داعش أصبح يمثل خطرًا عظيمًا على المنطقة.. ليس فقط بتشويهه لصورة الإسلام بما يرتكبه من جرائم وحشية.. إنما أيضا لأنه أصبح عاملا رئيسيا فى عدم استقرار المنطقة. كيف نكتب كلمة النهاية لهذا الخطر العظيم؟! الطريق الوحيد للوصول إلى هذا الهدف وتحقيقه هو أن نبدأ على الفور فى تصحيح الخطاب الدينى بما يحتويه من أفكار خاطئة ومشوهة حتى نتجنب وقوع الشباب فى براثن هذا التنظيم المتطرف وغيرها من التنظيمات المتطرفة. الحقيقة أيضا أننا لا نستطيع أن نتجاهل أن محاولات إيران لمد نفوذها وما نشأ عن ذلك من فراغ سنى فى العراق والشام وما تبعه من صراعات طائفية.. كل ذلك ساعد على وجود داعش ومن ثم فإننا فى حاجة لمواجهة محاولات الهيمنة الإيرانية.. وفى نفس الوقت فإننا فى حاجة لفك الاشتباك والتعاون بين المجتمع السنى فى العراقوسوريا وبين تنظيم داعش! وعلينا بعد ذلك ألا نعتمد على التحالف الذى تقوده الولاياتالمتحدة لضرب داعش.. فهو تحالف غير واضح المعالم والأهداف.. وإذا كنا فى حاجة لقوة عسكرية لمواجهة داعش فلتكن هذه القوة عربية.. قوة عربية مشتركة كما حلمنا بها فى القمة العربية التى انعقدت مؤخرًا فى شرم الشيخ! ??? داعش لا هى دولة ولا هى إسلامية.. من الناحية القانونية لا يمكن لمنظمة أن تسمى نفسها دولة خاصة إذا كانت المنطقة التى تدعى أنها ملكها تابعة لدول معترف بها مثل سورياوالعراق. ومن الناحية الدينية فالإسلام هو دين الرحمة ولا علاقة له بأفكار داعش وجرائمه. داعش مجرد تنظيم إرهابىحان الوقت للقضاء عليه!