بعد عشرات المرات التى صوتت فيها الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح رفع الحظر الاقتصادى الأمريكى عن كوبا، تصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل لرفع هذا الحظر الذى فرضته الولاياتالمتحدة منذ أكثر من 45 عاما والذى يبدو أنها ما زالت تصر عليه رغم رأى أغلب المحللين بأنه لا مبرر له، فهل تختلف هذه المرة عن سابقاتها؟ من جانبها دعت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى رفع الحظر عن كوبا، مشيرة إلى أن إجراءات الحظر أصبحت غير مثمرة سواء للمصالح الأمريكية أو للشعب الكوبى الذى عانى طويلا نتيجة هذا الحصار، وقالت الصحيفة إن رفع الحظر لا يمكن أن يتحقق دون دعم مجلس الشيوخ الذى يوجد به الكثير من الأعضاء الأقوياء والمؤثرين الذين يعارضون بشدة إلغاء هذا الحظر، إلا أنها أشارت إلى أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما أمامه الكثير ليفعله لرفع الحظر، من بين ذلك رفع اسم كوبا من قائمة الدول الراعية للإرهاب ورفع الحظر على تحويل الأموال. ويرى مايكل شيفتر مدير المركز البحثى للحوار الدولى الأمريكى بواشنطن أن الحظر ما هو إلا نتاج الحرب الباردة وفرض فى لحظة حاسمة فى تلك الحرب ويشكك شيفتر فيما إذا كان لهذا الحظر أهمية وقت فرضه مؤكدا أنه ليس له داع على الإطلاق فى الوقت الراهن خاصة وأن الحظر أعطى لحكومة كاسترو الأساس المنطقى للطريقة التى تتصرف بها. ويقول الكاتب الكوبى الشهير ليوناردوا بادورا إن العلاقات غير الودية مع الولاياتالمتحدة تمثل صعوبة بالنسبة لأى دولة لكنها تكون قاسية خصوصا بالنسبة لدولة مثل كوبا. ومن جانبه، قال نائب وزير الشئون الخارجية الكوبى ابيلرادو مورينو إن الحظر ينتهك حقوق الكوبيين الإنسانية والأسوأ أنه تحول الى حرب مالية ضد كوبا. وكان الزعيم السابق لكوبا فيدل كاسترو وشقيقه الرئيس الحالى راؤول كاسترو أعلنا فى الآونة الأخيرة أنهما مستعدان للحوار مع الولاياتالمتحدة لإنهاء النزاع بين الدولتين. وخلال الشهر الماضى، قال أوباما إنه ربما حان الوقت لكى تراجع الولاياتالمتحدة سياساتها تجاه كوبا. بعد تولى فيدل كاسترو مقاليد الحكم فى كوبا ومصادرة أملاك المواطنين الأمريكيين والشركات الأمريكية وتأميمها عام 1960أعلنت الولاياتالمتحدة الحظر الاقتصادى على كوبا، ثم شددت الحظر ليرقى إلى الحظر الكامل، وسجلت كوبا فى قائمة الخارجية الأمريكية للدول الراعية للإرهاب. وفى 2008 أعلنت واشنطن أنها لا تعتزم إنهاء الحظر الاقتصادى على كوبا بالرغم من تخلى كاسترو عن السلطة، وفى 2009 وقع الرئيس الأمريكى أوباما مرسوما يقضى بمواصلة الحظر الاقتصادى على كوبا. وتقول الحكومة الكوبية إن الخسائر التى تكبدها الاقتصاد بسبب الحظر هائلة وتبلغ نحو 117 مليار دولار أمريكى بخلاف الخسائر الاقتصادية الناجمة عن غرامات على كوبا أو الدول أو الشركات التى تتعامل معها تجاريا. وخلال الشهر الماضى دعت كوبا فى تقرير قدمته إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إنهاء الحظر الاقتصادى الذى تفرضه الولاياتالمتحدة عليها، كما قدمت عدة تقارير مماثلة كان آخرها فى 2013 حيث صوتت 188 دولة لرفع الحظر باستثناء الولاياتالمتحدة وإسرائيل. وعلى مدار سنوات صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة 22 مرة على الحظر الأمريكى على كوبا وفى كل مرة صوتت الأغلبية الكاسحة من الدول الأعضاء لصالح رفعه. وتقول نيويورك تايمز إنه من المقرر أن تصدق الجمعية العامة مرة أخرى على الحظر الأمريكى على كوبا فى الثالث والعشرين من نوفمبر المقبل، لكن من غير المرجح أن تختلف هذه المرة عن سابقاتها وسيؤول الأمر حينها إلى إدارة أوباما لكى تقرر ما إذا كانت ستنهى أطول حظر تجارى فى التاريخ.