«ميلاد السيد المسيح عيد للمصريين جميعاً» هذا ما قاله القمص بيشوى حلمى سكرتير مجلس كنائس مصر فى أول حديثه لمجلة أكتوبر، مشيرًا إلى أن مولده بشرة خير وسلام للعالم أجمع. وأكد حلمى أن نشاط المجلس لا يقتصر على الجانب الدينى وإنما يمتد للمجتمع ككل، مشددًا على أنه لابد من تعاون رجال الدين والعلم لمواجهة ظاهرة الإلحاد الوافدة من الغرب، ونفى بشدة دعم الكنيسة لأى مرشح فى الانتخابات البرلمانية، مشددًاً أن الكنيسة لا تعمل بالسياسة. * بداية.. نحن نحتفل بأعياد الميلاد والسنة الجديدة.. ماذا تقول للمصريين؟ ** أقول كل عام وأنتم جميعًا بخير.. عيد ميلاد السيد المسيح هو عيد للمصريين جميعًا.. فالسيد المسيح تعترف به كل الديانات السماوية.. ومولده بشرة خير وفرح وسلام للعالم أجمع.. أقول لكل مصرى.. كل عام وأنت فى خير وسلام وفرح، وفى العام الحالى إن شاء الله تكون مصر قد خطت إلى الأمام خطوات سريعة فى طريق التقدم والازدهار. * بعد حوالى عامين من إنشائه.. كيف ترى مجلس كنائس مصر الآن؟ ** بالفعل سيحتفل مجلس كنائس مصر بعامه الثانى فى 18 فبراير المقبل، واشعر أننا فى خلال هذين العامين نسير بخطوات ثابتة إلى الأمام، فقد كوَّنا عدة لجان أهمها لجنة الشباب، ولجنة المرأة واللجنة القانونية ولجنة الكهنة والخدام وقد اجتمعت هذه اللجان مرات عديدة وقامت بأنشطة مختلفة أعلنت بها عن وجودها ووجود المجلس من جهة، ومن جهة أخرى قامت بأنشطة تعاونية شارك فيها شباب وأفراد من الكنائس العديدة معًا، فخرجت بروح الحب لترسيخ القيم المسيحية الأصيلة. ولم يقتصر النشاط على الجانب الدينى فقط بل كان مجلس كنائس مصر متفاعلا مع المجتمع بعدة لقاءات أهمها لقاء كبير فى يوليو الماضى تحت عنوان «معًا ضد العنف» حضره لفيف من الشخصيات العامة والكنسية كما حضره عدد كبير من الشباب من مختلف الأديان جاءوا جميعًا ليعلنوا رفضهم للعنف.. كما قمنا بعمل لقاء من أجل السلام فى المنطقة فى أغسطس الماضى، وكان للصلاة من أجل مسيحى المنطقة. ظاهرة الإلحاد * كيف تفسر ظاهرة الإلحاد التى ظهرت مؤخرًا؟ ** هى نتاج لتوافد ثقافات غربية مع فهم خاطئ للحرية وذلك يحدث عادة عقب الثورات، وأيضًا تتدخل عوامل أخرى مثل البطالة وسوء الحالة الاقتصادية والفراغ الذى قد يعيشه البعض من الشباب، كل هذا أدى إلى ظهورها بالمنطقة.. ولا توجد أرقام حقيقية عن أعداد الملحدين فى مصر فالأرقام تتباين من جهة إلى أخرى والبعض يقول إن هناك ما بين 2.5 إلى 3 ملايين ملحد فى مصر، ولكن الإلحاد له صور عديدة فالبعض منهم ينكر وجود الله تمامًا والبعض الآخر ينكر التعامل مع الله جل اسمه، ولا اعرف هل هذه الأرقام عن أعداد الملحدين تشمل الفريقين معا أو أحدهما فقط. * هل التشدد الدينى يؤدى للإلحاد؟ ** القاعدة فى الدين أنه وسطى.. والكتاب المقدس يقول « ليكن كل شىء بلياقة وحسب ترتيب ولتصير كل أموركم فى محبة» وآباء الكنيسة علمونا أن الطرق الوسطى قد خلصت كثيرين.. فالأصل فى الدين هو الاعتدال وليس التطرف أو التعصب، ولكن بالطبع كما فى كل مهنة توجد درجات متفاوتة وطباع متباينة، فهذا يمكن أن يوجد فى رجال الدين، ولكن اعتقد أن الفهم الخاطئ للدين ومفرداته هو الذى يمكن أن يؤدى إلى الإلحاد لأنه إذا كان هناك رجل دين متشدد فى مكان ما فالشعب سيتركه ويذهب إلى مكان آخر به رجل دين أقل تشددًا، ولكن الفهم الخاطئ لمفردات الديانة والفكرة الخاطئة عن الله هى التى تدفع البعض إلى الاعتقاد بعدم وجود الله. * كيف يمكن علاج هذه الظاهرة؟ ** علاج هذه الظاهرة يأتى بالحوار وتقديم القدوة الحسنة والأهم احتواء هذا الشخص الملحد لأن كثيرين منهم يشعرون بأنهم منبوذون من المجتمع نتيجة أفكارهم، وفى الواقع هم يحتاجون فى المقام الأول إلى الحب ثم التفاهم والحوار وتقديم الأسانيد والبراهين التى تدحض أفكارهم، وهذا الأمر يمكن أن يتعاون فيه رجال الدين مع رجال العلم لتقديم منهج متكامل لمواجهة هذا التحدى الجديد الوافد على بلاد الشرق. * ما رأيكم فى مشروع قانون الأحوال الشخصية المزمع إصداره؟ ** بالنسبة لمشروع قانون الاحوال الشخصية فقد جلست الكنائس جميعها معاً وخرجت بما قدمت من مشروع واعتقد انه خطوة جيدة جدًا فى حل مشاكل الأحوال الشخصية، ولكنى أعتقد أن الأمر له جوانب عديدة أخرى أولها الاختيار الدقيق من البداية، ثانيا لغة الحوار والتفاهم داخل الأسرة، ثالثًا العودة إلى المبادئ الإنجيلية فى المحبة والاحترام المتبادل بين الزوجين، رابعًا اللجوء إلى الكنيسة فى بداية المشاكل وقبل استفحالها، خامسًا ضرورة أن يكون هناك «أشبين» للأسرة كاهن واحد للزوجين ويمكن أن يكون خادمًا تقيًا له خبرة بأمور الحياة الزوجية، ولذلك نص القانون على لجان فض المنازعات الزوجية، وكذلك طبقت الكنيسة مبدأ ضرورة إعطاء كورسات مشورة للمخطوبين. تفريغ المنطقة * ازدادت موجات الهجرة لمسيحيى الشرق الأوسط مع ظهور تنظيمات إرهابية مثل داعش وصعود تيارات متشددة للحكم.. هل يمكن أن نرى شرق أوسط خاليًا من المسيحيين؟ ** لا أعتقد أن الامور يمكن أن تصل إلى هذا.. وأتكلم عن مسيحيى مصر بصفة خاصة فأقول إنهم مرتبطون بالأرض ارتباطًا حميميًا، وإن هاجر البعض القليل منهم لظروف العيش وما إلى ذلك، فلا ننسى أنه قد هاجر أيضًا بعض من إخوتنا المسلمين لنفس الظروف، والإنسان القبطى بوجه عام لا يخاف من الاضطهاد للتاريخ الطويل للاستشهاد الذى تتمتع به الكنيسة القبطية فى مصر.. نحن متمسكون بالأرض والوطن وما هذه الموجات إلا تيارات تظهر قليلًا ثم تختفى لأن العقلاء فى مصر من الجانبين أكثر بكثير جدًا من المتطرفين والمتشددين، والفاهمين للدين على حقيقته أكثر بكثير جدًا من غير الفاهمين وهذا ما يجعلنا نعتقد داخليًا أن الأمور لن تصل إلى تفريغ الشرق الأوسط من المسيحيين. * مع اقتراب الانتخابات البرلمانية.. ما رأيك فى إدعاء بعض الشخصيات والحركات القبطية ان الكنائس تدعمهم فى الانتخابات؟ ** بكل تأكيد ننفى هذا الأمر شكلا وموضوعًا لأن الكنيسة لا تعمل بالسياسة، ولا يوجد من يستطيع أن يجمع الناس ويقول لهم اختاروا فلانًا واتركوا فلانًا، واعتقد أن المواطنين الآن يفهمون جيداً فى السياسة، ولا يقبلون بأى صورة أن يملى عليهم أحد اختياره، والكنيسة كمؤسسة دينية ترفض أن تكون طرفاً فى هذا الأمر. * ما هى أمنياتك لمصر فى 2015؟ ** اتمنى لبلادنا الغالية مصر فى هذا العام كل استقرار وسلام وأمن وأن تنتهى الأحداث الإرهابية من على خريطتها تمامًا.. كما أتمنى أن تجرى الانتخابات البرلمانية بنجاح ليكون لمصر مجلس نيابى حقيقى يمثل الشعب بكل تياراته تمثيلًا صحيحًا ليدفع بالبلاد فى الطريق المستقيم، كما اتمنى الانتهاء من مشروع قناة السويس وتشغيل عدد كبير من الشباب من خلاله. * هل أنت متفائل؟ ** أنا متفائل بطبعى وأبحث دائمًا عن نقاط الجمال فى كل ما هو حولى، ولكن على وجه الخصوص فأنا متفائل جدًا بهذا العام الجديد بأنه سيكون عام بركة وخير ورخاء لبلادنا العظيمة مصر.