أثارت فكرة إعداد تشريع جديد يجرم إهانة ثورتى 25 يناير و30 يونيو، ردود أفعال واسعة، فبينما أكد عدد من السياسيين أن القانون يعيد الأمور إلى نصابها مطالبين بقيام الإعلام بالتوعية وتثقيف الشعب بالمفهوم المنضبط للثورة. يرى بعض القانونيين أن التشريع الجديد قد يتعارض مع مبادئ الدستور، خاصة فيما يتعلق بحرية الرأى والتعبير وحق التظاهر. «أكتوبر» رصدت ردود أفعال عدد من السياسيين فى السطور القادمة. بداية قال أكد الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولى بجامعة القاهرة، إن الأهم فى هذا الأمر أنه منذ ثورة 25 يناير وحتى هذه اللحظة تعيش مصر فى حالة من الجدل والخلط لم تحدث فى تاريخ مصر منذ قرن من الزمان، فى معالجة الأمور الدستورية والقانونية. كما أن هناك إرثا من الماضى يتعلق بتجريف العقول، لبث مزاعم بأن ثورة يناير مؤامرة خارجية، وهو ما يعد استخفافًا بالشعب وأيضًا إهانة فى حق الدولة. مسئولية الإعلام وأضاف أن الأهم من مشروع القانون أنه حتى هذه اللحظة لم يتم تنوير وتثقيف الشعب المصرى عن مفهوم الثورة بالمفهوم القانونى المنضبط وفقا لممارساته ووفقا للفقه فى العالم بأسره، وهذه مسئولية الإعلام من الدرجة الأولى لأن الإعلام قبل الفقهاء لهم كل الحق فى التعقيب على أحكام القضاء، لأنه لو لم يعقب الإعلام على أحكام القضاء بالعلم والقانون والمنطق لاستشرى وتوغل القضاء، فالإعلام هو الذى يبنى ويهدم، وهو الذى يدافع عن القضايا المشروعة للدولة المصرية الحالية بسلطاتها ومؤسساتها وخاصة بعد ثورة يونيو المجيدة. وأشاد سلامة بدور الرئيس السيسى وقوله بوضوح وجلاء وحسم أن ثورة 25 يناير ثورة مجيدة وأن 30 يونيو أيضًا ثورة مجيدة أخرى أو امتداد لثورة 25 يناير وقطع دابر كل المشعوذين والدجالين والجهلاء. وأوضح سلامة أن هناك من يتهمون ثورة 30 يونيو بأنها انقلاب عسكرى ومنهم أساتذة وخبراء ينتمون إما لقطر أو تركيا ويتجاهلون مفهوم الثورة، فالثورة هى تغيير لكل السياسات والعقائد أما الانقلاب فهو غصب أو اغتصاب للسلطة وإبدال حاكم بحاكم. من جانبه أكد الدكتور شوقى السيد، أستاذ القانون الدستورى بجامعة عين شمس، أن الدستور المصرى الذى تم وضعه بتوافق المصريين وصف ثورتى يناير ويونيو بأنهما ثورتان فريدتان بين الثورات فى تاريخ الإنسانية وقال «إنهما إشارة وبشارة»، أى إشارة إلى ماض مازال حاضرًا وبشارة إلى مستقبل تتطلع إليه الإنسانية كلها، مشيرًا إلى أنه بموجب مواد الدستور الذى اعتبر الثورتين ثورة شعبية فريدة، لابد من احترام الثورتين. وأوضح السيد، أن حق التعبير مكفول، وهو حق من الحقوق الدستورية العليا الرفيعة وأن هناك فرقا كبيرا بين حق التعبير والسب والقذف والإهانة، وبالتالى عندما يعد مشروع فلسفته تجريم وعقاب من يهين الثورتين سيتمثل ذلك فى الأفعال والأقوال التى من شأنها أن تسىء إلى الثورة وتعتبرها انقلابا على سبيل المثال. لا داعى للقلق وأضاف، السيد، أنه لا داعى للقلق إذا تم صياغة قانون لتجريم إهانة ثورتى يناير ويونيه، حيث إن التشريعات الجنائية تتم صياغتها بدقة عالية وتحدد مكونات الفعل أو القول الذى تعاقب عليه وأنها لن تتضمن عبارات مطاطة يمكن استخدامها فى التعدى على حرية الرأى والتعبير. وأشار إلى أن كلمة إهانة فى فلسفة التشريع لابد أن تكون بأقوال لاعتبار ذلك إهانة وليس الاختلاف فى الرأى أو النقد أو التحليل، فالقانون لا يجرم نوايا أو أقوال مرسلة، ففى الثواب والعقاب لابد أن تكون الأفعال وهى الركن المادى للجريمة واضحة، وركن القصد واضح حتى يستطيع القانون أن يعاقب من يهين أو يسىء هذه الثورة بأفعال أو أقوال أو تلميحات أو إشارات. فرسالة التشريع تحترم إرادة الشعب المصرى فى ثورتيه 25 يناير، و30 يونيو وهذا القانون لحماية واحترام إرادة شعب. خلط كبير أما الدكتور رفعت السعيد، رئيس المجلس الاستشارى بحزب التجمع، تعليقا على إصدار قانون يجرم إهانة ثورتى 25 يناير و30 يونيو فقد أكد أن بعض الفضائيات هى السبب فى كل ذلك لأنهم خلطوا بين سارقى الثورة، وصانعى الثورة من الشباب، فكانت النتيجة غير مقبولة، وكان هناك خلط كبير بين المؤامرات والفعل الثورى. وأضاف السعيد، أن الإعلام روج كلاما يثير «الغثيان» مثل اتهام ثورة 25 يناير بأنها صناعة أمريكية والشهداء فيها عملاء لأمريكا، وهذا يمس مشاعر أى مواطن مصري، مؤكدا أن الجميع يتباهى ويفتخر بشهداء وأهالى يناير. وطالب السعيد، بعدم الخلط بين الأمور وبعضها لأن هناك ثوارًا حقيقيين وأشخاصًا سرقوا الثورة واستفادوا منها ماديًا. الثورة لا تحتاج أما جورج إسحاق، مقرر لجنة الحقوق السياسية والمدنية بالمجلس القومى لحقوق الإنسان فقد رأى أن الثورة لا تحتاج إلى حماية قائلا «هذه الثورة معترف بها فى الدستور ولا يمكن لأحد أن يزحزحها»، واعتبر إسحاق، أن إهانة الثورة إهانة للشعب المصرى. وأضاف إسحاق أن اتهام ثورة يناير بالعمالة إجرام لا يمكن السكوت عنه فهذه الثورة يمكن انتقادها، لكن لا يمكن اتهامها بالعمالة والخيانة. مشيرًا، إلى أنه لو تم النظر إلى البلاغات التى تم تقديمها إلى النائب العام الخاصة بالإهانات التى وجهت إلى الثورة ورموزها بجدية كافية، لما كنا فى حاجة إلى التفكير فى قانون لحماية الثورة ولكانت شكلت رادع لكل من يفكر فى إهانة الثورة أو رموزها. من جانبه أكد عمرو درويش، مؤسس «تيار المستقبل»، وعضو لجنة الخمسين، أن الدستور فى ديباجته يؤكد أن هناك ثورتين مكتملتين «ثورة 25 يناير، و30 يونيو» وأن من يخرج عن هذا الإطار فهو يتعدى على الدستور الذى استفتى عليه الشعب المصرى. فرصة للمُعادين ولفت درويش إلى أن الحالة التى يشهدها الشارع المصرى من جدل وتخوين واستقطاب تجعل منها فرصة كبيرة للمعادين لمصر من انتهاز هذه الظروف لعرقلة مسيرة التقدم إلى مستقبل أفضل. وعن اختفاء دور ائتلافات الشباب للدفاع عن الثورة أكد درويش، أن الشباب اخترقوا من بعض العملاء والخونة من تيارات أخرى كانت تريد استقطاب الشباب حتى تعزز من وضعها ومكانها فى مصر فكان من الطبيعى عند ظهور أى ائتلاف يناهض اتجاه هذه المجموعات أن يتم عرقلته. وأشار درويش إلى أن الشباب موجود ولكن إلى هذه اللحظة لم يحصل على الفرصة الكاملة للتعبير عن نفسه وستظل هذه الأزمة إلى أن نرى أن هناك شبابا من بيننا يكونون قادرين على التعبير عن الثورة فعلاً وعن الشعب والشباب، لافتا إلى أنه لابد أن تكون هناك رعاية قوية من الدولة للشباب المصري. مساعدة الشباب ولفت درويش إلى أن الأهم من ذلك هو أن تكون هناك مساعدة حقيقية من الدولة للشباب ودعمهم للوصول إلى البرلمان، وإعطاء الشباب مقومات الحزب الناجح حتى يعبر عن شريحة عريضة من الشعب المصري. قائلا «نحن فى انتظار أن يأتى اليوم الذى نرى فيه مُعبرين عن شباب مصر الحقيقى». وفى النهاية رحب درويش، بفكرة إعداد قانون لتجريم إهانة ثورتى يناير ويونيو. كما رحب حزب الإصلاح والتنمية، بمشروع قانون تجريم الإساءة إلى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وأكد محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، أن هذا يعد احترامًا للدستور وللشهداء ولشباب مصر وأن هذا القانون يعكس مدى تقدير دور شباب الثورة ويحقق أهدافا مشروعة ويقتلع جذور الفساد من أجل مبادئ العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.