استطاع الكاتب والمفكر سيد القمنى فى حلقتين تمت إذاعتهما على قناة القاهرة والناس للإعلامى البارز تونى خليفة - أن يستدرج الدكتور سالم عبدالجليل إلى أكثر من خطأ لكن أكبر هذه الأخطاء حين اتهمه الأخير بالكفر! فما لسالم عبد الجليل وهو يرتدى الزى الأزهرى أن ينزلق إلى هذا الخطأ الكبير وهو أن يكفر مسلما، وما كان له أن يتخلى عن سماحة رجل الدين وكياسة رجل العلم فهو كما ذكر أستاذ علم الأديان ، على الرغم من أن الأستاذ هو فقط من يحمل لقب الأستاذية ! المهم أن الشيخ عبد الجليل باندفاعه هذا وتهوره أساء إلى مظهر رجل الدين ووقاره، خاصة أنه يتنقل من قناة لقناة ومدرب على مواجهة كاميرات الإعلام، وهو يحمل من علوم الأزهر ما يحمله مسئوليات لم يكن هو على مستواها حين انفعل واتهم نظيره مرة بالكفر ومرة بالإلحاد وثالثة حينما أبدى ندمه كما يفعل حين يختلف معه أحد على ظهوره فى البرنامج المقصود! الآراء التى حملها ورددها دكتور سيد القمنى لا يهمنى كثيرا محتواها فهو حر فيما يعتقد، وربما هذا ما حاول أن يوصله على مدى حلقتين أن كلا حر فيما يعتقد وليس لأحد أن يفتش فى ضمائر الناس وقناعتهم ومدى إيمانهم من عدمه وهذه حقيقة رسخها القرآن الكريم، فلا تخلو سورة من سور القرآن الكريم لا تحض على التفكر والتدبر والتعقل. بل الإنسان مطالب أن يعمل عقله، أما إلى أين سيذهب به إعمال عقله فهذا حساب يحاسبه عليه ربه، والله فقط هو الذى يحاسب خلقه على ضمائرهم وقناعاتهم، وليس لأى شخص آخر مهما علا شأنه أو زاد علمه أن ينصب نفسه حاكما على ضمائر البشر، بل إن الله ذهب بهذه الحرية إلى أبعد مدى حين قال فى كتابه الكريم: «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر». فمن نحن حتى نقول هذا مؤمن وهذا كافر، أو نسأل إنسانا عن أى نوع من الإيمان هو يعتقد، أو نسأله عن صلاته أو عباداته فكل هذه الأمور هى شأن خاص بين الإنسان وخالقه، وإذا ما خرج شخص عادى ليكفر الآخر فالأولى برجل الدين الذى من المفترض أنه يحمل بين جوانحه كلام الله وتعاليم دينه أن يوقف من يتجاوز فى الاتهام، وأن يكون رحيمًا بالبشر حتى وإن أخطأوا أو ضلوا لأنه يمشى على درب الإيمان الذى أحبه الله أو على الصراط المستقيم الذى أنعم به الله على عباده غير المغضوب عليهم، ومن المؤكد أن العلماء والمؤمنين هم أولهم، وهم أولى بأن يحببوا الخلق فى الإيمان بتسامحهم لا بتشددهم وبتكفيرهم وتخويفهم! نحن نلوم كثيرًا على الجماعات المتطرفة والتكفيرية والتى تستخدم العنف، والتى تكفر الناس وتتعالى عليهم كأنهم أوصياء على خلق الله، فإذا ما صدر عنهم هذا فهو متفق مع تطرفهم وشذوذهم، ولكن حين يصدر عن شيخ أزهرى ووكيل لوزارة الأوقاف وهو الدكتور سالم عبد الجليل فهذه كارثة بكل المعايير، وستكون الكارثة أعظم لو لم يدرك هو هذا بنفسه!