فجأة انفجرت «ماسورة» الإلحاد فى الفضائيات، وتبارى مقدمو البرامج الشهيرة ونجوم «التوك شو» فى إثارة الموضوع، واستضافة شخصيات تتحدث فيه وعنه.. أما الجديد الطارئ فهو استضافة من واتته الجرأة أن يعلن فى هذه البرامج أنه «ملحد»!! وبالطبع لا تكتمل عبثية المشهد الفضائى دون استضافة مقابل لهذا الملحد أى شخص مؤمن المفروض أن لديه من العلم والفهم وطلاقة التعبير، بحيث يرد هذا الملحد أمام جمهور المشاهدين ويثنيه عن غيه وضلاله.. وتكتمل المأساة عندما نكتشف أن مقدم البرامج وضيفه المؤمن يفتقدان للعلم المنشود ومهارة توصيل الأفكار الإيمانية فينهزمان أمام شخص تافه جاهل بحقائق الإيمان البسيطة أو قل غير مدرك لها وهى جزء من ذاته.. وهنا يصب المشاهدون لعناتهم على البرنامج وضيوفه والفضائية وقد فشلوا فى مهمة لم يفكروا عند التصدى لها إلا لإنتاج مشهد مثير وحلقة ساخنة ترفع معدلات المشاهدة للبرنامج والقناة حتى ولو كان الثمن ضد مشاعر عشرات الملايين من المؤمنين، مسلمين ومسيحيين،غيورين على عقيدتهم ولديهم يقين أن «لعب العيال هذا» يمكن أن يقود إلى ما هو أخطر لأنه يهدد ليس فقط الدين الذى هو مكون من مكونات أمن وسلام الإنسان المتدين فقط، ولكن أمن سلام الوطن والدولة واستقرارها. د. عبد الله زلطة أستاذ الإعلام بجامعة بنها قال ل «أكتوبر» إن الإلحاد لم يصل إلى مرحلة الظاهرة، إلا أنه انتقد إقدام بعض مقدمى البرامج فى القنوات الفضائية على إبراز مثل هذه الموضوعات التافهة التى ما كان يجب تناولها على الإطلاق، موضحا أن تناول هذه الموضوعات يهدد الأخلاق العامة فى المجتمع. وأضاف زلطة أن قيام المذيعة ريهام سعيد باستضافة أحد الملحدين للتحدث من وجهة نظره ومخاطبة الرأى العام وإبراز بعض حالات الإلحاد من خلال قنوات واسعة الانتشار يعد مخالفا لكل مواثيق الشرف الإعلامى التى تؤكد على احترام الفضيلة.. وما حدث مناف للدين والأخلاق والقيم الاجتماعية التى ينبغى أن يركز عليها الإعلام والكيان الجديد أو القادم الخاص بالإعلام وهو المجلس الأعلى لشئون الإعلام الذى ورد فى نص المادة (211) من الدستور التى تقرر الحفاظ على قيم المجتمع وأخلاقياته، كما أن هناك العديد من مواد الدستور التى تؤكد على احترام القيم الاجتماعية. دعوى جنائية ويطالب زلطة بتحريك دعوى جنائية ضد كل من يقدم على استضافة هؤلاء الملاحدة بتهمة التشجيع على ارتكاب الفاحشة والبغاء فى المجتمع، بل التشجيع على الإلحاد وإتاحة الفرصة للظهور إعلاميا فى بعض القنوات أو الصحف هو أشد خطورة من التشجيع على الفاحشة والبغاء، مضيفا أنه يجب أيضا التصدى للذين يريدون تحويل حالات الإلحاد الفردية إلى ظاهرة تسرى فى جسد المجتمع، وتكون المجابهة بمختلف الطرق القانونية والشرعية. وفى نفس السياق يطالب زلطة القنوات الفضائية بالاهتمام بمشاكل المجتمع وتسليط الضوء على معالجة قضاياه وكشف الفساد بدلا من التركيز على أمور تافهة مثل الإلحاد! غير مدروس ومن جهته يرى د. عبد الصبور فاضل عميد كلية الإعلام بجامعة الأزهر أن الإعلام تناول موضوع الإلحاد تناولًا غير مدروس ويغلب عليه الشكل العاطفى أكثر من المنطقى والعقلانى، هذا على الرغم من أن هذه القضية تعد من أخطر القضايا، وهذا مرفوض فى دولة يعيش فيها مسلمون ومسيحيون، موضحا أن القضية يجب أن يتم تناولها بشكل تحذيرى فقط، أما استضافة بعض الملحدين على الفضائيات فيعد جريمة كبرى فى حق الأديان، واعترافا ضمنيا بأن الملحد فى أمان ويسير فى الاتجاه الصحيح! وأضاف فاضل أن تسليط الضوء على هذه القضية يساعد على الترويج لأهداف وتوجهات عالمية.. وهناك ما يقرب من 5 آلاف موقع إلكترونى تدعو إلى التكفير والإلحاد منها 500 موقع باللغة العربية تهدف إلى النيل من الشباب المصرى والعربى والدعوى إلى أفكار الإلحادية. عدم استضافتهم ويرفض فاضل استضافة القلة من الملحدين على الإطلاق وسرعة محاكمة من يستضيف هؤلاء الملاحدة. ويتابع أنه من المستحب استتابة الملحد فى السر وليس العلن، وما يحدث هو العكس، لأنه يتم استضافتهم فى الفضائيات وتجرى معهم حوارات صحفية للتعبير عن رأيهم. والسؤال لماذا لا يتم تطبيق عقوبة شرعية وقانونية على بعض الإعلاميين الذين يعبثون بأمن وسلامة الوطن. لابد من استضافتهم ويختلف د. بركات عبد العزيز أستاذ الإعلام والتليفزيون بجامعة القاهرة مع الطرح السابق، ويرى أنه من المنطقى استضافة بعض الملحدين بشرط أن يكون التناول جيدا لإظهار مدى ضحالة فكرهم وجهلهم وجهالتهم وبيان أنهم مجرد حالات فردية تسعى لفرض نفسها على المجتمع وهى لا تريد إلا الترويج لنفسها لتحقيق أهداف معينة! ويواصل عبد العزيز مضيفا أن الإعلام أخفق فى تناول هذه القضية ويعطى مثلا على ذلك أنه عندما شاهد إحدى الحلقات النقاشية بين أحد الملحدين وداعية إسلامى ظهر فى الحلقة من تفاهة هذا الملحد وجهله والذى لم يستطع خلال الحلقة تقديم الحجج التى تثبت وجهة نظره فى الإلحاد، مؤكدا أن هؤلاء الملحدين يروجون لكذبة أنهم بالملايين بهدف تحويل الأمر من حالة فردية إلى قضية عامة! والثقافة المصرية العريقة تأبى ظهور مثل هذه الأفكار الإلحادية والتكفيرية. وعندما يستضاف ملحدون يجب أن يستضاف معهم علماء متخصصون حتى يكشفوا حقيقة هذه الأفكار الباطلة على أن يتم تناول القضية بشكل متعمق، وليس كما حدث فى بعض الحلقات فى إحدى الفضائيات الخاصة.