شهدت الفترة الأخيرة دفعة متميزة للعلاقات بين مصر ودولتى السودان وجنوب السودان حيث استقبلت القاهرة كلًا من الرئيس عمر حسن البشير رئيس دولة السودان وكذلك الرئيس سلفاكير رئيس دولة جنوب السودان فى مشهد جديد من نوعه قائم على التعاون والتفاهم والرغبة فى العمل المشترك وصولا الى تحقيق السلام والاستقرار فى كل ربوع السودان بالتالى بتحقيق أفضل معدلات التعاون الكامل مع مصر على جميع المستويات، ومع التحسن الأمنى الملحوظ فى دارفور بدأت القيادة السياسية فى الخرطوم تطالب بعثة حفظ السلام فى دارفور وضع خطة استراتيجية لإنهاء المهمة والتى تكلف السودان قرابة مليار دولار سنويا ويصل تعدادها الى حوال 17 ألف جندى وبالتالى شهدت المهمة خللًا فى الأداء بدلا من اعتبارها لحفظ السلام مما دفع السودان مؤخرًا لمطالبة بعثة الاتحاد الأفريقى والأمم المتحدة لحفظ السلام فى دارفور والمعروفة باسم (اليوناميد) بعدم إثارتها لعدد من المشاكل والتى كان من بينها مؤخرًا اتهامات بحدوث حالات اغتصاب لبعض المواطنين فى دارفور وهو ما اعتبرته الخرطوم بداية لإصدار تقارير مزيفة عن الواقع السودانى الذى بات أكثر استقرارًا من قبل. وفى تصريحات خاصة ل«أكتوبر» أكد السفير السودانى فى القاهرة عبد المحمود عبد الحليم أن تواجد هذه القوات لا فائدة منه وان مهمتها انتهت لأنها تعمل بالسودان منذ عدة سنوات واصبحت تشكل عبئا على الاقتصاد السودانى حيث تصل تكلفة هذه القوات إلى قرابة مليارى دولار لعدد وصل إلى 17 ألف جندى . وتابع قائلا ان هذه القوات يجب ان تغادر السودان فورًا أو تلتزم بالتفويض المنصوص عليه فى عملها وهو حفظ السلام وليس اثارة المشاكل وتنفيذ خطط تزعج السودان أو تعمل وفق أجندات تضر بالأمن القومى فى السودان وأضاف أن هذه البعثة سوف تقاتل من أجل البقاء فى السودان نظرًا للعائد المالى الذى تجنيه من تواجدها فى دارفور. على صعيد آخر احتضنت القاهرة قمة مهمة جمعت بين الرئيس عبد الفتاح السيسى ورئيس دولة الجنوب سلفاكير حيث عقدت جلسة مباحثات ثنائية مغلقة بين الرئيسين، تلتها جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدى البلدين، استهلها الرئيس بالترحيب بوفد جنوب السودان، منوها إلى أن جلسة المباحثات المغلقة قد عكست عمق العلاقات بين البلدين، وشهدت حرصًا متبادلا وتأكيدًا على أهمية دعم وتعزيز تلك العلاقات. وأكد الرئيس أن مصر تدعم الاستقرار فى جنوب السودان دون أى تدخل فى الشأن الداخلى، كما تساند حكومة جنوب السودان فى تحقيق آمال وطموحات شعبها، مؤكدًا استمرار مصر فى تقديم مساعداتها إلى أشقائها فى جنوب السودان. من جانبه، أكد الرئيس «سلفاكير» أن لقاءه مع الرئيس عكس التوجه الإيجابى الذى تنتهجه مصر إزاء جنوب السودان، موضحًا أن هذه الزيارة تعد بمثابة رسالة قوية تعكس عمق العلاقات بينهما، والتى ستشهد نموًا واِزدهارًا فى المرحلة المقبلة، منوهًا إلى مكانة مصر الرائدة فى المنطقة ومساعداتها المُقَدَرة لجنوب السودان حتى قبل انفصاله عن الشمال. وأضاف أنه حرص على اصطحاب وفد موسع من مختلف الوزارات للتباحث مع نظرائهم المصريين لتفعيل الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، ودفع التعاون بينهما قدمًا من خلال توقيع اتفاقيات جديدة. وقد تحدث خلال اللقاء عدد من الوزراء من الجانبين، حيث تم استعراض العديد من أوجه التعاون المقترحة فى عدد من المجالات، ولاسيما الطاقة، والموارد المائية، والتعليم العالى، والزراعة. وقد أشاد الوزراء من وفد جنوب السودان بالدعم الفنى المصرى المقدم لبلادهم، منوهين إلى أن ستة وزراء من الوزراء التسعة الحاضرين تخرجوا فى الجامعات المصرية. وقد تم التوقيع خلال زيارة رئيس دولة جنوب السودان لمصر على عدد من مذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية، وذلك على النحو التالى: مذكرة تفاهم للإعفاء المتبادل لحاملى جوازات السفر الدبلوماسية ولمهمة والخاصة من تأشيرات الدخول، ومذكرة تفاهم للتعاون فى مجال الصحة، ومذكرة تفاهم للتعاون فى مجال الثقافة، وبرنامج تنفيذى فى مجال التعليم العالى، وبرنامج تنفيذى فى مجال الشباب والرياضة، واتفاق ثنائى للتعاون فى مجال الموارد المائية، ومذكرة تفاهم للتعاون فى مجال الكهرباء، ومذكرة تفاهم لإنشاء مزرعة نموذجية مصرية فى جنوب السودان. وقد وجه الرئيس «سلفاكير» الدعوة للرئيس عبد الفتاح السيسى لزيارة جنوب السودان، وهو ما رحب به الرئيس، متمنيًا لجنوب السودان تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية المنشودة، ومؤكدًا على استعداد مصر الدائم لتقديم الدعم اللازم لدولة وشعب جنوب السودان فى كافة المجالات.