بالرغم من الإجراءات الأمنية المشددة التى بدأت الكثير من الدول الغربية فى اتخاذها لمنع شبابها من السفر للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية فى سورياوالعراق، إلا أن ذلك لم يردع الشباب الأمريكى والأوروبى من الانضمام إلى التنظيم الإرهابى، وهو ما يعنى احتفاظ داعش بقدرته على استدراج الشباب الغربى من جهة، وفشل الحكومات الغربية فى معالجة المشكلة من جذورها من جهة أخرى. وتشهد بريطانيا تدفقًا مستمرًا من الشباب والفتيات الذين يرغبون فى السفر إلى سوريا للانضمام إلى داعش، وكان آخرهم مجموعة من طلبة كلية الطب من ذوى الأصول السودانية - أربع فتيات وخمسة شباب - حيث سافروا إلى سوريا للعمل على ما يبدو فى مستشفيات يسيطر عليها تنظيم الدولة. وذكرت الصحف أنهم عبروا الحدود من تركيا إلى سوريا حيث وصلوا إلى تركيا عن طريق السودان التى كانوا يدرسون بها. ويقدر الخبراء عدد الغربيين الذين سافروا إلى سورياوالعراق للانضمام إلى داعش بنحو 4000 شخص، بينهم 600 بريطانى، وصرح رئيس الوزراء الفرنسى مانويل فالس مؤخرا أنهم قد يصلوا إلى نحو 10 آلاف بحلول نهاية 2015 أى ثلاثة أضعاف عددهم الحالى. ومازالت ظاهرة اجتذاب داعش للشباب الغربى تحظى باهتمام الباحثين والمحللين الغربيين، والذين يجمع معظمهم على أن الشباب الغربيين الذين تنجح داعش فى تجنيدهم هم أشخاص ذوو تركيبة نفسية معينة فهم فى الغالب من أصول عربية أو مسلمة من الذين هاجر آباؤهم إلى الغرب بينما فشل الأبناء فى التكيف مع المجتمعات الغربية وبالتالى فهم شباب محبطون يشعرون بالاغتراب ويفتقرون إلى الانتماء والهوية ويبحثون عن معنى لحياتهم أو مجد أو أهمية أو بطولة أو هوية جديدة .. وبعضهم لا يفهم المعنى الحقيقى للإسلام مما يسهل إقناعه بالأفكار المتطرفة وإغرائه بالموت شهيدا والتمتع بنعيم الآخرة. كما أن هناك من يبحث عن المغامرة. وتحت عنوان «قدرة داعش على تجنيد النساء تحير الغرب»، كتب موقع «يو. اس. نيوز» الأمريكى أن رد فعل الدول الغربية نحو تجنيد داعش لشبابها يتسم حتى الآن بالعشوائية وعدم الفعالية إلى حد كبير، بل ويبدو فى بعض الأحيان بطيئا فى الاعتراف بالأسباب المعقدة التى تؤدى بشباب وفتيات صغار إلى الانجذاب للحياة فى مناطق حرب فى سورياوالعراق، والتى قد يكون من بينها شعور الشباب المسلمين أنه يمكنهم أن يجدوا لدى داعش الاستقرار والقبول الذى يفتقرونه بالدول الغربية التى مازالت تكافح للتحول من الأحادية إلى التعددية الثقافية، إلى جانب تصديقهم لتأكيدات داعش عن أن الحكومات الغربية تشن حربا ضد الإسلام نفسه. ويلفت الموقع إلى أن المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالى روبرت مولر، عندما سئل مؤخرا عن سبل مواجهة هذا الارتفاع المقلق فى تجنيد داعش للشباب الأمريكى، فإنه تحدث عن استراتيجية تكتيكية لاستهداف زعيم التنظيم على غرار النهج الذى حقق انتصارات مفترضة ضد تنظيم القاعدة خلال حرب العراق اعتمادا على استخبارات قوية، لكنه رفض التعليق فى وقت لاحق على ما إذا كانت المكاسب العسكرية فى الخارج من شأنها أن تتغلب على قدرة التنظيم على تجنيد الشباب بالداخل. ويرى الموقع، أن القضاء على انجذاب الشباب لداعش لن يتحقق عن طريق جمع المعلومات الاستخباراتية وتوجيه الضربات العسكرية، وفى هذا الإطار نقل الموقع قول روبرت ميلتون، قائد متقاعد فى شرطة اسكتلنديارد، إنه من الأسهل بكثير توجيه ضربات عسكرية.. من الأسهل بكثير مراقبة الحدود، لكن من الأصعب بكثير التعامل مع العقل البشرى، مع الجانب النفسى من القضية .. إنه يتطلب الثقة فينا من قبل المجتمعات المسلمة وهذا كان يمثل مشكلة فى الماضى. ويضيف ميلتون أنه من السهل استهداف وقتل زعيم، ولكن من الصعب للغاية مواجهة الأسباب التى تجعل الشباب الغربى يصدق خطاب داعش المتطرف.