حمل العام 2014 للساحة الثقافية العديد من الإنجازات و المعارك والجوائز والإخفاقات والأحزان أيضا وكانت المعركة الأهم تلك التى خاضتها الثقافة ضد الإرهاب والتطرف الأمر الذى يقوده وزير الثقافة بمساندة المثقفين وتأتى إعادة افتتاح المسرح القومى من أهم إنجازات هذا العام بعد ست سنوات من أعمال الترميم، ولأن الثقافة لا تكون بلا قراءة فقد صدر فى مصر والوطن العربى عدد كبير من الكتب القيمة التى تلعب دورا فى تشكيل فكر ووجدان القارئ العربى. نبدأ بالمعارك الثقافية، حيث شهدت الساحة معركة كبيرة بين وزارة الثقافة وعلى رأسها د.جابر عصفور والأحزاب الدينية و على رأسها حزب النور السلفى على خلفية مهاجمة الوزير للتيارات المتطرفة، وممارسات تيار الإسلام السياسى والتحذير من نتائج خلط الدين بالسياسة، ومحاولة استغلال العواطف للقاعدة الشعبية، وتكرار أخطاء المجتمع التى ساعدت على وصول جماعة الإخوان إلى السلطة وقد تجددت الخلافات بين الجانبين بعد تصريحات وزير الثقافة الأخيرة بشأن الحجاب والذى يرى أن الأحزاب الدينية المتشددة تحاول فرضه بالقوة على المجتمع، كما اعتبر أن اللوحات العارية هى جمال إنسانى مما دعا يونس مخيون، رئيس حزب النور إلى مهاجمة وزير الثقافة. وكان عصفور قد انتقد الدعوة السلفية والتنظيمات الدعوية والسياسية المنبثقة عنها، بقوله: «السلفيون أخطر من الإخوان، وأن ما يشهده المجتمع من أعمال عنف وإرهاب هو نتاج الثقافة المصرية التى أصبحت فى وضع كارثى منذ سنوات»، وهو ما ترتب عليه انتقاد النور وقيادات الدعوة السلفية لعصفور، ومطالبة رئيس الوزراء والأزهر باتخاذ موقف منه، بسبب تصريحاته التى تصب فى مصلحة التيار العلماني، والهجوم على كل ما هو إسلامى. وكذلك محاولات عصفور تمرير عرض فيلم «نوح» أحد أسباب الهجوم عليه حيث صرح أن تجسيد الصحابة فى الأعمال الفنية قد يكون سببًا فى انتشار الإسلام وتضامن المثقفون بدورهم مع وزير الثقافة ضد حملة حزب النور فاستنكر الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى الهجوم على الوزير، وأكد أن حزب النور لا يمثل الشعب المصرى ووصفهم بأنهم جماعات متشددة تفرض قيودًا على الحريات والإبداع، وكذلك اعتبر الروائى سعيد الكفراوي، أن حزب النور السلفى يحاول الخروج من عزلته عن طريق الخوض فى قضايا لن تعود بالنفع على المجتمع وأن كل محاولات الحزب الأخيرة كانت من أجل التواجد فى الشارع المصري. أما عن الأزمة بين الكاتب والروائى يوسف زيدان واتحاد الكتاب حيث أعلن زيدان استقالته من الاتحاد على أثر قيام الاتحاد بشراء أسهم فى قناة السويس بالإضافة إلى الاستسلام لقرارات الحكومة بتعيين من ليسوا أهلا لتولى مناصب قيادية فى المجال الثقافى وكان ذلك على خلفية تعيين سراج الدين مديرًا لمكتبة الإسكندرية. كما طالب الرئيس السيسى بالتدخل وصرح باعتزاله الثقافة اعتراضا على الأوضاع وهو الأمر الذى استاء منه كثير من المثقفين نظرا للقيمة الثقافية التى يمثلها زيدان. ويعد افتتاح المسرح القومى من أهم إنجازات وزارة الثقافة هذا العام والذى استغرق تجديده قرابة ست سنوات بتكلفة بلغت 104 ملايين جنيه الأمر الذى اعترض عليه الكثير من المثقفين نظرا لزيادة التكلفة بشكل كبير مما جعل وزير الثقافة يصدر قرارًا بتشكيل لجنة للنظر فى الأمر. جوائز ونجاحات حصل عدد من المبدعين على جوائز الدولة التشجيعية للعام 2013-2014 وفى مجال الآداب حصل محمود أبو مية على الجائزة عن نص فى أدب الرحلات وفى المجموعة القصصية الدكتورة سارة محمد شحاتة وفى المسرحية الشعرية عزت الطيرى وفى رواية الفتيان أحمد طوسون وفى الترجمة حسام نايل ومحمد العسيلى عن بحث فى شعر الأغنية بينما حجبت جائزتا دور علماء مصر فى التراث اللغوى ودراسة فى التحليل الاجتماعى لنص أدبى وفى مجال الفنون حصل الدكتور سيف الإسلام عامر عامر فى تخصص الجرافيك، وفى العزف حصلت العازفة نسمة عبد العزيز وفى السينوغرافيا المسرحية حصل على الجائزة محمود حسين وفى الإخراج السينمائى حصلت عليها هبة يسرى وفى العمارة والتصميم الداخلى حصل عليها الدكتور طارق عبد الرؤوف وفى التصوير الفوتوغرافى حصل عليها عبد الله داوستاش بينما حجبت جائزتا جمع وتوثيق الحواديت الشعبية وجائزة الحداثة فى الفن. وفى مجال العلوم الاجتماعية حصل الدكتور محمد عطية خميس على الجائزة فى الثقافة العلمية ومحمود عزت عبد الحافظ فى الصحافة والإعلام وفى الفلسفة والأدب الوجودى حصل عليها حسن محمد حسن وفى آثار مصر فى العصر اليونانى الرومانى والآثار القبطية حصل عليها عماد خليل فى حين حجبت الجوائز فى فروع تاريخ العصور الوسطى وثقافة البيئة ورؤية واستراتيجيات لنهضة مصر والتربية المقارنة وفى مجال العلوم الاقتصادية والقانونية حصل على الجائزة مناصفة نشأت عبد العزيز معوض وعلى زهران على الجائزة فى فرع الفكر الاقتصادى، فيما بعد الأزمة العالمية وعن فلسفة القانون وتاريخه حصل عليها عماد هلال وفى الإبداع الفنى والمواطنة حصلت عليها سامية حبيب وحجبت الجوائز فى فروع السياسة والاقتصادية والفكر والنظرية السياسية والنظام السياسى المصرى وقوانين التجارة ومبدأ المواطنة فى التاريخ المصرى وفازت الكاتبة منصورة عز الدين وروايتها «جبل الزمرد» بجائزة أفضل كتاب عربى ضمن جوائز معرض الشارقة الدولى للكتاب أما أشهر الكتب التى أثرت الساحة الثقافية هذا العام فكان على رأسها «لعبة التجسس التاريخ السرى للجاسوسية البريطانية» والصادر عن المركز القومى للترجمة كما صدر كتاب «الوثائق السرية الإسرائيلية من حرب أكتوبر 1973» وفى إطار السعى إلى محاربة التطرف فصدر عن القومى للترجمة كتاب «الطريق إلى التطرف اتحاد العقول وانقسامها». وتعد رواية السلفى لعمار على حسن والتى وصفها النقاد بأنها عريضة اتهام ضد التطرف من أهم الروايات هذا العام فى مصر والعالم العربى، كما صدر كتاب «داعش خرائط الدم والوهم» لمحمود الشناوى والذى يعرض للنشأة الأولى للتنظيم من خلال الجماعات المتشددة وتطور تلك الجماعات، كما حققت رواية «رحلة الضباع» للكاتبة سهير المصادفة و1919 لأحمد مراد نجاحا كبيرا فى مصر والوطن العربى. وأخيرا فقد حفلت 2014 بالأحزان أيضا فقد رحل عن الساحة الثقافية عدد كبير من المثقفين والكتاب والمترجمين، فتوفى الكاتب والمترجم المصرى مسعد زهران عن 88 عاما مترجم رواية عناقيد الغضب، كما توفيت الكاتبة فتحية العسال فى يونيو بعد أن أثرت المكتبة المصرية والعربية بمؤلفاتها فوصل عدد رواياتها ما يقرب من 57 رواية تم تحويلها إلى مسلسلات، كما رحل عن عالمنا الشاعر والناقد حسن توفيق عن عمر يناهز 71 عاما تاركا وراءه سيرة من الأعمال الأدبية أشهرها انتظار الآتى عام 1990 كما توفى د. فيصل يونس المدير الأسبق للمركز القومى للترجمة، كما فقدت الساحة الثقافية الكاتب مصطفى حسين فى أغسطس والذى يعد صاحب أكبر مدرسة فى تطوير الشخصيات السياسية فى عالم الكاريكاتير وفى سبتمبر لحق به الكاتب الكبير أحمد رجب عن عمر يناهز 86 عاما، كما توفى المترجم محمد إبراهيم مبروك الذى أثرى المكتبة بالعديد من أعماله بعد صراع طويل مع المرض، كما خسرت مصر الروائى محمد ناجى فى باريس بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز عاما والذى نال جائزة التفوق العام الماضى عن مجمل أعماله الروائية ورحل عنا أيضا الكاتبة المصرية رضوى عاشور والتى وصفها البعض بأنها رائدة الدفاع عن المرأة المصرية ولحق بها الشاعر والناقد عبد اللطيف عبد الحليم أبو همام عضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة وكان أهم أعماله الخوف من المطر وأخيرا رحل الشاعر المنجى سرحان عضو اتحاد كتاب مصر بعد صراع مع المرض.