رغم احتواء منطقة اليورو لأزمة اليونان بعد أن توصلت فى الأيام الماضية وفى اللحظات الأخيرة إلى اتفاق يقضى بتمديد خطة إقراض اليونان أربعة أشهر بشروط من بينها تقديم اليونان لائحة إصلاحات، إلا أن معظم المحللين يرون أن اليونان لا تزال على حافة الهاوية، وأن المفاوضات حافلة بالقضايا الخلافية التى ستشهدها الأشهر المقبلة مما سيجدد مخاوف خروج اليونان من منطقة اليورو. ومع انتهاء موعد حزمة القروض الأوروبية الحالية لليونان طلبت اثينا من دول اليورو تمديد برنامج الإنقاذ ستة أشهر متعهدة بالوفاء بكل ديونها. وقد وافقت مبدئيا دول مجموعة اليورو على تمديد خطة الإنقاذ أربعة أشهر فقط بشرط تقديم اليونان إصلاحات اقتصادية ومالية تحوز رضا باقى دول منطقة اليورو وصندوق النقد الدولى على أن تلتزم بها الحكومة اليونانية فضلا عن سداد القروض التى حصلت عليها فى السابق. وقد ذكرت صحيفة «بيلد» الألمانية أن الخطة التى قدمتها حكومة إليكسيس تسيبراس إلى الدائنيين ستدر على أثينا أكثر من سبعة مليارات يورو من العائدات حيث تنص على مكافحة تهريب البنزين والسجائر الأمر الذى سيتيح للدولة توفير 1,5 مليار و800 مليون يورو على التوالى، وتنص كذلك خطة الحكومة على الحصول على 2,5 مليار من الضرائب التى ستفرض على الثروات اليونانية وعلى الأثرياء، وكذلك الحصول على 2,5 مليار يورو من خلال تحصيل ديون ضرائب من الأفراد والشركات حيث تأمل الحكومة اليونانية فى أن تقنع شركاءها الأوروبيين بالتزام محدد بالأرقام فى مجال محاربة الفساد والتهرب من دفع الضرائب، كما تأمل فى التفاوض بشأن اتفاق جديد للتعامل مع ديونها وإنهاء سياسات التقشف التى اتبعتها الحكومة السابقة. وتسعى الحكومة اليسارية الحالية بقيادة إليكسيس تسيبراس إلى خلق توازن بين التزاماتها للجهات الأوروبية الدائنة وبين وعودها الانتخابية بإنهاء إجراءات التقشف فى البلد، حيث ترفض أثينا الالتزام بتطبيق خطة التقشف بالكامل والموروثة عن الحكومة اليمينية السابقة وتصطدم برفض ألمانيا التى لا ترى مخرجا لليونان سوى بتنفيذ خطة التقشف وشروط الرقابة التى يمارسها خبراء البنك المركزى الأوروبى وصندوق النقد الدولى والمفوضية الأوروبية. وتبلغ مديونية اليونان 180% من الناتج المحلى الإجمالى حيث اضطرت بفعل الأزمة المالية والاقتصادية منذ 2010 إلى الاقتراض من صناديق الاستقرار المالى الأوروبية التى أنشأتها دول الاتحاد الأوروبى لمساعدة أيرلندا والبرتغال وإسبانيا وإيطاليا فى إدارة أزمة الديون، ولم تعد تحتمل فئات عريضة من اليونانيين التقشف الشديد الذى شمل خدمات حيوية فى المجتمع. من جانبه، قال وزير خارجية ألمانيا فرانك شتاينماير، إن الكرة فى ملعب أثينا وإنه يجب أن تبقى المحددات الأساسية لحزمة الإنقاذ دون تغيير لاسيما معادلة أموال الإنقاذ مقابل الإصلاحات. أما رئيس معهد ايفو الاقتصادى الألمانى هانز فيرنر زين فقد انتقد الاتفاق، وأوضح أن الأموال الإضافية ليست إلا مسكنا للمرض اليونانى ولن تسهم فى الشفاء، ويرى زين أنه على اليونان أن تتفاوض على الشروط الخاصة بالخروج المنظم من اليورو. وحذرت صحيفة «كاثيميرينى» اليونانية، من أن الشروط التى وضعت من أجل التمديد قاسية، كما أنها اعتبرت الاتفاق الجديد تراجعا ملحوظا عن موقف رئيس الوزراء اليونانى تسيبراس الذى وصل إلى السلطة فى يناير الماضى لتعهده بوقف العمل بسياسات التقشف. وفى السياق ذاته، كتبت صحيفة «ايثنوس» اليونانية أن تسيبراس لم يتمكن من إخراج بلاده من برنامج الإنقاذ الأوروبى ولا من سياسة التقشف، وأن كل ما حققه من وعوده الانتخابية هو إبقاء البلاد حتى الآن فى منطقة اليورو.