أبرز بنود «إعلان القاهرة» خلال الجلسة الختامية لاجتماع وزراء السياحة بدول منظمة (D-8)    الخارجية الأمريكية: الاتفاق مع الحوثيين يتعلق فقط بوقف هجماتهم على السفن في البحر الأحمر    السيسي يهنئ فريدريش ميرز بانتخابه مستشارا لألمانيا    منتخب مصر لرفع الأثقال يحقق أرقاما قياسية بالجملة في بطولة العالم للناشئين    التعادل يحسم نتيجة مباراة زد ضد الاتحاد السكندري في الدوري المصري الممتاز    ضبط 8 طالبات بالصف الثاني الإعدادي لتعديهم على زميلتهم في العاشر من رمضان    محكمة النقض تحدد جلسة لنظر طعن سائق «أوبر» المدان في قضية «فتاة الشروق»    منطقة أهرامات الجيزة تستقبل وزير السياحة التركي    ما حكم ترك ركن من أركان الحج؟.. القاعدة الشرعية    البنك الإسلامي للتنمية والبنك الآسيوي للتنمية يتعهدان بتقديم ملياري دولار لمشاريع التنمية المشتركة    جولة تفقدية لوكيل مديرية التعليم بالقاهرة لمتابعة سير الدراسة بالزاوية والشرابية    "ثقافة الفيوم" تشارك في فعاليات مشروع "صقر 149" بمعسكر إيواء المحافظة    "الأزهر" يرفض و"الأوقاف" تتغول على صلاحياته " .."برلمان الانقلاب " يقر قانون تنظيم الفتوى بعد فتوى الدكتور "إمام    في اليوم العالمي للربو 2025.. كيف تسيطر على النوبة؟    وفد البنك الدولى ومنظمة الصحة العالمية في زيارة لمنشآت صحية بأسيوط    "قومي المرأة" يشارك في تكريم المؤسسات الأهلية الفائزة في مسابقة "أهل الخير 2025"    من منتدى «اسمع واتكلم».. ضياء رشوان: فلسطين قضية الأمة والانتماء العربى لها حقيقى لا يُنكر    استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني لحماية المرأة    الكرملين: بوتين سيزور الصين في أغسطس المقبل    نجوم الفن وصناع السينما يشاركون في افتتاح سمبوزيوم «المرأة والحياة» بأسوان    أحدث ظهور ل ابنة نور الشريف    ظافر العابدين ينضم لأبطال فيلم السلم والثعبان 2    بولندا تتهم روسيا بالتدخل في حملة الانتخابات الرئاسية    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    أمين الفتوى: الزواج قد يكون «حرامًا» لبعض الرجال أو النساء    محافظ دمياط: إطلاق حزمة من الإجراءات لإحياء حرفة النحت على الخشب    حالة الطقس غدا الأربعاء 7-5-2025 في محافظة الفيوم    النائب العام يشارك في فعاليات قمة حوكمة التقنيات الناشئة بالإمارات    رئيس شباب النواب: استضافة مصر لبطولة العالم العسكرية للفروسية يعكس عظمة مكانتها    رافينيا يرشح محمد صلاح للفوز بالكرة الذهبية    بعد اغتصاب مراهق لكلب.. عالم أزهري يوضح حكم إتيان البهيمة    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس الحكومة المؤقتة في بنجلاديش    البابا تواضروس الثاني يزور البرلمان الصربي: "نحن نبني جسور المحبة بين الشعوب"    منها إنشاء مراكز بيع outlet.. «مدبولي» يستعرض إجراءات تيسير دخول الماركات العالمية إلى الأسواق المصرية    رئيس شركة فيزا يعرض مقترحًا لزيادة تدفق العملات الأجنبية لمصر -تفاصيل    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2025 في مصر والدول العربية    تأجيل محاكمة 7 متهمين في خلية "مدينة نصر" الإرهابية ل 16 يونيو    رئيس "شباب النواب": استضافة مصر لبطولة الفروسية تعكس مكانة مصر كوجهة رياضية عالمية    مشروبات صحية يُنصح بتناولها لمرضى السرطان    تأجيل محاكمة نقاش قتل زوجته فى العمرانية بسبب 120 جنيها لجلسة 2 يونيو    بعد رحيله عن الأهلي.. تقارير: عرض إماراتي يغازل مارسيل كولر    نائب وزير الصحة: تحسين الخصائص السكانية ركيزة أساسية في الخطة العاجلة لتحقيق التنمية الشاملة    المخرج جون وونج سون يزور مقر مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي بالقاهرة    ضبط محل يبيع أجهزة ريسيفر غير مصرح بتداولها في الشرقية    جامعة كفر الشيخ تنظّم ندوة للتوعية بخطورة التنمر وأثره على الفرد والمجتمع    "الخارجية" تتابع موقف السفينة التي تقل بحارة مصريين قبالة السواحل الإماراتية    الجيش الإسرائيلي يصدر إنذارا بإخلاء منطقة مطار صنعاء الدولي بشكل فوري    جزاءات رادعة للعاملين بمستشفى أبوكبير المركزي    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    مجلس مدينة الحسنة يواصل إزالة الآثار الناجمة عن السيول بوسط سيناء    ادعوله بالرحمة.. وصول جثمان الفنان نعيم عيسى مسجد المنارة بالإسكندرية.. مباشر    "هذه أحكام كرة القدم".. لاعب الزمالك يوجه رسالة مؤثرة للجماهير    باكستان تتهم الهند بوقف تدفق مياه نهر تشيناب    مدرب كريستال بالاس: هذا ما يجب علينا تقبله    وزير الثقافة يطلق مشروع "أهلا وسهلا بالطلبة" بتخفيض 50% للمسارح والمتاحف    «الداخلية»: ضبط شخص عرض سيارة غير قابلة للترخيص للبيع عبر «فيس بوك»    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 6 مايو في مصر    إلغاء الرحلات الجوية بعد استهداف مطار بورتسودان بمسيرات للدعم السريع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية القديس مارمينا شهيد التعذيب
نشر في أكتوبر يوم 22 - 02 - 2015

فى الوقت الذى خاطبت دعوة السيد المسيح عيسى عليه السلام البشرية بلغة تدعو إلى الهداية وسطرت تاريخًا قوامه التسامح والغفران نجد من سطر صفحات من الغلظة والقسوة والاضطهاد وضد أنصار هذه الدعوة.. وتزيح أكتوبر ولأول مرة الستار عن أسرار كهنوتية وكنسية دير مارمينا العجايبى الذى يشكل مفصلًا بين تاريخين التسامح والاضطهاد وهذا الدير هو المقصد الثانى للحج عند المسيحيين بعد كنيسة المهد فى بيت لحم فى القدس، وننشر لأول مرة السيرة الذاتية للقديس الذى روت دماؤه أرض مريوط المصرية لتسجل صفحة مجيدة من تاريخ مصر والمسيحيين الذين واجهوا بشجاعة ألوان التعذيب وسطروا أمجادًا كنسية.. والقديس مينا من أكثر القديسين احترامًا وتبجيلًا عند المسيحيين فى مصر فقد استشهد بعد اضطهاد الامبراطور الرومانى دقلديانوس وحمل جثمانه على جمل وعند الموضع الذى توقف فيه الجمل عن السير بالصحراء غرب الإسكندرية وعبر الطريق الممتد إلى وادى النطرون تم دفن رفات هذا القديس ثم قامت على مقبرته كنيسة وأنشأ حول ضريحه مدينة صغيرة مقدسة وأخذ الناس يحجون إليها من مصر ومن سائر بلاد الشرق.. وجرى تصوير مينا فى الايقونات المسيحية واقفًا بين جملين قاعدين وصار يعتبر راعيًا للقوافل وبالقرب من قبره تفجر ينبوع اشتهر بالكرامات حتى أنهم يقولون اشرب من ماء القديس مينا تزول عنك جميع الآلام.
والتقت «أكتوبر» بكهنة شرحوا تاريخ هذا الدير الذى يعتبر جزءًا من العقيدة المسيحية التى تسمى التاريخ المقدس.. هنا الفلسفة وجذورها والفكر وعمقه والتاريخ ودروسه وبركات يتلمسها المسلم والمسيحى «نسيج الأمة» فهى أرض التسامح لكل المعانى، لأنها أرض مصر التى استطاعت أن تصهر قبل التاريخ الفكر الدينى والبعد الروحانى التى شكلت وجدان وعقيدة المصرى حتى قبل نشوء الفكر الدينى..
تقع مدينة أبو مينا الأثرية أو المدينة الرخامية لأن كل ما فيها من الرخام على مساحة 978 فدانًا، وسر الرخام أن مصر كانت ترسل الغلال للإمبراطورية الرومانية وكانت الامبراطورية ترسل بدلًا منه الرخام وكانت أنواعه 21 نوعًا.
واصطحبنا فى التجول فى الدير وفى المنطقة الأثرية القمص تداوس مسئول الآثار والتراث القبطى والعلاقات العامة بالدير الذى يرأسه الانبا كيرولس..
يقول القمص تداوس إن المدينة نشأت على أنقاض قبر القديس مارمينا وهو أشهر شهيداء مصر وهو موضع قرية تسمى زاوية رازين بمركز صفوف بمحافظة المنوفية، ولد القديس مينا عام 286 ميلادية واستشهد فى عام 309 ميلادية وكان أبوه واليًا على منطقة شمال أفريقيا التى تضم «مصر وليبيا وتونس والجزائر» بعد ولادته وفى عمر 9 سنوات توفى والده، وبعد 4 سنوات توفيت والدته، فى سن الخامسة عشرة دخل الجيش الرومانى.. وعين ضابطًا، وتواجد فى الجيش 3 سنوات.. وكان له صديق حميم اسمه القائد اثنسيوس وكان يحكى له تاريخه القديم الذى عاشه مع والده.. ثم ترك حياة الجندية.. وجاء للصحراء وعاش 5 سنوات بين حياة النسك والزهد والتقشف والعبادة.. متأملًا حياته مع الله وكانت هذه الفترة حبلى بالأحداث فقد تحول الإمبراطور الرومانى دقلديانوس من عبادة المسيحية إلى الوثنية.. ترك القديس مارمينا الصحراء وذهب للإمبراطور واعترف له بأنه مسيحى ولم يتحول عن دينه.. حاول الامبراطور معه لكن لم يتغير فكره ولمدة عام من التعذيب قطع الامبراطور رأسه ونال الاستشهاد عام 309 ميلادية وكان عمره 23 عامًا، أحب الامبراطوار أن يحرق جسده ولكن جاءت أمطار من السماء اطفأت النيران.. فأخذ المسيحيون جسده وكفنوه ووضعوه فى صندوق.. وفى مدينة مريوط كانت تعيش شعوب مسيحية، بينما كانت شعوب بربرية تهاجم المدينة.
وأرسل الامبراطور قسطنطين الرومانى الذى أتى بعد الامبراطور الوثنى القائد اثنسيوس الذى كان زميلًا للقديس مينا بحامية من الجنود للدفاع عن مريوط، وعندما أرادوا أن يرجعوا بلادهم مرة أخرى وضعوا عظام القديس مارمينا على الجمال فبرك الحمل ولم يتحرك ثم وضعوه على جملًا آخر ولم يتحرك، فعلموا أن القديس يريد أن يدفن فى هذا المكان، وقد وجدت بردية فى منطقة الحامول تحكى قصة القديس ونسكه وهذه الواقعة.. وقصة الاضطهاد والعذاب الذى لاقاه وتم رسم صورة لشاب عمرة 23 عامًا يلبس لباس ضابط فى الجيش الرومانى، ومن أسفله يوجد الجملان ورءوس للحيوانات البحرية وكتب تلك القصة ووضعها على الصندوق وهذه الصورة محفورة من الخشب ووضعت فى الصندوق الذى دفن فيه القديس فى تلك المنطقة.
كرامات مارمينا
بعد فترة من دفنه فى هذه المنطقة كان يوجد رعاة غنم فى تلك الصحراء وكان هناك خروف أجرب.. وعندما نزل إلى بحيرة المياه الموجودة فى دير مارمينا شفى، فذاع صيت المكان عند الرعاة.. وكانت هناك من القصص الكثير منها أن مرض الكوليرا انتشر فى البلاد فذهبوا لبحيرة المياه وشفوا جميعًا.. وقصة أخرى أن بنت الامبراطور جوستينان كانت مريضة بمرض الجذام فأتت من روما وشفيت بتراب هذا المكان ومياهه فأرسلت للبطريرك وأخرج عظام مارمينا وبنى كاتدرائية ومزارًا فى هذا المكان. وكانت عبارة عن 4 قباب وكان تحتها مزار للقديس مارمينا.. وشيدت الكنيسة فى القرن الرابع الميلادى.. على شكل صليب طوله 60 مترًا وعرضه 40 مترًا وبه 56 عمودًا.. وأصبح هذا المكان مزارًا لمسيحيى شمال أفريقيا وأوروبا.. وقامت حوله صناعات للهدايا التذكارية ومنها صناعة الزجاج والفخاريات ومعاصر للزبيب والزيتون ولعب الأطفال، وأقيمت أوتيلات مكان قلايات الرهبان ومكان عبادتهم وخرج من هذا الدير الأثرى 7 رهبان.. نشروا المسيحية فى إيرلندا فى القرون الأولى.. وكان البطريرك يقيم احتفالا يوم 24 نوفمبر من كل عام فى العصور الأولى للمسيحية للاحتفال بميلاده، ولذلك سمى مارمينا العجايبى.. وذلك فى القرن الرابع والخامس والسادس والسابع.
الحج الثانى بعد القدس
وتعتبر هذه المنطقة الحج الثانى بعد القدس.. تذهب جموع الناس لدير مارمينا الأول ثم إلى القدس والدليل على هذا وجود قارورة القديس مارمينا المرسومة عليها صورته وكان يحملها وداخلها المياه المقدسة والزيت المقدس وجدت فى متحف اللوفر فى فرنسا.. وفى أماكن أخرى من العالم.. ومازال حتى الآن هذا المكان هو حج لكل مسيحيى العالم.
اكتشاف المدينة
فى عام 1905 كان العالم الألمانى كارل مارياكوفمان يعمل فى حفريات بآثار الفيوم وتحديدًا فى مدينة الحامولى، ووجد بردية عن القديس مارمينا فذهب إلى منطقة مريوط، ليسأل عن مكان الدير، فوجد أحد الأطفال من بدو المنطقة ومعه قارورة من القوارير الخاصة بالقديس مارمينا.. فاستدل منه عن المكان.. وبدأت الحفائر فى المنطقة فاكتشف الكنيسة بالكامل وباقى عناصر المدينة، وحينما رجع لبلده أخذ 100 صندوق من الخشب من آثار وقواعد وتيجان وقوارير وأشياء كثيرة وبنى بها متحفًا فى فرانكفورت بألمانيا..
هذا المتحف وجده الأنبا كيرولس رئيس الدير وحصل على ثلاث كتب عن محتوى هذا المتحف.
وفى عام 1940 أحب أبو مينا المتوحد قداس البابا كيرولس السادس أن يعيش فى تلك البقعة من الصحراء لما له من علامة وطيدة مع القديس مارمينا.. وهو أيضًا ما دفعه لإنشاء جمعية مارمينا المهتمة بالتراث القبطى وبالكتابة والعمل على الحفاظ على هذه المدينة الأثرية بالكامل..
وفى عام 1959 وافقت هيئة الآثار أن يقيم البابا كيرولس السادس فى هذه المنطقة ووضع حجر الأساس لدير مارمينا الجديد فى 29 مايو 1959.
البعثات الأثرية
جاءت بعثة أثرية ألمانية برئاسة بيترجروشجان وهو عالم آثار ألمانى كبير أكمل الحفريات واكتشف بيوت الخبازين والمعاصر.
وفى عام 1979 اختيرت مدينة مارمينا الأثرية من مناطق التراث العالمى فى مصر لتحتل المرتبة الخامسة بعد القاهرة الفاطمية وقبل ديرسانت كاترين.
وفى عام 1983 رصد البنك المركزى الأمريكى معونة للشباب لزراعة الأراضى الصحراوية المحيطة بالمنطقة فى مشروع بنجر السكر الذى تحول من الرى بالتنقيط إلى الرى بالغمر.
ونتيجة للرى بالغمر تدهورت أحوال المدينة وغرقت المنطقة ولكن عام 2002 هددت اليونسكو برفع المنطقة من التراث العالمى لوضعها فى التراث المعرض للخطر.
وفى عام 2005 رصدت الحكومة 19 مليونا لمشروع تجفيف المياه الجوفية، وأقامت الحكومة مع الدير واليونسكو لجنة متخصصة من كبار أساتذة الهندسة والتراث والمياه الجوفية.. وتم اعتماد المشروع وللتنفيذ انتهى فى 2010 وأزيل الخطر..
ويوجد فى الكاتدرائية الجديدة قبر البابا كيرلس السادس وبناء ضخم على أعلى مستوى يأتى المسيحيون من جميع أنحاء مصر والعالم يحجون إلى الكاتدارئية الجديدة ويتبركون بالقديس مارمينا فى هذه المنطقة من الصحراء التى بها آثار وكنيسة تعود ل 17 قرنًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.