التطرف والتنظيمات الإرهابية أصبحت صناعة لها مقوماتها ودعائمها وميزانياتها.. بهدف إنهاك الدول المستهدفة من خلال السيطرة على ثرواتها من ناحية وتبديدها فى دوامة الصراع الداخلى من ناحية أخرى وصرف مواردها على شراء السلاح من الدول الداعمة، وبذلك تعرقل تقدمها وتمنع شعوبها من جنى ثمار التنمية وتكون أسيرة لإملاءاتها. ويفضح هذا المخطط ما فعلته الولاياتالمتحدة ومخابراتها فى الكواليس الخلفية عند تأسيس تنظيم القاعدة بأفغانستان لضرب الاتحاد السوفيتى.. وأكدتها الأحداث بانهيار الاتحاد السوفيتى ثم تفجير المركز العالمى والذى على أثره احتلت العراقوأفغانستان.. وما لبثت أن خرجت الدراسات لباحثين من أمريكا وأوروبا مدعمة بوثائق لتوضح كيفية تدريب أفراد القاعدة ودعمهم بالسلاح والمال تحت أعين المخابرات الأمريكية. ثم ينتهى المشهد بخروج القوات الأمريكية من العراق مع بقاء بعض عناصرها وقريبًا يتكرر نفس السيناريو فى أفغانستان.. وسرعان ما يشهد العراق مسلسلا من الحوادث الإرهابية.. وفجأة تخرج الجماعات المتطرفة كداعش وجبهة النصرة.. والغريب أن كثيرًا من المراقبين يؤكدون على عقد الصفقات فى الخفاء بين الجانب الأمريكى وتلك التنظيمات وفى الظاهر يعلنون محاربتهم للإرهاب.. وأثار شكوك هؤلاء المراقبين أيضًا عدم خروج اجتماع القمة الدولية ضد الإرهاب فى واشنطن بأى إجراء ضده والذى انعقد فى فبراير الماضى وضم أكثر من ستين دولة ومنظمة. ويوضح المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو» مشكلة التطرف فى قوله «إن العالم الإسلامى يواجه خطر التطرف من جانبى الإسلاميين المتشددين والمتطرفين الغربيين الذين يتحينون الفرصة للإساءة للإسلام والعرب». وتشير دراسة مشتركة بين «بى بى سى» والمركز الدولى لدراسة التطرف بلندن إلى أن 60% من عمليات القتل نفّذتها جماعات ليس لها علاقة سابقة بتنظيم القاعدة، مضيفة إلى ظهور حركات بالغة التعقيد وأن مواجهتها ستمثل تحديًا لجيل كامل.. وهذه الدراسة تبين أن أمريكا خرجت من العراق بعدما قامت بتأجيج الصراع الطائفى وتغليب الشيعة على السُنّة والسماح لبسط النفوذ الإيرانى على مفاصل الدولة.. وتكون الشرارة الخبيثة لخروج متطرفين يتم دعمهم ليتحولوا إلى تنظيم الدولة الإسلامية وتمتد لتشمل سوريا ثم يصير شبحًا يهدد المنطقة بأثرها. وأشار «دانييل بينجامين» فى مجلة التايم وقت تفجير المركز العالمى: «لقد برهنت أمريكا على كفاءتها فى مطاردة الإرهابيين ولكنها باحتلال العراق برهنت أكثر على كفاءتها فى صناعتها». ويدعو كثير من خبراء العالم للتصدى لأساليب الدعاية الموجهة والحرب النفسية لأن العالم سيتدافع إلى مواجهات دموية وأزمات أمنية إقليمية ودولية.. تأتى إحصائية المركز الدولى لدراسة الظواهر الراديكالية عن أعداد الأوروبيين المشاركين فى التنظيمات الجهادية بالعراقوسوريا، فقد ذكر المركز أن فرنسا لها 412 مقاتلا فى سورياوبريطانيا 366 مقاتلا وبلجيكا 296 مقاتلا وألمانيا 240 مقاتلا وهولندا 152 مقاتلا وأمريكا أكثر من مائة مقاتل.. ويستكمل تقريره بإمكانية عودتهم إلى بلادهم الأوروبية ليمثلوا قنبلة موقوتة محتملة التفجير فى وجه الحضارة الأوروبية والأمريكية. والغريب أن الإعلام الغربى لم يركز اهتمامه على جرائم الكراهية ضد المسلمين أو يتجاهلها تمامًا.. فمثلا فى بريطانيا وصلت أعلى معدلاتها عام 2013 وفقًا لتقارير الشرطة البريطانية إلى 336 جريمة.. وفى دول أخرى تحرق المساجد.. ولم يتصد لإبادة المسلمين فى بورما.. وقتلهم فى أفريقيا الوسطى ونيجيريا.. وكذلك يغض الطرف أيضا عن المنظمات الإرهابية غير الإسلامية مثل منظمة إيتا أو ميلشيات أمريكا المتطرفة.