انطلاق أولى الاجتماعات التمهيدية للمشروع الوطني للقراءة بجامعة عين شمس    28 مليار جنيه تمويلات للنهوض بالمشروعات الصغيرة و متناهية الصغر بصعيد مصر    رئيس الوزراء: إيني الإيطالية تضخ 8 مليارات دولار بالسوق المصري خلال 5 سنوات    محافظ الأقصر يشهد انطلاق فعاليات أسبوع الخير أولى.. صور    ترانسكارجو إنترناشيونال توقع مذكرة لتشغيل محطة متعددة الأغراض بميناء السخنة    بوتين للغرب: مصادرة أصولنا سرقة.. والجميع يعي ذلك    بوتين: مستعدون لمواصلة القتال حتى آخر أوكراني    رئيس الوزراء: قادة العالم أشادوا بدور مصر والرئيس السيسى بقضية فلسطين    شاهد| الكوكي ينتقد عدم وجود اللغة العربية في مؤتمر مواجهة زيسكو بالكونفدرالية    دوري أبطال إفريقيا - الأهلي بالزي الأساسي أمام الجيش الملكي    خلف الشاشات.....معاناه ضحايا الإبتزاز الإلكتروني فى المنيا.«الفجر» ترصد أبرز قضايا الإنترنت    إيفاد لجنة لمعاينة منزل بقرية الجعافرة بأسوان تعرض لوقوع السقف أثناء تفكيكه    سقوط تلميذة من الدور الثاني بالمحلة بعد إغلاق المدرسة    خطوات استخراج بطاقة الرقم القومي «أون لاين»    نجاة الصغيرة تزور مدينة الثقافة والفنون ومقر الوطنية للإعلام بالعاصمة الجديدة    مفتي الجمهورية ومدير مكتبة الإسكندرية يبحثان توسيع التعاون في التوثيق والتراث والبحث العلمي    السياحة والآثار توضح تفاصيل إنشاء مبنى خرساني بمنطقة الدير البحري    مدبولي: ما يُثار حول انتشار فيروس جديد داخل البلاد ليس له أساس علمي أو طبي    نتنياهو يعقد اجتماعا أمنيا طارئا لبحث التطورات على الساحة اللبنانية    الشيخ خالد الجندي يوضح معنى حديث أول شيءٍ يُرفع من هذه الأمة الخشوع حتى لا ترى فيها خاشعا    انخفاض الحرارة غدا.. وأمطار على بعض المناطق والصغرى بالقاهرة 16 درجة    توزيع جوائز الفائزين بمسابقة أجمل صوت فى تلاوة القرآن الكريم بالوادى الجديد    إعلان نتائج بطولة الملاكمة بالدورة الرياضية للجامعات والمعاهد العليا دورة الشهيد الرفاعي "53"    رئيس المجلس الوطني للإعلام بالإمارات يزور عادل إمام.. والزعيم يغيب عن الصورة    عقدة ستالين: ذات ممزقة بين الماضى والحاضر!    أحمد عبد القادر يغيب عن الأهلي 3 أسابيع بسبب شد الخلفية    مُصطفي غريب ضيف آبلة فاهيتا "ليلة فونطاستيك.. السبت    رئيس لجنة مراجعة المصحف بالأزهر: دولة التلاوة ثمرة الكتاتيب في القرى    رئيس جامعة بنها : اعتماد 11 برنامجا أكاديميا من هيئة ضمان جودة التعليم    «التأمين الصحى الشامل» يقرر تحديث أسعار الخدمات الطبية بدءًا من يناير 2026    وزير الصحة يزور أكبر مجمع طبي في أوروبا بإسطنبول    الصحة: فحص أكثر من 4.5 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    إصابة شخص في انفجار أنبوبة غاز بقرية ترسا بالفيوم    إطلاق أول قاعدة بيانات وطنية متكاملة للتعليم قبل الجامعي للعامين 2024–2025    زهراء المعادي: الموافقة على عرض الشراء الإجباري مرهونة بعدالة السعر المقدم    أوقاف الغربية تنظّم ندوة علمية بالمدارس بعنوان «حُسن الجوار في الإسلام»    غلق 32 منشأة طبية خاصة وإنذار 28 أخرى خلال حملات مكثفة بالبحيرة    وزير البترول يعقد لقاءً موسعاً مع شركات التعدين الأسترالية    السعودية: 4.8% من سكان المملكة أكبر من 60 عاما    الهلال الأحمر المصري يرسل القافلة ال82 إلى غزة محملة ب260 ألف سلة غذائية و50 ألف بطانية    وزير الشباب والرياضة يستقبل سفير دولة قطر لبحث التعاون المشترك    مقتل أكثر من 30 وفقدان 14 آخرين بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية في سريلانكا    محامي رمضان صبحي: التواصل معه صعب بسبب القضية الأخرى.. وحالة بوجبا مختلفة    عادل فتحي نائبا.. عمومية المقاولون العرب تنتخب مجلس إدارة جديد برئاسة محسن صلاح    روز اليوسف على شاشة الوثائقية قريبًا    كأس مصر| البنك الأهلي في اختبار حاسم أمام بور فؤاد بحثًا عن عبور آمن لدور ال16    عشرات القتلى و279 مفقودًا في حريق الأبراج العملاقة ب هونغ كونغ    حقيقة فسخ بيراميدز تعاقده مع رمضان صبحي بسبب المنشطات    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي ب7 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    جولة إعادة مشتعلة بين كبار المرشحين واحتفالات تجتاح القرى والمراكز    الأحزاب ترصد مؤشرات الحصر العددى: تقدم لافت للمستقلين ومرشحو المعارضة ينافسون بقوة فى عدة دوائر    وزير الانتاج الحربي يتابع سير العمل بشركة حلوان للصناعات غير الحديدية    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    عصام عطية يكتب: «دولة التلاوة».. صوت الخشوع    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    ضعف المناعة: أسبابه وتأثيراته وكيفية التعامل معه بطرق فعّالة    موعد أذان وصلاة الفجر اليوم الخميس 27نوفمبر2025.. ودعاء يستحب ترديده بعد ختم الصلاه.    «امرأة بلا أقنعة».. كتاب جديد يكشف أسرار رحلة إلهام شاهين الفنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية القديس مارمينا شهيد التعذيب
نشر في أكتوبر يوم 22 - 02 - 2015

فى الوقت الذى خاطبت دعوة السيد المسيح عيسى عليه السلام البشرية بلغة تدعو إلى الهداية وسطرت تاريخًا قوامه التسامح والغفران نجد من سطر صفحات من الغلظة والقسوة والاضطهاد وضد أنصار هذه الدعوة.. وتزيح أكتوبر ولأول مرة الستار عن أسرار كهنوتية وكنسية دير مارمينا العجايبى الذى يشكل مفصلًا بين تاريخين التسامح والاضطهاد وهذا الدير هو المقصد الثانى للحج عند المسيحيين بعد كنيسة المهد فى بيت لحم فى القدس، وننشر لأول مرة السيرة الذاتية للقديس الذى روت دماؤه أرض مريوط المصرية لتسجل صفحة مجيدة من تاريخ مصر والمسيحيين الذين واجهوا بشجاعة ألوان التعذيب وسطروا أمجادًا كنسية.. والقديس مينا من أكثر القديسين احترامًا وتبجيلًا عند المسيحيين فى مصر فقد استشهد بعد اضطهاد الامبراطور الرومانى دقلديانوس وحمل جثمانه على جمل وعند الموضع الذى توقف فيه الجمل عن السير بالصحراء غرب الإسكندرية وعبر الطريق الممتد إلى وادى النطرون تم دفن رفات هذا القديس ثم قامت على مقبرته كنيسة وأنشأ حول ضريحه مدينة صغيرة مقدسة وأخذ الناس يحجون إليها من مصر ومن سائر بلاد الشرق.. وجرى تصوير مينا فى الايقونات المسيحية واقفًا بين جملين قاعدين وصار يعتبر راعيًا للقوافل وبالقرب من قبره تفجر ينبوع اشتهر بالكرامات حتى أنهم يقولون اشرب من ماء القديس مينا تزول عنك جميع الآلام.
والتقت «أكتوبر» بكهنة شرحوا تاريخ هذا الدير الذى يعتبر جزءًا من العقيدة المسيحية التى تسمى التاريخ المقدس.. هنا الفلسفة وجذورها والفكر وعمقه والتاريخ ودروسه وبركات يتلمسها المسلم والمسيحى «نسيج الأمة» فهى أرض التسامح لكل المعانى، لأنها أرض مصر التى استطاعت أن تصهر قبل التاريخ الفكر الدينى والبعد الروحانى التى شكلت وجدان وعقيدة المصرى حتى قبل نشوء الفكر الدينى..
تقع مدينة أبو مينا الأثرية أو المدينة الرخامية لأن كل ما فيها من الرخام على مساحة 978 فدانًا، وسر الرخام أن مصر كانت ترسل الغلال للإمبراطورية الرومانية وكانت الامبراطورية ترسل بدلًا منه الرخام وكانت أنواعه 21 نوعًا.
واصطحبنا فى التجول فى الدير وفى المنطقة الأثرية القمص تداوس مسئول الآثار والتراث القبطى والعلاقات العامة بالدير الذى يرأسه الانبا كيرولس..
يقول القمص تداوس إن المدينة نشأت على أنقاض قبر القديس مارمينا وهو أشهر شهيداء مصر وهو موضع قرية تسمى زاوية رازين بمركز صفوف بمحافظة المنوفية، ولد القديس مينا عام 286 ميلادية واستشهد فى عام 309 ميلادية وكان أبوه واليًا على منطقة شمال أفريقيا التى تضم «مصر وليبيا وتونس والجزائر» بعد ولادته وفى عمر 9 سنوات توفى والده، وبعد 4 سنوات توفيت والدته، فى سن الخامسة عشرة دخل الجيش الرومانى.. وعين ضابطًا، وتواجد فى الجيش 3 سنوات.. وكان له صديق حميم اسمه القائد اثنسيوس وكان يحكى له تاريخه القديم الذى عاشه مع والده.. ثم ترك حياة الجندية.. وجاء للصحراء وعاش 5 سنوات بين حياة النسك والزهد والتقشف والعبادة.. متأملًا حياته مع الله وكانت هذه الفترة حبلى بالأحداث فقد تحول الإمبراطور الرومانى دقلديانوس من عبادة المسيحية إلى الوثنية.. ترك القديس مارمينا الصحراء وذهب للإمبراطور واعترف له بأنه مسيحى ولم يتحول عن دينه.. حاول الامبراطور معه لكن لم يتغير فكره ولمدة عام من التعذيب قطع الامبراطور رأسه ونال الاستشهاد عام 309 ميلادية وكان عمره 23 عامًا، أحب الامبراطوار أن يحرق جسده ولكن جاءت أمطار من السماء اطفأت النيران.. فأخذ المسيحيون جسده وكفنوه ووضعوه فى صندوق.. وفى مدينة مريوط كانت تعيش شعوب مسيحية، بينما كانت شعوب بربرية تهاجم المدينة.
وأرسل الامبراطور قسطنطين الرومانى الذى أتى بعد الامبراطور الوثنى القائد اثنسيوس الذى كان زميلًا للقديس مينا بحامية من الجنود للدفاع عن مريوط، وعندما أرادوا أن يرجعوا بلادهم مرة أخرى وضعوا عظام القديس مارمينا على الجمال فبرك الحمل ولم يتحرك ثم وضعوه على جملًا آخر ولم يتحرك، فعلموا أن القديس يريد أن يدفن فى هذا المكان، وقد وجدت بردية فى منطقة الحامول تحكى قصة القديس ونسكه وهذه الواقعة.. وقصة الاضطهاد والعذاب الذى لاقاه وتم رسم صورة لشاب عمرة 23 عامًا يلبس لباس ضابط فى الجيش الرومانى، ومن أسفله يوجد الجملان ورءوس للحيوانات البحرية وكتب تلك القصة ووضعها على الصندوق وهذه الصورة محفورة من الخشب ووضعت فى الصندوق الذى دفن فيه القديس فى تلك المنطقة.
كرامات مارمينا
بعد فترة من دفنه فى هذه المنطقة كان يوجد رعاة غنم فى تلك الصحراء وكان هناك خروف أجرب.. وعندما نزل إلى بحيرة المياه الموجودة فى دير مارمينا شفى، فذاع صيت المكان عند الرعاة.. وكانت هناك من القصص الكثير منها أن مرض الكوليرا انتشر فى البلاد فذهبوا لبحيرة المياه وشفوا جميعًا.. وقصة أخرى أن بنت الامبراطور جوستينان كانت مريضة بمرض الجذام فأتت من روما وشفيت بتراب هذا المكان ومياهه فأرسلت للبطريرك وأخرج عظام مارمينا وبنى كاتدرائية ومزارًا فى هذا المكان. وكانت عبارة عن 4 قباب وكان تحتها مزار للقديس مارمينا.. وشيدت الكنيسة فى القرن الرابع الميلادى.. على شكل صليب طوله 60 مترًا وعرضه 40 مترًا وبه 56 عمودًا.. وأصبح هذا المكان مزارًا لمسيحيى شمال أفريقيا وأوروبا.. وقامت حوله صناعات للهدايا التذكارية ومنها صناعة الزجاج والفخاريات ومعاصر للزبيب والزيتون ولعب الأطفال، وأقيمت أوتيلات مكان قلايات الرهبان ومكان عبادتهم وخرج من هذا الدير الأثرى 7 رهبان.. نشروا المسيحية فى إيرلندا فى القرون الأولى.. وكان البطريرك يقيم احتفالا يوم 24 نوفمبر من كل عام فى العصور الأولى للمسيحية للاحتفال بميلاده، ولذلك سمى مارمينا العجايبى.. وذلك فى القرن الرابع والخامس والسادس والسابع.
الحج الثانى بعد القدس
وتعتبر هذه المنطقة الحج الثانى بعد القدس.. تذهب جموع الناس لدير مارمينا الأول ثم إلى القدس والدليل على هذا وجود قارورة القديس مارمينا المرسومة عليها صورته وكان يحملها وداخلها المياه المقدسة والزيت المقدس وجدت فى متحف اللوفر فى فرنسا.. وفى أماكن أخرى من العالم.. ومازال حتى الآن هذا المكان هو حج لكل مسيحيى العالم.
اكتشاف المدينة
فى عام 1905 كان العالم الألمانى كارل مارياكوفمان يعمل فى حفريات بآثار الفيوم وتحديدًا فى مدينة الحامولى، ووجد بردية عن القديس مارمينا فذهب إلى منطقة مريوط، ليسأل عن مكان الدير، فوجد أحد الأطفال من بدو المنطقة ومعه قارورة من القوارير الخاصة بالقديس مارمينا.. فاستدل منه عن المكان.. وبدأت الحفائر فى المنطقة فاكتشف الكنيسة بالكامل وباقى عناصر المدينة، وحينما رجع لبلده أخذ 100 صندوق من الخشب من آثار وقواعد وتيجان وقوارير وأشياء كثيرة وبنى بها متحفًا فى فرانكفورت بألمانيا..
هذا المتحف وجده الأنبا كيرولس رئيس الدير وحصل على ثلاث كتب عن محتوى هذا المتحف.
وفى عام 1940 أحب أبو مينا المتوحد قداس البابا كيرولس السادس أن يعيش فى تلك البقعة من الصحراء لما له من علامة وطيدة مع القديس مارمينا.. وهو أيضًا ما دفعه لإنشاء جمعية مارمينا المهتمة بالتراث القبطى وبالكتابة والعمل على الحفاظ على هذه المدينة الأثرية بالكامل..
وفى عام 1959 وافقت هيئة الآثار أن يقيم البابا كيرولس السادس فى هذه المنطقة ووضع حجر الأساس لدير مارمينا الجديد فى 29 مايو 1959.
البعثات الأثرية
جاءت بعثة أثرية ألمانية برئاسة بيترجروشجان وهو عالم آثار ألمانى كبير أكمل الحفريات واكتشف بيوت الخبازين والمعاصر.
وفى عام 1979 اختيرت مدينة مارمينا الأثرية من مناطق التراث العالمى فى مصر لتحتل المرتبة الخامسة بعد القاهرة الفاطمية وقبل ديرسانت كاترين.
وفى عام 1983 رصد البنك المركزى الأمريكى معونة للشباب لزراعة الأراضى الصحراوية المحيطة بالمنطقة فى مشروع بنجر السكر الذى تحول من الرى بالتنقيط إلى الرى بالغمر.
ونتيجة للرى بالغمر تدهورت أحوال المدينة وغرقت المنطقة ولكن عام 2002 هددت اليونسكو برفع المنطقة من التراث العالمى لوضعها فى التراث المعرض للخطر.
وفى عام 2005 رصدت الحكومة 19 مليونا لمشروع تجفيف المياه الجوفية، وأقامت الحكومة مع الدير واليونسكو لجنة متخصصة من كبار أساتذة الهندسة والتراث والمياه الجوفية.. وتم اعتماد المشروع وللتنفيذ انتهى فى 2010 وأزيل الخطر..
ويوجد فى الكاتدرائية الجديدة قبر البابا كيرلس السادس وبناء ضخم على أعلى مستوى يأتى المسيحيون من جميع أنحاء مصر والعالم يحجون إلى الكاتدارئية الجديدة ويتبركون بالقديس مارمينا فى هذه المنطقة من الصحراء التى بها آثار وكنيسة تعود ل 17 قرنًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.