يبدو أن مسلمى السويد سيواجهون عاما صعبا، بعد أن أصبح الاعتداء على المساجد أمرا شبه مألوف فى السويد التى استهلت عامها الجديد بثلاثة اعتداءات بدأتها بقنبلة حارقة ألقاها مجهولون على أحد شبابيك مسجد شرق العاصمة ستوكهولم، بعدها بثلاثة أيام حدث اعتداء مماثل تعرض له مسجد جنوبى البلاد، وآخرها زجاجات حارقة ألقاها مجهولون على مسجد شمالى البلاد وهو ما أثار عاصفة بين المسلمين الذين احتشدوا أمام البرلمان السويدى رفضا لهذه الاعتداءات حيث رفع قادة الأقلية المسلمة فى السويد توصية إلى الحكومة مطالبين بإزالة كل أنواع التمييز العنصرى ضد المسلمين كما بدأ مسلمو السويد ببحث التواصل مع منظمات دولية للحد من هذه الظاهرة. هذه الاعتداءات تسببت فى موجة من الاستنكار الرسمى والشعبى وحتى من جهات يمينية متطرفة حيث توالت التصريحات المنددة للهجمات، وقد أدان رئيس وزراء السويد ستيفان لوفين ما وصفه بأنه عنف بغيض وقال إن بلاده لن تتساهل مع مثل هذه الجرائم معتبرا انه يحق لكل شخص أن يمارس شعائره بحرية، ووصف وزير الداخلية اندرس اجمان الهجوم بأنه مثير للاشمئزاز وغير مقبول داعيا لتكثيف الجهود من أجل مكافحة جرائم الكراهية. أما وزير العدل موجان جوهانسون فاعتبر الهجوم اعتداء جبانا على الحريات الشخصية والدينية ولا يمكن قبولها فى السويد. وتحليلا لهذه الظاهرة التى اعتبرها كثيرون غريبة على المجتمع السويدى، يقول أدريان كروكلوبو أستاذ العلوم الاجتماعية فى جامعة جوتنبرج المتخصص فى دراسة التمييز فى السويد خلال العقد الماضى إن السويد منذ فترة طويلة أصبحت تجسد دولة التمييز العنصرى بامتياز حيث يعيش الكثير من المهاجرين فى معزل يناضلون بقوة من أجل العثور على وظيفة كما أن نجاح التيار المعادى للمهاجرين جعل العنصرية تنتشر أكثر وتصير أكثر قبولا على المستوى الاجتماعى. وأكد دانييل بول الذى ينشر تقرير ايكسبو عن أعمال العنف اليمينية المتطرفة فى السويد أنه خلال العام الماضى تم تسجيل أكثر من اثنى عشر عملية اعتداء على مساجد وأوضح أن هذه الأرقام تكشف أن الجماعات النازية الجديدة أكثر نشاطا من ذى قبل. وقال عمر مصطفى رئيس الجمعية الإسلامية فى السويد وهى تمثل نحو 40 جالية محلية فى جميع أنحاء البلاد، إن الحرائق التى اندلعت مؤخرا فى المساجد تأتى تتويجًا لعام شهد تصاعدًا فى الهجمات المعادية للإسلام بداية من نزع الحجاب وأغطية الرأس من على رؤوس النساء فى الشوارع ووصولا إلى ارتكاب أعمال تخريبية بحق 14 مسجدا إلى جانب انتشار الانتقادات العنصرية أو المعادية للمسلمين على وسائل التواصل الاجتماعى. فخلال العام الماضى قام مجهولون برسم صلبان معقوفة على باب مسجد بأحد أحياء العاصمة ستوكهولم، تبعها نصب عوارض خشبية وكتل خرسانية على مدخل مسجد بمدينة اسكيلستونا، وفى يوليو الماضى قام مجهولون بحرق موقع مسجد تحت الإنشاء أعقبها أعمال تخريبية قام خلالها مهاجمون بتكسير نوافذ مسجد تابع للجالية الصومالية، كما تم الاعتداء على مسجد بمدينة هيلسينبورج، وفى نوفمبر ألقيت زجاجات حارقة باتجاه مسجد مدينة اريبرو ولم يكد العام ينقضى حتى أشعل شخص النار فى مسجد ببلدية ايسلوف. وقد أثار تحول المشاعر فى السويد ضد المهاجرين الدهشة والاستغراب لدى كثير من المتابعين حيث لا يزال الكثير من المواطنين بها يؤيدون سياسة الباب المفتوح المستمرة منذ 65 عاما فى التعامل مع المهاجرين والتى أكسبت السويد احتراما دوليا لفترة طويلة، فرغم اقتصادها الهزيل تحتل السويد المرتبة الثالثة بعد ألمانيا وفرنسا من حيث عدد الأشخاص الذين تقدموا بطلبات للحصول على لجوء فى عام 2012، وفقا لمعهد سياسات الهجرة فى واشنطن، لذا فإن سياسة التسامح التى يشتهر بها السويديون تخضع حاليا لاختبار غير مسبوق، فى حين أظهرت دراسات سوسيولوجية أنه بصفة عامة لم يرتفع مستوى معاداة الأجانب وأن أعمال العنف الحالية تقوم بها مجموعات متطرفة صغيرة.