القاهرة الإخبارية: انفجارات تهز موسكو وسط تصاعد الهجمات الأوكرانية    المحكمة الفيدرالية تمنع الرئيس الأمريكي من تنفيذ رسوم جمركية جديدة    4 أعراض لو ظهرت على طفلك يجب الكشف لدى طبيب السكر فورا    الدولار ب49.75 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الخميس 29-5-2025    للعام الرابع على التوالي.. «مستقبل وطن» المنيا يكرم أوائل الطلبة بديرمواس| صور    بعد ارتفاع عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الخميس 29 مايو بالصاغة    ماسك، اليوم الخميس، مغادرته رسميًّا إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.    أكسيوس: تفاؤل في البيت الأبيض بشأن اقتراح جديد قد يُقرب المسافات بين إسرائيل وحماس    أكسيوس: البيت الأبيض متفاءل بقدرة «اقتراح غزة الجديد» على وقف إطلاق النار    8 شهداء وعدد من الجرحى في غارات إسرائيلية على غزة    اقتراب موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الابتدائي 2025 بدمياط.. خطوات الاستعلام    تنطلق اليوم.. جداول امتحانات الدبلومات الفنية جميع التخصصات (صناعي- تجاري- زراعي- فندقي)    نشرة التوك شو: توجيهات الرئيس السيسي ل قانون الإيجار القديم وأزمة البنزين المغشوش.. موقف تخفيف الأحمال في الصيف    طريقة عمل المولتن كيك في خطوات بسيطة    أمانات حزب الجبهة الخدمية تعقد اجتماعا لمناقشة خطط عملها ضمن استراتيجية 2030    بعد فقدان اللقب.. ماذا قدم بيراميدز في الدوري المصري 2024-2025؟    «احنا رقم واحد».. تعليق مثير من بيراميدز    موعد أذان الفجر اليوم الخميس ثاني أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    مثال حي على ما أقول    مقتل سيدة على يد زوجها بالشرقية بعد طعنها ب 21 طعنة    النائب العام يستقبل عددًا من رؤساء الاستئناف للنيابات المتخصصة والنيابات    ثقافة أسيوط تقدم «التكية» ضمن فعاليات الموسم المسرحي    الإفراج عن "الطنطاوي": ضغوط خارجية أم صفقة داخلية؟ ولماذا يستمر التنكيل بالإسلاميين؟    محافظ سوهاج يتفقد عددا من مشروعات التطوير والتجميل    إمام عاشور يوجه رسالة عاجلة إلى حسام وإبراهيم حسن بعد التتويج بالدوري    الزمالك يعلن إيقاف القيد مجددا بسبب الفلسطيني ياسر حمد    أكلوا بطيخ، إصابة 6 أشخاص من أسرة واحدة بتسمم في قنا    اليوم، انطلاق امتحانات الثانوية الأزهرية بمشاركة أكثر من 173 ألف طالب وطالبة    لحظة تسلم الأهلي درع الدوري (صور)    الشركة المنتجة لفيلم "أحمد وأحمد" تصدم الجمهور السعودي    رئيس الحكومة يكشف كواليس عودة الكتاتيب وتوجيهات السيسي    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب جنوب إيران    3 أساسيات احرصي عليها لبناء جسم قوى لطفلك    «كزبرة»يفتح قلبه للجمهور: «باحاول أكون على طبيعتي.. وباعبر من قلبي» (فيديو)    رئيس «الشيوخ» يدعو إلى ميثاق دولى لتجريم «الإسلاموفوبيا»    نشرة التوك شو| ظهور متحور جديد لكورونا.. وتطبيع محتمل مع إسرائيل قد ينطلق من دمشق وبيروت    طقس الحج بين حار وشديد الحرارة مع سحب رعدية محتملة    5 أيام متتالية.. موعد اجازة عيد الأضحى 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    "ديسربتيك" تدرس إطلاق صندوق جديد بقيمة 70 مليون دولار في 2026    إنجاز تاريخي للكرة الإنجليزية.. 5 أندية تتوّج بخمس بطولات مختلفة فى موسم واحد    سعر الفراخ البيضاء والبلدى وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الخميس 29 مايو 2025    ماريسكا: عانينا أمام بيتيس بسبب احتفالنا المبالغ فيه أمام نوتينجهام    المحكمة الرياضية الدولية توضح ليلا كورة الموقف الحالي لشكوى بيراميدز بشأن القمة    موعد أذان فجر الخميس 2 من ذي الحجة 2025.. وأفضل أعمال العشر الأوائل    وزير السياحة: بحث فرص زيادة حركة السياحة الوافدة إلى المقصد السياحي المصرى من صربيا    إصابة شاب بطلق خرطوش عن طريق الخطأ في سوهاج    وزير السياحة: السوق الصربى يمثل أحد الأسواق الواعدة للمقصد السياحى المصري    «زي النهارده».. وفاة الأديب والسيناريست أسامة أنور عكاشة 28 مايو 2010    الركوع برمزٍ ديني: ماذا تعني الركبة التي تركع بها؟    مروان عطية: نستحق التتويج بالدرع بعد موسم صعب    حكم الجمع بين نية صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وقضاء رمضان    أمين الفتوى بالإفتاء: الأيام العشر من ذي الحجة تحمل معها أعظم درجات القرب من الله    دليل أفلام عيد الأضحى في مصر 2025.. مواعيد العرض وتقييمات أولية    أحمد سعد يزيل التاتو: ابتديت رحلة وشايف إن ده أحسن القرارات اللى أخدتها    محافظ قنا يشهد افتتاح الدورة الثانية من "أيام قنا السينمائية" تحت شعار "السينما في قلب الريف"    بداية حدوث الجلطات.. عميد معهد القلب السابق يحذر الحجاج من تناول هذه المشروبات    ألم حاد ونخز في الأعصاب.. أعراض ومضاعفات «الديسك» مرض الملكة رانيا    اغتنموا الطاعات.. كيف يمكن استغلال العشر الأوائل من ذي الحجة؟ (الافتاء توضح)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كثير من العنف.. قليل من المراجعات (9) المودودى – قطب.. وما بينهما !
نشر في أكتوبر يوم 15 - 02 - 2015

فى عام 1903 ولد أبو الأعلى المودودى فى إحدى مدن الهند التابعة لولاية حيدر أباد.. وفى عام 1906 ولد سيد قطب فى قرية قها من أعمال محافظة أسيوط .. ولم تكن البدايات متشابهة فى رحلة المودودى/ قطب ولا المشهد الختامى لحياة الرجلين، لكنهما التقيا فى مساحات كثيرة، واجتمعا تقريبا على أفكار شبه متطابقة اعتنقاها .. وقد يكون المودودى قد سبق قطب تاريخيًا فى الوصول إلى قناعاته وتفسيراته الخاصة التى تتعلق بالإسلام وقضاياه الكبرى مثل: التوحيد والجهاد.. أو قد يكون قطب قد اطلع فى مرحلة متأخرة من حياته - التى امتدت لما يقرب من 60 عاما - على إنتاج المودودى واستفاد منه فى تطوير منهجه وأفكاره التى حولها إلى تراث مكتوب، يكاد يوازى ويتماهى مع ما تركه المودودى، لكن المؤكد أن الرجلين أثرا فى تاريخ الفكر الدينى الإسلامى، كما لم يؤثر أحد من قبلهما، ولا أقيس هنا هذا التأثير على ميزان الاتفاق أو الاختلاف على أفكارهما ورؤيتهما ولكن على حجم التأثير وخطورته حيث إنه لم ينحصر فى القضايا النظرية والمجادلات الفقهية فيظل حبيسا فى الكتب والأدراج أو على الأكثر العقول، تجاوز ذلك إلى إحداث انقلاب فى تفسير الدين نفسه منذ دخول المرء فى الإسلام وحتى علاقته بالإله و علاقاته المنظمة لعلاقات البشر الموجودين على سطح هذا الكوكب.
(1)
ليست السيرة الحياتية للمودودى وقطب هى التى تعنينى هنا ولكنها سيرة النفس والعقل، وتكوينهما، والتطورات التى طرأت عليهما لتنتهى إلى ما عرفناه وخبرناه عن الرجلين، وعلى الرغم من اختلاف بداياتهما – كما أسلفت – فقد لاحظت أن أفكارهما ورؤيتهما الدينية الأخيرة التى تركاها مدونة فى كتب ومقالات انطلقت بالأساس من موقف سياسى متأزم على مستوى الداخل الوطنى، زاد من تأزمه الصدمة فى حضارة الغرب العلمانى الكافر، وامتداد الوشائج بين الأنظمة والمجتمعات المحلية وهذا الغرب وحضارته المدمرة لقيم الأديان السماوية منها خاصة، وعلى هذا الأساس ذهب المودودى / قطب للبحث عن تجديد للعقيدة الإسلامية وتطهيرها من الشوائب التى علقت بها ليعيداها إلى سيرتها الأولى، هذا التفسير الذى قادهما إلى رفض الواقع الدينى الذى عليه المجتمعات الإسلامية المعاصرة، وهى فى حقيقتها بعيدة عن الإسلام من وجهة نظرهما.
ويمكنك مثلا أن تقرأ فى سيرة المودودى أن هذا المثقف الثائر اعتقل أكثر من مرة، وحُكم عليه ذات مرة بالإعدام فى أحداث عنف طائفى اندلعت فى مدينة لاهور عام 1953 لكن قبل هذا التاريخ الأخير، وبالتحديد عام 1926 واجه المسلمون الذين يعيشون فى الهند هجومًا عنيفًا على أثر مقتل زعيم حركة يمينية هندوسية متطرفة وكان الشاب أبو الأعلى واحدًا من الشباب الذين تصدوا لهجمات الهندوس وعلى أثر هذا الصراع وضع كتابه الأول «الجهاد فى الإسلام» وفى عام 1941 قام بإنشاء الجماعة الإسلامية للدعوة إلى الله وإقامة المجتمع الإسلامى.
(2)
فى هذه التواريخ التى انخرط فيها المودودى فى الصراع الطائفى فى الهند فى خضم معركة تدعو إلى تكوين دولة تضم الأغلبية المسلمة بعد الانفصال عن الهند، فى هذا الوقت أسس أبو الأعلى المودودى تنظيم الجماعة الإسلامية فى مدينة لاهور (كان تنظيم الإخوان مكافئًا له مع بعض الاختلافات) وتم الترويج لهذا التنظيم على أنه جماعة دعوية تؤسس لمنهج إصلاحى دينى يشمل كل ما يتعلق بحياة المسلم وينشر الفهم الصحيح النقى للإسلام.. وتم انتخاب المودودى أميرًا للجماعة، وبعد نجاح المسلمين فى الاستقلال بدولة خاصة بهم سميت باكستان عام 1947 لم يحل المودودى جماعته ووجه نشاطها للدعوة والعمل على إقامة النظام الإسلامى لدولة باكستان طبقًا للشريعة، (ألا يذكرك هذا بنشاط الإخوان فى مصر).
وبعد قيام باكستان بستة أعوام وفى أعقاب حادث عنف طائفى اندلع فى لاهور عام 1953 تم اعتقال المودودى وحُكم عليه بالإعدام بتهمة الترويج للفتنة وتأجيج الصراع الطائفى إلا أنه رفض أن يأتيه العفو من تنفيذ العقوبة من قبل السلطات الباكستانية معلنا: «إن كانت تلك إرادة الله فإنى أتقبلها بكل فرحة»، وهذا ينقلنا إلى موقف مشابه تمامًا حدث فى مصر عام 1966 وقبيل أيام قليلة من تنفيذ حكم الإعدام على سيد قطب، والرواية منسوبة لزينب الغزالى (أشهر إخوانية فى تاريخ الجماعة)، وفى روايتها أن حمزة البسيونى (أشهر سجّان فى تاريخ مصر) أحضر شقيقة سيد قطب وتدعى حميدة وأراها حُكم الإعدام الصادر بحق شقيقها والتصديق عليه، وطلب منها أن تقنع أخاها بالتماس العفو فى تنفيذ العقوبة من الرئيس عبدالناصر مقرونًا باعتراف أن تنظيم الإخوان على صلة بقوى خارجية، وذهبت حميدة إلى حيث يوجد أخوها بمستشفى السجن وأخبرته بالأمر واستفسر الأخير منها عما إذا كانت هذه رغبتها وطلبها هى أم رغبة السلطة وطلبها، فلما أفهمته أنها رغبة السلطة عاد ليسألها مستنكرًا: وهل ترضين ذلك؟! فأجابته بالنفى وهنا نظر إليها وقال: «إنهم لا يستطيعون لأنفسهم ضرًا ولا نفعًا.. إن الأعمار بيد الله وهم لا يستطيعون التحكم فى حياتى» إلى آخر الرواية الموجودة على موقع «ويكيبديا الإخوان المسلمون» الإلكترونى.
(3)
تاريخ المودودى منذ لحظة ميلاده يشير إلى أنه ولد وتربى فى بيت صوفى يعلى فيه الأب شأن الثقافة الدينية والثقافة العامة فى إطار الحفاظ على القيم الدينية وفى فترة من فترات حياته ليست متأخرة كثيرًا أعلن المودودى عن صدمته فى حضارة الغرب حين انتقد النظريات الفلسفية والتاريخية والاقتصادية والاجتماعية، انتقد نظرية النشوء والارتقاء ل «دارون» ونظرية تحديد النسل ل «مالتوس» وانتقد تفسيرات كارل ماركس المادية للتاريخ لأنه رأى أن هذا الإنتاج وشبيهه هشم القيم الدينية والأخلاقية، ولم يكتف بهذا لكنه أيضًا هاجم بشدة ما أسماه العبودية الفكرية للغرب التى تسربت إلى العالم الإسلامى عن طريق مناهج التعليم ورأى أن الخسارة من وراء هذا التعليم كانت أكبر من نفعه.
(4)
أما سيد قطب فقد بدأ حياته شاعرًا أو كما يقول عادل حمودة فى كتابه الرائع: «سيد قطب.. من القرية إلى المشنقة».. من يعرف بداية سيد قطب كان من عاشر المستحيلات أن يعرف، أو يتوقع، أو يتخيل، أو يتصور.. أو حتى يتنبأ بما ستكون عليه خاتمته»..
نعم بدأ قطب شاعرًا، وكاتبا، وناقدًا أدبيًا، منفتح على الحياة ومستحدثات العصر بخيرها وشرها حتى قيل إنه دعا فى أحد مقالاته لإنشاء مستعمرات للعراة فى بلادنا كما فى الغرب، لكن كان من الواضح أن هذا الرجل الذى أتى من أقصى الصعيد إلى القاهرة يتيم الأب، ما لبث أن فجع فى وفاة أمه المفاجئ إلى درجة أنه أحس نفسه وحيدًا فى الحياة غريبًا عنها، هذا الضائع مضى يبحث عن تفسير للحوادث وطريق يتلمسه متخبطا بين انعطافات حادة مندفعًا كالفراشة ناحية الحضارة الغربية يكتب عن المرأة والعشق وموسيقى الجاز، وعرف عنه أنه انهزم فى علاقة حب زلزلته وأخرج هذه التجربة فى رواية حملت عنوان «أشواك» صدرت عام 1947.. وفسّر إضرابه عن الزواج بتأثير هذه العلاقة الفاشلة.. وفى هذه الفترة أيضًا التى نتحدث عنها كانت المودة بين الكتاب والمثقفين هى الإلحاد أو الشك الدينى، وفى مقال له كتب سليمان فياض فى مجلة الهلال بتاريخ سبتمبر 1986 أنه سمع بأذنه سيد قطب يروى سيرة حياته فيقول إنه ظل ملحدًا أحد عشر عامًا حتى عثر على الطريق إلى الله.. وخلال هذه السنوات التى قطعها قطب من الشك إلى اليقين الإيمانى كان قد سافر فى بعثة إلى أمريكا وعاد منها بصدمة نفسية تشبه تلك التى ضربت صنوه أبو الأعلى المودودى ودفعته كما فعلت مع الأول إلى تبنى الدعوة إلى رفض ومفارقة هذه الحضارة العلمانية الكافرة وغزوها لبلاد المسلمين.
وللحديث بقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.