عفت سعيد - داليا كامل مجدى الشاذلى - روضة فؤاد هبة مظهر على الرغم من تعدد حوادث العنف التى تُرتكب ضد الأمريكيين السود أو ذوى الأصول الأفريقية منذ سنوات بعيدة، إلا أن الولاياتالمتحدة كانت تزعم دائما أن هذه الحوادث فردية، وأنها نجحت فى إنهاء مشكلة العنصرية، ولكن جاءت حادثة مقتل الشاب الأسود ذى الأصول الأفريقية «مايكل براون» على يد ضابط شرطة أبيض فى 9 أغسطس 2014، وما تلاها من أحداث وتداعيات، لتفضح كذب هذه الإدعاءات وتؤكد أن العنصرية لاتزال متجسدة بوجهها القبيح داخل بلد الحرية والديمقراطية. ولم تعد حوادث العنف والقتل التى يتعرض لها المواطنون السود، الدليل الوحيد على معاناتهم داخل المجتمع الأمريكى، فالأرقام والإحصائيات تشير إلى سوء أحوالهم الاقتصادية والاجتماعية، مقارنة بنظرائهم من بيض البشرة، وبحسب الأخصائى الاجتماعى «دارنيل هانت» مدير مركز الدراسات الأفريقية- الأمريكية فى جامعة كاليفورنيا لموقع دويتشه فيله، فإن معظم الأمريكيين السود مهمشون فى جميع مجالات الحياة، ونسبة البطالة بينهم زادت خلال عقود إلى ضعف نسبتها بين البيض، كما أن دخولهم المادية أقل بنسبة الثلث من متوسط دخل الفرد فى الولاياتالمتحدة، ونسبة السود الفقراء أكثر بثلاث مرات من البيض، كما أن الاعتقالات والعقوبات فى أوساطهم أكثر منها لدى البيض. ولا تقتصر معاناة المواطنين السود فيما يتعلق بقلة الدخل أو زيادة نسبة البطالة فقط، إذ يمتد التمييز أيضا ليشمل تولى المناصب التنفيذية، فعلى سبيل المثال نجد ضاحية سانت لويس التابعة لمدينة فيرجسون، التى شهدت مقتل «مايكل براون» يبلغ عدد سكانها 21 ألف نسمة، ثلثهم من الأمريكيين ذوى الأصول الأفريقية، لكن رئيس بلدية هذه المدينة أبيض البشرة، وكذلك خمسة أعضاء من مجلس مستشارية المنطقة هم بيض، من أصل ستة مستشارين، ويوجد فى المنطقة 50 شرطيا أبيض من أصل 53. وعلى الرغم من كون الرئيس الأمريكى « باراك أوباما» أسود البشرة، وهو ما يعنى نظريا أنه لا توجد تفرقة عنصرية بين البيض والسود، إلا أن الواقع يشير إلى أن أوضاع المواطنين السود أصبحت أكثر سوءا فى عهد أوباما، وقال «بول بتلر» أستاذ القانون بجامعة جورج تاون فى مقال له بصحيفة «نيويورك تايمز» إن الاعتقاد بأن انتخاب رئيس من أصل أفريقى قد يؤدى بالولاياتالمتحدة إلى مكان أفضل هو اعتقاد «ساذج» مشيرا إلى استمرار معاناة السود منذ تولى أوباما، من الناحية الاقتصادية والتعليمية، وعدم حصولهم على جميع حقوقهم المدنية مقارنة بالبيض، وفى نفس السياق، قال يوجين روبنسون» الكاتب الأمريكى ذى الأصل الأفريقى فى مقال له بصحيفة «واشنطن بوست» إن ما يجرى فى الولاياتالمتحدة يستحق أن يُطلق عليه «لا مكان للرجال السود»، مضيفا أن القول بأن العنصرية شىء من الماضى أمرا سخيفا، وأن من أطلقوا أسطورة ما بعد العنصرية كانوا إما سذج أو مخادعين.