نجحت «أوراسكوم للإنشاء» فى استغلال ثغرات القانون لتفلت بعملتها وهذا أمر مشروع فى عرف رجال الأعمال فالبحث عن الثغرات للتهرب من الضرائب أمر لا ينكره رجال الأعمال، لكن العيب هنا ينصب على مؤسسات الدولة التى تسمح بوجود هذه الثغرات. فمنذ صدور قرار لجنة الطعن الضريبى، الذى ينتصر لشركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة فى منازعتها الضريبية مع مصلحة الضرائب، تسيطر حالة من خيبة الأمل على الشارع المصرى لما يترتب على هذا الحكم من تبرئه ساحة «آل سايروس» من دفع 7 مليارات جنيه –على الأقل- لخزانة الدولة، كانت الشركة قد سددت 2.5 مليار جنيه منها بالفعل، وأصبحت الحكومة مطالبة الآن بإعادتها. كانت لجنة الطعن بمصلحة الضرائب،قد أصدرت مؤخرًا قرارا يقضى بتمتع ناتج تعامل هذه الشركة على استثماراتها فى شركة أوراسكوم بيلدنج ماتيريلز هولدنج من خلال بيعها لشركة لافارج الفرنسية التى تمت عام 2008 بالإعفاء من الضريبة على الدخل فى حدود المبلغ محل النزاع مع مصلحة الضرائب. تعود وقائع هذه القضية، وفقا للباحث الاقتصادى مالك سلطان، إلى العام 2007، عندما تقدمت فى 2007 بطلب إلى البورصة لشطب الشركة التابعة لها «أوراسكوم بلدينج ماتريال»، لتفادى الالتزام بمعايير القيد التى وضعتها البورصة فى هذه الأثناء، التى تستوجب وجود 10% من أسهم الشركة متداولة بين ما لا يقل عن 100 مستثمر بشكل نشط، وبالفعل، تم شطب الشركة. والغريب فى الأمر أنه قبل مرور عام على الشطب، عادت اوراسكوم للإنشاء لتتقدم بطلب لقيد «اوراسكوم بلدينج ماتريال» مرة أخرى لتبدأ قبل مرور شهرين على قيدها فى اتمام صفقة بيعها لشركة «لافارج» مقابل 68.6 مليار جنيه، مستفيدة بذلك من الإعفاء الضريبى، لكون الشركة مدرجة فى البورصة، وبالتالى يتم اعتبار الأرباح من الصفقة أرباح رأسمالية لشركة مدرجة فى البورصة، فلا تكون مستحقة للضرائب. وبعد ثورة يناير 2011 وتحت ضغط شعبى تم إعادة فتح ملف ضرائب الشركات الكبرى ومنها «أوراسكوم للإنشاء»، وبالفعل، ألزمت مصلحة الضرائب حينئذ الشركة بدفع 2 مليار جنيه لصالح الدولة. وتبدلت الأمور فى أعقاب وصول الرئيس المعزول محمد مرسى إلى السلطة فى يوليو 2012، بحيث أعيدت التقديرات، فأصبحت الشركة مدانة بنحو 14 مليار جنيه للضرائب، لكن بعد مارثون طويل من المفاوضات تم التوافق على دفع أوراسكوم 7 مليارات جنيه على أقساط سنوية حتى ديسمبر 2017، وبالفعل سددت الشركة 2.5 مليار جنيه إلى الحكومة، ثم امتنعت عن سداد باقى الأقساط، وقامت بتقديم تظلم إلى لجنة الطعن بمصلحة الضرائب. من جهتها، قالت «أوراسكوم» إنها لم تتقدم بطعن إلا بعد التأكد من براءة ساحتها، خاصة أنه عقب الإطاحة ب «الإخوان» من السلطة فى العام الماضى، قام النائب العام الحالى بالتحقيق فى الملف الضريبى بأكمله على مدى 6 أشهر، تبعها إصدار قرار بتبرئة الشركة فى 18 فبراير الماضى من أى شبهة تهرب ضريبى أو إضرار بالمال العام أو مخالفة لقانون سوق رأس المال. وأضافت الشركة فى بيان لها أنها تقدمت بالتظلم مستخدمة حقها الطبيعى والقانونى فى الطعن على التسوية الضريبية، وأحيلت الدعوى إلى لجنة الطعن الضريبى. فالواضح جليا أن قرار لجنة الطعن له أسانيد قانونية قوية، وهذا ما اتضح جليا من تعاطى وزارة المالية مع الموقف، بحيث أكد هانى قدرى، وزير المالية، أنه لم يتم اتخاذ قرارات بشأن الطعن على الحكم، الذى لا يمكن التعليق عليه احتراما للأحكام القضائية، وأن هيئة قضايا الدولة سوف تقول كلمتها فى هذا الشأن. ووصف الموقف ب «المعقد»، نظرا لأن الشركة سددت 2.5 مليار جنيه فى وقت سابق، وأنه لم تتم أى تسوية مع رجل الأعمال ناصف ساويرس، وأن اتخاذ قرار بشأن رد شيكات شركة أوراسكوم شديد التعقيد، ويتم دراسته بشكل مدقق حاليا.