الإسلام والمسلمون هم الضحية الأولى لهجوم «شارلى إبدو».. هذا ما أكده أغلب المحللين الذين رأوا أن الحادث الذى وقع ضد مجلة شارلى إبدو الفرنسية لم يسفر عن مقتل عدد من صحفيى الجريدة ورجال الأمن فقط بل أدى أيضا إلى وضع المسلمين أمام فوهات البنادق السياسية لليمين المتطرف الذى سيستغل الحادث لإنعاش تحركاته للمطالبة بإغلاق باب هجرة المسلمين إلى فرنسا وهو ما حدث بالفعل. وعقب الهجوم الذى أدى إلى مقتل سبعة عشر شخصا أغلبهم من صحفيى الجريدة الساخرة، دعت الحركات المعروفة بعدائها للإسلام كل الفرنسيين إلى الخروج للمطالبة بطرد المسلمين من فرنسا، ولاقت حملة باسم «الإسلاميون إلى خارج فرنسا» ترحابا واسعا من قبل عدد كبير من المواطنين الفرنسيين كما تناقلها مجموعة من نشطاء المواقع الاجتماعية ودعوا للمشاركة الكثيفة فيها للضغط على حكومة أولاند. وبالطبع، لم تفوت مارين لوبان رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة الفرصة، وعبرت عن رفض ما وصفته بالتطرف الإسلامى بكل قوة ووضوح متعهدة بطرح استفتاء على الفرنسيين بشأن إعادة العمل بعقوبة الإعدام وسحب الجنسية من المتهمين بالإرهاب فى حال انتخابها رئيسة للبلاد فى عام 2017، كما دعت الفرنسيين لأن يتوقفوا عن التعامل كملائكة ووصفت هجرة المسلمين إلى فرنسا بالاحتلال النازى. وبسبب مواقف الحزب التى يرى كثير من السياسيين أنها تؤجج الاحتقان داخل المجتمع الفرنسى لم يتم توجيه الدعوة إلى حزب الجبهة الوطنية من أجل المشاركة فى المسيرة المليونية التى دعا إليها الرئيس الفرنسى تحت شعار الوحدة الوطنية، ونظم حزب الجبهة مظاهرة فى مدينة بوكير جنوبفرنسا بحضور رئيسة الحزب لوبان، وكتب أنصار الحزب لافتة ضخمة «انا شارلى تحية لضحايا الإرهاب الاسلامى». وفى الوقت نفسه، تعالت الأصوات الإسلامية المنددة بالهجوم الإجرامى على مقر المجلة الفرنسية، وذلك على عكس توقعات مراكز الأبحاث مثل مؤسسة راند الأمريكية التى ذهب بعض خبرائها إلى القول بأن الحادث سوف يستحوذ على تأييد الكثيرين فى المجتمع الإسلامى، ولكن خرجت على الفور إدانات واسعة تدين الحادث الإرهابى وتوحدت المنظمات والجمعيات الإسلامية فى بريطانياوفرنسا لإدانة الهجوم قائلة إن الإرهاب يعتبر اعتداء على الإسلام. وعلى الرغم من أنه كان خصما للصحيفة أمام القضاء الفرنسى حين أعادت نشر الرسوم المسيئة للرسول محمد y أدان مجلس مسلمى فرنسا العملية الإرهابية، وحذر من الرد بالمثل رغم تطرف الصحيفة فى استفزاز المسلمين، حيث تعمدت الصحيفة صناعة العديد من الشجارات والخصومات مع المسلمين حتى اعتبر القراء التحريض علامتها التجارية فخرجت بالعديد من الرسومات المسيئة للرسول الكريم، وهو ما جعل الجمعيات الإسلامية تتقدم بشكاوى قضائية ضدها إلا أنه تمت تبرئتها بحجة حرية التعبير. ويرى محللون أن الهجوم على شارلى ابدو فتح الطريق أمام مارين لوبان وتيار اليمين المتطرف لاستغلال الحادث سياسيا مستفيدة من حالة الاحتقان فى الشارع الفرنسى نتيجة العمل الإرهابى، ويؤكد المحللون أن الحادث قدم فرصة من ذهب للمتطرفين ليزدادوا تشددا تجاه الجاليات المسلمة فى أوروبا وأعطت مبررا قويا لدعوات التدخل عسكريا فى البلدان التى تسيطر عليها الجماعات الإسلامية المتشددة كما حدث فى سوريا والعراق، مشيرين إلى أن ظاهرة الإسلاموفوبيا بدأت تتسع فى أوروبا وأن من يقدم خطاب هوية متشدد سيربح الرأى العام الخائف فى هذه المرحلة. ويقول الكيساندر هاوسلر الخبير بالحركات اليمينية المتشددة إن الهجمات الأخيرة تسكب الزيت على نار التطرف اليمينى ضد الإسلام ليس فى فرنسا فحسب بل فى القارة الأوروبية قاطبة. وتوقعت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن تزداد خلال الفترة القادمة شعبية اليمين المتطرف المعادى للهجرة فى أوروبا والمعادى للإسلام حيث سيستغل المناخ الجديد فى تعزيز انتقاداته القائمة منذ فترة ضد الهجرة والإسلام، وسيعمل على إظهار نفسه بأنه الحل الوحيد لتجنيب البلاد خطر الإرهاب.